تقرير : فاطمة الورفلي
بنغازي 03 ديسمبر 2020 (وال) – أثار قرار وزير الداخلية في الحكومة الليبية المستشار إبراهيم بوشناف رقم “1148” لسنة 2020 ميلادي، بشأن إنشائه لمكتب يعنى باستقبال شكاوى المرأة ومتابعة الشكاوى المتعلقة بانتهاك حقوقها وحرياتها أو وقوعها ضحية لسوء استعمال السلطة من قبل رجال الأمن، موجة من ردود الفعل المتضاربة بين مؤيد للقرار وبين مسيء لفهم فحواه.
وفسر عديد النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي القرار الصادر في “26” نوفمبر الماضي، على أنه يقضي بسحب سلطات مراكز وأقسام الشرطة ومأموري الضبط القضائي، أو أنه مكتب خاص بفتح محاضر جمع الاستدلالات في الخصومات، فيما أوضحت الوزارة عبر مكتبها الإعلامي أن المكتب يعنى باستقبال الشكاوي من المرأة التي تعرضت لانتهاك حقوقها، وكذلك كانت عرضة لبطأ في إجراءات تقاضيها أو وقوعها ضحية بالتعرض بأي شكل من الأشكال خلال تقديمها لأية شكوى في أي مركز للشرطة. قرار منصف للمرأة وفي هذا الصدد، أجرت وكالة الأنباء الليبية استطلاعا للرأي لتبيان المفهوم الحقوقي الذي هدف إليه إنشاء المكتب في مجتمع شرقي يعد ذكوريا بامتياز.
وفي هذا السياق أثنّت منسّق عام تنسيقية تمكين المرأة الليبية التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية الدكتور عائشة البرغثي، على هذا القرار، مبدية إعجابها الكبير به بقولها ” أننا يهمنا كثيرا، وبالدرجة الأولى صدور مثل هذا القرار من جميع النواحي لحماية المرأة من شتي أنواع العنف الذي قد تتعرض له في حياتها العادية العملية. وقالت البرغثي إن صدور القرار جاء، بعد معاناة المرأة خلال تقدمها لشكوة ما، لافتةً إلى أنه في لاغالب لا يتم متابعتها بشكل جدي وحازم.
وأوضحت أن هذا القرار جاء منصفا للمرأة ولحقها، في تحقيق العدالة الاجتماعية، وحمايتها، معتبرة أنه من أفضل القرارات التي تم اتخاذها، لتأخذ من خلاله كل مواطنة حقها المهضوم وهيبتها المفقودة ومكانتها في المجتمع، وفقا لتعبيرها.
وأشارت البرغثي قائلة “هذا القرار مهم جدا ويصب في مصلحة كل مواطنة ليبية، وسنعمل على دعمه وإيجاد آلية تفعيله والعمل به، ويسكون هنالك تعاون بيننا كشؤون المرأة في القيادة وبين وزارة الداخلية في هذا الشأن”.
دعم نفسي للمرأة
بدوره، رأى الاختصاصي النفسي الدكتور منصور فرج الصيد أن القرار مهم جدا وداعم لنفسية المرأة، وإعطائها الثقة، والإحساس بقيمتها بشكل أكبر، وأنها جزء مهم في هذا المجتمع.
وأشار الصيد إلى أن هذا القرار يعد الطريق الصحيح الذي يضمن حق المرأة من أي اعتداء قد تتعرض له خلال لجوئها لرجل الأمن، وسيكون بمثابة دعم نفسي كبير لها.
وقال “تابعت ردود الفعل كوننا مجتمعا محافظا أساء الفهم”، لافتا إلى أنه بالرغم من وجود فئة كبيرة من النساء يتعرضن للظلم والعنف من الجانب الأسري سواء كان من الأب والأخ أو الزوج أو الأبن، إلا أنهن يجدن صعوبة في الإبلاغ عن ذلك خاصة في حالة التراخي لدى بعض مراكز الشرطة في اتخاذ اللازم.
وقال سيكون هذا المكتب دافعا قويا للإسراع في التقاضي وفض المنازعات خاصة في القضايا المتعلقة بالمرأة والطفل.
استيفاء حقوق المرأة بقوة القانون
من جهتها، قالت الأستاذة أمل العبدلي المحامية، إن إحدى المشاكل التي كانت تواجه المرأة في لجوئها لمراكز الشرطة والنيابات العامة، هو حرجها في طرح شكواها أو تقديمها لذوي الاختصاص.
ورأت أن المكتب وقرار إنشائه يعد خطوة هامة في صالح المرأة وخصوصا أنه ستشرف عليه مندوبات وعناصر نسائية، مما يساعد المرأة في أخذ الحرية الكاملة، ومجال أوسع لطرح مشكلتها دون إحراج.
ولفتت إلى أن المادة الثالثة من القرار المشار إليه والمتعلقة “بمتابعة الشكاوى الخاصة بانتهاك حقوق، وحريات المرأة، المقدمة إلى مراكز الشرطة”، يضمن اتخاذ الإجراءات القانونية حيالها وإحالتها إلى النيابة العامة المختصة على وجه السرعة.
وأكدت أن تطبيق الفقرة المتعلقة بـ”تلقي الشكاوى الناجمة عن البطء في الإجراءات المتخذة من قبل مراكز الشرطة أو التعرض للمشتكيات بأي شكل من الأشكال أثناء تقديمهن شكاواهن”، بشكل صحيح وكما هو منصوص، عليه، سيسهل على فئة كبيرة من النساء، استيفاء حقوقهن بقوة القانون. واعتبرت أن القرار في شكله العام يعد جيدا، غير أنها أكدت أنه الأهم تبقى هي “طريقه تطبيقه وآلية العمل به، وهل سيتم العمل بكل بنود الإنشاء بحرفية لضمان حقوق المرأة والطفل أو يظهر خلل ما”، وفقا لوصفها.
تمييز في مجتمع يستضعف المرأة
من جهتها، رأت الصحفية ريم العبدلي، أن يتوسع الأمر لتكون هناك مراكز لاستقبال شكاوى المرأة وحل مشاكلها وقضايا،معتبرة أنه أمر منطقني أكثر، لتستطيع عن طريقه المرأة أن تأخذ حقها بالقانون، بطريقة أفضل من مراكز الشرطة، التي في كثير من الأحيان لم تأخذ هذه الشكاوى على محمل الجد، وربما يكون مكانها طي النسيان، وفق وصفها.
وفي سياق متصل، قالت بسمة الورفلي، الناشطة المدنية والموظفة في مفوضية المجتمع المدني، إن القرار يصب في صالح المرأة، برغم أنها ضد أن يكون هنالك تخصيص، من حيث الإجراءات، الأمنية.
وأوضحت أن هذا في حد ذاته يعتبر تمييزا، غير أنها أشارت إلى أن طبيعة الحال في ليبيا والعرف المجتمعي السائد تجاه المرأة واعتبارها فئة مستضعفة، يأتي القرار في صالح النساء، لو تم العمل عليه بالشكل الصحيح وكلفت بيه الشخصية المناسبة.
لطفا بالقوارير
وأشادت المذيعة بقناة ليبيا ليبيا المستقبل الصديقة المنفي بصدور القرار عن جهة حكومية بقوة وزارة الداخلية، ليتم تطبيقه بشكل أكثر حزما وفاعلية.
وقالت المنظمات غير الحكومية الخاصة بحقوق المرأة، والداعمة بحقوقها والمناشدة بها، يعد نفوذها ضعيف، ليس كنفوذ وزارة الداخلية.
وطالبت المنفي بضرورة أن يُفعل المكتب في أسرع وقت، كون المرأة لازالت غير متحصلة على حقوقها بالكامل في المجتمع الذي لايزال ينظر إليها بشكل دوني وأن حدودها المنزل فقط.
ورأت المذيعة بشبكة راديو وتلفزيون بي بي إن صفاء سعيد أن هذا القرار في غاية الأهمية، لافتة إلى أن هناك نسوة لا يستطعن أن يشاركن مشاكلهن.
وأشارت إلى أن هذا المكتب في هذا الوقت وخصوصا في ظل وجود جائحة كورونا، التي ساهمت في تزايد المشاكل سواء الأسرية أو الزوجية أو من جهات العمل، والتعنيف ضد المرأة وممارسته، سواء كان جسدي او لفظي، أمر عظيم، قائلة ” لطفا بالقوارير، وشكرا لوزارة الداخلية على هذا الدعم المقدم لحماية نساء ليبيا”.
يشار إلى أن مكتب شكاوى المرأة بوزارة الداخلية سيكون مقره الرئيس في مدينة بنغازي وسيفتتح فروعا له بمختلف مديريات الأمن.
ويختص المكتب بمتابعة الشكاوى الخاصة بانتهاك حقوق وحريات المرأة، وحمايتها من أي اعتداء أو نوع من أنواع العنف الذي قد تتعرض إليه أي مواطنة، وتلقي الشكاوى الناجمة عن البطء في الإجراءات المتخذة من قبل مراكز الشرطة أو التعرض للمشتكيات بأي شكل من الاشكال أثناء تقديمهن شكاواهن، إضافة إلى متابعة الشكاوى المتعلقة بحقوق الانسان أو انتهاك حقوق الطفل، ونشر ثقافة حماية المرأة بالتنسيق مع الاعلام الأمني واعداد لمواد والبرامج الإعلامية اللازمة للتوعية بدورها في المجتمع. (وال – بنغازي) ف و / أ م