بنغازي 18 يونيو 2019 (وال) – هزت جريمة قتل بشعة اليومين الماضيين مدينة بنغازي, بعد انتشار مقطع فيديو مسج لطفلة تبلغ من العمر حوالي أربع سنوات, وهي تسرد قصة قتل والدها وعمها لوالدتها.
وتمكنت قوات إدارة البحث الجنائي من القبض على المتهم “حمزة ﺻﺎﺩﻕ ﺍﻟﻌﺮﻳﺒﻲ”وأخيه “محمد العريبي” في بوابة سلطان، وتم تسليمهم لقسم التحقيقات بالإدارة حيث اعترف الجناة بجريمتهم.
وأكد مكتب الإعلام بإدارة البحث الجنائي مساعد ضابط وليد العرفي بخصوص واقعة قتل المجني عليها في منطقة الماجوري, أن القضية موجودة لدى المجموعة الرابعة تحريات، ومازال الجناة تحت التحقيق وعند الانتهاء سوف نعلن الحقيقة كاملة.
رد القضاء
وكالة الأنباء الليبية أجرت استطلاعا بخصوص انتشار الجريمة والعنف ضد الأطفال وزواج القاصرات، وأجرت حوارا مع المحامية تهاني بن سعود، حيث ناشدت القضاة بتشديد الحكم على زواج القاصرات، فهنالك جزء من القانون تم تعديله في حقبة المؤتمر الوطني – المنتهي ولايته – لافتة إلى إجراء تعديلات على القانون الليبي الذي كان يجيز زواج الفتاة في سن 20 إلى سن 18.
بن سعود أكدت على ضرورة تعميم الأحكام الصادرة عن المحاكم، مشددة على أنه يجب أن يكون الأمر صادرا من المجلس الأعلى للقضاة لإحباط أي محاولة تلاعب بالقانون.
وأوضحت أن هنالك تساهلا في منح أذن الزواج من قبل القاضي عندما يتم الضغط من قبل الأهل، وهنالك حالات تعتمد على طرق التحايل على القانون بالذهاب إلى مناطق أخرى لأخذ الإذن منها.
ولفتت بن سعود على ازدياد نسب الطلاق, منوهة إلى إحصائية حالات الطلاق بمحكمة الماجوري هذا العام فقط 70%، وفي دائرة واحدة فقط والأغلب قاصرات.
وأشارت بن سعود إلى أن هناك عوامل عدة لأسباب الطلاق منها الفترة الزمنية بالحرب, وحالات نفسية, وعوامل اقتصادية, وأخرى نتحفظ عن ذكرها.
وتابعت بن سعود في حديثها لوكالة الأنباء الليبية أن هناك كثيرا من الحالات تكون برغبة الفتاة دون أي ضغوط عائلية وأنها حالات بسيطة جدا من ترغم الفتاة على الزواج.
بن سعود أشارت لدور الجمعيات الخيرية بضرورة توعية طالبات المدارس عما يمكن أن يسببه زواج القاصرات من تداعيات خطيرة أولها انتشار الأمية بين الطالبات، وفقدان رغبتهن بإكمال تعليمهن.
الطب النفسي
وفي الشأن ذاته، قال الاختصاصي النفسي بمستشفى الأمراض النفسية بنغازي الدكتور أحمد صديق إنه يجب عندما يكون الطفل شاهدا على واقعة جريمة – في إشارة منه للجريمة نفسها – يمكن استجوابه لكن مع مراعاة العمر، وتحت إشراف اختصاصي اجتماعي ونفسي لتهيئته والتأكد من سلامته العقلية والنفسية, وبتهيئتها للاستجواب.
وأوضح صديق أن بعض الأطفال يكونون غير مستقرين نفسيًا، خصوصا إن عاشوا في عائلة يشوبها الخصام والعنف، وأن اضطراب هذه العوامل يؤثر على شخصية الطفل وربما يخفي حقائق معينة، أو يكون مبالغا في وصف الجريمة.
وأكد الدكتور النفسي أنه يجب عند استجواب الطفل ألا يكون تحت تأثير التهديد والتخويف، أو إشعارها بالسخرية أو العيب.
ووصف الدكتور أن وضع الفيديو للطفلة التي كانت تتحدث عن الواقعة بـــ”الكارثي”، لافتًا إلى أن وضع هذا الاستجواب على صفحات التواصل الاجتماعي، ربما يسبب الدمار النفسي للطفل، لأنها في كل مرة ستشاهد فيها نفسها مع مرور الزمن سيصبح حديث الناس والشارع، ولكما تتقدم في العمر تزداد مشاكلها.
وطالب صديق الجهات الأمنية بضرورة إجراء مثل هذه التحقيقات بسرية تامة وعدم نشرها، حفاظًا على النسيج الاجتماعي إضافة إلى عدم تعرض الطفل لصدمات في المستقبل لا قدر الله.
وأوصى بضرورة احتواء الطفل في مثل هذه الحالات والجرائم من قبل العائلة والأسرة، وتزويده بالعاطفة, وتوفير الأمان له وعدم تركه لسخرية الأطفال وعدم جعل كل من يقابله يسأله عما حدث.
الرأي الشرعي في زواج القاصرات
ومن جانب آخر، تواصلت وكالة الأنباء الليبية، مع عضو اللجنة العليا للإفتاء بالحكومة المؤقتة الشيخ حمد عيسى أبو دويرة، بخصوص رأي الدين بزواج القاصرات, الذي قال إنه ليس في الشريعة ما يحدد السن الذي تُزوج فيه الفتاة، وقد جاء في الشريعة ما يفصل الأمر في ذلك، مستشهدًا بآية من القرآن الكريم {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن}، وقوله سبحانه: {واللائي لم يحضن} أي الصغيرات اللاتي لم يبلغن سن الحيض فعدتهن ثلاثة أشهر مثل اليائسات من الحيض، فهذا دليل من القرآن على أن الصغيرة تزوج وتطلق وتلزمها العدة.
أبو دويرة أوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة -رضي الله عنها- وهي بنت ست سنين، ودخل بها وهي بنت تسع سنين، فهذا دليل من السنة على هذه المسألة وقد أجمع العلماء على جواز ذلك.
وأورد حديث الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه حيث قال : باب إنكاح الرجل ولده الصغار، لقوله تعالى : ( واللائي لم يحضن ) فجعل عدتها ثلاثة أشهر قبل البلوغ.
وتابع أن الشريعة حثت على الزواج ولم تُحدّد له سنّاً قال تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج)، ولا يجوز لأحد أن يشرع بخلاف شرع الله فيحدد سنًا للزواج ما قد يكون سببًا في أن تبتلى الأمة وتصاب بالعقوبات.
ونوه إلى أن تحديد سنِّ الزواج فيه إفسادٌ للمجتمع، وهو سببٌ لانتشار الفاحشة في المجتمع وتكوين العلاقات غير الشرعية التي تُفسد الجيل وبالتالي المجتمع.
وختم أبو دويرة حديثه بأن لا نجعل هذه الحادثة، هي الأصل ونتخذ منها حُكمًا عامًا, فيُطعن في الشريعة، أو ينسب لها ما ليس منها. (وال-بنغازي) ف و/ ع ع