رام الله 24 أكتوبر 2021 (وال)- صدر حديثًا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” (رام الله)، كتاب “قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية؛ بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة 1967” للمحامية سوسن زهر.
يستعرض قرارات المحكمة في القضايا المتعلقة بالمساس بحقوق الفلسطينيين، ويرسم صورة شاملة لكيفية إسباغها الشرعية القانونية على الأنشطة العسكرية التي تقوم بها قوة احتلال، وعلى الأسلوب الذي استخدمته من الناحية القضائية لتبرير استمراره، حيث يورد معلومات مفصلة عن قرارات الحكم التي أصدرها القضاة أنفسهم وكما تم تسويغها، من خلال وصف الوقائع وتحليل الوضع القضائي بمنظور القضاة ومن وجهة نظرهم.
ويتضح من قرارات الحكم الواردة في الكتاب أن المحكمة قدمت مظلة قانونية ليس لتعزيز الاحتلال واستمراره فقط، وإنما أيضًا لتنفيذ العديد من الإجراءات المختلفة التي تشكل انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني، وتشكل في جزء كبير منها “جرائم حرب”، كما جرى تحديدها وتعريفها في معاهدة روما.
يعرض الفصل الأول؛ قرارات الحكم الخاصة بمصادرة أراضٍ لغرض إقامة مستوطنات، حيث رفضت المحكمة مناقشة الادعاءات ضد مجرّد شرعية المستوطنات، بتسويغ أنها قضية غير قابلة للمقاضاة لأنها قضية حزبية وسياسية لا يمكن التدخل فيها، وقد قبلت في عام 1979، للمرة الأولى، التماسًا ضد إقامة مستوطنة ألون موريه، بعد أن خلصت إلى أن ما يقف وراء إنشاء المستوطنة هو مصلحة سياسية للمستوطنين وليس مصلحة عسكرية للجيش، لكن مع رفض أن المستوطنة مناقضة للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل سكان من دولة الاحتلال إلى الأراضي المحتلة، بناء على اعتبار أن البند 49 غير ملزِم للجيش لأنه ليس جزءًا من القانون الدولي العرفي.
يتناول الفصل الثاني من الكتاب؛ موضوع ترسيم الحدود بين إسرائيل وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وذلك بعد قرار الحكومة الإسرائيلية من عام 2002 الموافقة على بناء الجدار الفاصل، الذي تم تخطيط وإقامة الجزء الأكبر منه في داخل أراضي الضفة الغربية، حيث قضت المحكمة العليا بأن قرار الحكومة بناء الجدار هو قرار قانوني وأسبابه أمنية، وأن الجدار أقيم لأغراض عسكرية ولغرض الحفاظ على أمن دولة إسرائيل، وفق ادعاء الدولة. وبناء عليه، فليس هنالك مبرر لإزالة الجدار.
وأكدت المحكمة أنه يحق للجيش الإسرائيلي، بموجب أنظمة لاهاي واتفاقية جنيف الرابعة، مصادرة أراضٍ لأغراض عسكرية مختلفة حتى لو كانت تلك الأراضي بملكية (فلسطينية) خاصة، وطالما أن الحاجة إلى بناء الجدار هي ضرورة عسكرية فليس ثمة انتهاك لحق الملكية من شأنه إلغاء صلاحية القائد العسكري إقامة الجدار. وهكذا، شرعنت المحكمة العليا إنشاء حدود فيزيّة بواسطة جدار الفصل، وأما مسألة التمييز بين حدود الخط الأخضر وبين ما يقع وراءه فلم تشغل بال المحكمة العليا أبدًا.
ويتطرق الفصل الثالث من الكتاب إلى قرارات الحكم الأساسية التي صدرت عن المحكمة العليا بشأن طريقة إدارة الأراضي المحتلة من قبل القائد العسكري في المجالات المدنية واليومية.
ويعرض الفصل الرابع؛ قرارات الحكم التي أصدرتها في مجال تقييد الحريات والعقاب الجماعي. وقد صدّقت المحكمة العليا على الغالبية الساحقة من هذه الإجراءات العقابية، الفردية والجماعية، إلى درجة أنها قد تشكل في المستقبل القريب مرجعية أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لإثبات وجود سياسة تعتبر جريمة حرب ضد السكان الفلسطينيين، بما يشكل انتهاكًا لمعاهدة روما.
وفي الفصل الخامس من الكتاب؛ متابعة لقرارات الحكم المتعلقة بالديموغرافيا ولم شمل الأُسر، حيث يتبيّن الدور الرئيسي الذي لعبته المحكمة العليا في تكريس سيطرة دولة إسرائيل كقوة احتلال على التركيبة السكانية الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية.
ويعالج الفصل السادس؛ قرارات الحكم التي أصدرتها المحكمة العليا في الالتماسات المقدمة بشأن انتهاك أوامر القانون الدولي الإنساني بخصوص سكان قطاع غزة، مركزًا على قرارات الحكم التي صدرت عن المحكمة بعد تنفيذ “خطة الانفصال” الإسرائيلية عن قطاع غزة في عام 2005، إذ قدّمت المحكمة العليا مصادقتها القانونية على إجراءات الجيش الإسرائيلي التي فرضت وعززت الحصار الإسرائيلي غير القانوني على قطاع غزة منذ عام 2008 وحتى اليوم.
وتم التطرق إلى أن المحكمة طبقت بصريح العبارة عقيدة “رعايا العدو” على قطاع غزة، والتي تنفي وجود وسائل مساعدة قضائية فعالة من خلال التعويض عن الأضرار التي سببتها قوة الاحتلال، وخاصةً عندما تكون الأضرار ناجمة عن عمليات غير حربية أو عسكرية.(وال) ح م/ ر ت