طرابلس 20 نوفمبر 2020 (وال) – قال وزير المالية والاقتصاد الأسبق، والمستشار الاقتصادي، محمد الحويج، إن القطاع المصرفي الليبي شبه متجمد ومتخشب و لا نقول أنه في مرحلة انهيار لأن المشكلة الآن تكمن في أن الائتمان موقوف وغير موجود بالطريقة الصحيحة وأيضا لم نجد وسائل جديدة للتمويل حيث منعنا سعر الفائدة وعدم وجود بديل فعال وجيد كالمشاركة و الصكوك الإسلامية وغيرها من وسائل التمويل الحديثة.
الحويج الذي سبق أن تولى رئاسة الشركة الليبية للاستثمارات الخارجية حتى سنة 2000، دعا في حوار لوسيلة إعلامية محلية، إلى فرض ضريبة القيمة المضافة وضريبة العمالة الوافدة وضريبة المحروقات وكذلك تفعيل نشاط السوق المالي والسجل العقاري واعتماد المخططات الحضارية والصناعية واعادة النظر لتوسيع الائتمان المصرفي وأساليب تمويل المشروعات ووضع الآليات والأساليب الحديثة لمحاربة الفساد في النظام المصرفي وفي أجهزة الدولة، والبدء في العمل بالحكومة الالكترونية ، وتوحيد المؤسسات المالية والنقدية حيث أنه قد أدى انقسامها إلى أداء سلبي على الاقتصاد الوطني.. وإلى نص الحوار.
بداية، تحقيق العدالة الاجتماعية في ليبيا يبدأ من ملف رواتب العاملين بالدولة.. ما تعليقك؟
في العادة المبدأ الأساسي للمرتبات دائما تربط ببرامج، والبرنامج يربط بالأداء، وأي مرتب له علاقة بأداء الموظف ، وفي كل الأحوال يجب أن تسود العدالة الاجتماعية في نظام المرتبات و لا تكن هناك فجوة كبيرة بين أعلى مرتب ، وأدنى مرتب لأن المرتب مرتبط بمستوى معيشة الفرد ومعرفة خطوط الفقر والعوز والكفاية و يجب أن يكون عليه الحد الأدنى للعامل أو غيره بحيث نضمن الحياة الكريمة للإنسان ، ويجب التركيز على الطبقة الوسطى وأن لا يكون هناك طبقة فقيرة ويكون هناك توازن في نظام المرتبات بما يحقق العدالة الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية ، ويجب أن يراجع النظام الحالي وربطه ببرامج الأداء والانتاجية .
البعض نادى بضرورة توحيد سعر الصرف.. هل تؤيد هذا الاتجاه؟
يجب توحيد سعر الصرف للتحويلات الخارجية لجميع الأغراض ، وعند توحيده نستطيع القضاء على الفساد حيث أن هذا الأمر يعد نوع من عدم المساواة في المعاملات ويجب توحيد الرسم الحالي في جميع الواردات بذات السعر ولا أن يكون هناك تلاثة أسعار أي للحكومة سعر وللخارجية سعر وسعر للقطاع الخاص لهذا لا بد من توحيده ليدخل الاقتصاد الليبي مرحلة النمو والاستقرار والمنافسة العادلة .
وماذا عن القطاع المصرفي في ليبيا؟
للأسف القطاع المصرفي شبه متجمد ومتخشب و لا نقول أنه في مرحلة انهيار لأن المشكلة الآن تكمن في أن الائتمان موقوف وغير موجود بالطريقة الصحيحة وأيضا لم نجد وسائل جديدة للتمويل حيث منعنا سعر الفائدة وعدم وجود بديل فعال وجيد كالمشاركة و الصكوك الإسلامية وغيرها من وسائل التمويل الحديثة كما أن وقف المقاصة بين البنوك يعد مشكلة وقد يكون هو أحد أسباب نقص السيولة ولابد من وجود حل عاجل لذلك حيث هناك مصارف متوقفة حالياً حتى عن دفع المرتبات كمصرف التجارة والتنمية والمصرف التجاري حيث تعاني المصارف مشكلة ولا بد ايجاد حل واعادة هيكلتها و ايجاد آلية لفتح المقاصة و ايجاد آليات فعالة لائتمان والتمويل بحيث يتم تنشيط القطاع الاقتصادي بصفة عامة .
كنت رئيساً للشركة الليبية للاستثمارات الخارجية، فهل ترى أنها بحاجة إلى إعادة هيكلة اليوم؟
أساساً أنشئت الشركة الليبية الاستثمارات الخارجية (لافيكو) وفق القانون الصادر في سنة 1981 أما المؤسسة الليبية للاستثمار أنشئت بقانون رقم 13 بسنة 2010 ينظم عملها وهي صندوق سيادي للأجيال القادمة ودعم الميزانية العامة أحيانا ، وبالتالي الهدف هو استثمار الأموال بحيث تزيد قيمتها وحاليا نتيجة الظروف التي حدتث هذا الصندوق يحتاج اعادة هيكلة كاملة وتحديد أهدافه وتنظيم عمله وفق معايير الصناديق الدولية، وتطبيق الحوكمة به ، وتنظيفه ووضع نظام وتقييم واختيار للعاملين فيه بحيث يكون الهدف لدخول هذا المكان الكفاءة وليس المكافئة وتحقيق الهدف بحيث يتراكم رأٍس المال مع وجود صندوق استثماري يسمى بالاستثمار المحلي تساهم فيه المؤسسة وهذا الصندوق يجب أن يهتم بالمشروعات التي تفيد زيادة الناتج المحلي الاقتصادي وتزيد المشروعات التي تستطيع خدمة ليبيا وتوفير العملة الأجنبية والشراكة مع المستثمرين الليبين والأجانب في مشروعات الطاقة والتكنولوجيا وتحقق وفر في العملات الصعبة
من له حق الرقابة على أنشطة هذه المؤسسة؟
وفقا للقانون الليبي فإن ديوان المحاسبة هو من يراجع أعمال المؤسسة وباعتبار المؤسسة تعمل في الخارج لا يمنع توفير لها محاسب قانوني خارجي بحيث تكون ميزانيتها للعالم بالدولار ، ومن جهة خارجية لتستفيد من علاقاتها الخارجية فلا يمنع المراجعة من ديوان المحاسبة قانونا ولا يمنع مكتب محاسبة من الدرجة الأولى لمراجعة حسابات المؤسسة واصدار ميزانيتها بالدولار لتكون الواجهة الخارجية في تعاملاتها مع المؤسسات الدولية.
تواجه ليبيا اليوم وضعاً غير مسبوقاً على صعيد الدين العام.. فما الحل؟
الدين العام هو أن تقترض الدولة وتمول ميزانيتها من الاحتياطي أو من البنوك ومن البنوك قد تكون ودائع شركات أو أشخاص ، والدين العام في الدول المتقدمة هو استثمارات ، مثل سندات الخزانة ، ولكن نحن في ليبيا الدين العام محروق وهذه هي المشكلة ، ونحن لدينا دين محلي وليس خارجي وعند تسويته يجب اتخاد عدة خطوات وهي الاطلاع على كيفية صرفه بطريقة قانونية أم لا بحيث الجزء الذي تم التصرف به مخالف للقانون يحال إلى الجهات القانونية لكي ترى الإجراء والحل أم الجزء الذي صرف بشكل حقيقي يتم تسويته بخصم جزء منه من حساب الرسم على العملة ، أو تسويات محاسبية أخرى والدولة والمركزي يعملان في هذا الاتجاه .
لماذا كان الرسم على مبيعات النقد الأجنبي دائماً محل جدل؟
الرسم يدخل في تمويل الميزانية وكما ذكرنا سابقا أن جميع الاقتصاديين يرون ضرورة توحيد سعر الصرف وأن يكون لكل المعاملات الخارجية موحداً وفي العادة لا يجب أن تمول الميزانية بالعجز ، ويجب ترشيد الانفاق بحيث لا نصل لتمويل الميزانية بعجز ، وإن توحيد سعر الصرف يحتاج إلى توحيد مصرف ليبيا المركزي وهذا يتطلب قانونا اجتماع مجلس إدارة المصرف وتوحيد الميزانية العامة للدولة وبهذا نستطيع توحيد سعر الصرف لكافة الأغراض .
هل صحيح أن علاوة الزوجة والأبناء من الدين العام؟
نؤيد صرف علاوة الزوجة والأبناء وهي حق صدر بقانون ويجب أن تدفع فورا من حساب على مبيعات النقد الأجنبي ، حيث يستخدم لتغطية الدين العام والتنمية وكذلك علاوة الأسرة تعد دين عام.
وماذاع عن مشروعية وقانونية ضريبة الجهاد؟
من المفترض أن يستفاد من هذه الضريبة المجتمع الليبي باعتباره هو الذي دفع هذه الضريبة وقد يحتاج الأمر إلى تعديل قانون صندوق الجهاد وبوجهة نظري الشخصية صندوق الجهاد يجب أن تمول ضريبته بحيث توجه لاستفادة المتضررين من الحرب وأسر الشهداء ورعاية اليتامى ودور الرعاية وأن يتبنى مواضيع انسانية داخل ليبيا .
هل تؤيد الطرح الذي يتبناه وينادي به البعض من التمثيل الإقليمي للبلاد؟
أنا مع الدولة اللامركزية بحيث لا تكون 3 أقاليم ما بين 10 إلى 15 محافظة أو اقليم والسلطة تكون اللامركزية أيضا وبهذا يتم اصلاح الميزانية العامة على أسس اللامركزية في أبوابها جميعا ويتم على مستوى التقسيم الإداري اللامركزي وكل محافظة بها عدد من البلديات ويستفاد من إيراداتها المحلية لصالحها ويخصص لها من الإيرادات السيادية النفط والغاز وفق حصتها وفق معايير يتفق عليها مثل معيار السكان والمساحة وغيره ، وعندما نطبق اللامركزية بهذا الأسلوب نتجاوز فكرة المحاصصة وفي كل الأحوال يجب أن يكون هناك توازن بين المحافظات وبلدياتها لاستفادة الجميع من التنمية و ممارسة حقهوقهم السياسية .
واجه ملف إصلاح الدعم تباطوء من قبل السلطة التنفيذية، فما السبب؟
لابد أن ندرس المنظومة الاجتماعية كاملة أولا ورفع الدعم على بعض السلع ولا بد من تعويض المواطن بها على سبيل المثال الوقود من الممكن أن نخصص 240 لتر لكل مواطن يملك سيارة مدعومة والباقي سعر التجاري وعلى سبيل مثال اصلاح الدعم يحتاج دراسة تفصيلية وليس رفعه فجأةً واصلاحه بطريقة تمنع التهريب والفساد ويستفيد منها المواطن ، حيث قمنا في السابق بدراسة في وزارة الاقتصاد والتجارة و عندما كانت أسعار النفط مرتفعة ، حيث استنتجت الدراسة أن قيمة التعويض للجميع بقيمة 150 دينار للفرد إذا رفعنا الدعم بالكامل في جميع السلع والخدمات، الدعم جزء منه فساد وجزء أخر جيد ويجب اصلاحه بعد دراسة ويجب أن نأخذ الجيد ونلغي الغير جيد.
ماذا عن التشكيك في قانونية قانون رقم (4)؟
يعتبر قانون ملغي بالأساس لأن مادة التعويض لم تنفذ ولذلك أي قانون لا ينفذ جزء منه يعد ملغيا وعرض علينا في سنة 2007 وقررت الدولة في ذلك الوقت بأنه غير قانوني ويجب عدم العمل به وفي تلك الفترة بدأ ارجاع العقارات لأصحابها عندما يتقدم أي مواطن بمستندات ملكية ولذلك من وجهة نظري أن هذا القانون ملغي ويجب ارجاع أملاك الناس أو تعويضهم تعويض عادلاً وبالسعر الحالي.
ماذا عن الموازنة الاستيرادية والعملة الصعبة وملف الصناعة الوطنية وتنوع الدخل؟
لدينا ما يسمى الموازنة الاستيرادية سابقا وحاليا غير معمول بها ولكن علينا مقارنة قيمة الصادرات إلى الواردات حتى يمكننا المحافظة على احتياطي الدولة حيث لدينا المشكلة الآن إن تدفقات تحويل العملة للخارج ربما أكثر من الإيراد في بعض السنوات وعلى سبيل المثال بلغت التحويلات الخارجية في سنة 2012 حوالي 40 مليار دولار ، والجدول التالي يوضح حركة بيع الدولار من 2012إلى 2019 (وفي كل الأحوال علينا التأكد من “المصرف المركزي” حول هذه البيانات )، ومما سبق يجب أن ندرس سياسة الاستيراد والتصدير بحيث نحافظ على الاحتياطي العام للدولة ونفكر في تشجيع الصناعات الوطنية لتقليل الاستيراد لأنها عملة أجنبية تذهب للخارج و بحيث يكون ميزان المدفوعات متوازن لابد النظر لتوازن الواردات والصادرات وتقليل الواردات كلما أمكن ذلك و يتم ذلك عن طريق تشجيع الانتاج المحلي لقطاع الصناعة والخدمات وتشجيع القطاع الخاص وبحيث مثلاً أي صناعه بها مواد خام أو قيمتها المضافة تزيد على 40% يجب تصنيعها محليا وتشجيعها بالتمويل وتقديم الحوافز لها ويجب أن تلغى أو تعلق الضرائب المحلية لمدة 5 سنوات لكافة المشروعات لتشجيع القطاع الخاص بحيث يتم اطلاق صناعات جديدة محلية وتقليل حجم الواردات وزيادة الصادرات، وفي كل الأحوال إن تباث سعر العملة مؤشر لقوة وصحة الاقتصاد الوطني ويساعد ذلك على تشجيع الاستثمارات الوطنية واستقطاب الاستثمارات الخارجية والهدف من كل ذلك العمل على تنويع الاقتصاد الوطني وزيادة الناتج المحلي الاجمالي وأن يكون ميزان المدفوعات متوازن أو في صالح ليبيا.
هل ليبيا بحاجة إلى تنويع اقتصادها بدلا من الاعتماد فقط على النفط؟
الناتج المحلي الاجمالي بليبيا حوالي 40 مليار وهو نتيجة ايرادات النفط والغاز وإذا وضعنا رؤية لتنويع الاقتصاد قد يصل إلى أكثر من 250 مليار دولار سنويا، خلال 7 أو 10 سنوات أخذاً في الاعتبار تطوير قطاع الخدمات في ليبيا حيث أن ثروة ليبيا في موقعها الاستراتيجي لقطاع الخدمات ولا بد من اعادة دراسة تغيير هوية الاقتصاد الليبي وأساليب عمله فلا يعقل أننا دولة نصدر في الغاز النفط ونستورد البنزين وهذا مؤشر يتطلب وضع رؤية متكاملة لتنويع أنشطة الاقتصاد الوطني بهدف زيادة الناتج المحلي الاجمالي.
هل لديك تصورات عن آليات جديدة للتجارة؟
أنا مع السماح لمن يملك المال بالخارج باستيراد سلع إلى ليبيا بدون فتح اعتماد ولكن ربما بشرط تبيان أن هذه الأموال مصدرها شرعي من حسابه بالخارج ، أو من شركة أو مورد أو مصدر منحه ائتمان من الخارج خصوصا بالظروف الحالية والتي شهدت وقف ايرادات النفط لفترة أو استنزاف الاحتياطي ولا بد من التفكير في ايجاد آليات جديدة لتمويل التجارة الخارجية .
الإصلاح من أين يجب أن يبدأ؟
كذلك فرض ضريبة القيمة المضافة وضريبة العمالة الوافدة وضريبة المحروقات وكذلك تفعيل نشاط السوق المالي والسجل العقاري واعتماد المخططات الحضارية والصناعية واعادة النظر لتوسيع الائتمان المصرفي وأساليب تمويل المشروعات ووضع الآليات والأساليب الحديثة لمحاربة الفساد في النظام المصرفي وفي أجهزة الدولة , والبدء في العمل بالحكومة الالكترونية ، وتوحيد المؤسسات المالية والنقدية حيث أنه قد أدى انقسامها إلى أداء سلبي على الاقتصاد الوطني ،و البحث عن إيرادات جديدة غير الإيرادات النفطية ، ومراجعة الاعتمادات التي تم منحها منذ سنة 2011 م وحتى الآن ، وتحديد ضريبة الأرباح والضريبة الجمركية غير الموردة ، ومعاملة الدول التي تأتي في المرتبة الأولى والثانية والثالثة في التصنيفات كشركاء تجارين مثل معاملة دول الجامعة العربية فيما يخص الإعفاء الجمركي على الواردات والذي يكون له تأثير على أسعار السلع الاستهلاكية ووضع برنامج مع القطاع الخاص وشركات النفط لمعالجة التكدس الوظيفي في قطاعات الدولة بالتنسيق مع وزارة العمل والتأهيل ،و العمل على اقتصار بعض الأنشطة على الليبيين دون غيرهم، وأخيراً ضرورة وضع خطة متكاملة لتنويع الناتج المحلي الاجمالي في جميع الأنشطة الزراعية والصناعية والخدمية ومكملاتهم، وزيادة حجمه وتحسين مستوى دخل الأفراد والسيطرة على الأسعار والاستفادة من الخبرات والامكانات البشرية الوطنية لأن كل ذلك يحتاج منا إرادة قوية لتحقيق الهدف ورؤية مستقبلية تستفيد من كل المعطيات المحلية والدولية وتحقق رفاهة للإنسان والعدالة الاجتماعية وزيادة حجم الاقتصاد الوطني والى ادارة حديثة بكفاءة عالية تستفيد من التقنيات الحديثة وطموحات أجيال الشباب. (وال – طرابلس) س س