التقاه : فاتح مناع
بنغازي 24 يونيو 2020(وال)- “أغادر بيتي بعد تناولي وجبة الإفطار، متجهة وعلى عجل إلى مركز إيواء القادمين إلى مدينة بنغازي، فاليوم هو يوم راحة لزوجي من جلسة غسيل الكلى، فعلينا أن نجري لهم التحاليل الأولية، قبل إتمام إجراءات إقامتهم الجبرية”.
كان هذا دأب طبيبة الصحة العامة تغريد السنوسي، عضو “الفريق الطائر”، خلال ثلاثون يوماً من أيام الشهر الكريم، تاركة الحياة الاجتماعية والأهل و بيتها وزوجها.
التقيتها في مخيم لأهالي تاورغاء، الواقع في محيط المدينة الرياضية، رفقة زميلات لها، ضمن فريق طبي يتبع للجنة الطبية الاستشارية، حمل على عاتقه نشر التوعية والوقاية من فيروس كورونا، الشغل الشاغل وحديث العالم منذ ظهوره في أواخر العام الماضي.
حدثتني تغريد قائلةً: “نقوم كفريق طائر، بإعطاء شروح بسيطة عن كيفية الوقاية من الفيروس، للمواطنين الذين كانوا عالقين خارج الوطن، تم تسكينهم داخل 7 مواقع خصصت للحجر الصحي، تشمل طرق النظافة والتعقيم، والحث على التباعد الاجتماعي وأهمية ارتداء الكمامات في الأماكن العامة، إلى جانب سحب عينات لإجراء التحاليل اللازمة، وعملنا مستمر إلى أن نصل إلى أكبر عدد من التجمعات” .
باشرت “تغريد” عملها كطبيبة، فور حصولها شهادة بكالوريوس طب صحة عامة تخصص بيئة صحية من جامعة العرب الطبية، العام 2012، وكانت أول محطة لها في ممارسة عملها في مجال مكافحة العدوى والجودة والتثقيف الصحي، عيادة “المقزحة” المجمعة والتابعة لإدارة الخدمات الصحية بنغازي، والمسماة على اسم المنطقة الجبلية الواقعة جنوب غرب مدينة بنغازي.
“بدأت قصة الفريق الطائر، والذي يضم الطبيبة خلود افتيتة والطبيبة أمينة مرسال، بعد حصولنا على موافقة مدير الغرفة المركزية للرصد والتقصي، أحمد الكيلاني، للمباشرة في برامج للتوعية والتثقيف الصحي، ووضع الخطة الاحترازية لمواجهة جائحة كورونا داخل العيادات المجمعة”، وكان الدافع لهذا العمل وفقاً لـ “تغريد”، حرصها الشديد على عدم انتشار الفيروس، والاستعداد لأي أمر قد يطرأ.
وانتقلت الطبيبة تغريد، في العام 2018 للإقامة وسط حي “الوحيشي” مع زوجها الذي يعاني من الفشل الكلوي، وصار لزاماً عليها أن تعتني به إلى جانب مهامها الصعبة مع “الفريق الطائر”،
وتستطرد قائلة:” وبعدما جرى تسميتنا الفريق الطائر، كنا نذهب لكل عيادة، يتم وضع الخطة الاحترازية بداخلها، والإشراف على تطهير المكان وكيفيه استخدام الملابس الوقائية، وكذلك توجيههم على كيفية غسل اليدين، وتخفيف الكلوركس والكحول، ووضع المسافات الآمنة”.
اجتهاد “الفريق الطائر” في أدائه لمهامه، بلغ إلى حد استخدامهم لمركباتهم الخاصة في تنقلهم اليومي من فندق إلى آخر حيث مواقع الحجر الصحي، وحدثتنا الطبيبة “تغريد السنوسي”، عن زميلتها في الفريق، طبيبة أمينة مرسال، التي تمر عليها كي تصحبها في جولة العمل:”لا شيء أثبط من عزيمة الفريق، بالرغم من سماعنا لألفاظ جارحة من بعض المواطنين العائدين من خارج البلاد، خلال اعتراضهم على مكان الحجر وغيره من عبارات الامتعاض ونكران الجميل”.
تمر “أمينة” بعد مغادرتها لمحل سكناها في حي الصابري، لتصحب “طبيبة تغريد” عند الساعة 8 صباحاً، لتنطلق بعدها عبر طريق النهر وصولاً إلى منطقة الهواري، لاصطحاب “طبيبة خلود افتيته”، وأشارت “تغريد” إلى المراكز الصحية التي زارها الفريق الطائر خلال جولته التوعوية، بدءً من المركز الصحي تيكا غربي بنغازي، وباقي المراكز” النواقية، والقوارشة، والفعكات، والكويفية، وسيدي خليفة، وسلوق، وأم الحيران، والهشائم، وجروثة، وجردينا، وتوكرة، وسيدي علي، وبنينا، ووادي القطارة”، ومستشفى قمينس العام.
وتعبّر “تغريد” بحسّرة، عمّا تكشّف في الآونة الأخيرة، من تفشي مريب للفيروس، في عدد من المدن الليبية، بدءً بالعاصمة طرابلس، والجنوب الغربي، وصبراته، ومصراته، واجدابيا، والمدينة الواهنة بحسب وصفها “بنغازي”، تقول:”3 أشهر أشعر أنها ضاعت هباءً، رغم ما بذلته وزارة الصحة وكل الأطقم الطبية من مجهودات للتصدي للوباء، لكننا لن نتخاذل ومستمرون في كفاحنا من أجل حماية وطننا وأباءنا وأمهاتنا وأبناؤنا.
وأشادت الطبيبة “تغريد” في ختام حديثها، بالدعم المقدم للفريق الطائر من قبل مدير إدارة الخدمات الصحية بنغازي، ناصر الكاديكي، وزملاؤها في العمل كلاً من”رمضان الفيتوري، ومحمد بوشيبة”، والأستاذ علي منصور العمامي، والذي وصفته ب”القائد المحنك” بحكم خبرته الطويلة في العمل في مجال قطاع الصحة.(وال- بنغازي) ف م / س ع