بنغازي 14 مارس 2021 (وال) يوضح “العبيدي” طبيعة المواد المتفجرة، التي توجد بداخل اللغم، وأهمها مادة (T.N.T)، ومادة ((G4، لكن الأولى تعد الأقدم والأكثر انتشارا، وهناك أنواع من القنابل الحارقة، تحتوى على الفوسفور، وعند انفجارها تولد حرارة كبيرة، ولا يمكن اخمادها بالماء، بل يستخدم فيها سائل رغوي أو الرمال، لمنع الأكسجين عنها.
ويستمر في حديثه: أن الألغام ليست لها انتهاء صلاحية، فهي تعمل حتى وأن كانت قديمة، كألغام الحرب العالمية الأولى والثانية، لأن الحافظة معدنية، والمواد المتفجرة بداخلها تكون داخل كبسولة، ووجدنا حوالي (90%) منها قابلة للانفجار.
أحيانا لا تسبب ضررا من التلامس الأول، لكنها بسبب عوامل التعرية المختلفة التي أصبحت حائلا، وبملامستها ثانية قد تنفجر، وتختلف شدة انفجارها بين شديدة ومتوسطة الانفجار، وأخطرها المضادة للآليات.
وهناك نوع آخر من الألغام يتواجد في مناطق البريقة وقنفودة وبنغازي، وهي “ألغام المياه الضحلة”، وتصنع من البلاستيك، ويصل عمرها بين (50 إلى 100) عام.
ويتم زراعتها من خلال تثبيتها بالأرض، بسلك يربط بوتد، ويطفو فوق الماء، ومما يطيل عمرها هو تغليفها بالبلاستيك، الذي يقاوم الصدأ، عكس الحدي الذي يتآكل، مما يجعل المادة المتفجرة مكشوف وغير فعالة.
رغم أن لدينا بعض الاجتهادات، حول الألغام الأخيرة المتطورة التي زرعها العدو بدأنا الدخول إلى عالم الألغام-كما يصف- من خلال استخدام “موس فرش”، و”كتر” أي وسائل بسيطة جدا.
وعن الآلة الكاشفة، يقول كانت تنقصنا، ومهمة جدا وخاصة في الأماكن المفتوحة، كالصحاري والغابات، عكس الأماكن المغلقة كالمباني، يجب أن يكون فيها التركيز والحرص عالي، حتى المشي على الأرض، حيث أن المبنى يحتوي على أثاث وقطع معدنية، وجميعها تعطي مؤشرا للآلة الكاشفة بوجود جسم غريب بالمكان.
والحديثة منها أنواع خاصة بالكشف عن المعادن، وأنواع للكشف عن البلاستيك، بالإضافة إلى أنها تعطي حجم قطع الحديد أو البلاستيك المدفونة، حيث يصل حجم أقل قنبلة بين ( 15 إلى 20) سم.
ويستطرد في الحديث، حدث معنا في البريقة، حيث كنا نستخدم كاشفات قديمة تصدر أصواتا عن كل شيء معدني، لنبحث ونجده مسمار، أوعلبة فارغة. -العبوات المبتكرة مؤخرا بعض الفرق تراجعت في عملها، لأن ليس لديها الفكرة على تلك الألغام، والتي تسمى “بالعبوات المبتكرة”، وفيها يتم فيها تركيب المواد المتفجرة بطرق مختلفة، من خلال تطوير العدو لتلك المتفجرات. ويقول أن النشر من خلال وسائل التواصل المختلفة، أسهم بشكل كبير في تنبيه العدو لتطوير مفخاخاته، رغم التنبيه المستمر لضرورة عدم نشرها.
كان اجتهادنا في إزالتها من خلال معرفة أفكار العدو، كاختيار زوايا مهمة كمداخل الأبواب، أو بالقرب من النوافذ، أيضا وضع في الحمامات بالمساجد.
كانت أفكارهم ترسل رسائل، بأنهم هالكون، وسيهلكون من يأتي خلفهم، لقد كانت رسائلهم واضحة وصريحة” أبشروا بالذبح والمفخخات”، وهذا ما أثبت طوال فترة وجودهم في المناطق ، التي تمركزوا فيها. -المركز الليبي لإزالة الألغام ومخلفات الحرب يحدثنا عن هذا المركز، والذي يوجد في مدينة طرابلس، وكانت له تجهيزات كبيرة، من آليات، وسيارات، وكاشفات، وفرص لدورات متقدمة، سعينا للحصول منهم على أي دعم، ولكنه لم يكن متعاونا معنا.
المركز الليبي سحب منا سيارتين، تم استلامهما من وزارة الدفاع عن طريق الأمم المتحدة، وأيضا كاشفات ألغام، ويضيف لم يكلف المركز نفسه بتقديم واجب العزاء، في الشهداء الثمانية، بل قال : من سمح لكم بالعمل في هذا المجال.
-تفجير الألغام
عادة التفجير يكون من شهر نوفمبر حتى شهر أبريل، وأكثر المناطق خطورة، وبها ألغام هي القوارشة، حيث استشهد فيها (9) شهداء من صنف الهندسة العسكرية، في جزيرة دوران مصنع الأنابيب، وشارع الشجر، وتكمن خطورتها كون العدو تمت محاصرته من قبل القوات المسلحة من (3) محاور، حيث اقتحمت كتيبة (204)، (21)، الصفصفة وقاريونس، بينما دخلت الصاعقة من شارع الشجر والصفصفة، عندها أنهار العدو، فقام بتفخيخ تلك المناطق، وقفلت الطرق بحاويات ملئت بتراب، ومحاطة بالمفخخات، وتعد مناطق خطرة حتى الآن.
أيضا الصابري به ألغام، وأبوعطني، منطقة الليثي لايوجد بها ألغام بكثرة مقارنة بتلك المناطق، لأنه تم تحريرها بشكل مفاجئ، ولم يتمكن العدو من زراعة الألغام بها.
دور صنف الهندسة العسكرية
كنا نعمل جنبا لجنب مع صنف الهندسة العسكرية، وتم إزالة العديد من الألغام، في مدرسة البيان الأول بأرض لملوم، ومساجد الصابري، ومدارس ومركز شرطة القوارشة، مصنع الأسمنت، وشركة الأنابيب، عمارات بما يعرف العمارات (12)، أيضا قنفودة بها كميات كبيرة. كل تلك المناطق، كان لصنف الهندسة العسكرية الفضل في إزالتها.
بعض المناطق أيضا كقرية المجاريس، تعاني مو وجود ألغام، ومن خلال بعض البلاغات التي وصلتنا، من بعض الرعاة من خلال وجود أجسام غريبة.
إذا أردت أن تكون مهما يجب أن تكون مفيدا حققنا هذا الشعار؛ من خلال إيماننا بضرورة إثبات أهميتنا، من خلال إفادة الوطن وخدمته.
حيث في عام (2019)، جاء عن طريق الدولة الليبية، من فرنسا إلى بنغازي مجموعة من المختصين في مجال نزع الألغام، والذين عملوا في أفغانستان والعراق والكونغو. قدموا لنا هدية، عبارة عن “كتر”، وقمنا بفك عبوة باستخدامه، في قصر الملك بقاريونس.
كانت شهادتهم ” بأننا نفوقكم بالإمكانيات، وأنتم تفوقتم علينا بالقدرات، لكن ما ينقصكم هو السلامة، ونريد أن نتعلم منكم، وهذا إعطانا حافزا كبيرا، للاستمرار في العمل، حتى مجيء شركات نزع الألغام.
-شركات نزع الألغام
بعد تحرير بنغازي عام 2019، دخلت شركات أجنبية، وعندما سألنا قالوا أنها منظمات لدول مانحة، وتعمل تحت برنامج الأمم المتحدة وتقدم قيم مالية، عرضوا علينا العمل كأفراد معهم لكننا رفضنا، وبقينا كما نحن عليه.
كما جاءت شركات لنزع الألغام، ومن تلك الشركات شركة روسية، وتم الاتفاق معها على قيمة مالية، لإزالة للألغام ومخلفات الحرب بمصنع الأسمنت، حيث تم تدريب (60) شاب، لمدة تتراوح بين (3-4) شهور، وتم اختيار (10) فقط ، بناء على كفاءتهم، وتم تسليم المصنع بأنه خال تماما من الألغام، ليتم إبلاغنا من قبل أحد الرعاة بوجود قنبلة بجانب المصنع، ويفترض أن تكون هناك غرامة على الشركة التي أكدت خلوه من أي جسم مشبوه.
الاحصائيات
يعاب عدم وجود احصائيات دقيقة للضحايا حتى الآن، سواء في المستشفيات أو الجهات المسؤولة، لأن العمل كان يتم تحت ظروف صعبة جدا.
العقبات
تعرضنا للعديد من المشاكل والعقبات، وأمراض أيضا، منها مرض جلدي، وهو مايسمى “بالحزام الناري”، وحساسية، كانت من أسبابها المناطق الرطبة كالصابري، التي انفلتت فيها مياه المجاري، مع مياه الشرب، وأيضا الثلاجات التي تحتوي على مواد غذائية متعفنة.
أيضا في البريقة كنا نستخرج جاثمين، من دبابات يقال أن الذخائر التي استخدمت في تدمير الدبابات من اليورانيم المخصب، والتعامل معه يؤدي إلى أمراض سرطانية.
كما ظهر من خلال بعض التحاليل، وجود نسبة من السموم، بالإضافة إلى القلق الذي يساورنا، خاصة في حالة انفجار لغم ويتسبب في مقتل أحد الأبرياء.
عملنا يبدأ من شروق الشمس، حتى المغيب، كان لدينا شعور بالمسؤولية، وحتى كتابة هذه السطور، تم استخراج مفخخات، ومخلفات حربية، من مناطق الهواري والحليس، ومصيف النيروز.
ويختتم حديثه قائلا ” أنا مستعد للعمل في أي مكان في ليبيا، متى طلب مني ذلك”. (وال ـ بنغازي) س خ