القاهرة 22 نوفمبر 2020 (وال) – ينظر القضاء المصري في الدائرة الأولى إرهاب المنعقدة بمجمع محاكم طرة بالقاهرة، اليوم الأحد، محاكمة 11 متهما بينهم 4 ليبيين من عناصر تنظيم داعش وأحد أعضاء مليشيا قوة الردع الخاصة بطرابلس فى القضية المعروفة إعلاميًا بـ”التخابر مع داعش ليبيا”.
ويواجه المتهمون تهم الانضمام لتنظيم داعش الإرهابى، وخطف مواطنين مصريين وتعذيبهم للحصول من ذويهم على أموال فدية لإطلاق سراحهم، والإتجار بالبشر، وتهريب المهاجرين غير الشرعيين.
قائمة المتهمين فى القضية التى أحالها النائب العام المصري المستشار نبيل صادق مؤخراً إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ ضمت كلاً من محمد رجب عبدالواحد حسن، وهو المتهم الأول والرئيسى والوحيد المقبوض عليه والمحبوس فى القضية، وثلاثة أشقاء ليبيين هم عماد أحمد عبدالسلام الورفلى وشقيقاه «مفتاح وعياد»، والليبى مروان الغريب أحد قادة قوة الردع الخاصة، وكذلك المصريون تامر رمضان وعبدالحميد النبوى وشقيقه محمد النبوى وحسام صلاح مبروك ومحمد رجب جمعة العادلى.
ووجهت المحكمة المصرية للمتهمين تهمة التخابر مع عناصر تنظيم داعش الإرهابى وقائد كتائب قوة الردع الخاصة، وهم المتهمون الليبيون “عماد أحمد عبد السلام الورفلى، ومفتاح أحمد عبد السلام الورفلى، وعياد أحمد عبد السلام الورفلى، ومروان الغريب”.
وحسب تحريات هيئة الأمن القومى المصري فإن المتهمين الليبيين كانت مهمتهم إمداد المتهمين المصريين بالمعلومات من داخل ليبيا بشأن المصريين المسافرين والمقيمين بدولة ليبيا وتسهيل اختطافهم.
وتكشفت خيوط القضية التي رواها المواطن المصري الذي كان محتجزا لدى داعش ليبيا «ميلاد سعد» الذي قال إنه دخل إلى مسكنه، فسمع صوتاً ينادى عليه، ولما خرج يستكشف الأمر وجد ثلاثة عشر مسلحاً يقفون بالخارج، مشهرين أسلحتهم فى وجهه، ومعهم مجموعة أخرى من رفاقه المصريين من العاملين فى ليبيا، مهددين بالسلاح.. وانطلقوا بهم إلى أحد الأماكن التى تبين فى ما بعد أنها كتيبة مسلحة تخص عناصر تابعة لتنظيم داعش الإرهابى.
وتابع ظهر أحد عناصر “داعش” وأمر أعضاء جماعته بإنهاء وصلة التعذيب مؤقتاً، وأخرج هاتفاً وأجرى اتصالاً بأحد الأشخاص، وأعطى لـ”ميلاد” الهاتف ليُحدث شخصاً آخر عرف نفسه له بأنه العقيد على السلمونى الذى طلب منه دفع مبلغ 118 ألف دولار حتى يطلقوا سراحه، وإلا فإن تعذيبه واحتجازه سيستمر إلى ما لا نهاية.
فى اليوم التالى، اتصل أحد أعضاء “التنظيم” بوالد ميلاد وهدّده بقتل نجله إذا لم يوفر المبلغ المطلوب وطلب من الأب والابن أن يسلموا المبلغ المطلوب لشخص يُدعى أبوحسام من محافظة الفيوم بمصر، لأنه القائم على تحويل الأموال إليهم بدولة ليبيا، وأعطاهم رقم هاتفه، ليتواصلوا معه، وبالفعل بدأت أسرة ميلاد فى التواصل مع هذا الرجل فى مصر، واستمر احتجاز ابنهم فى ليبيا لمدة 54 يوماً كاملة، حتى تمكن من الهرب منهم بمساعدة مصريين وليبيين علموا بأمره، وعاد إلى مصر فاراً بحياته.
وبعد أن ألقى القبض عليه، كشف أبوحسام، مسئول توريد الأموال إلى «داعش ليبيا»، بعد تحصيلها من أهالى المصريين الذين خطفهم التنظيم، تفاصيل كثيرة في القضية.
وأبوحسام هو الاسم الحركى لمحمد رجب عبدالواحد حسن، عمره 38 عاماً، وحاصل على دبلوم تجارة، يقيم فى منطقة الهرم بمحافظة الجيزة، وهو المتهم الأول فى القضية رقم 875 لسنة 2017 حصر أمن دولة عليا.
وقال محمد رجب فى التحقيقات التى جرت بإشراف المستشار خالد ضياء الدين المحامى العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا إنه تردّد على دولة ليبيا للعمل هناك بين عامى 2004 و2011 وهناك ارتبط بعلاقات مع ليبيين مكّنته عند عودته إلى مصر من العمل فى مجال تسفير المصريين إلى ليبيا وفى عام 2015 تواصل معه شخص ليبى يُدعى محمد مصباح الورفلي، وأخبره بأنه يحتجز أحد المصريين من محافظة المنيا منذ سبعة أشهر، وطلب منه البحث عن أهله ومطالبتهم بدفع ألفى دينار، لإطلاق سراح ابنهم، وهو ما قام به بالفعل، وحصل من الأسرة فى مصر على مبلغ 21 ألف جنيه مصرى، وأطلق سراح المصرى المختطف، وأعيد إلى الحدود المصرية عن طريق ليبى يُدعى «سالم».
فى اعترافاته، قال أبوحسام إنه فى يونيو 2017 جمع معلومات عن المصرى ميلاد سعد جودة، ومكان إقامته فى ليبيا، وملاءته المالية من عمله فى المقاولات، وتحويل أموال العمالة المصرية من ليبيا إلى مصر، فاتصل بشريكه تامر رمضان، لمساعدته فى خطفه، وتواصلا بالفعل مع مروان الغريب قائد جماعة قوة الردع المسلحة فى ليبيا، واتفقوا على خطفه واحتجازه وتعذيبه لإجبار أهله على دفع الفدية المقدرة بـ128 ألف دولار، وأرسل إليهم وثيقة سفره، وتمت عملية الخطف فى رمضان عام 2017
تحريات السلطات الأمنية المصرية فى القضية، كشفت أبعادها ودور المتهمين فيها وما حدث للمجنى عليهم، وتضمنت وفقاً للتحقيقات أن المتهم محمد رجب عبدالواحد حسن ارتبط من خلال سفره إلى دولة ليبيا فى غضون عام 2005 حتى 2011 بعدد من العناصر الليبية ذات التوجهات المتطرفة، وعقب عودته إلى الأراضى المصرية وقف خلال تواصله على انضمامهم إلى الجماعات المسلحة المسماة قوة الردع، المنضمة إلى تنظيم داعش الإرهابى، واتفقوا معه فى نهاية عام 2011 على معاونتهم بمجال تهريب المهاجرين المصريين إلى دولة ليبيا، برفقة آخرين، داخل البلاد، على أن يضطلع بمسئولية جمع المعلومات عنهم وذويهم وإمدادهم بها لانتقاء الصالح منهم لخطفه واحتجازه وتهديده بالقتل، وإرغام ذوى المخطوفين على دفع مبالغ مالية، نظير إطلاق سراحهم، لتوفير الدعم المالى لأعضاء تلك الجماعة.
وفقاً لمعلومات مؤكدة، أصدرت النيابة العامة إذناً بتسجيل المحادثات الهاتفية التى تدور على أرقام الهواتف الخاصة بالمتهم محمد رجب أبوحسام، ومتابعة عناوين بريده الإلكترونى، التى أسفرت عن تعاونه مع شركائه وإمداده لهم بمعلومات عن المصريين ذوى الملاءة المالية من العاملين بدولة ليبيا، والاتفاق على خطفهم واحتجازهم وتعذيبهم، وتواصله مع ذوى المصريين، وتسلمه منهم أموال الفدية، وتسليمها إلى المتهمين عبر مكتب الغزالة لتحويل الأموال بدولة ليبيا.
التحريات الأمنية المصرية توصلت إلى أن أعضاء جماعة داعش الإرهابية اعتمدوا على أموال نقلها إليهم شركاء لهم فى مصر، وما أمدهم به المتهم محمد رجب من أموال؛ إذ نقل إليهم أموال فدية أربعة عشر مصرياً مقابل إطلاق سراحهم، وذلك بأن اتفق مع أحد المهرّبين بمحافظة مطروح وأعضاء جماعة داعش بدولة ليبيا سالفى الذكر، على خطف أربعة عشر مصرياً أثناء وجودهم فى ليبيا مقابل الحصول على مبالغ فدية من ذويهم، على أن يتولى هو تسلم مبالغ الفدية وتسليمها لأعضاء التنظيم؛ ووفقاً لاتفاقهم، تمكن المتهمون من خطف المجنى عليهم واحتجازهم بمنطقة بني الوليد بالجماهيرية الليبية، وتمكينهم من التواصل مع ذويهم، مع تعذيبهم بدنياً أثناء إجراء تلك الاتصالات وتكليفهم بدفع أموال الفدية إلى المتهم الأول، ونتجت عن ذلك التعذيب وفاة أحد المصريين المختطفين لعدم قدرة أهله على دفع مبالغ الفدية المطلوبة.
وذكر قرار الاتهام الخاص بالمتهمين أنهم فى غضون الفترة من عام 2011 حتى 2017 تخابر المتهم الأول مع تنظيم داعش الإرهابى فى ليبيا وكتائب قوة الردع هناك ومن يعملون لحسابهم، لارتكاب جرائم إرهابية ضد مصريين مقيمين بالخارج، بأن اتفق مع باقى المتهمين من عناصر الجماعات الإرهابية على جمع معلومات من داخل البلاد عن المصريين العاملين فى ليبيا، وإمدادهم بها، تمهيداً لخطفهم واحتجازهم وتعذيبهم لحمل ذويهم على دفع مبالغ مالية مقابل إطلاق سراحهم.
كما أنه توسط وآخرون مجهولون فى ارتكاب جريمة تهريب المهاجرين المصريين إلى دولة ليبيا بغرض الإضرار بمصلحة المصريين تنفيذاً لغرض إرهابى.
كما أنهم ارتكبوا جريمة الاتجار بالبشر، بالتعامل فى أشخاص طبيعيين، وذلك بخطف المجنى عليهم المصريين باستخدام القوة والعنف فى أحد المقرات التابعة لهم بقصد استغلالهم مادياً بأن طلبوا مبالغ مالية من ذويهم نظير إطلاق سراحهم، وقد ارتكبت تلك الأفعال بطريق التهديد بالقتل والأذى الجسدى والتعذيب البدنى والنفسى حال حملهم أسلحة نارية، وقد نتجت عن تلك الجرائم وفاة أحد المخطوفين.
ونسب قرار الاتهام إلى المتهمين أنهم ارتكبوا جريمة من جرائم تمويل الإرهاب لجماعة إرهابية بأن جمعوا وتلقوا أموالاً ونقلوها إلى الجماعة الإرهابية، وكذلك معلومات لاستخدامها فى ارتكاب أعمال إرهابية، وارتكبوا بطريق الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب عمل إرهابى خارج البلاد.
وقد تضمّنت أوراق القضية أقوال عدد من المجنى عليهم من المصريين الذين تعرضوا للخطف فى ليبيا على يد المتهمين من عناصر تنظيم داعش، وكذلك أقوال أفراد أسرهم، الذين تواصل معهم المتهمون المصريون لجمع أموال الفدية وتحويلها لعناصر التنظيم الإرهابى وفقاً للاتفاق المبرم بين المتهمين، حتى يطلق سراح المخطوفين، الذين بيّنت أقوالهم حكايات التعذيب الوحشى الذى تعرّضوا له، والذى أدى إلى وفاة أحدهم، نتيجة عدم تحمله الضرب والتعذيب وعدم تمكن أسرته من إرسال مبلغ الفدية المطلوب لإطلاق سراحه. (وال – القاهرة) س س