بنغازي 15 نوفمبر 2020 (وال) – تنشر صفحات على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، مؤخراً، إعلانات لشراء مادة كربون السّيارات، بأسعار تصفها ب”الجديدة”، وأحياناً أخرى بـ “المنافسة”و”ممتازة”، قد تتراوح قيمتها مابين “700” إلى “800” دينار للكيلو غرام.
حذّرني أحد الأصدقاء، من أن أقوم بإعارة سيّارتي لأي شخص كان، إلّا لأشخاص أثق فيهم الثقة الكاملة، وقال لي:”يقوم البعض باستعارة سيّارات أقاربهم أو أصدقائهم، والذهاب إلى ورش تصليح المرميتات ومحلات تغيير الزيوت، ونزع علبة تحوي مادة الكربون وبيعها وقبض الثمن فوراً”.
تِلك الصفحات، كنتُ أمرّ عليها مرور الكِرام، إلى أن شدّني ذلك التحذير، وكانت محطة بحثي الأولى في شارع “طريق النهر” قادماً نحوه عبر شارع الخليج في حي الليثي، هناك اصطفت عددٌ من محلات تغيير زيوت السيّارات، وأخرى لإصلاح العوادم “مرميتات”.
لن يمنحني أي فني يعمل في تلك المحلات أو الورش، المعلومة التي أنشدها، فكان لزاماً عليّ أن أصحب صديقي “خليل”، يقطن في الجهة المقابلة والذي يعرفهم تمام المعرفة بحكم تردده عليهم بين الفينة الأخرى، عرّفني “خليل” على فني سوداني الجنسية، ودون أية مقدمات، سألته:”بكم تشتري كيلو الكربون، ولمن تبيعه؟!.
تباينت المسميات التي أطلقت على العلبة التي تُنزع من أنبوب العادم “مرميتا”، ما بين “علبة ” و”فلتر البيئة” و”كتالايزر”، لكن جميعها تَصبّ في اتجاه واحد، وهو احتوائها على مادة الكربون أو البلاديوم، وهي المادة المنشودة، لارتفاع قيمة الطلب عليها، خاصةً في الأسواق العالمية.
أخبرنا الفنّي، أن مهمته تقتصر على نزع فلتر الكربون، وأنه يتصل بشخص ليبي الجنسية ليحضر ويدفع القيمة للزبون مالك السيّارة، وأنه يقبض ثمناً بسيطا نتيجة عمله فقط، كما أننا استشفينا من خلال حديثه، أنه لا يأبه بمعرفة أين تذهب الفلاتر المنزوعة وبكم ولمن تُباع في آخر محطةٍ تصل إليها؟!.
وبحكم اختصاصاتها، تواصلت مع الهيئة العامة للبيئة في مقرها المؤقت في حي الفويهات الغربية، بعد أن توقف العمل في مقرها الرئيسي في أحدى بنايات القرية السياحية التي تطل على شواطى حي قاريونس الشهير، نتيجة لتعرض المكان للأضرار بعد دخول الحي في محور الاقتتال أواخر العام 2014، ولازال مقر القرية بالكامل معطلة ولم تدرج في برامج إعادة الإعمار كغيرها من مباني التابعة للدولة والواقعة في منطقة وسط البلاد.
استقبلني على عتبات باب المقر المؤقت للهيئة، مهندس عبدالحفيظ علي، أحد المهتمين بقضية بيع “الكربون”، والذي شرح لي ماهية علبة “الكربون”، ووصفها بـ “قطعة ثمينة” من جسم السيّارة، تحتوي داخلها طبقتين من سيليكات معدن البلاديوم وهو معدن نادر ثمين يصل ثمن الأوقيّة منه إلى ما قيمته 1000 دولار أي ما يعادل مبلغ 5000 دينار ليبي تقريباً”.
وهذا المعدن، يقول “عبدالحفيظ” يقوم بتنقية عادم السيّارات من المركبات الضارة، حيث يقوم باختزال الهيدروكربونات غير المشبّعة والمكلوّرة، وكذلك المعادن الثقيلة المسرطنة وأكاسيد الكبريت والنيتروجين والكربون الحمضية الضّارة بالبيئة، ولا يسمح بخروج إلا بخار الماء والنيتروجين غير المضرة بالبيئة.
وأضاف:” كما أنه يعمل على اختزال غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين، أي أن هناك أكسجين صالح للتنفس سيتم انتاجه عبر هذا المرشح، وقد لوحظ أنّ الكثير من السيّارات الحديثة في بلادنا لا تحتوي على هذا المصفي”.
وعدّد “عبدالحفيظ” أسباب لجوء مالك السيّارة إلى إزالة الكربون وبيعه، منها حدوث انسداد به يتسبب في ضعف اداء المحرك، والجهل باهميته في إطالة عمر المحرك، والحاجة إلى السيولة النقدية، وحددوث سرقة من قبل ورش صيانة السيّارت إذا مكثت داخل الورشة لعدة أيام،تجاوزاً دون أعلام صاحب السيّارة.
وينصح الباحث البيئي، مهندس”عبدالحفيظ”، بحقن إضافات كيميائية عند رأس جهاز الذي يحوي رشاشات البنزين “انجكشن”، لإعادة تنشيط مصفي الكربون والتخلص من الانسدادات الحاصلة فيه، وهي طريقة يؤكد “عبدالحفيظ” أنها مدونة في على علبة المنتج المتوفرة لدى محلات بيع قطع غيار السيّارات، وخاصّة وكلاء بيع زيوت المحركات.
وجاء ردّ جهاز الحرس البلدي بنغازي، أن مادة الكربون “البلاديوم” أو “فلتر البيئة”، تُصنف من المعادن، وهو أمر تختص به وحدة الذهب والمعادن التابعة للجهاز التي سوف يتم تفعيلها خلال الشهر المقبل، كاشفاً أنّه إذا كان الأمر جريمة تهريب فسوف يرجع الأمر لاختصاص الإدارة العامة لمكافحة التسلل والتهريب التابعة للقوات المسلحة الليبية.
من جهته أوضح مكتب الرخص بمنطقة السلاوي، على لسان المكلف بإدارة المكتب، عبدالباسط السعيطي، أنه لا تُمنح رخصاً لمزاولة نزع وبيع أو شراء مادة الكربون، مؤكداً أن ممارسة هذا العمل يُعدّ مخالفاً لشروط الحصول على ترخيص رسمي، وأن المكتب يختص بمنح الرخص لمهن إصلاح العوادم، ولورش سمكرة وزواق وميكانيكا وكهرباء السيّارات.
إلى ذلك، تعاني وحدة الكشف الفني بقسم المرور والتراخيص بنغازي، من انعدام الإمكانيات وتوقف أجهزة الكشف الفني عن العمل منذ سنوات، وكشف مصدر من القسم، أن العمل داخل وحدة الفحص بات شبه يدوي، حيث يتم تقييم السيّارة وصلاحية محركها وباقي محتوياتها بالعين المجردة وعامل الخبرة وفي أكتوبر من العام الحالي، حذّر برنامج الأمم المتحدة للبيئة، من أن السيارات المستعملة المصدّرة بالملايين تشكل تهديداً للدول النامية، ومن بينها ليبيا، خصوصاً بسبب تلويثها للبيئة وخطرها على السلامة، في ظل نقص في المعايير اللازمة لضبط هذه النشاطات التجارية.
وصدّر الاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة حوالي ثلاثة ملايين سيارة خاصة سنوياً بين العامين 2015 و2018، بينها 70 % إلى بلدان نامية.
وترسل البلدان الأوروبية التي تستحوذ على أكثر من نصف الصادرات، سياراتها القديمة خصوصاً إلى أوروبا الشرقية، وأيضاً إلى نيجيريا وليبيا من مرفأي أنتويرب الهولندي ولو هافر الفرنسي. (وال بنغازي) ف م / س س