بنغازي 21 فبراير 2022 (وال)- أظهرت دراسة ميدانية أجراه المركز الليبي للبحوث والدراسات الاكتوازية، على عينة من طلبة المرحلة الثانوية بمدينة بنغازي، استخدام المفرط للإنترنت بين طلاب المرحلة الثانوية، وتأثيره على وضعهم العلمي والاجتماعي، وتدني مستوى الدراسة بسبب ازدياد الاستخدام المفرط للأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعية والألعاب الإلكترونية، متجهين بذلك لإصابتهم بحالة الإدمان على الإنترنت.
كما كشفت الدراسة تعرض الطلبة لكثير من الأمراض النفسية واجتماعية وصحية، وتقليل من متوسط حياتهم الصحية السليمة، مما سيؤدي ذلك للتأثير سلبًا في المجتمع على المدى القصير والمتوسط، وعلى القوى العاملة في المجتمع ويضغط على مؤسسات الحماية الاجتماعية.
وتشير نتائج الدراسة الميدانية إلى أن طلاب المرحلة الثانوية بالتعليم الخاص، ليسوا حديثي العهد في استخدام شبكة المعلومات الدولية، فبلغ متوسط طول فترة استخدامهم للإنترنت ( 6.4 ) سنة بانحراف معياري ( 2.4) سنة، وبحسب ما توصلت إليه دراسات سابقة في بيئات مختلفة، أن هناك تزايد في عدد ساعات الاتصال بالإنترنت، كلما زادت المدة الكلية لاستخدامه.
والدراسة أوضحت أن معظم أفراد العينة (91.6%) يستخدمون الموبايلات الشخصية في الاتصال بالإنترنت، ما سيُؤثر سلبا على صحة هؤلاء الشباب في المدى المتوسط والبعيد، وبخاصة إن تزامن مع استخدام مفرط له في المتوسط بلغ الاستهلاك اليومي للوقت أمام الإنترنت (4.2) ساعة بانحراف معياري (1.6)، وعليه فإن متوسط الاستهلاك الأسبوعي للوقت أمام شبكة المعلومات الدولية لدى أفراد العينة يبلغ حوالي (29.4) ساعة، بانحراف معياري يصل إلى (11.5) ساعة، وقد وُجد أن ربع العينة تقريبا (23.3%) يستخدمون الإنترنت لمدة 40 ساعة أسبوعيا، ووفقا لهذه النتائج يتضح لنا وجود استخدام مفرط لدى ربع أفراد عينة الدراسة، جزء من هؤلاء يقعون ضمن فئة الإدمان التي تحتاج إلى تدخل علاجي نفسي.
وتقول الدراسة إنه وبقدر مما تحمله شبكة المعلومات من منافع على المستوى الشخصي والمهني، بقدر ما تثير في الشخص الفضول مما يجعله يقضي ساعات طويلة أمامها مما يقعه في دائرة تشبه الإدمان التقليدي إلى حد بعيد، وأن أغلب أفراد عينة الدراسة (86.2%) يستخدمون الإنترنت للألعاب والحوارات والتصفح ومتابعة الأخبار ومشاهدة المقاطع والأفلام، و(13.9%) يستخدمونه لغرض البحث العلمي ولخدمات أخرى من بينهم (5.9%) يستخدمون شبكة المعلومات الدولية لغرض البحث العلمي فقط.
وأكد (83.7%) من أفراد عينة الدراسة أن دخولهم إلى شبكة المعلومات الدولية قد زاد خلال الفترة الحالية، من بينهم (22.3%) زاد دخولهم للشبكة بشكل كبير و(41.4%) زاد استخدامهم بشكل متوسط، وقد أكد (20.3%) أنهم يبقون متصلين بالإنترنت حتى وقت متأخر من الليل.
وبشأن ردود أفعال أفراد العينة حيال تعذر دخولهم لشبكة الإنترنت؛ فقال (59.2%) منهم أنهم سينتقلون لممارسة نشاط آخر وبعضهم لن يشعر بالانزعاج اطلاقا، بالمقابل هناك ردود فعل مختلفة لدى (40.8%) من أفراد العينة كلها تشير إلى التعلق بالإنترنت، فقد ذكر (17.8%) أنهم سيحاولون الاتصال بالإنترنت، ولن يتركوا الجهاز حتى يتم الاتصال، بينما قال (14.4%) أنهم سيشعرون بخيبة الأمل، وذكر (6.9%) سيشعرون باضطراب وتوتر شديد، وسيشعر (1.5%) من أفراد العينة بالفراغ.
وحول سؤال الطلاب بشأن ردود أفعال أولياء أمورهم عند استخدامهم للإنترنت لساعات طويلة في اليوم الواحد، يجيب نحو (17.3%) أن أفراد العائلة يشكون دائما من قضائهم أوقات طويلة في استخدام الإنترنت وبخاصة بين الإناث، ويرى (39.6%) من أفراد العينة أن أولياء أمورهم؛ أحيانا يشتكون من الاستخدام المفرط الذي يتبعونه عن اتصالهم بالإنترنت، وهذا الأمر ربما يكون راجع إلى أن أنهم يقضون وقتا طويلا في أمور غير هادفة لا تخدم مستقبلهم العلمي، ولا وضعهم الصحي والنفسي وتؤثر على علاقاتهم الاجتماعية بمحيطهم.
ذكر (45.0%) من أفراد العينة أن استخدامهم للإنترنت يلهيهم عن تلبية طلبات الأسرة، وزادت هذه النسبة بين الإناث بمقدار ثلاثة عشر نقطة مئوية مقارنة بالذكور، وحوالي (13.0%) من أفراد العينة انعزلوا تماما عن أفراد أسرهم وأغلبهم من الإناث، وذلك بزيادة تقدر بعشر نقاط مئوية عن الذكور (38.6%) من أفراد العينة؛ يرون أنهم يهملون أحيانا أو دائما واجباتهم المدرسية بسبب استخدامهم للإنترنت، وكان غرض أغلبهم (92.9%) من استخدام الإنترنت هو الحوارات والألعاب ومشاهدة الأفلام والتصفح.
وأكد (22.8%) أن مستوى تحصيلهم العلمي قد تراجع بصورة حقيقية و(91.3%) منهم كانت الحوارات والألعاب ومشاهدة الأفلام والتصفح هي الغرض من استخدامهم الإنترنت.
بهذا الشأن؛ يوضح مدير المركز الليبي للدراسات والبحوث الاكتوازية الدكتور عبد الغفار المنفي – لوكالة الأنباء الليبية – بخصوص الدراسة التي تم نشرها في اليوم العالمي الإنترنت الآمن الذي يوافق الثامن من فبراير من كل عام، قائلا: “قمنا نحن المركز بإنشاء هذه الدراسة التي سلطت الضوء على التأثيرات السلبية والإيجابية لاستخدام الانترنت، لفئة عمرية معينة وهم المراهقين والذي يعتبرون أكثر فئة تتعرض للأنترنت يوميا وأصبحت ظاهرة وعادة يومية لهم”.
وتابع المنفي: “اكتشفنا أثناء الدراسة بأن هنالك استخدام مفرط للأنترنت خلال الأعوام القليلة الماضية خاصة بين فئة المراهقين، وأن عدد كبير منهم دخل مرحلة الإدمان على استخدام الانترنت الأمر الذي سيؤثر سلبيا على حياتهم الاجتماعية ومستقبلهم، بالإضافة الى التأثيرات الجسدية والنفسية الجسيمة”.
وتابع المنفي: “الأمر الذي نحاول مناقشته أثناء طرحنا لهذه الدراسة؛ هو كيفية علاج هذه الظاهرة ومحاولة إيجاد الحلول لها قبل فوات الآوان، فالمسؤولية تقع على مجموعة متعددة من الأطراف كالعائلة والمدارس من ناحية جعل المناهج الدراسية لها ارتباط بالإنترنت، بالإضافة إلى تكثيف الأنشطة الترفيهية والثقافية أثناء مرحلة الدراسة، لأنه ووفقا للدراسة؛ فإنه إذا أصبح المراهق مدمنا على هذا النمط المعين من استخدام الانترنت فان ذلك سينتقل معه مدى الحياة وسيصبح أسلوب حياتي وروتيني”.
من الجانب النفسي؛ أكدت الاخصائية النفسية والمرشدة الاجتماعية سعاد المجبري، ارتفاع عدد الحالات التي تعاني من إدمان استخدام الانترنت في الآونة الأخيرة، وكانت هذه الحالات تعاني من تداعيات هذا الإدمان الذي أثر على حياتهم الاجتماعية والصحية والنفسية خاصة الفئة العمرية الصغيرة”.
وأشارت المجبري إلى أن الأشخاص المدمنين على الإنترنت يعانون من حالة من التوتر المتواصل، والشعور بالضيق واضطراب في النوم والأكل، والشعور الحزن خاصة عند عدم القدرة على الاتصال بالإنترنت، بالإضافة إلى أنه هنالك عوامل مهمة ساهمت في جعل المراهقين خاصة مدمنين على الانترنت، كالمشكلات الأسرية التي تدفع المراهق للهروب من الواقع وأن يتوجه للدخول لهذا العالم الافتراضي هربا من ضغوط الآباء والأمهات”.
وتوضح المجبري بأن أول خطوة للعلاج من إدمان الإنترنت؛ هي أن يعترف الشخص المدمن بأنه يعاني مشكلة في التخلص من الاستخدام المفرط للإنترنت، وأنه بحاجة إلى تلقي مساعدة، فإذا كان الشخص أو ما يقوم به في يومه عقب الاستيقاظ من النوم تصفح الأنترنت ورؤية الرسائل، فهذا يعني وجود مشكلة حقيقية في نمط استخدامه للأنترنت، ويصبح لابد من التدخل الطبي والإرشاد النفسي لبعض الحالات.
وحذرت المجبري من مخاطر استخدام المراهقين وحتى الأطفال الذين لوحظوا مؤخرا استخدامهم للإنترنت أثناء اللعب بالألعاب الالكترونية، ومراقبة أبنائهم بشكل معتدل، ومحاولة التقرب منهم وعدم الضغط عليهم”. (وال) ف و/ ر ت
تقرير| فاطمة الورفلي