تقرير | سالم سويري
غدامس 30 نوفمبر 2020 (وال) – المدينة التي تكرر اسمها في الأشهر الأخيرة، حتى باتت ترمز للسلام والتوافق ببن الأطراف الليبي، مدينة غدامس عرفت بأنها أقدم المدن الليبية، بل من أوائل المدن في العالم الآهلة بالسكان، حيث أن أقرب التواريخ المدونة عنها تعود إلى آلاف السنوات قبل الميلاد.
ويعود تاريخ هذه المدينة المدون إلى العصر الروماني، حيث وجدت نقوش حجرية تدل على وجود حياة في هذه المنطقة منذ 10 آلاف سنة، وقد احتلها “القرطاجيون” عام 795 ق.م، ثم الرومان عام 19ق.م، وافتتحها العرب بقيادة عقبة بن نافع عام 42 هـجريا.
وحظت المدينة بإجماع الأطراف الليبية في الفترة الأخيرة على إمكانية عقد لقاءات برلمانية أو قبائلية وسياسية فيها، وكان من المقرر أن يعقد فيها المؤتمر الليبي في الداخل العام الماضي 2019.
وصفها ابن خلدون في مقدمته :” قصورها ذات سحر وفن وهي محطة للقوافل وباب الدخول للسودان”. كما ذكرها شهاب الدين الحموي في كتابه “معجم البلدان بأنها: “عليها أثر بنيان عجيب”.
اشتهرت بتسمياتها المتعددة؛ “عروس الصحراء”، “لؤلؤة الصحراء”، “زنبقة الصحراء”، “بوابة الصحراء”، “بلاد الجلد والنحاس، والتبر واللبان والعاج وريش النعام”.
وتتميز المدينة بنبع الماء العذب الموجود فيها، وحسب المراجع التاريخية فإن الحضارة في المدينة قامت حول هذا النبع منذ آلاف السنوات. سكانها الأصليون من الأمازيغ والطوارق، من قبيلتي بني وازيت وبني وليد “أمازيغ”.
يقول الكاتب والروائي الليبي إبراهيم عبد الجليل الإمام، إن عين الماء الموجودة في غدامس انفجرت منذ زمن لا يقدر بدقة، وأنه على ضفاف هذا النبع الذي حمل اسم “غسوف ” بنيت حضارة مدينة غدامس التي تعد من أقدم المدن الليبية.
تقع “غدامس” في الجنوب الغربي لليبيا، على ارتفاع 357 عن سطح البحر، وتبعد عن العاصمة طرابلس قرابة 600 كيلومتر.
معارك
خاضت المدينة العديد من المعارك عبر العصور منها؛ معركة “رأس الغول”، التي كانت بين جيوش الفتح الإسلامي، وبعض الذين ارتدوا عن الإسلام سنة 44 هجرية.
الموقعة الأهم كانت ضد “رمضان باي” الذي حاول الاستيلاء عليها قبل أربعمائة سنة، حيث فرض حصارا خانقا على المدينة، وواجهه الأهالي وانتصروا عليه في الموقعة المعروفة بـ”غزوة رمضان باي”، والتي كانت بتاريخ 27 رمضان 1018 هـ/ 1609م، وقطعت خلالها نحو 500 نخلة.
مرت المدينة بفترات احتلال طويلة حيث احتلها الإيطاليون سنة 1924، بعد أن تخلصت من الحكم العثماني الذي استمر لفترات طويلة قبل الاحتلال الإيطالي.
تعرضت لغارة فرنسية عام 1943 إبان الحرب العالمية الثانية، ما أدى لسقوط عشرات المدنيين، وتهدمت الكثير من البيوت والمعالم الهامة للمدينة، وظلت غدامس تحت الاحتلال الفرنسي من سنة 1943 إلى سنة 1955.
غدامس والرحالة
كانت المدينة قبلة للرحالة الأوربيون في نهاية القرن التاسع عشر، حيث زارها ألكسندر جوردن لينج، وهو أول أوروبي يصلها عام 1825، ثم تعاقب وصول الرحالة في طريقهم إلى أفريقيا، منهم الرحالة الألماني الشهير غيرهارد رولفس والبريطاني جيمس ريتشاردسون.
ضمن مدن اليونسكو
صنفت منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة اليونيسكو”غدامس القديمة” مدينة تاريخية ومحمية من قبل المنظمة.
من أهم معالمها التاريخية والسياحية، “نبع غسوف” المعروف الآن بـ”عين الفرس”، المدينة التاريخية وهي بقايا معابد قديمة، بقايا قلعة “رأس الغول”، قصر مقدول، بحيرات مجزم، الكثبان الرملية، المدرسة الإيطالية.
دخلها الإسلام سنة 44 هجرية على يد عقبة بن نافع الفهري، وكانت الديانتان المسيحية واليهودية هما السائدتين قبل الإسلام.
الهجرة الأولى والثانية
في 1981 بدأت العائلات بمغادرة مدينة غدامس القديمة إلى المدينة الحديثة، وتعرض سكان غدامس من الطوارق لإبادة وتهجير قسري من مدينتهم غدامس عام 2012.
المنازل في غدامس
المنازل في مدينة غدامس القديمة ذات طراز فريد، حيث كانت تؤسس الطوابق الأولى لتخزين المواد الغذائية والتجارية، فيما كان الطابق الأول للسكن.
الزي والعرس
يحافظ أهالي المدينة على زيها التقليدي حتى الآن في الأيام العادية، وكذلك في المناسبات كالأفراح والعزاء. وضمن الحلى التي تتميز بها المرأة الغدامسية:
“الخلخال”: والإبرة الخاصة به، ويصنع من الفضة، حيث بضع في القدم على شكل دائرة غير مكتملة.
“تمشط”: وهي قطعة مصنوعة من الفضة ومزينة بالعقيق الأحمر .
“تكارورت”: تصنع من الفضة ومزينة بالعقيق الأحمر.
“السلفس”: هي قطعة مصنوعة من الجلد الأحمر الأصلي ومطرزة بالحرير، تستخدمها النساء لزينة ووضع النقود بداخلها.
مهرجان التمور
يحافظ أهالي المدينة على بعض العادات المتوارثة عن الأجيال، حيث يقام بشكل سنوي مهرجان التمور والزيتون يحضره الآلاف من داخل ليبيا وخارجها. (وال – غدامس) س س