بنغازي 06 أغسطس 2019 (وال) – كشف أحد تجار المواشي بمدينة بنغازي عن الآلية التي يتبعها التجار في بيع أضاحي العيد، وسبب تفاوت الأسعار من تاجر لتاجر ومن مدينة لأخرى.
وقال التاجر – الذي فضل عدم ذكر اسمه لوكالة الأنباء الليبية – إن الخرفان المحلية المعروفة بــ “الوطني” تبدأ عملية التجارة فيها منذ ولادتها بشهر تقريبًا بشرائها، لافتًا إلى أن التاجر يقوم بجمع أكبر عدد ممكن من الأغنام، بما يسمى بلغة ثقافة تجار الأغنام بــ “الركن”، أي بمعنى شراء الخروف والقيام بركنه وانتظار مضي الأشهر المطلوبة ليصبح صالحا للتضحية.
وأوضح أن تربية الأغنام تتطلب توفير كمية من الأعلاف مقدارا معينا كل يوم، لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر إلى ثمانية أشهر، مشيرًا إلى أن هذه المدة تكون قبل عيد الأضحى مباشرة.
وعلل التاجر ارتفاع أسعار “الخروف المحلي” مقارنة بنظيره الخارجي، أن “المحلي” يتطلب عملية ركنه مصاريف كبيرة تتمثل في الأعلاف ومرتب الراعي الذي يفوق رواتبهم 1500 دينار ليبي في الشهر، إضافة إلى الأدوية والعلاج الخاص بالخرفان في حال إصابتها بمرض ما.
واسترسل التاجر في وصفه لآلية البيع أن الخروف الصغير تبلغ تكلفت شرائه ما بين “200” إلى “400”دينار، منوهًا إلى أن المصاريف على رأس الغنم خلال ثمانية أشهر تبلغ حوالي “700” إلى “800” دينار ليبي، ما يضطر التاجر لببيعه بحوالي “1000”دينار، أو”1100″دينار، أما من يبيع بسعر “1500” أو “1800” فهو قد بالغ كثيرًا بالسعر والمكاسب.
وأضاف أنه عادة ما يتجه التجار إلى المدن الكبيرة لبيع الأضاحي مثل بنغازي أو طرابلس لبيعها نظرا للكثافة السكانية وكثرة الإقبال على الشراء بهذه المبالغ عكس المدن الصغيرة، فتجد الأسعار أقل لأن أغلب سكانها يمتلكون مواشي، وعلى خلفية معرفية بأسعارها وأسعار تكلفة رعايتها.
وعن الفرق بين الخروف المحلي والخارجي، قال التاجر إن هناك فرقا كبيرا جدًا، فالخروف المحلي “الوطني” وخاصة “البرقاوي” يتمتع بمواصفات كبيرة، والسبب المراعي التي يرتع ويأكل منها، ما يجعل طعمه ألذ وأشهى بكثير من المواشي الخارجية، إذ يتغذى الخروف الخارجي على أعلاف صناعية تؤثر في نكهة اللحم وجودته.
وعن تهريب التجار المواشي، أكد التاجر أن بها مكاسب كبيرة جدًا خاصة المهربة إلى مصر وتونس، مبينًا أن عملية التهريب تتم بنقل المواشي إلى المناطق الحدودية وتوضع في حضائر مجهزة مسبقًا، ومن ثم يتم نقلها عبر الطرق الصحراوية إلى المناطق الحدودية المصرية، انطلاقا من السلوم مرورا بالبراني ومطروح ووصولا إلى مدينة الإسكندرية.
وأشار إلى أن أسباب التهريب تتعدد من بينها ما يتمع به الخروف الليبي من مميزات كبيرة كلذة الطعم وسلالته المميزة.
وعن أسعار الخرفان المهربة، قال إن الخروف في مصر يقدر ثمنه مابين “5000”إلى”3000″دينار في السوق المصري، والخروف الليبي يقدر بــ “700” دينار، عندما يشتري التاجر في مصر الخروف الليبي بهذا السعر ويقوم ببيعه بـ “3000”جنيه مصري، ويكون الفارق في العملة كبيرا، ويجني الكثير من المكاسب.
وتابع أن التاجر الليبي من خلال تهريب الأغنام يجني مكاسب كبيرة، عندما يقوم ببيع “200” رأس دفعة واحدة بالكاش وبسعر كبير ودون تأخر في التسديد، لأن من المتعارف عليه بين تجار الواشي البيع والشراء بالأجل.
وأشار إلى أن القانون الليبي يمنع تصدير الأغنام الليبية وخاصة الإناث لأن الإناث هي التي نزيد في السلالة، لكن تم تهريب الجنسين الذكور والإناث بأعداد كبيرة في الفترات الماضية.
ونوه التاجر إلى أن مئات الآلاف من الأغنام والأبقار والإبل، هربت خارج الحدود الليبية رغم صدور قوانين تجرم التهريب، ما أثر على السوق المحلي وزاد في ارتفاع الأسعار.
وفي السياق ذاته، أجرت وكالة الأنباء الليبية في وقت سابق استطلاعا ميدانيا للرأي استطلع فيه آراء المواطنين حول الأسعار المبالغ فيها للمواشي عبر بعضهم عن رفضه لها وبالغ البعض الآخر في ردة فعله حيال هذه الأسعار، حيث دعا البعض إلى مقاطعة شرائها والتمنع عن التضحية بها.
وفي الصدد تواصلت وكالة الأنباء الليبية مع عضو هيئة الإفتاء في الحكومة الليبية المؤقتة الشيخ حميد عيسى أبدويره الذي أكد بدوره حرمة تمنع المقتدرين عن ذبح أضحية العيد.
وتابع ابودويره أن الأضحية يوم النحر سنة مؤكدة، وواجبة على المقتدر لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من لديه سعة من المال ولم يضحي فلا يقرب مصلانا)، وقوله تعالى {لا يكلف الله نفس إلا وسعها}، وحسب الاستطاعة.
فالأضحية عبادة وليست عادة – بحسب عضو هيئة الإفتاء – وهي تطبيق للسنة الشريفة والامتناع عن تأديتها في حال توفر المقدرة هو مخالفة صريحة لشرع الله.
وفي إجابته عن سؤال بخصوص أفضلية الخروف الوطني على الخارجي في عرف أهل البلد، قال إن من المحبب في السنة التضحية بأجود أنواع الخرفان والمتعارف عليه هنا في ليبيا أن الخروف الوطني أجود سلالة، مؤكدًا على أنها جميعها تصح التضحية بها حسب قدرة واستطاعة المضحي.
وعن صحة الاشتراك لأكثر من شخص في الأضحية الواحدة بأن يدفع كل واحد حسب استطاعته ؟
أوضح عضو هيئة الإفتاء بعدم جوازها والصحيح أن يضحي المقتدر عن نفسه وعن أهل بيته سواء كان رب الأسرة أو أحد أفرادها، وتابع أن الاشتراك في الأضحية الواحدة يصح إذا كانت من الإبل، أو البقر.
وعن شراء الأضحية بالدين، قال إن الفقير الذي ليس بيده شيء عند حلول عيد الأضحى لكنه يأمل أن يحصل على أضحية، كإنسان له راتب شهري، أو أنه في يوم العيد ليس في يده شيء لكنه يستطيع أن يستقرض من صاحبه ويوفي إذا جاء الراتب فهذا يمكن أن نقول له لك أن تستقرض إذن وتضحي ثم توفي.
أما إذا كان لا يأمل الوفاء عن قريب فإننا لا نستحب له أن يستقرض ليضحي؛ لأن هذا يستلزم إشغال ذمته بالدين ولا يدري هل يستطيع الوفاء أو لا.
وفي ختام الحوار حذر عضو هيئة الإفتاء في الحكومة الليبية المؤقتة الشيخ حميد عيسى المواطنين من حرمة بيع أي جزء من الأضحية وخص بالذكر الجلود مستشهدا بالحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ” مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ “، داعيًا المواطنين بالاستنفاع الشخصي بالجلود أو التبرع بها لمستحقيها. (وال – بنغازي) ب ف/ ف و/ ع ع