دمشق 27 إبريل 2022 (وال) صدرت حديثًا عن دار “سؤال” في بيروت رواية جديدة للشاعر والروائي الكردي السوري هوشنك أوسي بعنوان “كأنَّني لم أكن”.
تتناول الرواية، وفقًا للناشر، حياة فنّان تشكيلي، مقيم في دمشق، لا علاقةَ لهُ بالسياسة والثورة وكلّ ما جرى في سورية، فقط يركّز على فنّه، ومنهمك في تحضير معرضه المؤلّف من اثنتي عشرة جداريّة مستوحاة من 12 قصيدة قصيرة، كتبها جدّهُ من جهة أمّه.
ينجز 11 لوحة، واللوحة الثانية عشرة لم يكملها، بسبب إصابتهِ المفاجئة بالعمى، يراجع الأطباء في دمشق، يقولون له: لا توجد أيّ مشكلة في عينيه، والجهاز العصبي المتعلّق بالبصر، يقترحون عليه مراجعة الأطباء في موسكو ولندن، لزيادة التأكّد والاطمئنان.
يتلقّى هناك نفس الإجابة، يقترح الأطباء عليه الخضوع لجلسات علاج نفسي، لربّما تكون مشكلته نفسيّة وليست عضوية، يقيم معرضه بإحدى عشرة لوحة، ونصف لوحة، ثم يأخذ موعد مع طبيب نفسي، ويبدأ جلسات العلاج النفسي في دمشق.
وفي أثنائها يستحضر ذاكرة والدهِ الريفي الذي التحق بمقاتلي الزعيم الكردي، مصطفى بارزاني، وذهب إلى إيران للاشتراك في إعلان جمهورية كردستان في مهاباد سنة 1946، كمقاتل ـ بيشمركة، وعقب انهيار الجمهوريّة الكرديّة، يتّجه مع زعيمهِ ورفاقهُ إلى “طشقند” سنة 1947.
ثم يعود معهم إلى العراق سنة 1959 بعد تولي عبد الكريم قاسم السلطة في العراق، وإصداره عفوًا عن البارزاني ومقاتليه، ويكون شاهدًا على عودة الصراع بين الكرد وبغداد سنة 1961، ثم الصراع بين الكرد أنفسهم.
فيترك الحزب والسياسة، وصولًا إلى الاستقرار في دمشق سنة 1962، وينصح ابنه بالابتعاد عن السياسة والتحزّب والثورات.
يُقتل والد الفنان التشكيلي سنة 1981 في دمشق، لأنه كان ضمن المدنيين المتواجدين بالصدفة في مكان انفجار كبير، إبان الصراع الدموي بين الإخوان ونظام حافظ الأسد، مطلع الثمانينيات، فجأةً، يسترد الفنان بصره، لكنه يفقد السمع أيضًا، يراجع الأطباء نفس الإجابة: لا توجد مشكلة عضوية في جهازه العصبي السمعي.
يغادر دمشق سنة 2014 إلى فرنسا، يعود إلى الرسم مجددًا، ويحضّر لمعرض في باريس، لكن هذا الفنان يُقتل أثناء الهجمات التي تستهدف باريس سنة 2015. أيضًا، لأنه تواجد بالصدفة في مسرح “باتاكلان” الذي استهدفه الإرهابيون، المساحة الجغرافيّة التي تتحرّك فيها أحداث الرواية متنوّعة، تبدأ من دمشق 2011، وتعود إلى 1946 في كردستان العراق، ثم كردستان إيران، فالاتحاد السوفياتي السابق، البصرة، بغداد، كركوك، حاجي عمران، هولير (أربيل)، فدمشق، وتنتهي في باريس 2015. ويشير الناشر إلى أنه من فاتحة الرواية يظهر أن “كأنَّني لم أكن” هي رواية الندم والخيبة، إذ يقول أوسي فيها: “سيأتي اليوم الذي أندمُ فيهِ على كلِّ الأشياء التي لم أقترفها، أكثر مِن التي اقترفتُها.
لذا، عليَّ ارتكابُ المزيد، حتّى يكون هناك توازن أو تعادل. إنْ اقترفتم الشَّيءَ أو لم تقترفوه، في كلتا الحالتين، أنتم أبناءُ النَّدم الشّرعيون، وهو الابن الشَّرعيُ للحياة.
مهما أخذتنا العزّةُ بالتكبّر والتجبّر والخيلاء، وأمعنا في نفيه عن أنفسنا، أفعالنا ومشاعرنا، فنحن كاذبون، ما مِن أحدٍ دخلَ الحياة، إلاّ وكان النَّدمُ في استقبالهِ. وما مِن أحدٍ خرجَ منها، إلاّ وهو في وداعهِ، كي يستقبل وافدًا آخر، ينوي دخولَ الحياة، لأنه أحد الأبطال الأبديين على مسرح الحياة، ونحن محضُ كومبارس.
نتناوبُ على الصُّعود إلى خشبة المسرح والنزول منها،لكنَّهُ ليسَ بمعلّمٍ، والحياةُ ليست مدرسةً، ولسنا تلاميذ أبديين. الحياةُ حيوات؛ روايات لا حصر لها، لا ولن تنتهي، يرويها كاتبٌ واحدٌ يحترم نفسهُ، وقرّاءهُ، ونصوصهُ، ولا نحترمهُ. إنه ذلك الكاتب العظيمُ الذي في داخل كلّ واحدٍ منّا؛ واسمهُ النَّدم”.
“كأنَّني لم أكن” هي الرواية الرابعة لهوشنك أوسي، بعد روايته “وطأة اليقين: محنة السؤال وشهوة الخيال” (2016) التي فازت سنة 2017 بجائزة كتارا للرواية العربيّة، فئة الروايات المنشورة، وتمّت ترجمتها إلى اللغتين الانكليزيّة والفرنسيّة، ورواية “حفلة أوهام مفتوحة” (2018)، ورواية “الأفغاني: سماوات قلقة” (2020).
كذلك صدر لأوسي حتّى الآن تسعة دواوين شعريّة باللغتين العربيّة والكرديّة. وترجمت نماذج من قصائده إلى عدة لغات.
أوسي من مواليد الدرباسية في الشمال السوري عام 1976، يكتب باللغتين العربيّة والكرديّة، يقيم في بلجيكا، ويحمل جنسيّتها.(وال/دمشق) ح م