دمشق 26 ديسمبر 2021 (وال) _ صدر حديثًا عن “دار الحوار”، ضمن سلسلة “فلسفة”، كتاب “نيتشه ـ زارادشت”، بجزأيه “مخلّص العصر الحديث (496 صفحة)”، و”أسفار الخير والشر (640 صفحة)”، بترجمة متيم الضايع.
الكتاب عبارة عن مجلّدين كبيرين يتضمنان محاضرات ألقاها العالم وأستاذ الفلسفة، كارل غوستاف يونغ، بين عامي (1934 ـ 1935)، حول كتاب “هكذا تكلم زارادشت”. وفيه يصرّح يونغ من البداية بأن هذا الكتاب ملتبس للغاية، ويصعب توضيحه من الناحية السيكولوجية.
ولكنه سرعان ما يبدأ بقراءة الكتاب مستخدمًا مبضع الجراح النفسي وبصيرته الثاقبة لتحليل شخصية نيتشه. ومع قراءة يونغ لكتاب نيتشه صفحة تلو أخرى، يفسر لقاء زارادشت بالناسك المعتزل في الغابة على أنه لقاء نيتشه بالنموذج البدئي للعجوز الحكيم، تلك الشخصية الموجودة في اللاوعي الجمعي الذي يعد خُلاصة التجربة البشرية على مر العصور.
ويرى في تحليله أن نيتشه لم يجعل زارادشت ناطقًا باسمه فقط، بل تماهى معه بشكل كامل، حتى إنه لم يعد يفرق بين نفسه وزارادشت، فأصبح أشبه بنبي جديد يُخبر الناس بأن الأوان قد آن لقدوم الإنسان الأعلى، وهو التجسيد البشري للألوهة.
ويعد هذا الكتاب، بحسب الناشر، من أهم الكتب التي تشرح بطريقة عملية المفاهيم التي استعصت على الفهم، مثل “الوعي”، و”اللاوعي الجمعي”، و”النماذج البدئية”، و”الشخصية القناع”، و”النفس”، و”الذات”، و”الروح”، و”القرينة”، وغيرها. إذ نستطيع أن نفهم الطريقة التي كتب بها نيتشه، ونفهم في الوقت نفسه ما كان يجول في لاوعيه حينها، ونفهم المصدر الذي انبثقت منه تلك الأفكار، من خلال ما قدمه يونغ من تفسيرات لشخصية نيتشه، واستطراداته الموسعة الكثيرة، التي تجعل من كتابه هذا موسوعة فكرية تتجاوز التحليل النفسي إلى معلومات وأفكار في الفلسفة والأدب والميثولوجيا والأديان، بالإضافة إلى بعض القضايا السياسية.
ومن المعلوم أن المؤلف كارل غوستاف يونغ هو طبيب نفسي، ومؤسس مدرسة علم النفس التحليلي، وباحث في الفلسفة والأدب والأديان وتراث الشرق الأدنى والأوسط. ومن أهم مؤلفاته: “مقدمة إلى علم النفس التحليلي”، و”النماذج البدئية واللاوعي الجمعي”، و”الكتاب الأحمر”، و”بين يهوه وأيوب”، و”تطور الشخصية (علم نفس الطفل)”، وقد صدرت جميعًا بترجمة عربية عن دار الحوار.(وال _ دمشق) ج م / ه ع