الرباط 09 نوفمبر 2016(وال)-دعا رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح قويدر، البرلمان الأفريقي بالوقوف إلى جانب الشعب الليبي من خلال دعم شرعية مجلس النواب والحكومة المؤقتة المنبثقة عنه والمؤسسات التابعة له،وذلك تأكيداً لمبادئ الديمقراطية والسيادة الوطنية، والاستقلال التي تنص على كفالتها مواثيق الاتحاد الأفريقي.
كما دعا في كلمته التي ألقاها في المؤتمر “39” للاتحاد الأفريقي والدورة “69” للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الأفريقي المنعقد في عاصمة المملكة المغربية الرباط جميع الدول الأفريقية إلى تفعيل دور الاتحاد الأفريقي وأجهزته المتخصصة لاسيما البرلمان الأفريقي ولجنته التنفيذية أكثر من أي وقت مضى، وذلك لتقديم الرؤى والحلول الإستراتيجية لمجابهة المعضلات التي تواجه القارة وتحول دون تحقيق الأهداف الإستراتيجية المنشودة، لتحقيق التضامن بين الشعوب والبلدان الأفريقية، والدفاع عن سيادتها واستقلالها،والاندماج السياسي والاقتصادي والاجتماعي،وتعزيز السلم والأمن والاستقرار،فضلاً عن تحقيق التنمية المستدامة
وقال “إني أحث دول الاتحاد على تشجيع العمل بالآليات السلمية لا سيما الحوار الإستراتيجي لحل النزاعات القائمة بين بعض الدول الأعضاء، أو النزاعات الداخلية التي قد تصل إلى حد حمل السلاح في مواجهة الدولة، باعتبار أن تلك النزاعات إنما تمثل عقبة أساسية على طريق تحقيق الأهداف الإستراتيجية التي تأسس عليها الاتحاد”.
واعتبر أن الأسباب الحقيقية التي حالت دون تحقيق تلك الأهداف، هي غياب الحكم الرشيد والمؤسسات القانونية القوية في عدد من الدول الأفريقية،وهو ما يتطلب منّا الاهتمام بركيزتين أساسيتين لحل مشاكل القارة والارتقاء بها وتحقيق عملية الاندماج،وهما “التعليم والتنمية”.
وقال”إن التزامنا القانوني والأخلاقي والتاريخي اتجاه القارة الأفريقية وشعوبها وما يربطنا من مصير مشترك وآمال يجعلنا مطالبين –دائماً- بوضع خطط إستراتيجية بعيدة المدى على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، والثقافية بما يعمل على النهوض بقارتنا ويحقق برامج التنمية المستدامة فيها”.
وأفاد “أن مبعث هذا الكلام يأتي من إدراكنا العميق بحقيقة التحديات والأخطار التي تهدد قارتنا الأفريقية داخلياً وخارجياً،وهو ما يتطلب منّا جميعاً مزيداً من التعاون الإستراتيجي البناء لمواجهة مصادر تلك التهديدات بما يحفظ سيادة أوطاننا،ويصون أمننا الإقليمي وينعش اقتصادنا، ويرفع من مستوى المعيشة والرفاهية لمواطنينا”.
وأضاف “لم يعد خافياً على أحد الأطماع الاستعمارية الخارجية التي تهدد قارتنا واتحادها وثرواتها والتدخلات في شؤونها مستغلين في ذلك ما تعانيه دول القارة من مشاكل داخلية سواء على المستوى الإنساني، كالفقر والبطالة والجوع وضعف معدلات النمو بشكل عام، أو على المستوى الأمني من خلال انتشار التنظيمات الإرهابية المسلحة كـ “داعش” وأنصار الشريعة وبوكو حرام والحروب الأهلية والعرقية، أو على المستوى الجيوسياسي، مثل مشاكل الحدود وعدم السيطرة الفعالة عليها، أو النزاعات الداخلية وكذلك النزاعات السياسية الإقليمية بين بعض الدول الأعضاء في الاتحاد”.
وقال “إننا في مجلس النواب الليبي وإيماناً منّا بواجبنا الوطني والقانوني والأخلاقي اتجاه الأمة الليبية، والتزاماً منّا بوحدة التراب الليبي وإنهاء الانقسام السياسي والمؤسسي الذي كان سببه مجموعات مؤدلجة وجهوية رفضت مبدأ المشاركة السياسية وانقلبت على نتائج صندوق الاقتراح وإرادة الشعب الليبي بذرائع واهية لتبرير عدم قبولها بمبدأ التداول السلمي للسلطة، وهو ما أضر –كثيراً- بالدولة الليبية وأرهق المواطن الليبي وساعد الإرهاب على التمدد”.
وأضاف “إننا آثرنا على أنفسنا بالدخول في حوار سياسي رعته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مع تلك المجموعات الانقلابية، وقد انخرط مجلس النواب في العملية التفاوضية بروح إيجابية وبمسؤولية وطنية تتأسس على تقديم المصلحة العليا للبلاد على المصالح الخاصة، وقدم مجلس النواب في ذلك تنازلات مؤلمة استغلتها تلك الجماعات المسيطرة على طرابلس بالسلاح، وكذلك البعثة الأممية التي تتولى صياغة مسودات الاتفاق السياسي؛ مما تسبب في إرباك العملية السياسية وزاد من هوة عدم الثقة وحال –بالنهاية- منح الثقة للحكومتين المقدمتين من المجلس الرئاسي، وقد كانت أولى الخروقات الجسيمة من جانب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة آنذاك “برناردينو ليون” لصالح كتلة داخل المؤتمر الوطني العام يقودها شخصيات تحمل إيدولوجيا متطرفة وعدد من أصحاب المصالح وهو مازاد من عمق الانقسام داخل مجلس النواب وأثر سلباً على مسار الديمقراطية داخله.
وأضاف “كذلك حدثت خروقات جسيمة من جهة المجلس الرئاسي والمجلس الاستشاري للدولة المنبثقين عن الاتفاق السياسي غير المدستر في الإعلان الدستوري، حيث باشر المجلسان المذكوران مهامها قبل إجراء التعديل الدستوري، وهو ما يجعل هذين المجلسين غير شرعيين لكونهما خارج البناء الدستوري للدولة، وهو ما يتعارض والاتفاق السياسي نفسه ومادته (12) تحديداً من الأحكام الإضافية ويكرس سياسة الأمر الواقع، وكذلك اتباع أساليب غير موضوعية وبالمخالفة للاتفاق السياسي فيما يتعلق باختيار أعضاء الحكومة في ضرب واضح لمبدئي الكفاءة والمشاركة، فضلاً عن عدم وجود برنامج عملي من تلك الحكومتين المقترحتين لقيادة المرحلة”.
وقال “إن هذا أحدث مشكلة بين المجلس الرئاسي غير الدستوري ومحافظ المصرف المركزي المُقال في طرابلس، وهو الأمر الذي كان من أهم أسباب انعقاد مؤتمر لندن الأخير بخصوص ليبيا الذي يُعد انتهاكاً جسيماً وصارخاً للسيادة الليبية، ويتعارض والمواثيق الدولية وميثاق الاتحاد الأفريقي”.
وأضاف “أن ومن الخروقات الجسيمة أيضاً، عدم اكتمال النصاب القانوني للمجلس الرئاسي، مما شكل ضربة مؤلمة لمبدأ التوافق الذي يتأسس عليه الاتفاق السياسي، وهو ما دعا الحكومة المؤقتة الشرعية إلى رفع دعوى قضائية أمام القضاء الإداري، ضد جميع قرارات وتصرفات المجلس الرئاسي وحكومته التي فوضها دون أي اعتبار لإرادة البرلمان الممثل للأمة الليبية، وبأسلوب مخالف للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، وقد أصدرت المحكمة حكمها ببطلان جميع قرارات المجلس الرئاسي وحكومته”.
وقال “إن المجلس الاستشاري للدولة، أصدر بيانه بالانقلاب على الاتفاق السياسي وشرعية مجلس النواب المستمدة من الإعلان الدستوري وإرادة الشعب الليبي معلناً بأنه السلطة التشريعية، وهو ما يؤكد رغبة أولئك في إخراج مجلس النواب من مرحلة الانتقال التي تلت توقيع الاتفاق السياسي مستقوين في ذلك بدعم منظومة حلف الناتو التي تعمل على هندسة الحكم في ليبيا بما يحقق مصالحها بنفس الأسلوب الذي طبق في العراق وأفغانستان”.
وأضاف “أن تلك الخروقات الجسيمة للاتفاق السياسي تمثلت في عدم احترام وتنفيذ الترتيبات الأمنية، إذ رفضت الميلشيات المسلحة –المدعومة من المجلس الرئاسي ومجلس الدولة وبعض الدول الغربية- الخروج من طرابلس، وإعادة تمركزها خارج المدينة، وتسليم أسلحتها وذخائرها رغم مضي أكثر من (10) أشهر على توقيع الاتفاق السياسي”.
وقال إن تلك الترتيبات الأمنية تعد الجزء الأهم والإستراتيجي من الاتفاق السياسي بالنسبة لمجلس النواب، لارتباطها الوثيق بعملية السلام التي تعد الغاية الكبرى من دخول المجلس في المفاوضات وتقديمه لتلك التنازلات المؤلمة مع من أفسد الحياة السياسية الانتقالية وانقلب على المسار الديمقراطي وإرادة الشعب الليبي”.
وقال إن مازاد الأمر سوءاً هو توجه المجلس الرئاسي إلى منح شرعية –لم يملكها- إلى تلك الميليشيات المسلحة بإصدار قرار الحرص الرئاسي رغم أن الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي يحظران إنشاء مؤسسات شبه عسكرية أو موازية لمؤسستا الجيش والشرطة، وعلى طريق التصعيد وزيادة التهاب الجراح حاول المجلس الرئاسي استرضاء تلك الميلشيات بالمال وفق آليات مصرف غير قانونية ربما يتعارض والمصلحة العليا للبلاد؛ وذلك في مقابل تمكينه من البقاء في طرابلس وإظهارها بأنها مدينة آمنة رغم أن الأمر بخلاف ذلك بكثير”.
وقال “إن الحرب التي يديرها الجيش الوطني الخاضع لشرعية مجلس النواب الليبي ضد التنظيمات الإرهابية المسلحة كداعش، وأنصار الشريعة، وعناصر من بوكوحرام المتحالفة معها لا تهدف للقضاء على الإرهاب في ليبيا فحسب، بل ومنع تمدد تلك التنظيمات الإرهابية وزيادة انتشارها في القارة الأفريقية بما يصون السلم والأمن الأفريقيين”.
وأضاف “إننا نتطلع كممثلين لإرادة الشعب الليبي الذي يعد إحدى المكونات الديمغرافية للقارة الأفريقية على أن يُمارس الاتحاد الأفريقي وأجهزته المتخصصة لاسيما البلمان الأفريقي إلى دور فاعل للضغط على المجتمع الدولي بغية رفع حظر واردات السلاح عن الجيش الوطني بما يمكن الليبيون من الدفاع عن أنفسهم ومنع استباح حرمة أراضيهم، وبما يعزز الشراكة والأمن والسلم والاستقرار مع دول الاتحاد الأفريقي”.
وقال “إن سياساتنا اتجاه الاستثمارات الليبية القائمة في عدد من البلدان الأفريقية ثابتة ومتوازنة، ونسعى إلى توسيعها بما يحقق المصلحة المشتركة للشعب الليبي والشعوب الأفريقية في إطار مبدأ التضامن بين شعوب القارة الذي يتأسس عليه الاتحاد، وإننا نؤمن بأن تلك الاستثمارات ستكون رابطاً مشتركاً بين ليبيا ودول القارة الأفريقية. كما ندعوا –بصفتنا الممثلين والمنتخبين من الشعب الليبي- الدول الأفريقية التي تجمعنا معها هذه الرابطة الاستراتيجية إلى المحافظة على هذه الاستثمارات والتعاون مع السلطات الشرعية الدستورية المتمثلة في مجلس النواب والمؤسسات القانونية المنبثقة عنه، وقطع الاتصال مع أي مؤسسات موازية لا تستند إلى إرادة الشعب الليبي كمصدر وحيد للشرعية، وتعمل بالمخالفة للدستور والقانون الليبي، وهو الأمر الذي سيؤدي –لا سمح الله- إلى زعزعة الثقة بين ليبيا وبعض دول الاتحاد”.(وال-الرباط) ف خ