البيضاء 13 أكتوبر 2016 (وال) – زادت مأساة المرضى الليبيين في الخارج بعد الانقسام السياسي وكذلك جراء عدم إيفاء مصرف ليبيا المركزي في البيضاء وإدارة النقد الأجنبي بوعوده بأجراء تحويلات مالية للملحقية الصحية الليبية في الإسكندرية لدفع أجزاء من الديون المتراكمة لصالح المصحات المتعاقد معها من قبل وزارة الصحة المؤقتة برغم العديد من المراسلات قبل حدوث كارثة الإنسانية لمرضى الليبيين المصابين بالأورام الذين يتلقون العلاج في جمهورية مصر العربية.
حيث إن المصحات في الخارج توقفت تماماً منذ صباح يوم الإثنين الماضي الموافق للعاشر من أكتوبر الجاري عن تقديم الخدمة والعلاج عن مرضى الأورام في الخارج الذين تجاوز عدهم «600» حالة بالإضافة إلى «57» طفلاً تحت العلاج حالياً،وذلك بسبب عدم تنفيذ وعود الحكومة ومصرف ليبيا المركزي في البيضاء بخصوص إجراء تحويلات لتغطية تكلفة علاج المرضى.
وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة في الحكومة الليبية المؤقتة معتز الطرابلسي إن ما زاد الأمر تعقيداً هو القرار غير المسؤول من قبل لجنة الصحة في مجلس النواب وعقبه قرار رئيس مجلس رئاسة الوزراء عبدالله الثني رقم “454” لسنه2016 القاضي بإيقاف وزير الصحة لحين الامتثال للجنة الصحة الأمر الذي يعرقل محاولات الوزير في تقديم الخدمة للمواطن ومحاولات رأب الصدع بين الليبيين وخاصة في هذه الظروف التي تشهدها البلاد والذي كان من الأجدر للجنة الصحة في مجلس النواب استدعاء القائمين على مصرف ليبيا المركزي وإدارة النقد الأجنبي واستجوابهم حول سبب عدم إيفائهم بوعودهم وتيسيير أموال علاج المرضى الليبيين، وتنفيذ الإجراءات المالية من أجل إنقاذ حياة أكثر من ” 600 ” مصاب بمرض السرطان و “57” طفل ليبي تحت العلاج إذا كانت حياة المريض والمواطن الليبي تهمهم بعيداً عن سياسة التخوين والإقصاء والاستهداف السياسي.
كما يؤكد العاملون في الوزارة على مطالبهم للمرة الثانية لرئيس مجلس النواب بالأمر بسحب القرار في أقرب وقت ممكن، مؤكدين على أن هذه المطالبة هي حق مشروع لهم ودعماً للجهود والعمل الذي يقدمه وزير الصحة الدكتور رضا العوكلي في ظل الانقسام السياسي، مع انعدام الميزانية ومجهوداته المتواصلة في توفير الأدوية والمعدات الطبية لكل المستشفيات والمراكز التخصصية بالإضافة لعلاج المرضى وجرحى الحرب في داخل والخارج من خلال علاقاته الدولية والإقليمية.
كما أعرب العاملون في ديوان الوزارة في البيضاء وكل المستشفيات والمراكز التخصصية في بنغازي وغيرها من المدن الليبية عن إدانتهم لقرار رئيس مجلس الوزراء،معتبرين أن عملية الإيقاف بحجة الامتثال للجنة الصحة في البرلمان دون التشاور مع الوزير المعني تندرج ضمن أساليب الاستهداف السياسي، وهدفها إفشال وزارة الصحة وعرقلة جهودها في توفير الأدوية والاحتياجات الأساسية للمرضى والجرحى على حد سواء.
وبدلاً من العمل على توفير الميزانية اللازمة لتوفير احتياجات القطاع اجتمع رئيس الوزراء وبعض أعضاء لجنه الصحة في البرلمان على القرار المعيب الذي يقضي بإيقاف الوزير حتى يرضى عنه بعض النواب.
أن مثل هذا القرار المبني على باطل سيؤدي إلى عرقله رعاية المرضى والجرحى داخل البلاد أثناء المرحلة المصيرية في الحرب على الإرهاب والحفاظ على السيادة الليبية.
نؤكد بأن الانقسام ضاعف المعاناة و أن مسؤولية إدارة الملف أسندت لوزارة الصحة في الحكومة المؤقتة،ولكن بسبب الانقسام السياسي الحاصل في البلاد اقتصر تنفيذ القرار على السفارات والملحقيات الصحية التابعة للحكومة المؤقتة فقط (في ظل الانقسام الذي تعيشه السلطة في ليبيا تتوزع ولاءات سفاراتها في الخارج وملحقياتها بين حكومة الوفاق المقترحة التي لم تمنح الثقة بعد من قبل البرلمان والحكومة المؤقتة المعترف بها شرعيآ،في حين تعلن أخرى ولاءها لأحزاب وأيديولوجيات معينة بينما لم ترضخ للقرار السفارات الموالية للسراج في طرابلس و المسيطرة على جزء بسيط في غرب البلاد.
ويعد ملف المرضى و الجرحى في ليبيا من أصعب الملفات الشائكة وأكثرها فساداً، منذ اندلاع ثورة 17 فبراير، إذ تراكمت ديون كبيرة لصالح مشافي ومؤسسات أجنبية يقع عبء سدادها على عاتق وزارة الصحة في الحكومات المتعاقبة،و أن جزءاً كبيراً من الأزمة الحالية للمرضى التابعين للحكومة المنبثقة عن مجلس النواب يعود إلى كون وزارة الصحة في الحكومة المؤقتة لم تستلم ميزانية عام 2015 بسبب الانقسام السياسي الحاصل في البلاد.
حيث إن الفساد في ملف علاج المرضى والجرحى والنزاعات الليبية ليس حديث العامين الماضيين، إذ ترجع جذوره إلى سبتمبر 2011 ، بحسب وزيرة الصحة السابقة فاطمة الحمروش، والتي وصفت تقريراً قدمته لرئيس هيأة شؤون الجرحى في أواخر ديسمبر 2012 إلى مجلس الوزراء بأنه مليء بأمثلة مروعة للتجاوزات المالية والأخلاقية، إذ أفاد التقرير بأن ما تم صرفه للعلاج في الخارج خلال شهر ديسمبر فقط عن طريق الهيأة كان قد تجاوزت قيمته 220 مليون دولار.
و إن شكوى المرضى حالياً في الخارج يرجع إلى تعنت الصديق الكبير ونائب رئيس المجلس الرئاسي فتحي المجبري، وبعض الجهات المختصة في إيفادهم للعلاج ومماطلتهم وإهدار حقوقهم تعبر عن الحقيقة والواقع الناتج عن عدم دراسة الملف وعشوائية إدارته واستشراء الفساد في اللجان المكلفة به في العاصمة طرابلس والتعامل معه باستهتار، إذ أن القائمين على اللجان أكثرهم ليسوا من الأطباء ولا دراية لهم بمتطلبات المسؤولية الملقاة على عاتقهم، كما أن الدولة قامت بتحويل مبالغ مالية طائلة إلى بعثات في دول أوروبية يعتبر العلاج فيها باهظ التكاليف ومعقد الإجراءات، وهو ما لا يتوفر لغالبية الجرحى ولا يستطيع الجريح الوصول إليها دون المرور بوساطات ومعاناة تزيد من آلامه وتأخر مداواة جراحه. ( وال – البيضاء) ع م