بنغازي 13 ابريل 2021 (وال) توالت على شهر رمضان الكريم ، منذ عقود طويلة نشاطات كثيرة، فبعد أن كان موسماً حافلاً للطاعات، والعبادات، والإحسان، وصلة الأرحام والصدقات، أمسى شهراً لدوريات كرة القدم، ومتابعة البرامج الفكاهية والمسلسلات الدرامية حيث أصبحت الفضائيات تتنافس على الظفر بأعلى مستويات المشاهدة من قبل المسلمين في رمضان.
وبسبب انتشار هذه البرامج التي تنطلق منذ ظهيرة أول يوم في رمضان، حيث تبث برامج الطبخ وصناعة الحلويات، ثم تليها برامج العدسات الخفية عصرا إلى آذان المغرب، ليبدأ سيل المسلسلات الفكاهية، تم تليها الدرامية.
أما حال أغلب الشباب، فيمضي في اللعب واللهو والاشتراك في دوريات كرة القدم، والذهاب إلى صالات الألعاب الترفيهية والمقاهي ولعب الورق؛ فهم بهذا قد ضيعوا فضل هذا الشهر العظيم .
فضل الشهر ومكانته
وللحديث أكثر عن هذا الموضوع حاورت_ وكالة الأنباء الليبية الشيخ “عبدالرازق ماضي” عضو لجنة الإفتاء الفرعية، بمكتب الأوقاف والشؤون الإسلامية.
حيث استهل حديثه بتبجيل الشهر قائلاً ” ﺗﺘﻮاﻟﻰ ﻧﻌﻢ اﻟﻠﻪ اﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻭاﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﻭﻗﺪ ﺃﻛﺮﻡ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺑﺷﻬﺮ ﻋﻈﻴﻢ ﻣﺨﺼﻮﺹ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﻭاﻟﺘﻜﺮﻳﻢ، ﻣﻔﻀﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺸﻬﻮﺭ، ﺃﻧﺰﻝ ﻓﻴﻪ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻭﻓﺮﺽ ﺻﻴﺎﻣﻪ، ﺯﻣﻦ اﻟﻌﺘﻖ ﻭاﻟﻐﻔﺮاﻥ، ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺼﺪﻗﺎﺕ ﻭاﻹﺣﺴﺎﻥ، ﻭﺗﺘﻮاﻟﻰ ﻓﻴﻪ اﻟﺨﻴﺮاﺕ ﻭﺗﻌﻢ اﻟﺒﺮﻛﺎﺕ”
وأضاف “ماضي” أن اﻟﻨﺒﻲ – ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – كان ﻳﻘﻮﻝ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ: ﺃﺗﺎﻛﻢ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺷﻬﺮ ﻣﺒﺎﺭﻙ، ﻓﺮﺽ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺻﻴﺎﻣﻪ، ﺗﻔﺘﺢ ﻓﻴﻪ ﺃﺑﻮاﺏ اﻟﺴﻤﺎء، ﻭﺗﻐﻠﻖ ﻓﻴﻪ ﺃﺑﻮاﺏ اﻟﺠﺤﻴﻢ، ﻭﺗﻐﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﺮﺩﺓ اﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ، ﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﻟﻴﻠﺔ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﺷﻬﺮ، ﻣﻦ ﺣﺮﻡ ﺧﻴﺮﻫﺎ ﻓﻘﺪ ﺣﺮﻡ»؛ ﺭﻭاﻩ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ.وصححه الألباني وﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺭﺟﺐ – ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ “.
ﻭﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﺒﺸﺮ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﻔﺘﺢ ﺃﺑﻮاﺏ اﻟﺠﻨﺎﻥ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﺒﺸﺮ اﻟﻤﺬﻧﺐ ﺑﻐﻠﻖ ﺃﺑﻮاﺏ اﻟﻨﻴﺮاﻥ؟ ﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﺒﺸﺮ اﻟﻌﺎﻗﻞ ﺑﻮﻗﺖ ﺗﻐﻞ ﻓﻴﻪ اﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ؟ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻳﺸﺒﻪ ﻫﺬا اﻟﺰﻣﺎﻥ ﺯﻣﺎﻥ؟،فرمضان ﺃﺷﺮﻑ اﻟﺸﻬﻮﺭ ﻭﺃﺯﻛﺎﻫﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ، ﺟﻌﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻴﺪاﻧﺎ ﻟﻌﺒﺎﺩﻩ ﻳﺘﺴﺎﺑﻘﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺑﺄﻧﻮاﻉ اﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭاﻟﻘﺮﺑﺎﺕ، ﺷﻬﺮ ﻣﻨﺤﺔ ﻟﺘﺰﻛﻴﺔ اﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﺗﻨﻘﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻵﻓﺎﺕ ﻭاﻟﻀﻐﺎﺋﻦ ﻭاﻷﺣﻘﺎﺩ،ﻓﻲ ﻫﺬا الشهر ﻣﻐﺎﻧﻢ ﻟﻄﺎﻋﺎﺕ اﻟﻠﻪ: ﻗﺮﺁﻥ ﻭﻗﻴﺎﻡ، ﺻﺪﻗﺔ ﻭﺻﻴﺎﻡ، ﻋﻄﻒ ﻭﺇﺣﺴﺎﻥ.
تحذيرات مهمة
وتابع الشيخ، لقد تكاثرت الأحاديث عن رسول الله في بيان عظيم فضل هذا الشهر ورفيع قدره فعلى العبد أن يغتنم هذا الشهر بطاعة الله وتقواه، فقد جاء في الصحيح أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” و” من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” وليحذر العبد من قواطع الطريق وضياع الوقت في رمضان، فقد ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلمـ ، أنه قال نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مرَّ السحاب، فمن كان وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوبًا من حياته وحول المسؤولية.
دور الإعلام كبير
أضاف الشيخ أنه لاشك أن المسؤولية مشتركة وأول من يعنى بذلك هم الآباء فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فعلى الأب أن يحث زوجته وأبناءه وبناته على اغتنام أوقات هذا الشهر والابتعاد عن الملهيات والأمور التي قد تنقص الصوم أو تفسده، وكذلك الإعلام له دور في ذلك من خلال عدم بث البرامج والمسلسلات الهابطة والتي فيها مضرة بل عليهم التركيز على البرامج والأمور التي تحث الناس على اغتنام أوقات هذا الشهر في ما يقربهم إلى الله وكذلك الخطباء والوعاظ عليهم التوجيه والبيان والنصيحة
رسالة قيّمة
ووجه الشيخ ، في ختام حديثه رسالة إلى المسلمين عامة، أن يتقوا الله وأن يحرصوا على اغتنام هذا الشهر، فقد أخرج الترمذي وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ فلم يغفر له وعلى الناس أن يحافظوا على الصلاة في أوقاتها وصلاة القيام، ويكثروا من تلاوة القران في شهر القران، وأن يتعاهدوا أقاربهم وجيرانهم وعليهم بالبذل والجود وأنصحهم بحفظ صيامهم، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه .
الدور التثقيفي ضعيف
ومن جانبه قال رئيس تحرير ” بوابة إفريقيا ” السيد “عبدالله الزايدي” أن موسم رمضان فرصة لتنتبه أغلب وسائل الإعلام للدور التثقيفي، برغم أن أكبر تركيزها على جانب الترفيه، وللأسف الإعلام المحلي، لايخصص حصصا للتوعية بالبيئة و الاستهلاك الصحي و ثقافة المحافظة على الممتلكات العامة، ولا يبذل أي جهد يذكر في مواجهة انتشار السلوكيات السيئة
ويؤكد ” الزايدي” أن الدور التثقيفي للإعلام ضعيف بحاجة إلى دعم وتقوية؛ للتنبيه على مثل هذه الظواهر .
وجهة نظر
ومن زاوية أخرى، قالت إحدى ربات البيوت، حرصت منذ صغر أطفالي على غرس مفهوم أن شهر رمضان الكريم، فرصة تأتي في العام مرة فيجب علينا استغلاله للتقرب إلى الله تاركين متاع الدنيا لباقي الأشهر
وتابعت بعد أن تم توطين هذا المفهوم في نفوسهم تعلموا الاكتفاء بالعبادات من صلاة في المساجد وتلاوة القرآن والمشاركة في الأنشطة الرمضانية التي تهدف لمساعدة الناس وفعل الخير مطالبة جميع ربات البيوت غرس هذا المفهوم في أطفالهم من الصغر وحثهم على عبادة الرحمن وترك ملاهي الدنيا طيلة شهر رمضان المبارك.
العمل على خلق نظام متوازن
ويرى مواطن، أن شهر رمضان شهر تقرب لله، وعبادة ، وبالمقابل لا يعني الابتعاد عن مظاهر الحياة والهوايات المختلفة التي يحبها البعض لكن للأسف معظم الشباب والفتيات، جعلوا من رمضان شهرا للنوم مفرطين في الصلوات وأصبح صياما عن الطعام والشراب، فقط فتجدهم يسهرون إلى طلوع الفجر، وينامون حتى قبيل المغرب، ويمضون أوقاتهم على الإنترنت أو مشاهدة المسلسلات المختلفة، أو السهر مع الأصدقاء في المطاعم والمقاهي وصالات الألعاب الترفيهية.
وقال أنه يجب أن تكون هناك موازنة في كل شيء ، بحيث تؤدى الفروض في أوقاتها، وبالمساجد أن أمكن. ( وال ـ بنغازي ) ع م / م ن