نيودلهي 31 يوليو 2022 (وال) -يحب الهنود الذهب، وتتباهى النساء بالتزين به واقتنائه، وعلى مر القرون اكتنزت الأسر الهندية هذا المعدن الثمين، واعتبرته مصدرا لمواجهة الأزمات.
ووفقا لتقديرات مجلس الذهب العالمي العام الماضي بلغ إجمالي احتياطيات الذهب في جميع أنحاء المنازل الهندية نحو (25) ألف طن، وهو الأكبر في أي بلد في العالم، حيث ارتفع الطلب العام الماضي إلى (850 )طن، مقارنة ب(7609) طن عام 2020.
-الذهب رمزية اجتماعية
بحسب معتقدات معظم الهنود فإنه يرمز إلى الخير والبركة، وأفضل طريقة للاستثمار، و للذهب حضور في كثير من المناسبات الدينية والاجتماعية، فهو يقدم كقرابين للآلهة. كما يستخدم في حفلات الزفاف التقليدية، التي تقتضي كسوة العروس بالحلي و المجوهرات، بشكل مفرط، وكهدايا أحيانا، وكمخزن للقيم، وتمثل هذه المصوغات مصدر ضمان لحياة الزوجة في المستقبل، باعتبار أن الذهب يرمز في الثقافة الهندية إلى المكانة الاجتماعية، و ينشر السعادة و الخير على الجميع خاصة النساء.
-أول بورصة للذهب في البلاد
أسست الهند أول بورصة عالمية للذهب في البلاد، قبل أيام قليلة من هذا الشهر، ومقرها مدينة غوجارت الدولية لتمويل التكنولوجيا، غرب الهند، ومن شأنها أن تسمح لصائغي المجوهرات المؤهلين باستيراد المعدن النفيس مباشرة، كما تهدف إلى إنشاء مركز إقليمي للسبائك.
البورصة الفورية للذهب التي ستوسع قاعدة المستوردين للذهب، بعد أن كان مقتصرا على بعض البنوك والوكالات المعتمدة من البنك المركزي.
وقال الرئيس التنفيذي لبورصة الذهب أشوك غوتام، إن “البورصة الجديدة توفر قناة بديلة للواردات في الهند بطريقة فعالة وشفافة، مع أسعار أفضل على الأرجح، والتي ستكون متاحة للمستخدمين النهائيين”، بحسب ماذكرته وكالة بلومبرغ.
وتعتبر الهند ثاني أكبر مستهلك للذهب في العالم، بما يصل إلى حوالي (800 و900) طن سنويا، وهي تحتل مكانة مهمة في الأسواق العالمية، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي.
وبحسب ما يقوله مجلس الذهب العالمي على موقعه الإلكتروني، فإن سوق الذهب في الهند يفقتر إلى ضمان الجودة، وضعف شفافية الأسعار، وأن البورصة الجديدة من الممكن أن تسهم في معالجة هذه التحديات.
وقال غوتام، إن بورصة سبائك الذهب الجديدة من المتوقع أن تجذب التجار ومصافي الذهب والبنوك الأجنبية، مشيرا إلى أنه قد انضم بالفعل (64) من كبار صائغي المجوهرات في الهند حتى يوم الثلاثاء الماضي، وأن المزيد في الطريق للانضمام خلال الفترة المقبلة.
وكانت شركة “ميتالز فوكس” المشغلة لبورصة الذهب، قالت الشهر الماضي إن الهدف هو إقامة بورصة ذهب على غرار بورصة شنغهاي للذهب وبورصة إسطنبول، لجعل الهند مركزا إقليميا رئيسيا لتدفقات السبائك.
وتستهدف البورصة أيضا الهنود غير المقيمين والمنتشرين في جميع أنحاء العالم، الذي يرغبون في إضافة السبائك إلى محافظهم الاستثمارية.
-الفقر وبيع المصوغات
حسب ماذكره البنك الدولي، تضم الهند ثاني أكبر كتلة بشرية ممن يعيشون تحت خط الفقر المدقع (أقل من 1.90 دولار في اليوم)، في حين تأتي نيجيريا في المركز الأول.
وتحت هذه الضغوط، وقلة فرص العمل، يضطر الكثير لبيع العديد من الأشياء، حيث تنتشر تجارة بيع الأعضاء، والشعر الذي يباع بالكيلو في بعض الأماكن، وأيضا المصوغات الذهبية، محاولة لتحسين الأوضاع الاقتصادية، أو حل أزمة من الأزمات كالديون، أو الانفاق على الأطفال والعائلات.
وفي مسعى يائس للحصول على السيولة النقدية، ترهن العديد من العائلات والأعمال التجارية الصغيرة الذهب، كملاذ أخير، للحصول على قروض قصيرة الأمد لتأمين قوت الحياة.
وأظهرت بيانات المصرف المركزي أن المصارف دفعت “قروضا مقابل المجوهرات المصنوعة من الذهب” بقيمة (4.71) تريليون روبية (64 مليار دولار) في الأشهر الثمانية الأولى من العام 2021، في ارتفاع نسبته (74) في المئة على أساس سنوي.
ومن المعروف أن بيع الهنود لذهبهم يحمل معى يختلف عن الدلالة التقليدية في أي بلد آخر، وهو أمر يعني بالتأكيد أن البلاد قد دخلت في وضع يرثى له.
ويشير كومار جين (63) عاما، الذي تدير عائلته متجرا في بازار زافيري التاريخي في مومباي منذ (106) أعوام، بحسب ما نشرته مصادر صحفية، إلى أنه “لم ير من قبل مثل هذا العدد الكبير من الزبائن الذين يودون بيع مقتنياتهم من الذهب.
ويوضح جين أن زبائنه – ومعظمهم من النساء – باعوا مجموعة واسعة من المجوهرات الشخصية في الأشهر الأخيرة بما في ذلك الأساور الذهبية والخواتم والقلائد والأقراط.
ويعتبر أن “الأسوأ حينما يبيعون قلادة “مانغالسوترا”، مضيفا أن هذه القلادة “تعتبر علامة على امرأة متزوجة، تبدأ في البكاء عندما تخلع مانغالسوترا من رقبتها وتقول لك أعطني المال مقابلها، وهذا أسوأ سيناريو”.