البيضاء 31 ديسمبر 2018 (وال)- عممت الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية جزءًا من نص خطبة صلاة الجمعة القادمة الموافق للرابع من يناير من العام المقبل.
وأكدت الهيئة في بيانها اليوم الإثنين – الذي اطلعت وكالة الأنباء الليبية عليه – على دعم ما قامت به وزارة الداخلية من وضعٍ لخطة أمنية بمدينة بنغازي؛ لحفظ الأمن وفرض هيمنة الدولة، وما تقوم به من مداهماتٍ لأوكار الشرّ والفساد لهو من هذا الأمر هي جزء من واجب شرعي أمر به الله عز وجل سائر عباده المسلمين ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وجاء في النص المعمم :
أيها الناس قال نبينا صلى الله عليه وسلم : “إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحدّ حدودًا فلا تعتدوها، وحرّم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمةً لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها”.
وإن مما فرض الله على عباده الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما في ذلك من المصالح العامة والخاصة الدينية والدنيوية، ولما في ذلك من دفع الشرور والمفاسد ودفع العقوبات والنوازل التي تنزل بسبب الذنوب، قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وقال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} وقال سبحانه في وصف المؤمنين: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
وأثنى الله على من كان عاملًا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهل الكتاب ممن سبقونا ممن تمسكوا بشريعتهم التي لم تُغير ولم تبدل فقال: {لَيْسُواْ سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}.
والمعروف معناه: كل ما أمر به الإسلام وجوبًا أو استحبابًا، ولا يأمر الله إلا بما جعله سببًا لدخول جنات النعيم وسببًا لخيري الدنيا والآخرة.
والمنكر معناه: كل ما نهى عنه الإسلام تحريمًا أو كراهة ، ولا ينهى الإسلام إلاّ عن كل شرٍّ محققٍ في الدنيا والآخرة.
عن حذيفة _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “والذي نفسي بيده لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابًا من عنده ثم تدعونه فلا يستجيب لكم”.
وعن أبي سعيد الخدري _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان” رواه مسلم.
وروي أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة فيقول له: إليك عني فإني لن أظلمك في عرض ولا مال فيقول : كنت تراني على منكر ولا تنهاني.
وقال بعض أهل العلم : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركن من أركان الإسلام.
والتغيير باليد هو للحاكم أو نوابه، والإنكار باللسان بالحكمة والترغيب لكل من يعلم حكم الله في المنكر، والإنكار بالقلب لكل أحد.
واعلموا معاشر المسلمين : أن الحب في الله هو حب ما يحبه الله تبارك وتعالى، والبغض في الله هو بغض ما يبغضه الله عز وجل، فلابد من الأمر بالمعروف ومحبته والنهي عن المنكر وبغضه، قال بعض السلف: (من أمر بمعروفٍ ونهى عن منكرٍ فليعرض نفسه على قول الله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} ، وقوله تعالى على لسان شعيب _عليه السلام_ : {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}، وقوله _تعالى_: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}).
والصبر واجبٌ على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لأنه سيتعرض للأذى بسبب أهواء الناس كما هي سنة الله _تبارك وتعالى_ بذلك، قال تعالى على لسان لقمان وقد ذكر الله وصيته فقال عنه: {يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.
وينجي الله _تعالى_ الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من العقوبات على الذنوب مع ما له من الثواب العظيم، قال تعالى: {فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ}.
وقال تعالى: ” {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ}.
ووعد الله من أمر بخيرٍ وحذّر من شرٍ جنات النعيم والنجاة من العذاب الأليم فقال _تعالى_: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}.
والبشرى بكل خير في الدنيا والآخرة، ومن هذه البشارة قوله تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم
أما بعد : فاعلموا رحمني الله وإياكم أن هذه البلاد لازلت بخير وأهلها كذلك، غير أن البعض من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ممن انبهروا ببلاد الكفّار وماديتهم يريدون إيقاع هذه البلاد في مستنقع العار والرذيلة بحجة التطور والحرية – زعموا – فمفهوم الحرية عند هؤلاء هو الانحلال والتفلُّت من الدين وضرب نسيج البلاد بما يناقض تحفظها والتزامها بأمر دينها، فلا ديننا ولا أعرافنا ولا عاداتنا ولا طبيعة هذه البلاد تقبل بضياع أبنائها في تِـيــهِ الانحلال الأخلاقي والخمور والمخدرات والتبعية للغرب في أفكارهم وترّهاتهم. (وال_البيضاء) ب ف