تونس 18 نوفمبر 2020 (وال) – قال عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس أبو بكر عيسى العبيدي إن الحوار لم يفشل ولم يُرحل المراحل، واصفًا إياه بـ”الحوار الناجح بامتياز”، شارحًا ما حدث من تأجيل بأنه تأجيل طبيعي يحدث في كل الجلسات، لافتًا إلى أن جلسات الحوار طالت وأن التأجيل جاء حتى لا يُرهق المشاركين ولظروف المرحلة.
وأكد العبيدي، في تصريحات تلفزيونية، أنهم قطعوا شوطًا كبيرًا وأن تفاؤلاً كبيرًا ساد الجلسات، قائلاً: “كان الحوار خلاق وبنّاء اشترك فيه جميع المشاركين وكانوا جميعًا حريصين على الخروج بنتائج وبالفعل تم تحقيق نتائج كبيرة تصل إلى تحقيق نسبة 95% من المهمة وتم إنجاز جميع الأوراق المطلوبة منهم، ووضعوا خارطة للمرحلة التمهيدية القادمة وحتى نهايتها”.
وذكر العبيدي، أن البيانات والوثائق التي صدرت عن هذا اللقاء كانت طيبة، مُبيّنًا أنهم أصدروا خارطة الطريق التي فيها تحديد موعد الانتخابات وتحديد مدة المرحلة الانتقالية وكذلك الحديث عن المسار الديمقراطي وعن الدستور وصياغته وإعداده والانتخابات وتوحيد المؤسسات وبنائها واختيار المناصب السيادية التي تم الاتفاق عليها في بوزنيقة بالمغرب.
وأشار العبيدي، إلى أن التأجيل جاء للصالح وأن الحوار دائم، لافتًا إلى أنه تم خلق حوار وطني مشترك وأن المتحاورين كانوا من كافة الاتجاهات السياسية المُنقسمة الموجودة في ليبيا ومن المستقلين ومن الهيئات السياسية الموجودة سواء المجلس “الأعلى للدولة” أو من مجلس النواب، مُشددًا مرة أخرى على أن التأجيل جاء حتى لا تربكهم الخطوة الثانية ويتم دراستها بتمهل ودراسة متأنية.
وأوضح العبيدي أن الخطوة الثانية هي الاتفاق على آلية الترشيح والاختيار، وأنه لابد أن يتم ذلك بتمهل وتروي لأن التعجيل في مراحل قد يفسد ما تم التوصل إليه، مُقدمًا التحية لكل أعضاء الحوار والجهد المبذول من البعثة الأممية للدعم في ليبيا التي أولت الشأن الليبي اهتمامًا كبيرًا، على حد قوله، مشيرًا إلى أن الظروف تغيرت وأصبح هناك قناعة لدى الليبيين جميعًا أنه لابد من أن يتم الوصول إلى توافق ومرحلة صلح حقيقي، موضحًا أن الظروف الآن تسمح بذلك خاصة في المسار العسكري والمسار الاقتصادي.
وتابع: “نحن متفائلون جدًا، والتأجيل منطقي وسليم للخطوة الثانية، فنحن قطعنا مراحل مهمة هي خارطة الطريق وتحديد صلاحيات السلطة التنفيذية القادمة وآليات الترشح للسلطة التنفيذية القادمة ولم يبقى لنا إلا خطوة واحدة وهي الاتفاق على آلية الترشح ثم اختيار المرشحين للسلطة التنفيذية سواء المجلس الرئاسي أو حكومة الوحدة الوطنية”.
وأردف العبيدي أن المواطن الليبي لا يستحق هذه المعاناة وليس لديه القدرة لتحمل المزيد، مضيفًا أن الأسبوع المقبل سيشهد جلسات افتراضية، وأنه قبل أن تتم الجلسات المباشرة في تونس كان هناك اجتماع افتراضي يوم 26 أكتوبر الماضي وكان اجتماع ناجح وأنهم استطاعوا من كل مناطقهم أن يتواصلوا افتراضيًا والآن حتى اجتماعات مجلس الأمن ووزراء الخارجية والاجتماعات السياسية المهمة نتيجة جائحة كورونا تكون افتراضية وتكون في أمور حساسة وكبيرة وملتقيات على مستوى عالي من المسؤولية.
وبيّن أن التعتيم الإعلامي حول جلسات الحوار السياسي كان مُتفق عليه حتى لا يحدث أي إرباك أو تشويش على الحوار حيث أنهم جاءوا من انقسام ومشكلة في ليبيا، وانقسام مؤسساتي، وفي السلطة التشريعية أيضًا، وكان هدفهم حل ذلك الانسداد السياسي والتوازي مع المسارات الأخرى، كالمسار الاقتصادي والعسكري، قائلاً: “كان لزامًا علينا وحتى لزامًا على المشرفين ومكتب الأمم المتحدة أن يعملوا على إعطاء فرصة للمتحاورين لأن يجتمعوا بدون تشويش، وخرجت تصريحات ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني ويليامز شفافة ومسؤولة وتعبر عما يدور”.
واستكمل العبيدي: “رأينا أن هذا أسلوب طيب حيث أن هناك اختلاف في وجهات النظر وتأثير على الآراء واللقاءات والتصريحات قبل أن نصل لاتفاق مشترك ربما يعبر فيها كلاً عن رأيه وتوجهه السياسي، وعندما وصلنا إلى توافقات مهمة تم التصريح بها بعد ذلك، ومن ثم كان الهدف هو عدم التشويش وعدم الانجرار إلى تصريحات إعلامية أو مهاترات إعلامية والرد والرد الآخر”.
وحول ما سيحدث في الأسبوع المقبل، أجاب العبيدي، بأنهم سيغتنموا فرصة أسبوع للتشاور مع بعضهم البعض، مشيرًا إلى أن أعضاء الحوار من مجلسي النواب والدولة لديهم مؤسساتهم التي فوضوا منها وسوف يتشاورون معها، موضحاً أن التشاور سيكون في أمرين الأول آلية الاختيار والثاني أن هناك قناعة لدى كثير من أعضاء الحوار أن التشاور الافتراضي سيكون خطوة فقط لكن لابد من لقاء مباشر سيتم المطالبة به من خلال الاجتماع الافتراضي ليكون هناك لقاء مباشر مثلما حدث في تونس وربما يكون في أرض الوطن، مؤكدًا أنه سيتم تحديد يوم أو اثنين لهذا اللقاء المباشر، مشيرًا إلى أن اللقاء الافتراضي سيتم توظيفه التوظيف الصحيح وفق الإمكانيات المتاحة ووفق التقنية، موجهًا الشكر لتونس والدول العربية ودول الجوار؛ مصر والمغرب والجزائر لموقفها من الأزمة الليبية وكل الداعمين للشعب الليبي وكل الحريصين على حل الأزمة الليبية.
وواصل العبيدي: “الهدف الأساسي من الحوار هو إنهاء الانسداد السياسي وتوحيد المؤسسات، فالواقع الليبي واضح بأن هناك حكومتين ومجلسين تشريعيين وهناك المجلس الرئاسي، والانتخابات هي أساس المرحلة التمهيدية، وأيضًا السلطة التنفيذية التي سيخلقها الحوار هدفها الأول والأساس والمهم والأسمى هو الانتخابات حتى في خارطة الطريق التركيز على الانتخابات، يعنى أن جل المهام المنوطة بها وأول أولوياتها هي الانتخابات”.
وتابع: “هذه الانتخابات تحتاج إلى سلطة تنفيذية موحدة ومؤسسات موحدة، العمل على توحيد المؤسسات والمؤسسات السيادية تم في حوار بوزنيقة وسيتولى مجلس النواب ومجلس الدولة اختيار المناصب القيادية لهذه المؤسسات، ونحن ركزنا هدفنا الأساسي من الحوار السياسي في الانتخابات والهدف الأساسي من السلطة التنفيذية هو الانتخابات وعندما يوزع مكتب الأمم المتحدة خارطة الطريق جاء في البداية إنجاح العملية الانتخابية”.
واستفاض: “هذه المرحلة التمهيدية المؤقتة تسعى إلى وضع الدستور أولاً وهناك حديث عن مسودة الدستور التي أخرجتها لجنة الستين، والتي عليها خلاف كبير نظرًا لأن هذه المسودة معيبة وصدر فيها أحكام قانونية، وكل الحاضرين وكل التوجهات انتقدوا هذه المسودة وسيعاد طرحها على اللجنة المُكلفة، حيث تم تحويلها إلى المؤسسات المسؤولة والمناط بها مناقشة المسار الدستوري، وأن تعرض الدستور في خلال مرحلة حددناها، فالدستور إما أن يكون المسودة وتعديلاتها أو مسودة جديدة، وهناك مسار دستوري ولجنة للمسار الدستوري موجودة واجتمعت في القاهرة، فقبل أن نصل إلى انتخابات، إما أن نوصل الشعب الليبي إلى دستور ويتم الاستفتاء عليه وتنجح لجنة الدستور ولجنة المسار الدستوري والمجلسين التشريعيين أو لجنة قانونية في إصدار دستور أو سيعود الأمر إلى لجنة الحوار وتُشكل لجنة لوضع قاعدة دستورية يتم الانتخاب عليها وهذا قبل أن نُقدم على الانتخابات”.
ولفت العبيدي إلى أنه تم خلق سلطة تنفيذية جديدة لأن السلطات التنفيذية الموجودة الآن منقسمة فلابد من الخروج بسلطة تنفيذية مؤقتة هي التي تعيد الوحدة، قائلاً: “الهدف من هذه السلطة التنفيذية هو الانتخابات وهذه أول مهمة لها، وثاني مهمة هي توحيد المؤسسات، وثالث مهمة هي تقديم الخدمات للمواطن في المرحلة المؤقتة، أي أنها حكومة خدمية وتسعى إلى الانتخابات”، مؤكدًا أن السلطات التشريعية موجودة في خارطة الطريق ولا مساس بها، وأن استنادهم في ذلك إلى الاتفاق السياسي وإلى مخرجات برلين وقرار الأمم المتحدة 2015 التي اعتمدت مخرجات برلين وأن الحديث على مؤسسات وليس أشخاص بمعنى أن المؤسسات الآن قائمة، مشيرًا إلى أن الاتفاق السياسي يعطي الشرعية لمجلسي الدولة والنواب وأن هناك احتياج لهذه المؤسسات في خارطة الطريق لاعتماد الكثير من الأشياء.
واستفاض: “مجلسي النواب والدولة مؤسسات تشريعية مناط بها الدستور العام هي ولجنة المسار الدستوري ومسؤولة عن الدستور في مدة معينة مذكورة في خارطة الطريق، وبعد ذلك إذا وصل الليبيون إلى دستور ووصلنا إلى إصدار دستور قبل مرحلة الانتخابات سيتم الاستفتاء عليه، وأكدنا على دعم المفوضية العليا للانتخابات في هذه الفترة، وقبل موعد الانتخابات بفترة، وما لم يتم إصدار دستور سيتم إصدار قاعدة دستورية من لجنة قانونية يتفق عليها الجميع من داخل ملتقى الحوار، ونحن تركنا المؤسسات التشريعية تقوم بعملها ونحن مساعدين لها وهذه المؤسسات ستلتئم مع بعضها بعد أن كانت منقسمة وتقوم بعملها التشريعي وإخراج الدستور”.
وأشار العبيدي أن “نشاط الأمم المتحدة مع لجنة الحوار هو ما ساهم في حل المشكلة في ليبيا، لافتًا إلى أنه يتفهم تخوف المجالس التشريعية من وجود لجنة الحوار، مؤكدًا أنهم جاءوا لحل الانسداد السياسي وأنهم أحالوا الأمور التشريعية إلى السلطة التشريعية وكذلك حددوا صلاحيات السلطة التنفيذية، موضحًا أن الأمور تحال إلى لجنة الحوار فقط في حالة حدوث وقف أو عجز كما نصت خارطة الطريق، وكذلك في حالة تعثر العملية الدستورية وعملية الانتخاب، مُشددًا على أنهم لا يتعدون على حق المجالس التشريعية التي انتُخبت وفق قوانين وانتخابات صحيحة وينص عليها الاتفاق السياسي”.
وأضاف أنهم “أشاروا في خارطة الطريق إلى الحكم المحلي وليس الإدارة المحلية ودستور 1951م الذي أسماه بدستور الآباء والأجداد الذي استطاع أن يخلق الدولة الليبية، وأن مكتب الأمم المتحدة قام بعمل استفتاء حول 1600 شاب من الشباب الليبيين طالب 60% منهم بدستور 51، وأن ما تم تفويضه هو الهيئات والمؤسسات المسؤولة عن الدستور، لافتًا إلى الحديث على الأقاليم التاريخية طرابلس وبرقة وفزان وهي من ثوابت الوطن والنسيج الاجتماعي المتماسك والأسماء التاريخية تعطي دعم لهذه الدولة وأن لها مُستند تاريخي ومراعاة الأقاليم هي خطوة للتوافق”.
وفيما يخص القاعدة الدستورية التي قد يتم وضعها من قبل لجنة الحوار، قال العبيدي إن “أعضاء لجنة الحوار كان من بينهم قانونيين وأساتذة جامعات وعمداء كليات القانون، مشيرًا إلى أنه ربما تُشكل اللجنة من جديد بضم خبراء قانونيين وخبراء في الفقه الدستوري؛ لإصدار الدستور”.
وأكد العبيدي، أن “بخارطة الطريق نص واضح على المؤسسات السيادية المعنية بالدستور وإصداره مشيرًا إلى أن لجنة المسار الدستوري، ستراجع مسودة الدستور وتُقرر العمل به أو إصدار دستور آخر في حال كان بالمسودة عيوب، ثم يُستفتى الشعب عليه”.
وأضاف: “إذا لم يتم ذلك يتم الرجوع من قبل لجنة الاتفاق على الدستور إلى القاعدة الدستورية وهو ما يعني تشكيل لجنة قانونية متكاملة يسند إليها فقط الانتخابات في المرحلة القادمة، ويكون مجلس النواب المنتخب الجديد مسؤول عن الإطار الزمني”.
وأوضح، أن “الانتخابات وإصدار الدستور لابد أن تتم في مرحلة هدوء واستقرار دائم، مشددًا على أنه لا يمكن أن تُشكل لجنة في ظروف استثنائية لخلق الدستور، لأن المواطن في ظل الانقسام قد يوقع بنعم على دستور قد يكون به عيوب من أجل الخلاص من الظروف الصعبة التي يعيشها”.
وأردف، “لابد من خلق المناخ الملائم والظروف المواتية للجنة الدستور للخروج بدستور دائم؛ لأن الأمر مصير أجيال، مؤكدًا أن الهيئة الدستورية هيئة مستقلة ولا يمارس عليها أي نوع من الضغط، باستثناء ضغط المسؤولية الوطنية، واصفًا الحوار مع مكتب الأمم المتحدة بأنه كان “حوار حر ونزيه وشفاف”، وكل المشاركين كانوا شخصيات وطنية والبعض منهم شخصيات مُنتخبة”.
وأوضح أنه في هذا الاجتماع “كان الحوار مفتوحًا وأفضى إلى استفادة الجميع بما فيهم من كان مخالفًا في الرأي؛ حيث كان لا يوجد أي تدخل في ما تم عرضه من قبل المشاركين جميعًا، لافتًا إلى أن الورقة التي كان يتم مناقشتها كانت تُصاغ ثلاثة مرات؛ لإضافة كل طرح من المشاركين”.
وذكر، أنه “في خارطة الطريق تمت الإشارة إلى المصالحة الوطنية والاحتكام إلى الوسائل الديمقراطية في التنافس السياسي وعدم اللجوء للعنف والقبول بالنتائج والشفافية والتداول السلمي للسلطة، مؤكدًا أن الهدف الأساسي في الحوار كان الانتخابات قبل أن يشير إلى هدف خلق السلطة التنفيذية وتوحيد المؤسسات هو الإشراف على هذه الانتخابات الوطنية”.
وأكد مجددًا، أن “المشاركين في الحوار كانوا مستقلين تمامًا والكل كان يبدي رأيه ويستمع للآخرين بكل سلاسة، على حد تعبيره، معبرًا عن تقديره لجهد الأمم المتحدة، قبل أن يعبر عن رأيه بأن المختنقات كانت من قبل الليبيين؛ حيث كانت تطرح الحلول، مختتمًا: “الآن هناك جهود مبنية ونحي الزملاء بلجنة الحوار على كل المبادرات الطيبة والتنازلات التي قدموها لبعضهم البعض”. (وال – تونس) س س