المرج 04 أكتوبر 2018 (وال) – تعد الأخطاء الطبية من التحديات الإنسانية التي يعاني منها المرضى على مستوى العالم، كما أنها تشكل مصاعب قانونية ونفسية كبيرة للكوادر والمؤسسات الطبية، والخطأ الطبي هو خطأ يحصل في المجال الطبّي نتيجة انعدام الخبرة، أو الكفاءة من قبل الطّبيب الممارس، أو الفئات المساعدة له، وقد تحدث من قبل حتى الأطباء الكبار، كون العمل الإنساني معرض للوقوع في الخطأ فقط ألا يكون متعمدا أو نتيجة الإهمال والتقصير.
انتشرت صورة الطفل “عثمان محمد إكريم أبوبكر الزوي” مؤخراً وتصدرت صوره الأوساط في مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن أصيب الرضيع بخطأ طبي نجم عنه بتر يد الطفل اليمنى، وصارت الحادثة قضية رأي عام وكالة الأنباء الليبية تواصلت مع الأطراف المعنية بهذه الحادثة، ونسرد هنا ما تحصلنا عليه من خلال التواصل مع الأطراف المعنية.
في ساعات الصباح الباكر في الثاني من سبتمبر 2018 قصد والدي الطفل محمد الزوي مستشفى المرج العام؛ كونه المستشفى العام الوحيد، حاملين بين أيديهم رضيعهم البالغ من العمر فقط عشرين يوماً، وذلك بعد أن أصيب الرضيع “عثمان “بالتهاب حاد في الصدر حال دون رضاعته، وكانت البداية من ورقة دخول الطفل إلى قسم الحاضنات بهدف أن يتلقى جرعة من المضاد الحيوي في الوريد لتسارع بشفائه من الوعكة الصحية.
( وال ) رزات أسرة “الطفل ” للتعرف أكثر على قصتهم بعد رحلة علاج شاقة بجمهورية مصر العربية نجم عنها بتر يد الطفل ” عثمان محمد أبوبكر أكريم الزوي”، وكانت هذه القصة كاملة .
تستر غير مبرر
بحرقة وألم وصف والد الطفل”محمد أبوبكر الزوي ” قصته المؤلمة فمنذ دخول الطفل لقسم الحاضنات” بالعلاقات الشخصية ” بحسب قوله حتى بادرت الطواقم الطبية العاملة بالحاضنات بمنع والدي الطفل من الزيارة؛ وذلك حفاظاً على صحة الرضيع، وفي اليوم الثاني الموافق الثالث من سبتمبر 2018 تمكّن الوالد من زيارة الطفل، وما إن شاهد ابنه حتى لاحظ أن يده اليمنى بيضاء اللون بشكل مريب، وهنا بادر بالتوجه للمسؤول أو المشرفة وأكد الأخير أن ذلك اللون على يد الطفل من الطبيعي وهى نتاج للحقن الوريدي المستمر.
وتابع والد الطفل قائلاً أنه في صبيحة اليوم الثالث استقبلته إحدى العاملات بالقسم بحفاوة لم يسبق لها مثيل وكأنها كانت تطلب العفو والسماح بحسب ما أكد حيث أبلغته أن الرضيع حالته الصحية في تحسن مستمر، وقد تمت إزالة التنفس الصناعي عنه وكان من الطبيعي أن يتابع الوالد يد الطفل.
وهنا لاحظ أن أنامل اليد اليمني قد تغيرت لتصبح سوداء اللون وكالعادة باشر في سؤال المشرفة وكانت إجابتها “لا غرابة في ذلك “.
منذ دخول الضحية الطفل ومروراً باليوم الأول، الثاني، الثالث، وحتى الرابع والرضيع يمكث في قسم الحاضنات دون أي إخطار صادر من القسم إلى الشؤون الطبية الجهة المختصة أو إخطار لوالد الطفل الذي ترك رقم هاتفه في ملف الدخول، وعلى تمام الساعة الواحدة ظهراً في اليوم الرابع استقبلت الطبيبة “هـ .ع ” ليبية الجنسية أم الطفل ووالده استقبال الوداع حيث استسمحت لطفاً منهم وسردت لهم قصة الطفل التي كانت بحسب قولها حقن العقار الطبي في الشريان عوضاً عن الوريد معترفة شفوياً ،إن ذلك خطا طبي ناجم من الممرضة غير المؤهلة، وذكرت أنهم قد استخدموا كافة الحلول المُمكنة لتفادي المضاعفات دون جدوى، متمنية لطفلهم الشفاء.
ويؤكد والد الطفل أنهم حتى تلك اللحظة لم يفقدوا الثقة بالكوادر الوطنية حيث من الممكن بحسب القانون الطبي أن تصل نسبة الأخطاء الطبية إلى 5% ،وفى حالة من الإرباك نظر الوالد إلى الرضيع الذي كان دون غيره من الأطفال ملفوف داخل الحضانة بشاش أزرق اللون وهو أمر غير طبيعي، كما أن يد الطفل اليمنى كانت مغطاة بالكامل بشاش طبي وهنا يتهم الوالد الجاني بالتستر والتحايل، واستخدام المهنة فيما يتعارض مع القانون.
رحلة شاقة
كانت بداية الرحلة الشاقة التي مرت بها أسرة الزوي بالصعود والهبوط على درج المستشفى العام البالغ مئة وخمس وعشرون درجة تقريباً وصولاً للدور الرابع فالمصاعد بالمستشفى العام لا تعمل بالرغم من أن المستشفى قد أعلن عديد المرات عن صيانة وترميم للمصاعد وعقود قد أبرمت بالخصوص، وبالعلاقات العامة تحصلت الأسرة على سيارة إسعاف عامة وممرض ليبي الجنسية من ذات المستشفى تم استئجاره بقيمة مالية ليرافقهم لمدينة بنغازي التي تبعد عن مدينة المرج مائه كليو متر، وكان من المفترض أن تكون السيارة العامة مجهزة إلا أن الأسرة كحال غيرها من المواطنين تُلزم في مثل هذه الحالات بدفع مصاريف النقل العام المُتضمنة سعر المحروقات، سعر أسطوانة الأوكسجين والحضانة الطبية.
ويقول عم الطفل عثمان “مصطفى أبوبكر الزوي ” إنه بعد اتصال هاتفي بالشخص المناوب والمسؤول عن أسطوانة الأوكسجين، استطاع المناوب أن يصل للمستشفى العام بعد ساعتين من الانتظار، وهكذا تمكن عثمان وطفل آخر من مدينة المرج تقاسم معه الحاضنة بنية السفر لمدينة بنغازي، وبعد سبع ساعات متواصلة داخل أروقة المستشفى العام من إتمام إجراء الخروج.
خرج الطفل بمستند تحويل طبي قد وصف من قبل طبيب ليبي بمستشفى المرج رفض ذكر اسمه بأنها ” غير مهني” وخاوي من وصف التاريخ المرضي للحالة الطبية، وفي حين أكد الطبيب الليبي “ح .ي” أحد العاملين بقسم الأطفال بالمرج شفوياً ،لوالد الطفل أنهم منذ اليوم الأول يتابعون الحالة بأسف شديد إلا أن القوانين الطبية تشبه القوانين العسكرية بحسب قوله، ومن غير المُمكن أن يتجاوز بصفته أحد المناوبين آراء المسؤولين بالقسم، مؤكداً إن الخطأ فادح، ومعبراً عن كامل الآسف لأسرة الطف.
وأكد المواطن مصطفى الزوي عم الطفل: أنهم على تمام الساعة الواحدة صباحاً أى بعد أثني عشر ساعة متواصلة وصل الرضيع إلى مستشفى الأطفال ببنغازى وقد مر بظروف صعبة كانت أهمها نقص محتوى الأوكسجين الطبي عليهم في منتصف الطريق، وما إن نزعت المُختصة بمستشفى الأطفال الشاش الأزرق الذي كسا الطفل عنوة حتى إنهمرت المختصة بالبكاء وفقاً لرواية الشهود من الأسرة، وهنا فقدت أسرة الزوي الثقة والمصداقية وأيقنوا أن العاملين بمستشفى المرج العام قد ارتكبوا جناية يجب أن ينال الجاني العقاب عليها، وعلى الفور تم استدعاء الاستشاري الذي تمكن من الوصول بعد عشر ساعات ليفحص الطفل على تمام العاشرة صباحاً، ويؤكد بضرورة بتر اليد اليمني وعلى وجه السرعة قبل أن يصل التسمم لصدر الطفل البالغ عمره فقط أربعة وعشرون يوماً.
بتر يد الطفل محمد
بعد المد والجزر والتحاور والتشاور بين أسرة الطفل حول عملية البتر من عدمها سافر والد الطفل بمفرده حاملاً ابنه عثمان لجمهورية مصر العربية قاصداً أحد المُختصين لعله يجد حلاًّ آخر بديل لبتر يد الرضيع، ومن المؤسف أن الرحلة لجمهورية مصر هي الأخرى لم تكُن هينة حيث أن الإسعاف الليبي لايسمح له بالدخول للأراضي المصرية، ناهيك عن التعطيل في الإجراءات بالمنفذ البري الذي أرهق الوالد، ومن داخل إحدى المستشفيات الخاصة بجمهورية مصر العربية أكد المُختصين إن البتر وعلى وجه السرعة هو الحل الوحيد. يصف والد الطفل أن القرار كان بمثابة المُجازفة .
حيث أن “عثمان” لم يتجاوز الشهر الأول من عمره وقد يفقد الحياة، وذلك استنادا على ما ورد من أخصائي التخدير خاصة إن الطفل يعاني من التهابات حادة في الصدر، ولكن البتر كان هو المسلك الوحيد لإنقاذ حياة الطفل، وبعد إتمام العملية التي تكُللت بالنجاح عاد الوالد إلى أرض الوطن ،مستأجرا سيارة خاصة .
إجراءات وخطوات مستشفى المرج
تصف عائلة الزوي إجراءات مستشفى المرج العام بالضعيفة وغير المُجدية فمنذ أن أصيب الطفل بغرغرينة في اليد اليمنى توجب على أثرها بتر اليد لم يصدر عن المستشفى أى اعتذار رسمي، وكما لم يتواصل أى طرف حكومي من الوزارة أو المستشفى مع العائلة وبهذا تحمل العائلة وزارة الصحة ومستشفى المرج العام بالكامل المسؤولية، وخصوصاً العاملين بقسم الحضانات على مدار الأيام الأربعة التي مكث بها الرضيع بالمستشفى دون تحديد، فالجاني والمتستر على الخطأ في نظر العائلة والعرف الاجتماعي واحد. وعن خطأ التمريض يؤكد والد الطفل أن التمريض قد يكون غير مختص بحسب ما تحصل عليه من بيانات حيث أن العاملين بالقسم هم معاون طبي تم ترقيته لممرض بناءً على امتحان من قسم الشؤون الطبية ليتحصل دون الاستناد على رخصة قانونية على مهنة التمريض العام وهو مايخالف القانون الطبي والإداري حتى وإن كان ذلك لسدّ عجز نقص التمريض .
وكما ترى العائلة أن اللجنة التي شُكلت من وزارة الصحة، وقد تضمنت أخصائي عيون وآخر إخصائي قلب بغير المنُصفة لهم حيث إن باقي اللجنة قد تكون تخصصهم أدراية أو فنية، وكانت أولى خطوات اللجنة نشر صورة للتعريف بهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهو ما أثار حفيظة العائلة وظهرت اللجنة في الصورة التعريفية بإبتسامة فاقت الحد المسموح لدرجة السعادة وهو ما أغضب العائلة كثيراً، وقد أثارت هذه الصورة استياء العديد من النشطاء والإعلاميين بمدينة المرج كون الحدث قد تصدر المشهد العام .
وأشار والد الطفل إلى أن اللجنة لم تتواصل معهم لمعرفة التفاصيل وما أستجد من تقارير كما أن اللجنة لم تتضمن طبيب شرعي وكان من الأجدر أن يُحال التخصص لوزارة العدل وأطباء الطب الشرعي العاملين بمركز الخبرة القضائية والبحوث، كما أن ذات اللجنة هي من منحت رخصة التمريض للمعاون الذي أقترف الخطأ وبالتالي إدارة المستشفى العام، الطبيب ،والمعاون في موقع الاتهام أمام العائلة لحين الكشف والإستدلال.
مناشدة
ناشد والد الطفل الضحية كافة المسؤولين والجهات المعنية بضرورة التعاون معهم لمعرفة الجاني، وكشف ملابسات القضية حتى يكون الجاني عبرة للجميع، وإنصافا للرضيع وإحقاقاً للحق ستتوجه العائلة للقضاء وذلك احتراماً لحقوق الطفل وحقوق الإنسان وآدميته وصحة المرضى جميعا، مؤكدين أنهم عبر القنوات الشرعية سيتحصلون على كامل حقوقهم القانونية لينعم الضحية وأسرته براحة البال.
وكالة الأنباء الليبية تواصلت مع مستشفى المرج العام لايستيضاح الأمر وسماح مالدى المستشفى حول هذه الحادثة.
وأوضحت الناطق باسم مستشفى المرج العام، مبروكة صالح لوكالة الأنباء الليبية أن اللجنة التي شُكلت من وزارة الصحة لمتابعة قضية الطفل “عثمان محمد إكريم أبوبكر الزوي، هي المخولة بالكشف عن مستجدات ومتعلقات القضية وتوضيح الرؤية وإن مستشفى المرج العام يتابع بدقة المستجدات لمعرفة التفاصيل؛ وكما أن اللجنة لايمكنها الإفصاح عن شيء حتى يتسنى لها إتمام المهمة كون ذلك جزءً من سرية ومهنية العمل وتعهدت بصفتها ناطقاً للمستشفى العام بالتوضيح بعد البيان؛ متمنية الصحة للطفل.
ومن جانبه، أوضح الناطق باسم بوزارة الصحة في الحكومة الليبية المؤقتة، معتز الطرابلسي : أن الوزارة تتابع الحدث باهتمام بالغ، لافتاً إلى أن اللجنة المُشكلة من طرفهم قد شملت كافة التخصصات بما في ذلك الشؤون القانونية والإدارية إلى جانب الطبية.
وبين الطرابلسي أن اللجنة قد تم تشكليها في بحر 24 ساعة من تلقيهم العلم بالحادثة، وذلك لأهمية الحدث المؤسف.
وأفاد بأنه وبعد أن تصدر اللجنة التقارير النهائية تعهدت الوزارة بأن تكشف النتائج النهائية ولن تتهاون فى ذلك وفق القوانين واللوائح المعمول بها.
ويشار إلى أن مستشفى المرج العام شهد استبدال الإدارة بأخرى مُستحدثة بعد عديد الشكاوي والمناشدات من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفى الإعلام المحلي.( وال – المرج )أ ف / س ع/ ع ع