بنغازي 22 أكتوبر 2018 (وال) – لأكثر من ثلاثة أعوام يعاني الليبيون نقصًا في السيولة النّقدية وارتفاع الأسعار؛ نتيجة انهيار الدينار الليبي أمام سعر صرف الدولار.
وبدورها، أنهت المصارف في الأيام القليلة الماضية، توزيع مخصّصاتها المالية على عملائها، حيث غاب عنها العدل والمساواة في صرف القيمة التي اختلفت من مصرف لآخر.
هذا وتعدت أزمة نقص السيولة في ليبيا، مسألة صعوبة توفير الاحتياجات الأساسية، ليتطوّر بها الأمر ويكون لها تبعيات اجتماعية ونفسية على المواطنين.
وكالة الأنباء الليبية، أجرت هذا الاستطلاع ؛ للوقوف على أزمة نقص السيولة والتأثيرات النفسية والاجتماعية التي سببتها للمواطنين.
تحديد النسل وشرخ النسيج الاجتماعي
تقول المواطنة “هدى ميلاد” البالغة من العمر 31 عامًا و هي أم لطفلين: إن التأثير النفسي للسيولة عليها لم يتوقف على المأكل والملبس بل طالت معاناته، لتصل إلى قرار اتخذته مع زوجها بشأن تحديد النسل وانعدام احتمالية استقبال فرد جديد على أسرتها؛ خوفًا من عدم قدرتها هي وزوجها على تأمين مستقبل كريم لأطفالهم.
وحمّلت “ميلاد” مسؤولية الشرخ الصادع في النسيج الاجتماعي إلى نقص السيولة حيث اعتاد الليبيون على كرم الضيافة والوقفات الماديّة في المناسبات الاجتماعية، مشيرة إلى أن الليبيين بعد الأزمة المالية، قلّ تفاعلهم الاجتماعي فيما بينهم.
ومن جهتها تتفق المواطنة “سناء عبدالسلام” مع ما ذهبت إليه “هدى”، حيث قالت إن نقص السيولة، هو أحد أسباب الشرخ الاجتماعي، ليس فقط على مستوى العائلة بل يصل الأمر إلى العلاقات بين الزملاء في بيئة العمل الواحدة.
وتابعت “سناء” إن هذه الأزمة حالت بينها وبين تكوين علاقات وديّة بين زملائها حيث يتطلب الأمر، مشاركة مالية وتقاسم بعض المصاريف.
فجوة معرفيّة وتأخر الزواج
وأضافت إن نقص السيولة سبّب فجوة معرفية وعلمية كبيرة، بينها وبين أبناء جيلها إذ إن نقص الإمكانيات المادية، منعتها من اقتناء جهاز هاتف ذكي لتحميل مواقع التواصل الاجتماعي أو تصفح الانترنت، وهذا أثّر بشكل كبير على إنجاز عملها الذي يعتمد بشكل مباشر على وسائل الإعلام الجديد.
وعن أزمة نقص السيولة وتأخر الزواج يقول المواطن “عبد السلام السعيطي” البالغ من العمر 36 عامًا إنه عمل طوال السبع سنوات الماضية على ادخار أمواله في البنوك بغية بناء (منزل الأحلام ) حسب تعبيره، وبعد أن شارف المبلغ المطلوب على الاكتمال حجزت أمواله في البنك بسبب نقص السيولة، ما وضعه في حيرة من أمره لاستكمال استعدادته للزواج.
وتابع “السعيطي” إن الأزمة تضعه بين الحين والآخر في مواقف محرجة ،أثّرت عليه نفسيًا على صعيد العائلة ، فمثل كل عائلة ليبية تتعاون ماديًا إن تطلب الأمر في بعض احتياجات الحياة غير أن أزمة السيولة تستثنيه عن باقي أفراد أسرته، وتحول بينه وبين رغبته في المشاركة ورفع جزءٍ من الحمل عن كاهلهم.
عزوف الشباب عن الزواج
وفي السياق ذاته أعرب المواطن “محمد القماطي” عن بالغ أسفه لابنته لأنه لم يتمكّن من تأمين كافة المستلزمات الشخصية الخاصة بزفافها من جهاز وثياب، أو أثاث للمنزل، أو حتى تكاليف التزيين في ليلة العمر.
وأكمل القماطي حديثه قائلًا: إن نقص السيولة يعدّ أحد أهم أسباب عزوف الشباب الليبي عن الزواج، حيث لا شك في أن الشباب يعاني من ظروف اقتصادية صعبة، وخاصة أن الحدّ الأدنى للأجور لا يسمح بتأسيس عائلة، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الصرف ونقص السيولة، فيعيش الشاب حياة العزوبية، بعيدًا عن تكبّد المزيد من النفقات، التي يمكن أن تصل إلى ذروتها في حفل الزفاف. (وال -بنغازي) ب ف /ف و / هــ ع