طرابلس 19 نوفمبر 2020 (وال) – أصدرت اللجنة المشكلة من ديوان المحاسبة طرابلس، تقريرًا يتضمن مخالفات صندوق التأمين الصحي العام، وإحالة عدد من المتهمين بالفساد بداخله، إلى مكتب النائب العام، على رأسهم رئيس ما يسمى “المجلس الرئاسي” لحكومة الوفاق المرفوضة، فائز السراج.
وكشف تقرير ديوان المحاسبة، أن الوقائع تتمثل في إنشاء الصندوق ومستخرج السجل التجاري له وملفه الضريبي وقيده لدى هيئة الإشراف على التأمي، وقيام السراج بإنشاء صندوق التامين الصحي العام بموجب قراره رقم 2017/854، بالمخالفة للمادة الثامنة والتاسعة من اتفاق الصخيرات.
وبيّن تسمية مجلس إدارة للصندوق برئاسة طلال محمد عجاج، بموجب قرار السراج رقم 2017/896، بما يخالف المادة 3 من قرار الإنشاء، في إطار اختصاص مجلس الوزراء بتسمية مجلس إدارة الصندوق، وليس المجلس الرئاسي.
وتطرق التقرير، إلى وجود تعارض في تبعية الصندوق، بين قرار المجلس الرئاسي بتسمية رئيس وأعضاء مجلس الإدارة والمدير العام، وبين النظام الأساسي الذي حدد اختصاص التسمية في مجلس الوزراء والقانون التجاري الذي أسند هذا الدور إلى الجمعية العمومية بموجب قرار رئيس المجلس الرئاسي رقم 2019/530، بتاريخ 21 أبريل 2019م.
وتضمن التقرير، تواطؤ طلال محمد عجاج بصفته رئيس مجلس ادارة ومدير عام الصندوق، مع المسؤولين بالسجل التجاري باستصدار وثائق مضللة تشير لوجود شكلين قانونيين لكيان واحد، وهو صندوق التأمين الصحي العام حيث تم استخراج سجلين تجارين الأول، من السجل التجاري أبوسليم والآخر من السجل التجاري طرابلس.
وكشف أن مقر الصندوق الرئيسي حسب السجل التجاري هو مدينة طرابلس/أبوسليم، بينما المقر الرئيسي هو طرابلس حي الأندلس، والذي ملك بموجب محضر الاستلام والتسليم ما بين لجنة التصرف في أصول وموجودات جهاز التحدي المنحل ورئيس مجلس إدارة الصندوق المؤرخ في 18 سبتمبر 2019م، بالمخالفة للمادة 7 من لائحة السجل التجاري وكذلك للمادة 8.
ووفقًا للتقرير أيضًا، فإن خانة أغراض الشركة تضمنت بمستخرج السجل التجاري طرابلس، تقديم خدمات التأمين الصحي وفقا للنظام الأساسي المعتمد بموجب قرار المجلس الرئاسي رقم 854، لسنة 2017م، والذي يمثل قرار الإنشاء وليس اعتماد النظام الأساسي بالمخالفة لنص المادة 365 من قانون العقوبات بشأن الإدلاء ببيانات كاذبة ومغلوطة لموظف حكومي.
وبموجب التقرير فإن أعمال التدقيق والمراجعة التي يقوم بها الصندوق في مراجعة مستندية فقط، وأن المنظومة التي يعمل وفقها ماهي إلا منظومة بدائية كمنظومات الأرشفة، ولم يتم التطرق إلى آلية التدقيق الفني الطبي، وبالتالي فإن الموافقة على المطالبات المالية قابلة للتغيير ودفع كافة القيم وأن عمليات التخفيض التي يدعي الصندوق تخفيضها والمحافظة عليها من الهدر غير حقيقية لعدم القيام بالتدقيق فنيًا، وفي حال استيفاء المستندات يحق لمقدم الخدمة الطبية المطالبة بالقيم المستحقة لكون أسباب عدم الاستحقاق غير مستندة على معايير حقيقية وواقعية.
ولفت التقرير إلى وضع وزارة الصحة بحكومة الوفاق، ومركز الطب والدعم الميداني، تحت المساءلة القانونية، مُبينًا أنه بالنظر للمطالبة المقدمة من مصحة المختار بقيمة 19.4 مليون دينار وأن قيمة المستحق 4.2 مليون دينار، تبين أن المراجعة مستندية فقط، ما يضعهما تحت المساءلة القانونية من قبل مزودي الخدمة، وكذلك إيقاف الخدمات للمرضى والجرحى في ظل الوضع الراهن.
وجاء في التقرير أيضًا، ملاحظة تکرار أسماء الحالات بنفس البيانات بتقارير المراجعة والتدقيق، ما يؤكد أن المنظومة لا تقوم بإجراءات الفرز ومنع التكرار لكونها منظومة أرشفة إلكترونية فقط وليس لإدارة نفقات طبية، كما أن هذه التقارير لا تحتوي على أي بيانات يمكن الرجوع إليها من حيث عدد حالات الفحص والمدة الزمنية واسم المصحة وقائمة الأسعار النمطية وغيرها من البيانات الرئيسية مما يدل على أن التدقيق عبارة عن تدقيق مستندي وليس فني خاصة عند مقارنته بأعمال قسم المراجعة الفنية بمركز الطب الميداني والدعم والمنظومة المستخدمة ذات مخرجات سليمة وعلى درجة عالية من الدقة.
وبيّن تقرير ديوان المحاسبة، أن تكاليف إنشاء واستحداث هذا القسم لم تصل إلى ما قيمته 1%، من المبالغ المالية التي تحصل عليها الصندوق نظير أعمال التدقيق والمراجعة وفق محاضر الاتفاق المبرمة، ما يبين حجم هدر الأموال العامة في ليبيا.
ومن ضمن المخالفات أيضًا، كشف التقرير أنه تم الإقرار بمستخرج السجل، بأن رأس المال المكتتب به والمدفوع نقدًا هو 100 مليون، حسب ما هو وارد بالنظام الأساسي من حين أنه لاوجود لرأس المال المشار إليه، ولم يتم طرح الأسهم للاكتتاب ولا توفير هذه المخصصات من قبل وزارة المالية ولم يتم تقديم أي شهادة أو كشف حساب يفيد بحجم مركزه المالي بالمخالفة للمادة 367 من القانون التجاري، والتي أوجبت دفع نصف قيمة الحصة على الأقل عند التأسيس، الأمر الذي تترتب عليه أعباء والتزامات مالية من خلال تعاقدات حدثت نظرًا لصورية الملاءة المالية للصندوق.
وكشف التقرير أيضًا، عن تم فتح ملف ممول ضريبي برقم 45432، الصادر بتاريخ 22 يونيو 2020م، بالمخالفة للمادة 33 من القانون رقم 2010/7، بشأن ضرائب الدخل والمتضمن إعفاء الجهات الممولة من الخزانة العامة، وكذلك الهيئات التي تقدم الأنشطة الدينية والثقافية والاجتماعية والدخل الناتج عن العمل وما في حكمه للعاملين بالإدارات العامة والممولة من الميزانية العامة.
كما أن اسم الممول الوارد بالإخطار هو صندوق التأمين الصحي العام وليس شركة صندوق التأمين الصحي العام، الأمر الذي لا ينطبق مع الاسم الوارد بمستخرج السجل التجاري طرابلس، وعلى الرغم من أن تاريخ الإخطار بوجود ممول خاضع للضريبة هو 22 يونيو 2020م إلا أنه تم بموجب مستخرج السجل التجاري طرابلس أبوسليم والمنتهي الصلاحية لأكثر من سنتين، كما أن الشكل القانوني الوارد بإخطار وجود ممول خاضع للضريبة هو مؤسسة تجارية ذات طبيعة خاصة لإدارة أموال المشتركين بالمخالفة لقرار الإنشاء والنظام الأساسي للصندوق.
وتطرق تقرير ديوان المحاسبة أيضًا، إلى مطالبة رئيس مجلس إدارة الصندوق بإتمام اجراءات أيلولة أصول وموجودات جهاز التحدي والتي تتجاوز نصف المليار دينار إلى الصندوق، وفقا لقرارات الرئاسي وإتمام بعضًا منها مع رئيس لجنة الصندوق بالرغم من وجود أحكام قضائية صادرة بالخصوص والتي يعد آخرها حكم محكمة شمال طرابلس الابتدائية الدائرة العمالية المستعجلة رقم 189 لسنة 2020م، والقاضي بوقف تنفيذ قرار الرئاسي لحين استكمال أعمال الفصل.
ولاحظ ديوان المحاسبة، أن تقارير الموافقة تخضع في كثير من الحالات إلى العشوائية والاجتهادات الشخصية، حيث تم رفض بعض الحالات بسبب عدم وضوح جواز السفر وكتابة التقرير الطبي بخط اليد وعدم وضوح اللغة، رغم منح الموافقة لبعض التقارير بدون جواز سفر ومكتوبة بخط اليد وباللغة الفرنسية، في حين أن جميع العاملين بالصندوق لا يوجد لديهم من يجيد اللغة الفرنسية، ولا يمكن الاعتماد على المترجم الإلكتروني بالخصوص، بالإضافة إلى تأخر البث في المعاملات المحالة إلى الصندوق وضع الدولة الليبية تحت طائلة المساءلة القانونية والتي يترتب عليها أعباء مالية ضخمة للإخلال ببنود التعاقد ما بين السفارة الليبية بتونس ومزودي الخدمة الصحية والذي يقضي بصحة المطالبات بعد انقضاء المدة المقررة للمراجعة فضلا عن الأضرار الصحية للمرضى والجرحى.
وفي ذات السياق، كشف التقرير أيضًا، عن قيام اللجنة المشكلة بموجب قرار المجلس الرئاسي رقم 1224 لسنة 2019م لمراجعة وتدقيق سداد ديون لجان الجرحى القديمة بالساحة التركية، برئاسة طلال محمد عجاج بصفته رئيس لجنة إدارة صندوق الصحي العام والمدير العام للصندوق وعضوية الأزهر محمد كشير بصفته مدير إدارة الخزانة وطارق موسى المبروك رئيس المكتب الصحي تركيا، بإبرام محضر تسوية مع مستشفى أوروبا شفق، بتاریخ 22 الماء/مايو 2020م، تضمن بموجبه الموافقة على تسديد مبلغ 4٬677 مليون ليرة، كديون أو مستحقات نظير الخدمات المقدمة، إلا أنه بعد البحث تبين أن المستشفى قام بتاريخ 28 النوار/نوفمبر 2012م، بتوقيع بروتوكول إغلاق حساب وإخلاء مسؤولية جاء فيه بأن المستشفى لا يحق له طلب أي مبلغ مالي من السلطات الليبية نظير الخدمات الصحية المقدمة إلى تاريخ 28 الحرث/نوفمبر 2012م، وأنه يخلي مسؤولية السلطات الليبية من جميع المسؤوليات والالتزامات الناشئة عن الرسوم والمصروفات والنفقات التي يستحقها المستشفى الذي تعهد بأنه لن يطالب بأي حقوق ومستحقات التي ستنشأ بعد هذا التاريخ ويتنازل عن جميع حقوقه بشكل غير قابل للنقض، وذلك بعد أن تم سداد المبلغ المتفق عليه في29 نوفمبر 2011م، بقيمة 6٬500 مليون ليرة.
وبالتالي فإن موافقة اللجنة المذكورة بدفع مبالغ للمستشفى تم تسويتها سابقًا يدل على وجود شبه فساد وتواطؤ وإساءة استعمال السلطات الوظيفية والإهمال والتقصير في أداء الواجب مما ترتب عنه أضرارًا بالمال العام، كما لوحظ السرعة غير المسبوقة في إتمام إجراءات الصرف حيث كان محضر التسوية بتاريخ 22 مايو 2020م، وتم صدور البرقية رقم 86 ع بتاریخ 28 من الشهر ذاته، والمهمشة بتوقيع الازهر محمد كشير بصفته مدير إدارة الخزانة، بناء على كتاب طارق موسی المبروك بصفته رئيس المكتب الصحي والموجهة إلى المراقب المالي المكلف بالمكتب الصحي بالسفارة الليبية – انقرة والمؤرخة في 27 مايو 2020م، مع العلم أن محضر الاتفاق لم يتم توقيعه من قبل رئيس اللجنة ولا من العضو الأزهر محمد كشير بالرغم من توقيع الأخير بصفته مدير الخزانة على برقية صرف المعاملة خصمًا من الوديعة المخصصة.
وتضمن التقرير صدور قرار المجلس الرئاسي رقم 2020/388، بشأن تکلیف صندوق التأمين الصحي ببعض المهام والمتمثلة في مراجعة وتدقيق الديون المترتبة على الدولة الليبية جراء العلاج بالداخل والخارج وكذلك تقييم أعمال أداء شركات إدارة النفقات الصحية العاملة لصالح الدولة بالمخالفة للقانون رقم 3 لسنة 2005م، لاختصاص هيئة الإشراف على التأمين دون غيرها بمتابعة وتقييم أعمال شركات إدارة النفقات الطبية، وكشف أن ما هو ثابت بالأوراق، فإن كافة الأفعال ترقى إلى جرائم جنائية تدل على وجود شبه تزوير وتواطؤ وإدلاء ببيانات كاذبية ومغلوطة لموظف حكومي لتحقيق مكاسب غير مشروعة، بالإضافة إلى شبه فساد وسوء استعمال السلطة والإهمال والتقصير في أداء الواجبات الوظيفية أدت إلى الاضرار بالمال العام.
وأوصى ديوان المحاسبة في تقريره، على إحالة كل من فائز السراج، بصفته رئيس المجلس الرئاسي، وطلال محمد عجاج، بصفته رئيس مجلس إدارة صندوق التأمين الصحي العام والمدير العام للصندوق، والأزهر محمد كشير، بصفته مدير إدارة الخزانة بوزارة المالية وعضو اللجنة المشكلة بموجب قرار رئيس المجلس الرئاسي رقم 1224 لسنة 2019م، وطارق موسى المبروك بصفته رئيس المكتب الصحي بالسفارة الليبية أنقرة وعضو اللجنة المشكلة بموجب قرار رئيس المجلس الرئاسي 1224 لسنة 2019م، وسعد الدين الهادي محمد، بصفته مدير مكتب السجل التجاري العام المكلف، وأسماء سالم المصراتي، بصفتها مدير مكتب السجل التجاري أبوسليم، ومفتاح السنوسي عبد الكريم، بصفته مدير مكتب السجل التجاري طرابلس، ومصطفى محمد الزحاف، بصفته مدير عام هيئة الإشراف على التأمين، وياسين صالح تنتوش، بصفته رئيس قسم التسجيل بمكتب الشؤون القانونية بهيئة الإشراف على التامين، وعبد الحكيم القبلاوي، مدير إدارة الشركات بمصلحة الضرائب إلى القائم بأعمال النائب العام وفقًا للاختصاص. (وال – طرابلس) س س