تونس 18 نوفمبر 2020 (وال) – قال عضو ملتقى الحوار الليبي بتونس إدريس البرعصي، إن ليبيا بحاجة إلى مشروع وطني خاص يشمل كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية، مشيرًا إلى أن ليبيا تعيش حالة من التعثر على الجانب الأمني، إلى جانب تفكك في المنظومة الاجتماعية.
ورأى، في تصريحات تيلفزونية، أن ملتقى الحوار الليبي في تونس أفضى إلى نتائج إيجابية حتى الآن، سواء بوضع خارطة الطريق، أو تحديد صلاحيات السلطات التنفيذية وهي المجلس الرئاسي والحكومة الليبية، وكذلك مناقشة القاعدة الدستورية، مؤكدًا أن هذه نجاحات مهمة انتهى إليها الحوار.
وبشأن اختيار شاغلي المناصب، قال إن هناك عدة مقترحات، حيث يرى البعض استبعاد من تصدى لأي مسؤولية أو تقلد أي مناصب منذ عام 2014م، وحتى الآن، بينما يؤكد البعض الآخر ضرورة تساوي الليبيين وإتاحة الفرصة أمام الجميع لتحمل المسؤولية، باستثناء من عليهم تحفظات قانونية أو ملاحقات قضائية، وهذا أمر يجب أن يتصدى له القضاء الليبي.
وتابع بأن المشاورات ستستمر خلال الأيام السبعة المُقبلة ومن ثم ينعقد اللقاء مرة أخرى لتشكيل المجلس الرئاسي واختيار رئيس للحكومة يكون عليه تسمية الوزراء وعرضهم على مجلس النواب، مشيرًا إلى أنه في حال عدم منح الحكومة الثقة من قبل مجلس النواب سيؤول الأمر من جديد إلى ملتقى الحوار.
وأكد أن الهدف الأهم في هذه المرحلة هو توحيد المؤسسات الليبية، مشددًا على أن ليبيا وطن واحد ووحدة واحدة ليس به انقسامات، وجميع الليبيين يريدون توحيد المؤسسات، فيما أثنى على تجربة لقاء العسكريين “5+5” في جنيف، وإتمامهم الاتفاق الإيجابي في غدامس، مؤكدا أن ليبيا قادرة على الخروج من أزمتها والوصول للاستقرار إذا تولى أمورها أصحاب الكفاءات.
وبين أن الأزمة الليبية سببها التدخلات الخارجية الأجنبية، وأنه لولا التدخلات الإقليمية والدولية لما عانت ليبيا مما هي فيه الآن من صراعات يدفع ثمنها المواطن الليبي، مشيرا إلى أن ليبيا دولة غنية مساحتها تعادل خمس مساحة أوروبا، وبها سواحل ممتدة، وهي مليئة بالثروات، وبها طاقة شمسية إلى جانب النفط، مؤكدا أن المشاركين في الحوار الليبي يحاولون بكل الوسائل العبور من هذه المرحلة وإنجاح الملتقى.
و شدد على ضرورة مواصلة الحوار حتى لو طال إلى أكثر من أسبوع، على أن يكون اللقاء القادم على أرض ليبيا، وهي رغبة لدى الجميع، مشيرا إلى أن أغلب الآراء متوجهة نحو عقد اللقاء في سرت.
ورأى البرعصي، أن جزءًا كبيرًا من الأزمة الحاضرة في ليبيا سببها الصراع بين المؤسسات السيادية، مشيرًا إلى أن مشاركتها في ملتقى الحوار خطوة في طريق حلحلة الأزمة، معربًا عن خشيته من وجود تدخلات خارجية تؤدي إلى إفساد الملتقى.
وأشار إلى ضرورة التمسك بملف المصالحة الوطنية لضمان عودة النازحين والمهجرين والمبعدين، وجبر الضرر ورد المظالم، مع التأكيد على أن هذا لا يعفي من الملاحقة القضائية لكل من تسبب في هذا الوضع، معربًا عن أسفه لوجود من وصفهم بأنهم ليبيون غرباء في وطنهم، وأن هذا أمر غير مقبول ولا يجب أن يستمر.
وبشأن ما تردد عن دفع أموال لشراء الأصوات، نفى البرعصي علمه بأي وقائع بهذا الخصوص، مؤكدًا أنه إذا علم بشيء عن هذا الموضوع فإنه سيتخذ موقفًا حادًا، وطالب من يردد مثل هذا الكلام بتقديم ما يثبت حديثه لأن هذا الاتهام خطير ويتطلب أدلة، كما يتطلب فضح من يقوم به، فيما أكد أن هناك فسادا كبيرا وإهدارا للمال العام في ليبيا يتم على نطاق واسع، وهذه مسألة يجب التصدي لها في ظل الأوضاع التي يعانيها الشعب الليبي وصعوبة الأحوال المعيشية، حيث يعيش معظم الليبيين على الحد الأدنى من متطلبات الحياة، مؤكدا أن كل من فسد أو قصر سينا جزاءه بعد أن تستقر الأوضاع في ليبيا.
وفيما يتعلق بالدستور، قال إن هناك لجنة انتخبت لوضع دستور دائم لليبيا، وأي حوار عن الدستور يجب أن تكون هذه اللجنة حاضرة به لأنها منتخبة، محذرا من أن تجاهلها قد يؤدي إلى البطلان القضائي.
وأشار إلى أنه تم الاتفاق على تشكيل لجنة منبثقة عن ملتقى الحوار ستجتمع بلجنة وضع الدستور المنتخبة للتوصل إلى صيغة توافقية، تمهيدا لطرحها على الليبيين للاستفتاء، مشيرًا إلى أن الدساتير لها أهميتها الكبرى، وخاصة بالنسبة لليبيا ويجب أن يكون دستور ليبيا القادم توافقيًا وبعيدًا عن فكرة المغالبة والإقصاء والتهميش، حتى يصلح ليكون دستورًا دائمًا يُنهي الإعلان الدستوري الذي تعيش ليبيا في ظله حاليًا.
وتابع بأن الحكومة القادمة هي حكومة مؤقتة عمرها قصير، حيث إن مدتها طبقا للاتفاق 18 شهرا، وخلال هذه الفترة يجب أن تكون مهمتها العمل على توحيد المؤسسات، وإنجاز الدستور، والبدء في الانتخابات، مؤكدًا أنه لقصر مدتها فليس مطلوبًا منها إقامة مشروعات ولا خطط للتنمية.
وأعرب عن تفاؤله بالتوصل إلى دستور دائم جديد توافقي تتم صياغته على أساس ما توصلت إليه اللجنة المنتخبة مع اللجنة التي سيشكلها الملتقى، إلى جانب من تضمه من الخبراء والمتخصصين، مشيرا إلى أن ما يجب الحرص عليه هو عدم التهميش أو الإقصاء، ومراعاة أن يشمل الدستور الجديد الليبيين على حد السواء، بصرف النظر عن شكل التقسيم الإداري الذي يتم الاتفاق عليه سواء باعتماد مجالس بلدية أو محافظات أو نظام فيدرالي، على أن يكون ذلك بموافقة الأغلبية.
وشدد على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، مؤكدا أن أزمة ليبيا لن تحل إلا بالانتخابات التي يجب البدء في الإعداد لها سريعًا، وأن يتم في الوقت نفسه البدء في مشروع كبير للمصالحة الوطنية والإفراج عن المحتجزين، مشيرا إلى أن الأوضاع الحالية والصراعات السياسية خلقت أزمة وهوة كبيرة في المجتمع الليبي وأصبح هناك تفكك حتى بين العائلات.
واختتم بالتأكيد على أن السنوات العجاف التي عاشتها ليبيا لا يمكن أن تحسب في عمر هذا الوطن الذي يأبى أن يموت. (وال – تونس) س س