تونس 17 نوفبمر 2020 (وال) – أعاد الحوار السياسي الليبي في تونس علي الدبيبة رئيس جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية سابقا، إلى واجهة الأضواء، مرة أخرى مصحوبا بفضيحة فساد مالي جديدة.
وأفاد مصدر مطلع، لوكالة الأنباء الليبية، بأن عددا من أعضاء لجنة الحوار السياسي وقعوا عريضة في الجلسة الختامية، الأحد، تطالب بتأجيل الحوار إلى 18 ديسمبر بسبب وجود غموض وصفقة مسبقة ومال سياسي فاسد لشراء أصوات لبعض المرشحين، هو ما تعهدت المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني وليامز حياله بفتح تحقيق في هذه المعلومات، وتوعدت من يثبت تورطه بعقوبات دولية.
بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي محمد الجارح في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع “تويتر”: ”هذا الصباح، أكد لي اثنان من المشاركين في الحوار أن أحد أفراد عائلة علي الدبيبة ومساعده الذي صادف أنه كان يرافق علي الدبيبة في فندق الفورسيزونز قد عرض عليهم 200 ألف دولار أمريكي مقابل أصواتهم لعبد الحميد الدبيبة لمنصب رئيس الوزراء”، وتطابقت هذه الرواية مع ما تداولته وسائل إعلام عن تورط علي دبيبة نفسه في هذه الرشوة السياسية.
التعليم لا يصنع الإمبراطوية
ولد علي إبراهيم الدبيبة، عام 1945، وعمل مدرسا للجغرافيا، ثم رئيسا لبلدية مدينة مصراتة، وفي عام 1983 بدأ العمل في مكتب جهاز تطوير المراكز قبل أن يسيطر على هذه الجهاز الذي يعد جهة عامة كبرى مكلفة بتطوير البنية التحتية للبلاد، بين عامي 1989 و2011، وبلغت ميزانيته سنويا مليارات، وقال الدبيبة نفسه في مقابلة مع مجموعة أكسفورد للأعمال: “إن ميزانية الجهاز لعام 2008 كانت 6.8 مليار دولار”.
وتفيد تقارير إعلامية بأن علي الدبيبة الذي هرب خلال أحداث 2011، وحوّل ولاءه من النظام السابق إلى من سيطروا على ليبيا، انتقل إلى اسطنبول وقبرص ويعيش فيهما، مستيعنا بإمبراطوريته المالية التي يتهم بنهبها من “الليبيين”.
ووضع المجلس الوطني الانتقالي الدبيبة على القائمة السوداء، وطالب “الإنتربول” بإصدار مذكرة حمراء بحقه في محاولة للقبض عليه بتهمة اختلاس الأموال العامة وغسيل الأموال وإساءة استخدام السلطة والفساد، لكن الوثيقة لم تعد سارية بحسب تقارير دولية.
وفي عام 2013، تم ضم شقيقي علي الدبيبة وهما يوسف (مع ابنيه إبراهيم) وأسامة، إلى التجقيقات، كما قامت بتجنيد محققين دوليين في محاولة لاستعادة الأصول التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، حتى أنها عرضت نسبة من الأموال كمكافأة مكتسبة.
متاهة مالية
يبجث رجال النيابة في أكثر من 100 شركة حول العالم تتعلق بالدبيبة، بما في ذلك 65 شركة في المملكة المتحدة وحدها، و16 في جزر فيرجن البريطانية، و22 في مالطا، وستة في الهند، وثلاثة في إمارة ليختنشتاين.
ويتهم رجال النيابة الدبيبة بمنح 3091 عقدا بقيمة إجمالية 45.4 مليار دينار ليبي، ويتهمه مكتب النائب العام في طرابلس باختلاس ما بين 6 و7 مليارات دولار من هذا المبلغ، باستخدام أساليب مثل فرض “عمولات” مفرطة، ومنح عطاءات لشركات مرتبطة به أو يمتلكها سرا.
وكشف تقرير لديوان المحاسبة عام 2012، عن أن معظم العقود التي يُتهم الدبيبة بسببها بالفساد، قد مُنحت من خلال التعاقد المباشر دون أي مناقصة عامة، كما كشف عند مراجعة حسابات جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية الذي كان يرأسه الدبيبة، أنه قدم سلفة للعقود التي لم تنفذ وكانت تمنح أحيانا لأكثر من عقد واحد لنفس المشروع، وتستخدم 23 حسابا مصرفيا مختلفا، 11 منها بالعملات الأجنبية.
وبعدما كان مكتب النائب العام وحتى العام قبل الماضي يطالب سلطات بريطانيا واسكتلندا بالتعاون معه للوصول إلى هذه الأموال التي يشتبه بأنها منهوبة، أصدر رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج قراراً في 19 مارس 2019، يقضي برفع الحراسة عن ممتلكات أربعة من القيادات السابقة بالنظام السابق على رأسهم علي الدبيبة.
صاحب المصلحة ينفي
خرج عبد الحميد الدبيبة، في تصريحات صحفية اليوم الاثنين، مدافعا عن ابنه عمه قائلا: “لدي خصوم في هذا السباق، وهناك من يصدرون شائعات، والحقيقة هذا الموضوع لن نستطيع التحكم فيه، لأنه من الخصم والمشاركين”، متابعا: “مشاركون برؤوس مرفوعة لخدمة ليبيا ولا يمكن أن نخطئ، وما قيل عارٍ عن الصحة “.
وادعى الدبيبة أن “من يقومون برشوة الأشخاص لأغراض كهذه لا يناسبه، وهذا بيع للنفس”، وختم تصريحه قائلًا: “أنا عضو بلجنة الحوار السياسي، وعلي الدبيبة ابن عمي، ويعرفه كافة الليبيين، ويحترمونه، وليس من أخلاقه تقديم الرشاوى لدعمي أو دعم غيري” على حد زعمه.
ورأى كثير من المتابعين للمشهد السياسي، آراءهم، أن تصريحات الدبيبة لا تخرج عن باب “الكوميديا السياسية السوداء”، وبحسب أحد السياسيين “فالدبيبة بزغ نجمه على مدى السنوات الماضية في قضايا الفساد المالي والاختلاس التي اتهم بتورطه فيها”، وتساءل: “يا ترى ما المنفعة التي يبحث عنها علي الدبيبة من تقديم الرشاوى دعما لابن عمه إن صح ذلك؟.. أظن اتضحت الآن الإجابة” على حد قوله. (وال – تونس) س س