بنغازي 20 يوليو 2019 (وال) – تواجه وزارة الصحة تحديات كبيرة لوضع خطط آمنة للتخلص من النفايات الطبية وفق المعاير والمقاييس العالمية وتبعاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية وتعليمات الهيئة العامة للبيئة ومكتب الإصحاح البيئي الداعية إلى اعتماد طريقة الفرم والتعقيم.
وتعتمد المرافق الطبية بمختلف مسمياتها العامة والخاصة منها، على تكليف شركات خاصة للتخلص من النفايات الطبية، وفق عقود تختلف بنودها بحسب اشتراطات كل مرفق والتي تنتهي بالحرق، وتخضع تلك الشركات لمتابعة دورية من قبل مكاتب مكافحة العدوى التابعة للمرافق الطبية .
وتابعت وكالة الأنباء الليبية عبر مراسلها، طرق التخلص من النفايات الطبية في مركز بنغازي الطبي ومستشفى طب وجراحة الأطفال ومركز الأمراض السارية، والتي خلصت إلى فرزها من قبل شركة نظافة خاصة ووضعها في أكياس بلاستيكية تختلف ألوانها بحسب نوع النفايات، عدا عن إلزام الشركة بتوفير صناديق خاصة بالنفايات الحادة “Sharp Box” .
وفي جولة قامت بها عدسة الوكالة داخل قسم أمراض الجلدية التابع لمستشفى الجمهورية في مقره المؤقت داخل البرج الثالث في مركز بنغازي الطبي، التقطت خلالها لجوء القسم إلى استخدام قنانيّ مياه الشرب عبوة 6 لترات”بانقات” لرمي النفايات الحادة “الأبر” وغيرها .
وقال مدير مكتب مكافحة العدوى في مركز الأمراض السارية بنغازي، طبيب أحمد الأوجلي، أنه يقع داخل المركز محرقة، أوقف العمل بها منذ فترة طويلة وهي حالياً عاطلة .
وأضاف الأوجلي :” نظام حرق النفايات بات مرفوضاً نظراً لما ينتج عنها من انبعاثات قد تشكل خطراً آخر، وهو ما أوصت به منظمة العالمية ودعت إلى استخدام طرق أخرى آمنة” .
مكتب الإصحاح البيئي التابع لوزارة الحكم المحلي، حذر أيضاً من استخدام المحارق والتي أشارت بأن الواقع فرض استخدامها وهو ما يجري حاليًا في مكب النفايات في منطقة قنفوذة، مطالبة باستخدام طريقة الفرم والتعقيم .
ومن جانبه، أكد مدير الشؤون الفنية في مركز بنغازي الطبي، يوسف الربيعي، أن محرقة النفايات لم تفعّل نتيجة للتخوّف من انبعاثات الأبخرة وانتشار العدوى، عدا عن موقعها داخل المركز وقربها من مناطق سكنية .
وأشار الربيعي إلى سعي إدارة الشؤون الفنية في إعادة تشغيل المحرقة وفقاً لمقترح تم تقديمه من اختصاصيين، يتضمن آلية التشغيل بطرق آمنة .
وتحصلت وكالة الأنباء الليبية ضمن سلسلة تحقيقاتها حول طرق التخلص من النفايات الطبية، على رسائل رسمية صادرة عن الهيئة العامة للبيئة بشأن اعتماد طريقة “الفرم والتعقيم” للمخلفات البيولوجية الناتجة عن مزالة المستشفيات لنشاطها وفقاً لقرارها صدر عنها في العام 2015 تحت رقم 428، وأشارت رسالة أخرى مؤرخة في العام 2017، مطالبة الهيئة للمستشفيات والمصحات والعيادات والمراكز الصحية العامة والخاصة بتركيب جهاز الفرم والتعقيم لتفادي انتشار الأمراض .
وفي خطاب وجهّه وزير الصحة في الحكومة الليبية الانتقالية، فاطمة الحمروش، إلى رئيس المؤتمر الوطني العام، محمد المقريف، مؤرخ في العشرين من أكتوبر العام 2012، أظهر ما واجهته الوزارة من صعوبات أثناء الفترة الانتقالية، حالت دون إنجاز العديد من المشروعات والبرامج اللازمة لتحسين وتدعيم الخدمات الصحية، والتي من بينها النفايات الطبية وتكدس الأدوية منتهية الصلاحية بكميات كبيرة على مدى 42 سنة ووصل وزنها إلى أطنان داخل المخازن الطبية والمرافق الصحية .
وعرض الخطاب، تولي الإدارات المختصة في وزارة الصحة، دراسة مشروعاً للتخلص من النفايات الطبية المتمثل في الأدوية منتهية الصلاحية ومخلفات المستشفيات والعيادات والمراكز والوحدات الصحية بمختلف أنواعها، قدّمته
رئيس لجنة التخلص من النفايات الطبية وفاء الغرياني، وتشكيل لجنة فنية قامت بدراسة عروض عدد من الشركات المختصة والترسية على شركة ايطالية متخصصة في هذا المجال .
وأشار الخطاب إلى حصول وزارة الصحة على موافقة مبدئية من ديوان المحاسبة على المشروع وتحديد قيمة التعاقد بــ “18.600.000” مليون يورو، خلال السنة الأولى من العقد وتحسب تكاليف السنوات اللاحقة حسب الكمية وسعر معالجة الكليو الواحد، وكذلك الحصول على موافقة مصلحة التخطيط العمراني باعتماد موقع للمطمر الخاص بالنفايات الطبية، واستشارة منظمة الصحة العالمية التي تولت إرسال خبير قام بمراجعة كامل الإجراءات التي قامت بها الوزارة التي طابقت المواصفات المعتمدة عالمياً في هذا المجال .
وقالت الحمروش إن الخطاب سبقه خطاب وجهته إلى مجلس الوزراء في 8/8/2012، إلا أن المجلس لم يتخذ القرار بالموافقة، بل أحال الموضوع على لجنة قام بتشكيلها، تختص باتخاذ الإجراءات اللازمة بدعوة الشركات المتخصصة للتعاقد على مشروع إدارة النفايات لنظافة المدن، ولم تتضمن تشكيلة اللجنة عضوية وزارة الصحة .
وأضافت الحمروش :” قامت اللجنة المذكورة بالإعلان عن المشروع دون إعداد لكراسة الشروط والمواصفات، وهو ما يشكل بالنسبة لمشروع التخلص من النفايات الطبية المعتمد من وزارة الصحة عودة للخلف، حيث سبق إتمام كل هذه الإجراءات من قبل الوزارة قبل تشكيل هذه اللجنة” .
وتابعت أن المشروع الذي اجتهدت الوزارة في إعداده، حورب بشكل إجرامي وتم تعطيله بكل الوسائل والذرائع إلى أن غادرت الوزارة، وبمجرد مغادرتي أُفقِل الملف، وانتهى، مشيرة بأن الهدف من المشروع، توفير البيئة الآمنة التي تعزز صحة الإنسان والحد من التلوث وانتشار العدوى والأخطار الناتجة عن النفايات الطبية، بالإضافة إلى التخلص الآمن من كميات الأدوية منتهية الصلاحية التي يجب التخلص منها بالطرق الصحيحة وبما يخدم البيئة .
وتصنّف المخلفات الطبية بحسب رئيس لجنة التخلص من النفايات الطبية وفاء الغرياني، إلى عدة أنواع، منها المخلفات المعدية، وهي المحتوية على جراثيم تسبب أمراض معدية من بكتريا وفيروسات وغيرها من الكائنات الممرضة، والمخلفات الباثولوجية وهي الأعضاء البشرية من بقايا أنسجة وأطراف أدمية، والمخلفات الكيميائية من مشغلات المعامل ومواد التعقيم الخطيرة، والمخلفات الصيدلانية من أدوية وأمصال كذلك تعتبر من المواد عندما تخزن وهي منتهية الصلاحية خطرة، وأخيرا المخلفات المشعة من مواد استخدمت في تشخيص أو علاج الأمراض السرطانية وغيرها .
وقالت الغرياني أن:”كمية إنتاج المخلفات الطبية في العالم، تحسب بما ينتجه المريض الواحد من المخلفات بالسرير الواحد في اليوم الواحد وهذا يختلف باختلاف الدول الصناعية والنامية فيتراوح من 1كجم إلى 7 كجم، وهذا يعتمد على الصرف على الخدمات الطبية في الدولة، وحسب دراسات ليبية فحجم ما ينتجه المريض الليبي للسرير الواحد في اليوم الواحد قرابة 1.75كجم” .
وأكدت الغرياني أنه” لا توجد إدارة سليمة للمخلفات الطبية على مستوى الدولة، حيث لا يوجد في القانون الليبي مصطلحات واضحة تشير وتعرف وتنظم هذه الإدارة، الأمر الذي سبّب في معاناة المستشفيات الليبية العامة والخاصة والمراكز الطبية والعيادات وشركات الأدوية من مشكلة المخلفات الطبية، فلا توجد عملية فرز للمخلفات الطبية من مخلفات المستشفيات، أيضا يوجد خلل كبير وإهمال في جمع ونقل ومعالجة والتخلص النهائي من المخلفات الطبية” .
وأشارت إلى أنه عدداً من المرافق الطبية لازالت تقوم بعملية الحرق العشوائي للمخلفات الطبية في الهواء الطلق في الساحات القريبة أو يتم إلقاؤه في مكبات مفتوحة بدون معالجة أو يتم حرقها بمحارق غير صالحة ولا تتناسب مع كمية وحجم المخلفات المنتجة بذلك المرفق وغيره من التجاوزات التي تسبب بالتالي في الإصابة بالأمراض المعدية مثل السل والتهابات الكبد والرئة والعديد من أمراض الدم الفتاكة التي يصعب حصرها .
وأضافت الغرياني بأنه اللجنة قامت بحصر وتصنيف والمطابقة الفنية للمخلفات الطبية والأدوية المنتهية الصلاحية، وتوصلت إلى عدة نقاط منها تقدير حجم الكميات من الأدوية المنتهية الصلاحية بالمرافـق الصحية في كل أنحاء ليبيا حيث بلغت تقريباً(100.000 طن)، والتي تراكمت لعدة سنوات وتحتاج لمعالجة فورية نظرا لخطورتها في تخزينها والتي اضطرت اللجنة الى استلام مخازن من جهات أمنية لتخزينها لفترة مؤقتة لحين إبادتها من الشركة المتعاقد معها، وحجم ما ينتجه المريض من مخلفات في اليوم الواحد، وأيضا مواطن الخلل في إدارة المخلفات الطبية في تلك المرافق .
ودعت رئيس لجنة التخلص من النفايات الطبية، إلى ضرورة أن تكون عملية التخلص النهائي من المخلفات الطبية والأدوية المنتهية الصلاحية المقترحة من قبل الشركات المتخصصة تتماشى مع المعايير البيئية العالمية والمحلية بحيث يتم التخلص من تلك المخلفات الخطرة بدون التسبب بضرر للبيئة والأفراد .
كما دعت الغرياني إلى الابتعاد عن عمليات استخدام الحرق المفتوح في المكبات العامة أو استعمال المحارق للتخلص من الأدوية المنتهية الصلاحية بسبب حجم الأضرار الناتجة عن هذه العمليات لما تنتجه من انبعاثات للأبخرة وتصاعد لغاز الديوكسين والفيوران .
وتابعت:” التخلص النهائي باستعمال المطامر الصحية والتي لها مواصفات خاصة تساهم في حماية البيئة المحيطة والمياه الجوفية وغيرها، والحرص على أن تلتزم الشركة المختصة بتنفيذ المشروع بكافة الشروط والمحاذير البيئية وأيلولة المعدات والآلات المستعملة في المشروع إلى الدولة الليبية عند نهاية العقد” . (وال – بنغازي) ع ف/ ع ع