بنغازي 19 ديسمبر 2018 (وال) – احتفى العالم أمس الثلاثاء، الموافق من الثامن عشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة العربية.
هذا ويأتي الاحتفال بهذه الذكرى، عقب إصدار الجمعية العامة للأمم المتّحدة قرارها رقم (3190) في شهر ديسمبر عام (1973) ، والذي قررت فيه بموجبه، إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، بعد تقديم المملكة المغربية والمملكة السعودية مقترحا بهذا الخصوص.
وشارك نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من “فيس بوك ، وتويتر ، وانستجرام” من مختلف دول العالم في إحياء ذكرى هذا اليوم عبر نشرهم للعديد من الأوسمة (الهاشتاق)، عبرّوا فيها عن اعتزازهم بلغتهم، ودعوا العرب إلى عدم الاستهانة بلغتهم و استخدامها .
وأكد النشطاء انحيازهم للعربية، لأنها لغة القلب، و لسان العقيدة، ولأنها وجدان عربي قومي مشترك بحسب تعبيرهم.
ويشارك الليبين أيضا العالم باحتفائهم باليوم العالمي للغة العربية، حيث نظّمت العديد من الجمعيات والمدارس ندوات واحتفالات لإحياء هذا اليوم.
وتعتزم كلية الإعلام بجامعة بنغازي، إطلاق أولى مشاريع التخرج لهذا الفصل يوم التاسع والعشرين من ديسمبر الجاري تنفيذ احتفال مؤجّل لليوم العالمي للغة العربية، وذلك بعد أن شاءت الظروف ، أن يتضارب اليوم العالمي للغة العربية مع الامتحانات النهائية لطلاب مشاريع التخرج.
وفي ذات السياق، أجّلت إدارة التعليم الحرّ في المرج فعاليات الاحتفال بإحياء اليوم العالمي اللغة العربية لليوم الأربعاء.
وقالت مسؤولة المكتب الإعلامي بإدارة التّعليم الحر المرج “عبير اليسيري” ــ لوكالة الأنباء الليبية ــ أنّ جلّ المدارس في مدينة المرج سواء كانت خاصة أم عامة ،تحيي في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام اليوم العالمي للغة العربية.
وتابعت: غير أن هذا العام تأجّلت الاحتفالية إلى اليوم التاسع عشر من ديسمبر ،بعد تلقي إدارة التعليم الحر اتصالاً من الإدارة في بنغازي طلبت فيه تأجيل الاحتفالية ليوم الأربعاء على أن تحتفل بنغازي ولأسباب خارجة عن ظروفهم تأجلت احتفالية بنغازي الأخرى.
وأضافت اليسيري أن التعليم الحر ركّز في احتفالية العام على أن تكون الاحتفالية تحت إدارة الطلاب، تنظيما وتنسيقا وإلقاءً والمشاركة في الإدارة.
ومن جهته، قال معلم اللغة العربية في مدرسة خالد بن الوليد المرج “عياد إبراهيم المالكي” أن اللغة العربية هي لغة القرآن منبع البيان وهي لغة السنة النبوية ولغة نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام.
وأوضح “المالكي” في حوار له مع (وال) أن اللغة العربية ليست كباقي اللغات، قاومت كل التغيرات الحضارية، فالمحافظة عليها واجبٌ ومطلب دِيني على أبنائها، فهي وعاء ثقافة الأمة وتراثها وحضارتها.
وأشار إلى أنه وبحسب الإحصائيات والدراسات أن هناك( 420) مليون شخص في هذا العالم يتحدّث باللغة العربية.
وتابع “المالكي” لعلَّ مامرت به الشّعوب العربية من أحداث على مرّ الزمن، أثّر كثيراً على اللغة العربية الفصحة، فاستبدلت باللغة العامية تدريجياً، بل هناك دول كثيرة، غيّرت لغتها بالكامل إلى اللغات الأجنبية الأخرى وخاصة في بلاد المغرب العربي، حيث أصبح الرجل العربي يتحدّث أمام أخاه العربي لايفهم بعضهم بعضاً؛ بسبب تغيّر اللهجات واللكنات، وتغيير الحروف نتيجة عدم دراية المواطن العربي بأهمية لغته العربية، وعدم معرفة قيمة هذه اللغة بين لغات العالم.
وأضاف “المالكي” أن اللغة التي لها تاريخ وحضارة ولها قواعد ثابتة لم تتغير هي اللغة العربية، وهي اللغة الوحيدة التي لها ضامن وهو القرآن الكريم ،عكس اللغات الأخرى تتغير قواعدها ومعانيها مع مرور الزمن، ومرجعها الأساسي القرآن الكريم الذي حفظه الله تعالى من التحريف والزيادة والنقصان، حيث قال تعالى قال الله تعالى في سورة الحجر في الآية التاسعة (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، صدق الله العظيم.
وأعرب عن استغرابه من شباب هذا العصر الذي يستخدم مصطلحات غربية ، ويتفاخر بها أمام أصدقائه،ويترك لغته الأم لغة القرآن والسنة، بينما الغربي لايتحدث بمصطلحات اللغة العربية.
واستند “المالكي” في حديثه على تجاربه مع طلابه بعد أن لاحظ عدم قدرتهم على التحدث باللغة العربية الصحيحة، وحينما تطلب من اثنين منهم أن يتحدثوا أمامك باللغة العربية، يقحمون الألفاظ العامية، أكثر من اللغة العربية الفصحى، وحتى إن أعطيت لكل أحد منهم نص مكتوب بالعربية، وطلبت منهم أن يتحدثوا مع بعض تصيبهم الربكة وكأنهم ليسوا عرب، ويجيدون صعوبة في النطق الصحيح للكلمات والجمُل، ويخلطون بين العامية والفصحى، في النص حتى يفقدونه قيمته الفنية أو الأدبية.
وتابع في سرد ملاحظاته انتبهت أيضاً أن هناك ظاهرة خطيرة ممن يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعية وبالأخصّ شريحة الشّباب “كالفيس بوك والتويتر والواتساب”، أنهم استبدلوا بعض الكلمات العربية بالكلمات الأجنبية ،مثل كلمة منشور تم استبدالها بكلمة (Post ) (بوست)، رغم أن القائمين على نظام تطبيق الفيس بوك أنفسهم حينما ترجموا التطبيق للعربية يظهروا لك كلمة إنشاء ( منشور ) حينما تريد كتابة منشور ،ولاتظهر لديك كلمة إنشاء (Post) تجده في كل الأجهزة المترجمة باللغة العربية، ورغم أن الشاب العربي تجد جهازه معرب باللغة العربية إلا أنه يفضل نطقها باللغة الأجنبية.
وذكر أيضاً تم استبدال كلمة (تويت) بدلاً عن (تغريدة) رغم أن كلا الكلمتين تدل على نفس المعنى إلا أن الأولى غربية والثانية عربية، حتى أصبح من ينطقها بالعربية ينظر إليه نظرة غريبة، بامكانها أن ترتقي للسخرية من قبل زملائه وأصدقائه
وأكمل “المالكي” أيضاً من الظواهر السّلبية التي تهدّد اللغة العربية اختصار الكلمات والجمل في حروف فلا تكون
عامية ولا فصحى، تصبح عبارة عن طلاسم مثل (س ع) اختصار لكلمة السلام عليكم، و (ع س) اختصار لكلمة عليكم السلام، وأيضاً اتّخاذ الرموز تعبيراً عن حالات الشعور بدلاً من التعبير اللغوي، وكما قال الجاحظ “كلما كان اللسان أبينَ، كان أحمدَ”، فهذه الاختصارات التي اخترعوها، أشبهُ ما تكون بالأحاديث الناعسة بعد الشّبع.
وأضاف مدرس اللغة العربية أن شيوع الأخطاء الإملائية يطول الحديث عنها،ولا أستطيع أن أحصيها، والسبب يرجع إلى عدم الاهتمام والاعتناء باللغة والتعلم من الأخطاء، هناك بعض البلدان الغربية تصنع بها أجهزة محمولة ولوحة المفاتيح لم تتوفر فيها حروف عربية، أو فيها جزء من الأحرف العربية ناقصة، فتجد بعض الحروف فيها استبدلت بأرقام، وعلى سبيل المثال استبدالهم حرف الحاء الرقم (7) فيكتب اسم محمد هكذا (mo7amad)،وقد انتشرت هذه اللغة بين الطلاب العرب المغتربين.
وعن دور معلمي اللغة العربية في تضييق الهوة الثقافية الخاصة باللغة بين أبناء المجتمع الواحد، قال “المالكي أن دور المعلمين يتمثل في رسالة المحافظة عليها، وتوعية الشباب والطّلاب بهذه المخاطر التي تهدد اللغة العربية وتحاول استهدافها لكي تستهدف ديننا وتاريخنا وحضارتنا.
وأشار المالكي إلى أنه يجب حثّهم على الاعتزاز بالعربية واستخدامها يوميًّا، لأنها مصدر عزهم وفخرهم وتشجيعهم، على التحدث بالعربية سواء كانوا في الأماكن العامة أو في مابينهم أو على منصة التواصل الاجتماعي، مع بعضهم فيستشهدون على بعض مناشيرهم وتغريداتهم ببعض الأشعار والأقوال، بعضها منقول والبعض الآخر من بنات أفكارهم.
وشدد على ضرورة استغلال هذه الوسائل والمنصات فيما يحيي تراثنا وعربيتنا وأصالتنا، فعلى سبيل المثال في اليوم العالمي للغة العربية، الذي من المفترض أن يجد حفاوة عبر الشبكات الاجتماعية وفي وسائل الإعلام لنشر قواعد اللغة وتاريخها وحضارتها
واختتم المالكي حديثه بأبيات شعر للشاعر حافظ إبراهيم من قصيدته (اللغة العربية )
أنا البحر في أحشائه الدرّ كامن … فهل سألوا الغوّاص عن صدفاتي
فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني … ومنكم وإن عزّ الدّواء أساتي
فلا تكلوني للزّمان فإنّني … أخاف عليكم أن تحين وفاتي
أرى لرجال الغرب عزّاً ومنعةً … وكم عزّ أقوامٌ بعزّ لغات
الجدير بالذكر أنه وبحسب موسوعة “Ethnologue” للغات الحيّة، تصنف اللغة العربية بأنها خامس أكثر اللغات انتشارا في العالم، حيث يبلغ عدد متحدثيها (422) مليون شخص بينهم 290 مليونا تعد العربية هي لغتهم الأم. (وال – بنغازي) ب ف / هــ ع