طرابلس 07 ديسمبر 2020 (وال) – استعر صراع جديد بين أباطرة المال والسياسة بحكومة الصخيرات المرفوضة عقب التأييد الواسع الذي لاقاه قرار تجميد العائدات النفطية، فتضييق الخناق على المتحكمين في خيوط الفساد داخل طرابلس ومصراتة منذ لحظاته الأولى أثار موجة غضب عارمة بين صفوفهم، فانطلقت الاجتماعات التقابلية بالغرف المُغلقة لما يسمى “المجلس الرئاسي”، ليجلس من تبادلوا الاتهامات قبل أيام على منضدة واحدة، في محاولة لكسر صنبور أموال الليبيين الذي تم إغلاقه ومنعه من أن يصب في جيوبهم وجيوب من خلفهم من الميليشيات.
الأساليب المفضوحة والتحركات المريبة الدؤوبة لرئيس ما يسمى “المجلس الرئاسي” بحكومة الصخيرات المرفوضة فائز السراج، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي المُقال الصديق الكبير، وما يُعرف “وزير الداخلية” فتحي باشاغا، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط طرابلس مصطفى صنع الله، ومحاولات ضمان استمرار تزويد الميليشيات بالأموال، وخصوصًا مليشيا الردع تحت قيادة عبدالرؤوف كاره، الذي يقوم بتوزيعها على الجماعات الإرهابية، لا تخفى على كثير من المتابعين.
فائز السراج
بعد قرار تجميد الإيرادات النفطية، أصبح السراج بدون موارد مالية، حيث ترفض المؤسسة الوطنية للنفط تحويل الإيرادات إلى الحكومة، فيما يحاول السراج صرف الانتباه عن الصراع الجاري، محاولاً تصوير نفسه على أنه يعمل لصالح ليبيا، رغم أنه في الواقع يتعرض لضغوط مستمرة من ميليشيات فتحي باشاغا، حيث برز ذلك بدعوته لحمودة سيالة، ورئيس المجلس الأعلى للإخوان المسلمين خالد المشري، ورئيس ديوان المحاسبة طرابلس خالد شكشك، وما يُعرف بـ “وزير مالية” حكومة الصخيرات المرفوضة فرج بومطاري بحضور الكبير وصنع الله، وذلك لاجتماع تقابلي لمناقشة تداعيات تجميد الإيرادات النفطية، واقتراح الحلول الناجعة للأزمة.
وتأتي تلك الدعوة لتكشف تفكير السراج في سلامته الشخصية وتكديس ثروة شخصية أكثر مما يفكر بأوضاع وحالة سكان طرابلس، حيث يحمي شبكات الفساد التي تضمن سلامته، وذلك بعد أن تكشفت خلال الآونة الأخيرة كثير من وقائع الفساد التي تورط فيها السراج، حيث أصدرت اللجنة المشكلة من ديوان المحاسبة، تقريرًا يتضمن مخالفات صندوق التأمين الصحي العام، وإحالة عدد من المتهمين بالفساد بداخله، إلى مكتب النائب العام، على رأسهم، فائز السراج.
وكشف تقرير ديوان المحاسبة طرابلس، أن الوقائع تتمثل في إنشاء الصندوق ومستخرج السجل التجاري له وملفه الضريبي وقيده لدى هيئة الإشراف على التأمي، وقيام السراج بإنشاء صندوق التامين الصحي العام بموجب قراره رقم 2017/854، بالمخالفة للمادة الثامنة والتاسعة من اتفاق الصخيرات.
وفي السياق، كشف الباحث الاقتصادي الليبي عيسى رشوان، عن تأسيس شركة خاصة للخدمات النفطية المحدودة مقرها لندن، بالشراكة بين فائز السراج، ومصطفى صنع الله، مشيرًا إلى ذلك تم بالمخالفة للقوانين التجارية الليبية.
وأوضح رشوان في تدوينة عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، أن هذا يؤكد وجود فساد، قائلاً: “النصبة الجديدة بين مصطفى صنع الله وفائز السراج، سبب تحالف السراج مع صنع الله ضد الكبير”.
وأفاد رشوان بأن الشركة تحمل اسم “شركة مرزق للخدمات النفطية المحدودة – MURZUQ OIL SERVICES LIMITED”، وأنها أُنشئت في شهر مايو 2020م، وعنوانها المسجل بالمملكة المتحدة “Wood Street, London, United Kingdom, EC2V 7WS ” تحت رقم ترخيص 12597062، كشركة خاصة.
كما أرسلت محكمة شمال طرابلس الابتدائية، طلب حضور لكل من السراج، وعدد من الوزراء والمسؤولين، للتحقيق في وقائع فساد ببلدية عين زارة، كشف عنها عدد من أعضاء المجلس البلدي، تتعلق بالميزانيات وأوجه إنفاقها.
ووفقا لخطاب رسمي، “أرسله 4 من أعضاء من مايسمى “المجلس البلدي” عين زارة، إلى السراج، ووزير شؤون المجالس المتخصصة، رئيس ما يسمى “لجنة الحكم المحلي” بمجلس النواب غير الشرعي في طرابلس، وزير الحكم المحلي، ووزير المالية، ووكيل وزَارة الحكم المحلي, ورئيس الأمانة العامة للمجلس الأعلى للإدارة المحلية، طالب الأعضاء بتشكيل لجنة للتحقيق عن كيفية صرف الميزانيات السابقة وأين صرفت”، حسب نص الخطاب.
وقال الأعضاء في خطابهم: “نحملكم كافة المسؤولية القانونية والإدارية حيال صرف أي ميزانية للمجلس البلدي بما فيها ميزانية الطوارئ أو القرار المشار إليه مالم يتم تشكيل لجنة للتحقيق عن كيفية صرف الميزانيات السابقة وأين صرفت، وكذلك المبالغ الواردة للمجلس وكيفية إقفال الحسابات الختامية عن السنوات الماضية وفقا للقانون 59 للإدارة المحلية، علما بأن المجلس البلدي عن زارة لم يجتمع أكثر من 5 سنوات”، حسب نص الخطاب.
فتحي باشاغا
أما وزير ما يُعرف بـ “الداخلية” في حكومة الوفاق المرفوضة فتحي باشاغا فهو أبرز المنخرطين في الصراع على عائدات النفط، حيث يتورط مسلحوه في الاستيلاء على المباني الحكومية التي ترفض الانصياع له، ويقومون بحراسة كل ما يجلب الأرباح والدخل لباشاغا.
وضمن محاولات ضمان الموارد المالية للميليشيات التي تقوم بحمايته يحاول باشاغا جاهدًا الوصول إلى منصب رئيس الوزراء بالحكومة الانتقالية الجديدة المُزمع تشكيلها في إطار الملتقى السياسي الجاري، حيث كشف تسجيل مرئي منسوب لسعيد صالح كلة، مقرر المجلس الأعلى للإخوان المسلمين “الدولة الاستشاري” وأحد المشاركين في الملتقى السياسي الليبي بتونس على مدار الأسبوع الماضي، عن محاولات إقناعه لباقي أعضاء المنتدى بالتصويت لفتحي باشاغا؛ من أجل رئاسة الحكومة الجديدة.
وزعم “كلة”، في التسجيل، أن “تولي باشاغا لرئاسة الحكومة الجديدة سيعود عليهم بالفائدة جميعًا، قائلاً إنه سيكون الضامن الوحيد لمصالحهم ونجاحه سيدعم أمورهم المادية، بالإضافة إلى ضمان استمرار اتفاقياتهم السابقة”، على حد تعبيره.
وتكشف تلك المحاولات الدؤوبة لتولي المنصب وفك تجميد عائدات النفط مصلحة باشاغا في استمرار الفوضى في طرابلس والتي تجلب له أموالاً من الميزانية الليبية ومن تركيا، حيث يُخطط لفرض الطاعة على طرابلس، وذلك عن طريق الترهيب، ليصبح في نهاية المطاف رئيسًا للوزراء، ويغرق ليبيا بأكملها في الفوضى.
وتعد مليشيا الردع، ذراع باشاغا الأمني لقيادة الحكومة الجديدة، والتي قامت بالسيطرة على عدة نقاط تفتيش بطرابلس، في محاولة للاستيلاء على السلطة وتسليمها لزعيم المليشيات فتحي باشاغا وزير الداخلية بحكومة الوفاق غير الشرعية، الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة لرئاسة الحكومة الجديدة وفق مواقع “freewestmedia”.
وبحسب الموقع فإن القوافل المسلحة لمليشيا الردع شوهدت وهي تجوب شوارع طرابلس، حيث دارت خلال الأيام الماضية اشتباكات بين عناصرها وأفراد آخرين من مليشيا الصمود في المدينة نتيجة خلافات مالية، ما يؤشر إلى بدء صراع جديد على السلطة والاستيلاء على الموارد المالية بين المليشيات المختلفة الموجودة في العاصمة.
وكشفًا لعلاقاته بميليشيا الردع، سجل الشاب رجب المقرحي الذي تعرض للتعذيب في سجن معيتيقة مقطع فيديو اتهم فيه وزير الداخلية بحكومة الوفاق غير الشرعية بأنه قام باقتلاع عينه بملعقة، موجهًا رسالته التي تُفند تفاصيل الواقعة إلى الأمم المتحدة، مطالبًا بإخضاع مرتكبي هذه الجريمة للمساءلة القانونية.
ووجه المقرحي، في المقطع المرئي، رسالته إلى الأمم المتحدة، قائلاً: “في صيف عام 2019م، احتُجزت أنا رجب المقرحي بمركز الاحتجاز معيتيقة سوق الجمعة طرابلس تعرضت للعنف الجسدي المنتظم والتعذيب طوال فترة وجودي في السجن مما أدى لإصابتي بجروح جسدية أدت إلى اقتلاع عيني”.
وروى المقرحي، أن باشاغا جاء إلى السجن الذي كان به، قائلاً: “أجد صعوبة في تحديد موعد وصول الوزير بالضبط، فكنت محتجزًا في ظروف غير إنسانية ولم أتمكن من تتبع التواريخ بدقة، وأثناء زيارة فتحي باشاغا تم إحضاري برفقة سجناء آخرين، إلى رئيس السجن آمر ميليشيا الردع عبدالرؤوف كارة”.
وأفاد المقرحي، أنه في القاعة التي تم تقله إليها، كان هناك بالإضافة إلى الحراسات عبدالرؤوف كارة وفتحي باشاغا، قائلاً: “طوال ذلك الوقت كانت يدي مكبلتين بالأصفاد، دون أن يطرح علي أي سؤال اقترب فتحي باشاغا وأرغمني كي أجثو على ركبتي ثم ثبت رأسي، حينها رأيته ممسكًا بملعقة وقربها نحو وجهي، وفي اللحظة التالية شعرت بألم حاد ثم فقدت الوعي”.
وتابع: “عندما عدت إلى وعي في الزنزانة تبين لي أنه تم فقع عيني، وأكد السجناء الذين كانوا معي في وقت الحادثة أن فتحي باشاغا اقتلع عيني بالملعقة التي كان يُمسك بها ولم يتم تقديم المساعدة الطبية المطلوبة لي”.
وأكد المقرحي، أنه تم التعذيب بحضور وبمشاركة ممثلي السلطة الليبية، وهم على وجه التحديد، عبد الرؤوف كارة، وفتحي باشاغا والحراسات، مشيرًا إلى أنه لم يلجأ إلى المؤسسات الوطنية الداخلية المعنية لحماية مصالحه، قائلاً: “لم أكن لأفعل خوفًا من أعمال انتقامية من شأنها أن تُتخذ في حقي من قبل ممثلي سلطة حكومة الوفاق”.
إلى ذلك، أفاد الصحفي الإيطالي، أليساندرو سانسوني، أن مليشيا الردع التي يترأسها عبد الرؤف كارة، في طرابلس تحاول فرض قوانين متطرفة ومتعصبة تابعة للإخوان المسلمين، واصفًا إياها بـ”مليشيا إرهابية متطرفة”، مثل فتحي باشاغا، على حد تعبيره.
وأوضح سانسوني، خلال ندوة صحفية عن بعد، نقلتها صحيفة “ilsovranista”، أن فتحي باشاغا، مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمنظمات التي تمارس الإتجار بالبشر، وسط البحر المتوسط، وتشهد بذلك العديد من المنظمات الدولية، بما فيها وزارة الخارجية الإيطالية والولايات المتحدة الأمريكية.
ولم تتوقف محاولات باشاغا للسيطرة على الموارد الليبية سواء بفك تجميد عائدات النفط أو تولي منصب رئيس الحكومة، محاولاً الترويج لنفسه بشعارات محاربة الفساد، أو الانفتاح على الدول التي تتخذ موقفًا معاديًا من سياسات حكومة الوفاق غير الشرعية، فبالنسبة له الغاية تبرر الوسيلة، والضرورات تبيح المحظورات، في سبيل توفير الأموال للمجموعات التي تعمل على حمايته.
مصطفى صنع الله
لم يكن رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية طرابلس مصطفى صنع الله بعيدًا عن مستنقع الفساد، فمهمته الوحيدة هي زيادة الدخل وإخفاء التوزيع الحقيقي لهذا الدخل، وفي سبيل هذه المهمة يناقض صنع الله تصريحاته في اليوم الواحد لمرتين وربما ثلاثة، فتارة يهاجم حرس المنشآت النفطية، وفور الإعلان عن فتح النفط وظهور بادرة لعودة الإيرادات إليه يسارع بتثمين موقفهم، وكذلك ما يخص الإيرادات، فضلاً عن موقفه الغامض الآن من تجميد إيرادات النفط بعد اجتماعه الأخير مع السراج والكبير والمشري.
وضمن وقائع الفساد المتورط فيها صنع الله، ذكرت المؤسسة الوطنية للنفط في شهر أكتوبر أنها حققت أرباحًا بقيمة 230.2 مليون دولار أمريكي، لكن حساب عدد الناقلات والتي نُشرت معلوماتها بكافة المصادر المتاحة وعلى حسابات المؤسسة ذاتها تشير إلى أنه تم شحن نفط بقيمة 381 مليون دولار على الأقل، وبالتالي سرق صنع الله ما لا يقل عن 150 مليون دولار.
وكشف مصرف ليبيا المركزي طرابلس، في أواخر نوفمبر الماضي، أنه “تبين له من خلال أعمال المراقبة قيام المؤسسة الوطنية للنفط منذ سنوات وحتى تاريخه بعدم توريد جزء من إيرادات النفط للخزانة العامة، تبلغ حوالي 3.2 مليار دولار بالمخالفة للتشريعات النافذة، وهو مبلغ لو ورّد إلى حسابات الخزانة العامة لأمكن استخدامه في تغطية طلبات النقد الأجنبي لمختلف الأغراض للتخفيف من حدّة الأزمة”، بحسب المصرف.
وفنّد مصرف ليبيا المركزي، في خطاب موجه إلى المؤسّسة الوطنية للنفط، بيانات الإيرادات النفطية، موضحا أن حجم الإيرادات النفطية الموردة إلى المصرف خلال شهر أكتوبر وحتى منتصف نوفمبر، حوالي 15 مليون دولار أمريكي فقط، بالرغم من إعلان المؤسسة بلوغ الإنتاج معدل 1.2 مليون برميل يوميا، لافتا إلى أن ذلك جاء في الوقت الذي كانت الدولة في أمس الحاجة للنقد الأجنبي لتلبية الطلب عليه من اعتمادات مستندية وحوالات مباشرة شخصية وأرباب الأسر، وللتأثير في سعر الصرف وتوافر السيولة.
الصديق الكبير
تتجمع خيوط اللعبة في النهاية لدى الصديق الكبير، الذي يجمع الأموال في النهاية، ويُقدم الاعتمادات الوهمية لمن يشاء ومن يرضى عنه في سبيل البقاء في منصبه وتمتعه بالحماية، حيث يعارض أي مشاريع يحصل فيها شرق ليبيا على أموال.
وتكشف تقارير الفساد، والاهامات التي تتكشف يومًا بعد آخر أن له مصلحة بعدم إجراء تدقيق على إجراءات البنك المركزي، حتى لا يكشف عن المبلغ الحقيقي للأموال التي تم سحبها أو التي يتم ضخها إلى تركيا، خاصة وأنه عضو نشط في قيادة الإخوان المسلمين في ليبيا ويدافع عن مصالحهم بالدرجة الأولى.
وضمن مسلسل الكشف عن الفساد، هاجم رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، مصرف ليبيا المركزي وسياساته النقدية، ووصفها بـ”الفشل وعدم الشفافية”، مؤكدًا أن المؤسسة احتفظت بأموال المبيعات في حسابات موثقة بالمصرف الليبي الخارجي في طرابلس وذلك لعدم وجود شفافية لدى المصرف المركزي الذي لم يوضح أين تذهب أموال النفط.
وقال في بيان مرئي، إن هناك 186 مليار حصيلة بيع النفط والغاز وباقي المشتقات لا يُعرف أين ذهبت تلك العائدات، خاصة في ظل ما تعانيه ليبيا من أزمات نقص السيولة ووقوف الليبيين في طوابير للحصول على الأموال، فضلا عن أنه لم يتم ضخها في مشاريع داخل ليبيا.
وأوضح أن هناك عشرات من المسؤولين في تلك الفترة تضخمت ثرواتهم وأصبحوا يمتلكون الملايين وليس الآلاف، عن طريق اعتمادات وهمية حظي بها من أسماهم “الديناصورات والقطط السمان والوحوش”، دون أن تعود فائدة تلك الثروات على الليبيين.
وأضاف أن إنتاج وبيع النفط عملية شاقة تنطوي على معاناة كبيرة إضافة إلى المحافظة على سمعة الخام الليبي الذي عاني كثيرا من الإقفالات المتكررة، ومن الطبيعي أن تطلب المؤسسة كشف حساب عن مبيعاتها لمعرفة أين تذهب أموال الليبيين.
وتساءل عن أوضاع الليبيين الصعبة وهل تحسنت بفضل عائدات بيع النفط، وهل انخفضت الأسعار، أم أن تلك العائدات ذهبت إلى جيوب البعض من “القطط السمان” الذين تاجروا في العملة واشتروا الدولار بـ140 قرشا وباعوه بعشرة جنيهات.
كما طالب صنع الله، الصديق الكبير، بالكشف عن أسماء الشركات والمؤسسات وكذلك الأشخاص المستفيدين من الاعتمادات المالية التي يمنحها المصرف.
وأفادت الوطنية للنفط، في بيانٍ، بأن صنع الله، قال على هامش مؤتمر مجلس الأعمال الليبي البريطاني، إن زيادة الإنتاج النفطي والمحافظة على استقراره لم يكن بالأمر الهين في ظل شعور الناس في مختلف أنحاء ليبيا بظلم شديد نتيجة للسياسة النقدية التي يتبعها مصرف ليبيا المركزي وعليه.
وأضاف صنع الله، مستعرضا نقده للصديق الكبير، أن الوطنية للنفط لاحظت أن المواطن يرغب في معرفة آلية صرف الإيرادات الضخمة من قبل المصرف المركزي، ومن المستفيد الحقيقي من ذلك؟ وهل هنالك عدالة اجتماعية وتكافؤ في توزيع الحصص والفرص بين مناطق ليبيا المختلفة شرقا وغربا وجنوبا؟.
وألمح إلى “وجود فئة معينة هم المستفيدون من سياسة المصرف المركزي النقدية بحكم العلاقات أو بمنطق التأثير المليشياوي أو ربما بعض الأقلام الفاسدة التي يخشى الكبير أن تنتقده أو ربما أن تظهر فساده إن وجد”، بحسب تعبيره.
واتهم رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، المصرف المركزي بأنه مازال يكيل أمور الدولة المالية بمكيالين، ويتبنى ومنذ فترة سعرين لصرف الدولار المحصل من الإيرادات النفطية.
ووجه صنع الله عدة أسئلة للكبير؛ منها “لمن يُصرف الدولار بسعر 1.4 دينار؟ ولمن يُصرف الدولار بسعر 3.9 دينار؟ ملمحا إلى أن السعر الأول خاص بالحاشية المقربة من المركزي والمليشيات وأقلام السوء التي يخشاها الكبير والتي خلقت خلال سنوات سوق موازيا للعملة الصعبة عبارة عن إعادة تدوير الدولار؛ حيث يتم تحصيله بسعر 1.4 ويعاد تدويره بسعر وصل لـ9 دنانير في بعض الأوقات، الأمر الذي صنع مليونيرا كل 3 ساعات”، وفقا لتعبيره.
وأوضح أن “السعر الثاني يمثل هيبة المصرف وسطوته التي يفرضها على المحتاجين من طالبي العلاج والدارسين على حسابهم الخاص وغيرهم ممن لا يملكون نفوذا أو وسيلة للتأثير على المصرف المركزي وصناع القرار فيه”.
وتسائل حول “الأموال المحصلة من تغيير سعر الصرف والتي بلغت حسب تقرير المصرف المركزي بنحو 20 مليار دينار وأكثر، هل تم وضعها في صندوق سيادي للأجيال القادمة أم أن هذه الأموال من ضمن الميزانية العامة للدولة؟”.
وأكمل: “إن كانت من ضمن الميزانية العامة للدولة، فلماذا يقدر المصرف دائما الميزانية وفقا لسعر الصرف 1.4 ويوهمنا دائما بوجود عجز كبير في الميزانية، بينما هناك مليارات ناتجة عن تغيير سعر الصرف ولا نعرف حتى اللحظة أي شيء عن أوجه صرفها ولصالح من”.
ونوه إلى فشل سياسة المركزي عبر سنوات، وأن الكبير أصبح يتصرف بمنأى عن الواقع ويمن على الشعب الليبي كل فترة بمبلغ 500 دولار تصرف لهم من خيرات بلادهم والتي بدل أن يتسلموها كاملة، يتم استقطاع عمولات مشبوهة من بعض المصارف داخليا وخارجيا، قد تصل إلى 14% إمام مرئى ومسمع البنك المركزي.
الصراع على أموال الليبيين دفع اللصوص لفضح بعضهم البعض، لتتضح الحقائق أمام الليبيين، وفي النهاية عندما يغلق صنبور أموال الليبيين وتبدأ الميليشيات التي تحمى هؤلاء في المطالبة بالأموال التي لا يجد هؤلاء إليها سبيلاً يتجمعون من جديد في محاولة للخروج من المأزق، متحججين بالأوضاع المعيشية للمواطن الليبي التي لا يعلمون عنها شيئًا ولا يذكرونها إلا في خطاباتهم المليئة بالشجن، في محاولة لاستعطاف أكبر قدر من الجمهور العريض الذي كشف حقيقتهم ولفظهم. (وال – طرابلس) س س