المرج 19 نوفمبر 2020 (وال) – عندما يقال “السحلب” فإنّه يأتي إلى الذهن المشروب الشعبي الساخن الذي ينتشر بكثرة في فصل الشتاء، نظرًا لمذاقه اللذيذ، ومساهمته في مد الجسم بالحرارة والدفء، وغيرها من الفوائد الغذائية والعلاجية.
وتختلف طريقة إعداد السحلب في ليبيا كثيرًا عن باقي الدول، لأنه يحضّرُ من حبوب القصب، ويمكنُ إضافة القليل من بذور “الكسبر والكمون العريض واللوز” لإعطائه مذاقًا مميزًا وإثرائه بالفوائد الصحية.
ويتم استيراد حبوب القصب محلياً من الهند، وكما تتم زراعته في الجنوب الليبي، ولكن بكميات لا تكفي لتغطية احتياجات السوق المحلي.
التركيب الأساسي للسحلب، يتكوّن من البروتين، والنشا، والجلوكوز، والمواد النيتروجينية بالإضافة إلى مُركّبات أخرى، ويختلف “السحلب الليبي” عن باقي الأنواع الأخرى، بإعتبار مكوناته طبيعية، فهو عبارة عن مسحوق ما يعرف شعبياً “بالقصب” الناتج من طحن حبوب القصب عبر آلة الطحن الخاصة، وقد يضاف إليه مواد أخرى كالمكسرات والمنكهات الأخرى، بينما يتكوّن السحلب الشامي أو المصري والتركي من النشأ والحليب البودرة، مما يقلل من قيمته الغذائية بالمقارنة بالسحلب الليبي.
ويّعد السحلب من أكثر المشروبات الشائعة خصوصاً عند قدوم أيام الشتاء البارد، وتزدهر تجارته عند العطارين وعند المحلات التجارية بنسبة تصل لـ80% بالمقارنة بباقي الفصول الأخرى، ومؤخراً يتواجد ويُباع جاهزاً في المقاهي والأكشاك، وتقوم بعض الشركات في الوقت الحاضر بتصنيع وإنتاج مخاليط من مشروب السحلب الجاهزة للشرب، وتكون عبارة عن الحليب، والنشا، والسكر ومواد وقد تضاف إليه المحسنات والمكسرات.
وشاع تناول مشروب السحلب في ليبيا ، عند قدوم المساء أو الصباح الباكر على وجبة الإفطار، ويتم تحضيره عن طريق إضافة بودرة السحلب للحليب الساخن ليصبح كثيفاً، وكما يدخل السحلب أيضاً في صنع بعض الأطعمة والمشروبات كالبوظة، حيث يضاف ليعطيها قواماً أكثر تماسكاً ولزوجة مع مراعاة أن يكون مسحوق السحلب قد تم طحنه من بذور “القصب” البنية اللون فالخضراء تعطي مذاق مّر نوعاً ماً، وهو ما يبرر مرارة المنتوج المنتشر محلياً في الاسواق هذا العام، وبحسب التجار يعزا ذلك لعدم قدرتهم على استيراد كميات جديدة ،كافية لتغطية السوق ،نظراً لأغلاق المنافذ بسبب جائحة كورونا.
وفي الطب التقليديّ عرف السحلب كعامل في علاج الحُمّى، السعال، كما استُخدم في علاج اضطرابات الجهاز الهضمي، كالنفخة،وعسر الهضم، والإسهال خصوصاًعند الأطفال، كما يُستخدم للتخفيف من حرقة المعدة، إضافة إلى أنّ السحلب قد يكون علاجاً مناسباً لعلاج أمراض الكبد، كما أظهرت نتائج دراسة أخرى، إذ إنّ للسحلب تأثيراً إيجابيّاً على مستويات البروتين والألبيومين (Albumin)، و له دور في تحسين وحماية وظائف الجهاز التناسلي، وبذلك يمكن أن يرشّح السحلب كعلاج عشبيّ لمرضى العجز الجنسيّ.
وكما أنه من المشروبات التي تساعد على تقوية المناعة،مما يقلل من فرص الإصابة بالأمراض، ويعمل السحلب على تقوية العظام والأسنان، حيث يقلل من فرص الإصابة بهشاشة العظام وتسوس الأسنان، لاحتوائه على نسبة عالية من الكالسيوم، ولهذا يتم اعتماده كوجبة لكبار السن والاطفال مع الحذر انه قد يضر بالرضع وحديثي الولادة ولهذا انتشر مؤخرا في الأسواق المحلية سحلب خاص بالأطفال ولكنه لا يحتوي على مادة القصب ويتكون من النشا والحليب.
ويساعد السحلب على تنشيط الدورة الدموية، وبهذا يساعد على ضبط ضغط الدم، كما نصح الأطباء بتناول مشروب السحلب خلال فترة الامتحانات للطلاب، لأنه يعمل على تحسين عملية تدفق الدم المحمل بالأكسجين إلى جميع أعضاء الجسم، ولا سيما المخ، مما يعزز القدرة على التركيز والانتباه.
ويتميز السحلب الليبي بقدرته الجيدة على فقدان الوزن، لاحتوائه على نسبة عالية الكالسيوم، الذي يعمل على تنشيط هرمون الليبتين المسؤول عن حرق الدهون المتراكمة بالجسم، ولكن يجب عدم الإفراط فيه أو إضافة السكر إليه، حتى لا يكون لها تأثيرات عكسية.
ويعد استخدام السحلب آمناً لغالبية الناس، ولم تُعرف له أيّة آثار جانبيّة حتى الآن، ولم تسجل محاذير لاستخدامه ولكن يُنصح بتجنّب استهلاكه من قبل النساء المرضعات، وذلك بسبب عدم وجود دراسات كافية لمدى أمان استخدامه في هذه الحالات بعد تسجيل حالات تلبك معوي ناجمة من تناول السحلب للأطفال الرضع.
ولا يختلف السحلب وتكوينه بين المدن الليبية ،إذا يتكوّن السحلب الليبي من بودرة مسحوق القصب مع الحليب والسكر، وقد يضاف إليه المكسرات والمنكهات بحسب الرغبة بالقرفة والمستكة ،والكاكاو،وعسل النحل ، والنكهات الاخرى ، ويتم تزيين السحلب بالمكسرات و جوز الهند والزبيب والقرفة حسب الحاجة والرغبة. (وال – بنغازي) أشرف الفاخري