مصراتة 07 ديسمبر 2020 (وال) – كشف مواطن ليبي ذو بشرة سمراء عرّف نفسه بأنه سجين سابق بمعتقلات مصراتة دون الإفصاح عن اسمه، بعض نماذج الانتهاكات والتعذيب والقتل التي تحدث داخل سجون المليشيات في المدينة.
وأوضح في تسجيل مرئي، أن ما يطلق عليه “وكيل النيابة” ناصر التايب، كان يتولى عمليات التعذيب والإهانة، متطرقًا إلى واقعة شخص يدعى “وجدي فتح الله عقيلة”، الذي عذبه التايب بتعليقه من يديه، وسحبه بـ”كماشة” من عضوه الذكري.
وأكد أن ناصر التايب أذاقهم كل صنوف العذاب؛ بداية من الشتم والتعليق، وصولاً إلى الاغتصاب، مُعتبرًا أن التعذيب النفسي بسب وشتم أمهاتهم أكثر إيلامًا من التعذيب البدني بضربهم.
وأضاف أن المعتقلين داخل سجون مصراتة كانوا عسكريين تابعين لـ”اللواء العسكري 32″، وهدفهم حماية الوطن، مُطالبًا القبائل الليبية والقوات المسلحة بإعطائه حقه ممن عذبوه وقتلوا زملائه داخل سجون مصراتة.
وروى واقعة أخرى كان بطلها شخص يدعى محمد القريم الحية، الذي قتلوه بالرصاص في وسط رأسه، مؤكدًا أنهم قطعوا جسده، وقبلها كان يستغيث ويطلب شربة ماء، لكن دون استجابة من جلاديه.
وذكر أن عمليات التعذيب والدفن كانت تتم في منطقة القصب المطلة على البحر بمصراتة، مُتطرقًا لواقعة قتل زميله أحمد العربي بست طلقات، بجانب بعض الشباب الآخرين، ووضعوهم جميعًا في حفر للدفن، مُشيرًا إلى تولي بعض القطريين وآخرين من بنجلاديش عمليات تغسيل الجثامين داخل سجون مصراتة.
وكان الدبلوماسي السابق والأستاذ الجامعي، الدكتور سعد مناع، الذي أسر لمدة 5 سنوات بعد 2011م، قال إنه ورفاقه الآلاف داخل ما أسماها “سجون الظلمة”، عانوا ويلات كثيرة، حيث رافق محمد الشويرف، والشهداء علي الدعوكي، وعلي العاتي وغيرهما من الأسرى.
وأضاف مناع، في لقاء تلفزيوني، متحدثا عن ملف الأسرى والمظالم التي تعرض لها جزء كبير من أبناء الشعب الليبي، والتي يتحملها فقط الأشخاص الذين ارتكبوها، مؤكدا أن قضية الأسرى بدأت مبكرا منذ الساعات الأولى لـ”المؤامرة”، حيث تم استخدام الأسرى في “الموجة الأولى” كقربان لتخويف الجماهير لكي تنصاع.
وأوضح أن الذين زج بهم في المعتقلات هم أسرى وليسوا مسجونين لأنهم مجرمين أو حياتهم تشكل خطرا على حياة الآخرين، بل لأنهم اصطفوا لرفض احتلال ليبيا من جديد، حيث أسروا وهم في حالة مواجهة مع اختلاف أنواع المعارك التي كانوا يخوضونها، مضيفا أنهم وضعوا في معتقلات؛ مثل الحاويات والمدارس والبيوت والمعسكرات والأنفاق تحت الأرض، وليس سجون لأن الأخيرة مؤسسات إصلاحية معترف بها في مختلف دول العالم.
وأكد أن كل من كان يدير هذه المعتقلات، ليسوا رجال قضاء أو رجال أمن، بل كانت عصابات منحرفة لا علاقة لها بضبط الأمن أو مكافحة جريمة، إنما من المليشيات أو الشباب المغرر بهم، لافتا إلى قتل عدد كبير من الأسرى، خصوصا يوم 20 أكتوبر، الذي شهد واحدة من أبشع الجرائم في العالم، بحسب تعبيره.
وتابع أنه تم تصفية أكثر من 60 كانوا في الموكب، منهم إبراهيم علي، ومحمد الحسوني وأولاده والرائد أحمد عبد العزيز وحسن القماطي، وغيرهم الكثيرين، موضحا أن القذافي وابنه قبض عليهما أسرى أحياء، وتم قتلهما فيما بعد، كما استمر تصفية الأسرى رميا بالرصاص أو التعذيب أو الإهمال الطبي، خلال كل مراحل الأسر، ما يعد جريمة حرب وفقا للقانون المحلي والدولي والديني والإنساني.
وأشار إلى استشهاد مرافقه علي الدعوكي، وعلي الفيتوري، والهادي إمبيرش، ومصطفى الخروبي، ومحمد عبده، والهادي مفتاح العجيلي، وسالم التاورغي وأبنائه، وعلي العاتي من أبناء تاورغاء، وهو الشخص الذي طبخ فيما بعد، بحسب تأكيده، بالإضافة إلى ضابط مكافحة الجريمة أشرف الشوشان.
وروى قصة قتل الضابط أشرف الشوشان، قائلا إنه تعرض لعذاب شديد، ودخل جسمه شحنات كبيرة من الكهرباء، ما تسبب في خلل بأجهزة القلب حتى توقف ومات بالسكتة بعدما ترك دون رعاية، متابعا: “بعدما تأكدوا أنه مات، رفع أحد عناصر المليشيات الموجودة الهاتف على اخته، وقال لها احضرا كتاب العائلة لاستلام أشرف، فابتهجت فرحا بعدما توقعت أنه أطلق سراحه، لكنه باغتها بأن أشرف مات وعليكم الحضور لاستلام جثته حتى بكت بكاء شديدا، فأخذت الهاتف والدته وقالت له: قتلتم أشرف”.
كما روى عملية مقتل الطفل أحمد القوبي، صاحب الـ17 عاما، وكان مرافقا لهم، موضحا أنه أصيب بسرطان اللوكيميا، وكان والده أيضا ضمن المعتقلين، لكن الطفل وضع في غرفة منفصلة عن والده، ولم يسمحوا له بمرافقته والعناية به حتى ذاب الطفل، مثلما تذوب الشمعة، ومات دون أن يسمحوا لوالده حتى بوداعه، لكنه صبر واحتسب.
وانتقل إلى حالة أخرى بطلتها فوزية التاورغي التي كانت أسيرة أيضا معهم لمدة 6 سنوات، حيث اكتشف في سنة 2015م، أنها مريضة بمرض يصعب علاجه، ونقلوها من المكان الذي كانوا فيها إلى مكان آخر حتى أهملت وتوفيت. (وال – مصراتة) س س