خاص -بنغازي 20 أكتوبر 2021 (وال) -السوسة الحمراء، إيدز النخيل، كورونا التمور، العدو الخفي، جميعها اسماء لقاتل عابر للحدود، انتشر في البلاد قبل خمس سنوات، جرف بيرقاته آلاف المزارع متسببا في خسائر مادية لأصحابها، واقتصادية للبلاد، لتعلن هذه الآفات سيطرتها، ومهددة باتساع دائرة الإصابة.
أحد أعضاء الطاقم الفني، بالمركز الوطني للوقاية والحجز الزراعي بنغازي، المهندس محمد الكيلاني يوضح حيث يقول” سجل وجود سوسة النخيل الحمراء في ليبيا منذ عام 2009 بطبرق، وانتقلت إلى بنغازي أواخر عام 2016.
ويتابع: انطلق المركز الوطني بفرق عمل لرصدها، ومحاولة الحد من انتشارها، مؤخرا سميت محليا “كورونا النخيل”، لتشاركها مع كوفيد19، من حيث الخطورة و سرعة الانتقال، وأهمية الحجر، فنحن بحاجة إلى حملة وطنية، واستراتيجية متكاملة لمكافحة هذه الآفة، فهي تتخطى المكاتب الإدارية ، ونتمنى من مسؤولي قطاع الزراعة تبني الأمر، إسوة بدول الجوار التي تقاومها بشكل فعال.
ويذكر بأنه للأسف لا امكانيات لمكافحتها؛ كالمعامل، والمصائد الحديثة، أيضا لا توجد وسائل الإنذار المبكر، ولا معدات، أو أدوات، حيث نعمل بتقنيات أواخر القرن الماضي.
يستطرد الكيلاني: لبينا دعوة مركز البحوث الزراعية بمصر، لحضور دورة تدريبية عن أخر الاكتشافات العلمية لمقاومة سوسة النخيل، التي لا ترى بالعين المجردة، مشيرا أن الأشهر الأولى للدورة كانت على نفقتنا الخاصة.
وخلال الدورة تعرفنا على أجهزة تكشف الإصابة، ويتم معالجتها خلال الأشهر الأولى، ونحن حتى الأن لا نملك منها شيء، ومن خصائصها أيضا، أنها تتعرف على الحمض النووي DNA)) للحشرة، و بمجرد مرور الباحث بالقرب منها تصدر إشارة، وحديثا هناك اكتشاف امريكي بوضع حساسات على أشجار النخيل، وهذا بحاجة إلى أقمار صناعية، وأي اختراق للحشرة تقوم بالتبليغ المباشر، وغيرها من التقنيات مثل سيارات الصعق الكهربائي.
و يتابع الكيلاني: ما ينقصنا لتصدي لهذه الآفة المهددة للاقتصاد المحلي من ثروة النخيل، هو إرادة القرار، فمنذ العام 2016 ونحن ندق ناقوس الخطر.
واليوم أهم المواقع في ليبيا، وهي الجفرة، تعتبر الإصابة فيها كبيرة، وخطورة الآفة أنها سريعة الانتشار، ودورة حياتها على مدار العام.
وعن الوضع يقول: الوضع اليوم خارج عن السيطرة، وفي المقابل لا نملك كادر مدرب للتصدي لها، فنحن بحثنا عن المعلومة على حسابنا الخاص، وأحضرنا أجهزة ومواد عضوية على نفقتنا الخاصة، كمحاولة لتوعية المزارع.
ويتحدث مهندس عثمان عبد الله العقيلي، من المركز الوطني للوقاية و الحجر الزراعي بنغازي، حيث يقول “الآفات الزراعية تهدد الاقتصاد الليبي بقوة، و غالبا تكتشف بسقوط النخلة، وتحتل اليوم الترتيب الأول مكان الجراد.
ثم تأتي فراشة الطماطم، و حفار الساق لأشجار التفاح، كما يفرز النخيل أثناء عمليات القص والتنظيف مادة (الفرمون) الغذائي، فتتعرف الحشرة على رائحتها، وتضع بيضها، الذي يتراوح ما بين ( 200 :300 ) بيضة، و تقوم بنخر والتهام الجزء الداخلي للشجرة و بعد ستة أشهر تسقط النخلة.
ويؤكد: نوصي المزارعين بالمتابعة الدقيقة للعلامات الأولية، وهي ثقوب دقيقة جدا، وتفرز بعد التكاثر مادة صمغية رائحتها كريهة، و الاكتشاف المبكر يساعد في مقاومتها.
وأضاف العقيلي: سوسة النخيل اليوم تدخل عامها الخامس، قمنا خلالها بالعديد من ورش العمل والحملات التوعوية، والاحتياطات التي سعينا لتنفيذها.
كما خاطبنا كافة جهات الاختصاص بمنع دخول أي فسيلة ( شتلة النخيل ) ونقلها بين المدن و البلدات و القرى، ومن يخالف هذا يجرم نفسه بمخالف قانون الحجر الزراعي، و تصنف ضمن الجرائم الاقتصادية، و لا نملك سوى الدعاء لله، بعدم اختراقها منطقة الواحات، المصدر الرئيسي لاقتصاد التمور في ليبيا ، لأن امكانياتنا الضعيفة، وشبه معدومة مقارنة بالدول الأخرى”.
كما أضاف مهندس محمود الزائدي، من مركز الرقابة على الأغذية والأدوية بنغازي، ، قائلا” ليبيا كغيرها من الدولة المنتجة للتمور، انتشرت بها هذه الآفة، مثل مصر، والخليج، وأوروبا، مع العلم أن بلد المنشأ جنوب شرق آسيا، وانتقلت إلى الخليج و مصر وصولا إلى بلدنا.
ومن المعروف أنه منذ 2011 لم تستقر الدولة ومؤسساتها، ولم تكن هناك سيطرة على المنافذ البرية؛ مما ساهم في انتشارها.
المشكلة الحقيقة أيضا أن وزارة الزراعة لم تتبنى مشروع قومي ضد هذه الآفة، ولا ألقي باللوم على المكاتب في المدن مثل الزراعة أو الوقاية، والحجر الزراعي التابع لمركز مقاومة الآفات المختص بمتابعة هذه الأمور وغيرها، خاصة لدي توقع بعد عشر سنوات، لن نجد مزرعة نتيجة للهجوم العمراني، و السطو على الأراضي الزراعية، والعشوائيات فوقها، وعدم متابعة المزارعين في رش المبيدات، علما بأنه سابقا كان يوجد لدينا مكتب الإرشاد الزراعي، ومكتب وقاية النبات الذي يعني بالمبيدات في السوق المحلي بات مفتوحا اليوم”.
ويختتم الزائدي قائلا: طيلة هذه الأعوام لم نلمس خطوة حقيقة من الدولة للحيلولة دون انهيار الانتاج المحلى من التمور؟ أو تعويض للمزارعين عن خسائرهم ؟ ولكن هل نحن فعلا نتجه إلى التصحر من التمور المحلية، و نرسم خطوط استيرادها في الغد القريب ؟ (وال بنغازي) ه ش / س خ.