بروكسل 19 ديسمبر 2020 (وال) – قالت ﻛﺒﻴﺮة ﻣﺴﺘﺸﺎري معهد البحوث للدراسات الأوروبية والأمريكية (RIEAS) آية بورويلا، إنه بسبب الدعم التركي والقطري لما تسمى “حكومة السراج”، فإن الشعب الليبي بأكمله ينظر إليها على أنها بمثابة “قناة الاحتلال الأجنبي” كونها وكيلًا رئيسيًا لتركيا التي تسعى للسيطرة على احتياطيات الغاز في البحر المتوسط ونهب ثروات البلاد، وإنشاء مركز نفوذ لها في إفريقيا من خلال الاتفاقيات البحرية والعسكرية الموقعة بينها وبين حكومة السراج.
وأكدت “بورويلا”، خلال تقرير لها قدمته في ندوة عبر الإنترنت لمنتدى الشرق الأوسط “ميدل إيست فورم” حول التدخل التركي في ليبيا، أن حكومة الوفاق في طرابلس تعد حكومة غير معتمدة، ولا تتمتع بالشرعية بين الشعب الليبي، نظرا لأن مجلس النواب الليبي لم يصادق عليها، كما أنها تقع تحت تأثير الميليشيات المدعومة من تركيا وقطر والجماعات المتطرفة، على رأسها جماعة الإخوان.
ولفتت بورويلا إلى أن تركيا تسعى لتخريب عملية السلام في ليبيا، بسبب دعمها الإخوان الذين وصفتهم بـ”دعاة الإرهاب”، مطالبة إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، عدم التسامح مع أنقرة واتخاذ موقف صارم ضدها.
ووصفت الباحثة الاتفاقات المتعددة بين تركيا وحكومة السراج بأنها “غير دستورية وباطلة”، وغير مصدق عليها من البرلمان الليبي المنتخب، وكذلك اتفاقية التعاون العسكري بين قطر وحكومة السراج تعد “غير شرعية” وتمهد الطريق لتركيا، التي يعتمد اقتصادها على واردات الطاقة، للسيطرة على احتياطيات النفط الليبية بمساعدة حلفائها.
وتابعت بورويلا في تقريرها: “في أبريل 2019، شن الجيش الوطني الليبي هجومًا لتطهير البلاد من الميليشيات في طرابلس، لكن تركيا عززت دعمها لحكومة الوفاق، مما حال دون توحيد البلاد، ناهيك عن إرسالها الأسلحة والمرتزقة إلي البلد الذي مزقته الحرب”، مضيفة أن تركيا نشرت ما يقرب من 6 آلاف مرتزق سوري، والعديد من الميليشيات المتطرفة والإرهابية من أجل القتال إلى جانب ميليشيات حكومة السراج الإخوانية.
وذكرت بورويلا، في تقريرها، أن تركيا تسعى أيضًا لنهب ثروات ليبيا من خلال وسائل “الإتجار بالبشر” غير القانونية، مشيرًة إلى أن غرب ليبيا تمثل نقطة عبور رئيسية للهجرة إلى أوروبا، حيث تعمل تركيا على “تسليح” المهاجرين واستخدامهم كورقة ابتزاز ضد أوروبا، مثلما فعلت مع السوريين الذين نزحوا إلى البلاد هربا من الحرب الأهلية، وهو ما يفسر الهجمات الإرهابية التي هزت أوروبا في الفترة الأخيرة، آخرها الهجوم الإرهابي في فرنسا، وكان منفذه تونسيا ينتمي لعائلة مهاجرة من ليبيا.
وأكدت الباحثة أنه بفضل إعلان الدولة المصرية أن سرت، التي تمثل الباب الحقيقي للسيطرة على مناطق الهلال النفطي الغنية بالبترول، هي خط أحمر بالنسبة لأمن مصر القومي، لم تتمكن الميليشيات المدعومة من تركيا من التقدم أو الاقتراب من تلك المنطقة.
ونوهت بأن تأكيد مصر على عدم السماح بأي تهديد لحدودها الغربية المرتبطة بالحدود مع ليبيا، يمثل “خطوة إيجابية” في عملية السلام في البلاد، نظرا لأن تلك التهديدات أثارت ذعر تركيا، لا سيما بعد ترحيب مصر بالاتفاق الليبي على إعلان وقف شامل لإطلاق النار الذي توصلت إليه حكومة السراج المرفوضة والجيش الوطني الليبي تحت رعاية أممية.
وفي نهاية التقرير، دعت بورويلا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للعب دور بناء في ليبيا، من خلال محاربة تلك الميليشيات غير الشرعية المدعومة من تركيا وقطر، ومراجعة حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ 2011، والذي يهدد قدرتها على نشر جيش شرعي قادر على فرض القانون والنظام، قائلة: “الجيش لا يريد التعاون مع المرتزقة”.
وتوقعت الباحثة أن تقوم تركيا بمزيد من المحاولات “لتخريب عملية السلام”، لكن سيعوق ذلك عدم تسامح المجتمع الدولي مع سياسة تركيا الخارجية، معربة عن أملها في أن يتخذ الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن “موقفًا قويًا ضد تركيا، الأمر الذي سيكون موضع ترحيب كبير في جميع أنحاء العالم العربي وفي جميع أنحاء أوروبا”. (وال – بروكسل) س س