بنغازي 17 فبراير 2021 (وال) – ( اليد التي تمسك الريشة لا تدخل الحرب) ، مقولة نبعت من عقل مفكر مثقف يحمل بين طياته رسالة سلم تحارب أي دمار وخراب، وكيف لا وصاحبتها ذات بريق ثقافي مميز يلمع في الأفق ، فقد تسربت الثقافة إليها منذ الصغر فانعكست على المجتمع وأثرت فيه .
الأستاذة ” مناجي بن حليم” شخصية ذات باع طويل مع المعرفة والثقافة، ومسيرة حافلة في هذا العالم ، فقد عاصرت مركز وهبي البوري، منذ تأسيسه، وتولت مهام مكتب الإعلام و الثقافة بنغازي، ضمن مقترح تخليد الآدباء الليبيين من خلال المراكز الثقافية، والبداية كانت برائد القصة القصيرة “وهبي البوري”، الذي افتتح خلال عام 2017 بباقة من “الأنشطة الثقافية، والندوات، وأمسيات، وفنون تشكيلية، وبرامج للطفل، ومسابقات مدرسية .
التقت وكالة الأنباء الليبية بهذه الأيقونة الامعة وعند بداية حديثها قالت :-
استغلال وقلة امكانيات
“اعترف بغيابي عن المشهد الثقافي منذ العام 2018، كنت أراقب من بعيد، وساءني أحيانا استغلاله خارج الإطار المناط به، فلست ضد إشغال قاعته بمختلف أنشطة المجتمع المدني، و لكنني لا أعول عليها كثيرا، بعضها يتقاضى مقابلا ماديا من المستهدفين إزاءها ، و يرحل تاركا و راءه أعمال النظافة لموظفينا، وآخرين ألحقوا جزءا من الاتلاف في محتوياتها “.
مكتبتنا فقيرة الإصدارات، الأرفف تتوسدها كتب قديمة منذ الثلاثينات ، بعضها من حملة “انقذوا كتب بنغازي ” ، ومنها من مخازن الثقافة، و أخرى استجلبت من مكتبة “المزداوي “- التي خرجنا منها بسبب الديون المتراكمة – وزودت محتوياتها من أثاث و كتب مكتبتي الكلية العسكرية “بتوكرة” و مؤسسة الإصلاح و التأهيل “الكويفية “.
المركز كان يعمل طيلة الفترة الماضية بجهود الزملاء على رأسهم “محمد الجيلاني” الذين كانوا يستقطعون من قوت يومهم للمحافظة عليه ؛ فالهيئة في اعتقادي لم تحظ بميزانية منذ العام 2014 ، و أذكر عندما توليت مهام مكتب بنغازي لم نستلم سوى (10000) دينار ليبي لفترة عامين و نيف .
و بالتالي فإن قطاع الثقافة يعمل بمجهودات ذاتية ومن يتقلد أحد مناصبه ؛ يصير هاجسه البحث عن ممول ، وقمت بمحاولات عدة حينها مع كبرى المؤسسات الحكومية مثل : (شركة الخليج و المدار و ليبيانا و النهر الصناعي ) وللأسف دون استجابة ؛ فنظرة المسؤول للثقافة متدنية ( مش وقته توا) ، و المواطن اليوم لم يعد يلتفت لها كرافد، و بات جل اهتماه في ظل عدم الاستقرار السياسي و الاقتصادي، هو رغيف الخبز و الكتاب المدرسي ، و انحصر مفهومها على المسرح و الموسيقى ، بينما إذا كان هناك مؤسسة حكومية تعمل في خطتها على الفرد، للامسنا بعض المفاهيم مغروسة داخله ، فالبيئة والنظافة و الحديث و السلوك ثقافة ، و لخلق توازن حقيقي بنظري، علينا السير جنبا إلى جنب دون التحجيم ، فدستورنا السماوي قائم على العبادات و المعاملات .
يحدث في غياب الثقافة
تنسب “بن الحليم” حروب الليبيين ضد بعضهم لجفاف الثقافي و الفكري ؛ مما صنع بيئة خصبة لأطراف خارجية ، عبر منظماتهم لزرع بذرة الخراب و الدمار و التطرف الفكري وراء ستار الدين، فاليد التي تمسك الريشة لا تدخل الحرب على حد قولها و الريشة هي رمز لثقافة في هذه العبارة بمعادلة بسيطة لا نملك عددا من المسارح و السينمات و المراكز الثقافية ولكننا عانينا ويلات وفرت السلاح الذي أزعج حتى دول الجوار .
صيانة غير مكلفة وعجز يلحقنا
و أضافت ، بالرغم من حداثة المبنى ،لكن التهالك تسرب إلى أوصاله نتيجة ؛لعدم الحرص و المحافظة من قبل معظم الجهات المستغلة لقاعته لتنفيذ أنشطتها ، فهو بحاجة لصيانة غير مكلفة ، نعاني من مشكلة توزيع الأحمال الداخلية للمركز بالرغم من مخاطبات من سبقني بالخصوص ،قمنا بمكاتبة الهيئة و جاءنا رد السيد “رافع الفاخري” مدير إدارة التخطيط و المشروعات بمخاطبته للسيد رئيس الهيئة ،و أنه سيدرج في أعمال الصيانة ، و يليها وضع آلية لنشاطه ، ليقوم جله على الكتاب و الفاعليات المصاحبة من أمسيات و ندوات ودورات وورش متعلقة بالكتابة و الفنون ومكتبة خاصة بالطفل .
وبعد الانتهاء من مرحلة الصيانة المفترضة ؛ ستكون العودة مختلفة على رأسها استئناف البهو الثقافي بالتعاون مع الأستاذة “عفاف عبد المحسن ” ، سنقيم ورش تُعنى بالطفل و الفنون التشكيلية و الكتابة ومعرض دائم للكتاب لتعزيز القراءة ، فمكتبة المركز يجب أن تكون متنوعة ليتسنى لها جذب الجمهور باختلاف شرائحه، و قمت سابقا بتواصل مع الأستاذ ” أنور الشويهدي”- مدير الإدارة العامة للمطبوعات – و الدكتور.” محمد حسن البرغثي” سفيرنا بالمملكة “الأردنية الهاشمية ” بشكل شخصي لتعزيزنا بالإصدارات الجديدة – هما مشكوران على روح التعاون التي أبدياها بالخصوص- واليوم نحن عاجزون عن اطلاق مكتبة رقمية لعدم توفر أجهزة حاسوب ، بينما تبرع لنا أحد المواطنين بجهاز الإنترنت .
نطرق الأبواب للدعم
و تؤكد “بن حليم، لا يمكننا إلقاء اللوم على الهيئة مع غياب ميزانيتها ، فلا ضير بأخذ المواطن دور الدولة في بعض الأمور ، فالمؤسسات التي نطرق أبوابها للدعم ، لا تستجيب كوننا مؤسسة حكومية في حين تساعد نظيراتنا من المجتمع المدني ، وفي المقابل لدينا وعود لدعم من منظمة “بنغازي الخير” و مجموعة رجال الأعمال ، سنقوم بزيارة لمعرض “درنة” للكتاب و ننتقي بعض الإصدارات الجديدة ، و إذا ما أقيم معرض “القاهرة ” للكتاب خلال هذا العام وكانت الهيئة بكامل استقرارها سوف نحظى بوافر الدعم راسلنا شركة المدار – نتمنى أن لا يخذلونا – أذكر في حملة “انقذوا كتب بنغازي ” الداعم الوحيد كانت شركة “الريحان” للعصائر و الصناعات الغذائية .
عزوف وتعالي
وعن إسهامات المثقفين أنفسهم في تعزيز المراكز الثقافية توضح مدير مركز” وهبي البوري” نعيش عزوف للمثقف عن محافل مراكز الدولة ، و متواجد في فاعليات شبه تُديرها مؤسسات المجتمع المدني ، فهو( يصل لمرحلة معينة و يعتكف ) و يلجأ إلى العزلة ، للأسف بعضهم يتعالى على مجتمعه ، و الدولة مساهمة؛ لعدم وضع الثقافة في الخطط الدراسية للمراحل التعليمية الأولى .
و تتابع حديثي معكم اليوم باستحياء ، تفاصيل المبنى لا تؤدي الغرض، و الوحيد الذي صمم كمركز ثقافي هو “الصابري” ، بعض المقرات استغلتها مؤسسات الدولة للاستئناف أعمالها ؛ على خلفية خسائر ، و أخرى استعملها المواطنين كمسكن رافضين الخروج إلا في حال تعويض الدولة لهم .
هل من مجيب
تُطالب “بن حليم ” المثقفون و الإعلاميون، بتعزيز فكرة الثقافة وعدم تهميشها و وضعها في آخر سلم الأولويات ، بل يجب أن تكون وزارتها سيادية تتمتع بصلاحيات واسعة ، على رأسها المهتمين بهذا الشأن (النتيجة الطبيعية لوقوعنا في مشكلة استجلاب أشخاص غير معنيين ؛ بحثهم عن ما يشبه الفرقعة الإعلامية مبتعدين عن التأسيس لعمل طويل المدى ؛هو عدم إلتفاف المثقف حولهم ، أتمنى من أي مسؤول يصل إليه ندائي المساهمة في عودة المراكز الثقافية في ليبيا ، وصيانتها على الطراز الحديث ، وجعلها منابر للشأن الثقافي، فالمثقف لا يطرق باب المسؤول بل العكس يحدث في كل دول العالم . (وال – بنغازي) هـ ش