تونس 09 نوفمبر 2020 (وال) – تضمن الملحق رقم 2 من مسودة مشروع وثيقة الاتفاق السياسي التي ستخرج عن ملتقى تونس، مشروع الميثاق الوطني المبني على أسس العيش السلمي المشترك، بحيث تكون الهوية الليبية هي الجامعة لكل مكونات المجتمع، والإسلام هوية أساسية للمجتمع ومصدر أساسي للتشريع.
وتكون المواطنة، وفقًا للوثيقة، حق مقدس والأساس الذي تبنى عليه الواجبات والحقوق دون تمييز بسبب الفكر أو العرق أو الجنس أو اللون أو للاعتبارات الثقافية أو الاقتصادية أو المذهبية أو اللغوية أو الانتماء السياسي أو الاجتماعي، ويتأسس المجتمع الليبي على المواطنة وقيم الإخاء والتسامح والتعدد، والاعتراف بالآخر والقبول به، ونبذ التطرف والغلو والعنف والكراهية والفرقة والحروب.
وتعتبر الحريات العامة والفردية مكفولة للجميع، والملكية الفردية مقدسة ومُصانة ولا يجوز المساس بالملكية الخاصة إلا بموجب قانون أو حكم قضائي وبتعويض عادل، ومن حق الجميع ممارسة الأنشطة الاقتصادية المسموح بها قانونا دون تمييز، وتضع الدولة أسس وقواعد قانونية لتعميق ثقافة الانتماء للوطن والحرص على مقدراته وسمعته، وترسيخ قيم المواطنة والتسامح والتصالح في المجتمع.
وتتكفل الدولة بالرعاية التامة لأسر الشهداء والمفقودين وكذلك بالمصابين بإعاقات مستديمة نتيجة المواجبات المسلحة بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والاجتماعية، وتتكفل أيضا بتنفيذ شبكة مناسبة للرعاية والحماية الاجتماعية لذوي الاحتياجات الخاصة من المسنين وذوي الإعاقة وغيرهم، وتتكفل كذلك بعلاج الآثار النفسية المترتبة على الصراعات المستمرة في السنوات الأخيرة، وبشكل خاص تداعياتها على فئات الأطفال والشباب والنساء.
وحول شروط الحكم الرشيد، تكون ليبيا دولة مدنية يتم تداول السلطة فيها سلميا بشكل ديمقراطي، ويحترم الجميع نتائج الانتخابات، ويجرم العمل السري واستخدام القوة أو العنف لفرض الأفكار أو الوصول إلى السلطة، وتلتزم المؤسستان العسكرية والأمنية بالدفاع عن الوطن وسيادته وحماية النظام والدستور، والحياد التام بين كل الأطراف السياسية.
ويجب أن يضمن نظام الحكم فصل السلطات واعتماد اللامركزية كخيار في إدارة شؤون البلاد، والتأكيد على استقلالية السلطة القضائية واحترامها والانصياع لأحكامها، ورفض أي نوع من أنواع استيفاء الحق بالذات، مع مراعاة تأجيل المطالبة بالتعويضات الخاصة إلى حين مرحلة الاستقرار.
وشملت شروط الحكم الرشيد أيضًا التأكيد على حرية الرأي، وتجريم خطاب الكراهية بين أبناء الشعب الليبي خاصة وتجاه شعوب العالم عامة، ووفقا لميثاق شرف إعلامي يعزز الوفاق الوطني والمصالحة والتسامح والاعتدال والوسطية.
وتجريم جميع صور وممارسات الفساد المالي والإداري وإساءة استخدام السلطة والمحاصصة والإخلال بمبادئ تكافؤ الفرص في شغل الوظائف والمناصب القيادية والإدارية وضرورة تطبيق أعلى معايير الشفافية ومحاسبة المخالفين من شاغلي الوظائف العامة.
وفيما يخص الأمن الوطني، تحتكر الدولة السلاح واستخدام القوة من خلال المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية النظامية وفقا لإطار القانوني؛ لبسط الأمن ويجرم حمل السلاح خارج إطار القانون، كما يُجرم الاعتداء على الأملاك والمؤسسات العامة والخاصة، وعدم المساس أو الاعتداء على الموارد الطبيعية.
ويعد الإرهاب والتطرف بكل أنواعه وتجارة السلاح والمخدرات والتهريب أفعالا مجرمة تخل بالأمن الوطني الليبي والإقليمي والدولي، وتجرم كل أشكال ومستويات التدخل الأجنبي المباشر وغير المباشر، وتنظم الاتفاقيات والمعاهدات الرسمية أوجه التعاون مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية.
ويجرم استخدام السلاح وسلطة الأمر الواقع للحصول على أي مكاسب أو امتيازات، بالإضافة إلى الالتزام بالعمل على الحد من الهجرة غير القانونية، من خلال تظافر جهود المؤسسات الرسمية والمدنية والمواطنين، وبالتعاون مع المجتمع الدولي والدول المجاورة، ورفض أي شكل من أشكال التوطين، وإلغاء أي قرار أو اتفاق يخالف ذلك.
وحول التنمية الشاملة المستديمة، يتم التأكيد على تطوير نظام التعليم واعتباره الضامن للتنمية وتقدم المجتمع واستحداث برامج فعالة لتأهيل وتطوير معارف ومهارات الشباب لتمكينهم من تأسيس وتطوير أنشطة اقتصادية مثمرة تضمن لهم ولأسرهم مستقبلا آمنا وزاهرا.
ويكون الليبيون شركاء في الثروة العامة، وتقوم الدولة بالإشراف على إدارة الموارد الطبيعية الوطنية كالنقط والغاز والمعادن والمياه وتنظيم استعمالها بحيث يستفيد منها جميع الليبيين بشكل عادل، مع ترشيد استخدامها بما يحفظ حق الأجيال القادمة، وتوظيفها على نحو أمثل لتنويع مصادر تمويل برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.
ونصت الوثيقة أيضًا على الكفاءة في إدارة الموارد الطبيعية وعوائدها بما يكفل إحداث تنمية مكانية مستديمة شاملة ومتوازنة، بمراعاة معايير السكان والجغرافيا وحقوق الأجيال القادمة، ومراعاة تنمية مناطق الإنتاج ومكامن الموارد والمناطق النائية والحدودية، وتقديم الخدمات والاحتياجات الأساسية للمواطنين في مناطقهم وفق مفاهيم اللامركزية بما يكفل العدالة بين جميع المناطق.
وتشمل تطوير الاقتصاد الوطني ليصبح تنافسيا ومتنوعا في النشاط والموارد، وعادلا بين المواطنين، يحقق تكافؤ الفرص، ويرتكز على رأس المال البشري، ويشجع على تدفق الاستثمارات ويستخدم الموارد الطبيعية بشكل يضمن الكفاءة الاقتصادية والاستدامة المالية والبيئية.
وأشارت إلى تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز دور القطاع الخاص بتطوير مؤسساته ليحقق الدور الريادي في الحياة الاقتصادية في ظل اقتصاد تنافسي عادل قائم على مبدأ المسؤولية الاجتماعية، مؤكدة على ضرورة أن يكون للمرأة دورها الفاعل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعلى الدولة مسؤولية تمكينها من فرص الاستثمار ومشاريع التنمية الاقتصادية.
ولفتت الوثيقة إلى تعزيز القوانين الخاصة بحماية الطفولة ورعايتها ويحظر استخدام الأطفال في مزاولة أعمال لا تتناسب مع قدراتهم أو تعوق نموهم الطبيعي أو تلحق الضرر بأخلاقهم أو صحتهم سواء كان ذلك من طرف ذوهم أو غيرهم، بالإضافة إلى العمل على حماية البيئة والحد من التلوث وآثاره، بجانب تعزيز التشريعات المتعلقة بمنع الاحتكار وحماية الملكية الفكرية وتعزيز تنافسية الاقتصاد.
وتضمنت بنود المصالحة الوطنية، في الوثيقة، احتواء الجميع في رحاب الوطن، وحشد القدرات، ومعالجة التصدعات الاجتماعية، وتركيز الجهود نحو المستقبل وطي صفحات الماضي، وتطبيق مفاهيم العدالة والإنصاف والعفو ورد المظالم وجبر الضرر وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وضمان عودة جميع النازحين والمهجرين.
ونصت الوثيقة كذلك على نبذ المغالبة، وتجريم استخدام السلاح، أو الترهيب المادي أو المعنوي أو تسخير التشريعات أو أيا من السلطات كأدوات لإقصاء كل من هو مختلف في فكره أو وجهة نظره وتجريم أساليب التخوين والتكفير والترويع، والجرائم أيا كانت هي فردية عقوبتها فردية ولا يجوز تعميمها على الأسرة أو القبيلة أو المدينة أو المنطقة أو غيرها، كما لا يجوز استيفاء الحق بالذات.
وتجريم استعمال المنابر الثقافية والإعلامية والتعليمية والدينية للتحريض على العنف أو الكراهية، أو التخوين أو التكفير أو الاغتيال المعنوي، أو بث أخبار أو معلومات غير صحيحة أو التنابز بالألقاب وغيرما من أشكال التحريض والتصنيف والإقصاء، التي تعمق الفرقة وتضرب النسيج الاجتماعي.
ولفتت الوثيقة إلى ضرورة وضع وتنفيذ الاستراتيجيات الإعلامية والثقافية والدينية والتعليمية وبرامج التربية الوطنية لنشر وتعزيز الثقافة المدنية لترسيخ قيم العفو والتسامح ونبذ العنف المادي واللفظي، ومحاربة الدعوات التي تمجد العنصرية والعصبية والإرهاب، وإزالة ما تراكم من رواسب الحقد والغل والكراهية من نفوس جيل الحاضر ومنع انتقالها بأي شكل لأجيال المستقبل. (وال – تونس) س س