بنغازي 07 أغسطس 2022 (وال) -“لا تقولوا عني مسحور ولا متعاطي مخدرات بل من ضيق المعيشة”، هكذا انهى نقيب من مدينة طبرق حياته منتحرا شنقا، خلال اليومين الماضيين، بعد أن ترك رسالة وجهها لذويه عبر موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، تفيد بتعرضه لضغوطات ومشاكل شخصية عبر عنها، لتسلط هذه الحادثة الضوء على ظاهرة باتت تتكررمؤخرا في المجتمع الليبي دون تحديد أسباب معينة، مثيرة تعاطف الكثير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وتساؤلاتهم عن المسببات.
وكالة الأنباء الليبية تواصلت مع مدير مديرية أمن طبرق عميد سامي أدريس، الذي أوضح “أن حالات الانتحار في مدينة طبرق نادرة الحدوث، وأن هذه الظاهرة دخيلة على المجتمع نتيجة لضعف الإيمان بعض بالله أولا، ثم نتيجة العديد من الأسباب والعوامل منها تعاطي المخدرات والحبوب المهلوسة التي تنتهي بالشخص المدمن بالانتحار وارتكاب كافة الجرائم الأخرى، مؤكدا أن مديرية أمن المدينة متخذة كافة الإجراءات القانونية الحازمة لمكافحة المخدرات وتهريبها”.
بعد رصد حالات انتحار متعددة في بنغازي وبعض المدن الأخرى، (وال) تسلط الضوء على حقيقة الوقائع بعد تسجيل العديد من حالات انتحار لشبان في مقتبل العمر، وسط ظروف غامضة، حيث تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي عديد من الحالات كان أخرها شاب أقدم على قتل نفسا شنقا منذ شهرين تقريبا بمدينة بنغازي، ليصل إجمالى عدد حالات الانتحار خلال تلك الفترة لثلاث حالات خلال عشرة أيام.
رئيس قسم تحريات بنغازي فوزي الفايدى، كان قد أكد بوقت سابق لوكالة الانباء الليبية “أن أخر حالة الانتحار كانت لشاب في مدينة بنغازي، وفي تواصلنا مع ذوي الشاب أكدوا بأنه كان يعاني من ضائقة مالية دخل على أثرها في حالة حزن جعلته يقدم على قتل نفسه.
يتابع الفايدي، بأن نسب كبيرة من حالات الانتحار والجريمة أيضا كان المسبب الرئيسي لها هو انتشار المخدرات وأنواع جديدة وخطيرة جدا من حبوب الهلوسة، والتي تعمل كافة الأجهزة الأمنية المختلفة في البلاد لكفاحها وضبطها، والتي أصبحت مؤخرا تدخل بكميات كبيرة يتم تهريبها داخل البلاد.
-ظاهرة الانتحار من منظور ديني
إبراهيم بالأشهر عضو اللجنة العليا للإفتاء أكد بأن الانتحار كبيرة من كبائر الذنوب لقول الله عز وجل (لا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيم)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: بأن من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة، وقول عليه الصلاة والسلام: من قتل نفسه بحديدة فهو يتوكأ بحديدته في نار جهنم خالد مخلدا، ومن قتل نفسه بسم فهو يحتساه في نار جهنم خالد مخلد، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالد مخلدا.
ويقول النبي صل الله عليه وسلم أيضا فيمن قتل نفسه أن الله عز وجل يقول: بادرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة، ليدل على عظامة عقوبة من قتل نفسه، الأمر الذي لا يمنع أن يصلى على الشخص المنتحر لأنه مسلم لم يخرج بعمله هذا عن الإسلام، ولكن النبي صل الله عليه وسلم عندما أوتي برجل قتل نفسه قال صلوا على صاحبكم، زجرا له ولامتناع أهل الفضل من الصلاة عليه.
وتابه بالأشهر؛ هذا الامر يأتي من ضعف الدين وقلة الايمان، لذلك ننصح بالشباب وأولياء الأمور أن يحثوا أبنائهم على اللجوء لله عز وجل، وأن ينظروا إليهم، ويتتبعون أحوالهم وتقلباتهم المزاجية، ليسارعوا في معالجتهم لأن بعض الأمور قد تكون أسباب ضيق الحال والأسحار، فإن بلغ للإنسان بأنه لا يدري مما بدر منه واصابته بمرض نفسي، أو سحر، جعله يودى بحياته فيرفع عنه التكليف.
-الاكتئاب المسبب الأخطر للانتحار
توضح الأخصائية النفسية سعاد المجبري خلال حديثها لوكالة الأنباء الليبية “بأن لابد من ضرورة التوعية بالصحة النفسية أولا، حتي نصل لسلامة العقل الإنساني، و يجب التوعية بكيفية التعامل مع المرض النفسي والاضطرابات النفسية التي تدخلنا في حالة نفسية، والعمل علي تصحيح أن المرض النفسي ليس وصمة عار للفرد نفسة وأسرته والمحيطين، ولا يخجل منه بالرغم من تشابهه وارتباطه ارتباط وثيق مع الأمراض العضوية الآخرى، التي يتطلب تدخل علاجي دوائي حتي يتحسن، ويتحمل الفرد شدة لألم، وللمرض النفسي تأثيره علي الفرد نفسه والأسرة والمحيطين، لهذا يجب لانتباه من بداية ظهور الأعراض حتي نستطيع تجاوز تطور الحالة ووصولها للانتحار”.
-ماذا يعني الانتحار؟
توضح الأخصائية والاستشارية النفسية سعاد العريبي “الانتحار يأتي من عدة أسباب اضطراب ثنائي القطب فصام الشخصية تقلبات الشخصية تعاطي المخدرات إساءة معاملة منذ الطفولة وجود امراض مزمنة، فأسباب هذه العوامل يقوم الفرد بقتل نفسه كرد فعل مأساوي لمواقف الحياة المجهدة، ولا يوجد سبب واحد وراء محاولة أي شخص الانتحار، بل يوجد عدة عوامل تزيد من خطر محاولة الانتحار ويعتبر الاكتئاب هو عامل الخطر الرئيسي للانتحار، وهناك العديد من الاضطرابات النفسية والعقلية، وكلها تساهم في الانتحار بالإضافة إلى أضرار شائعة تمثلت في تناول جرعة زائدة من الدواء، أيضا الاختناق نتيجة الشنق، وهناك أسباب نفسية واجتماعية تسبب معظم الأحيان في التفكير في الانتحار، منها اضطرابات القلق وتقلبات الشخصية، تعاطي المخدرات، وجود تاريخ عائلي وأحداث الحياة، فقدان شخص عزيز أو فقدان وظيفة، أو فشل العلاقات العاطفية والخسارة المالية، أو يكون الفرد ضحية للتحرش أو التنمر والإساءة الجسدية”.
-الوقاية من الانتحار
حددت الاستشارية النفسية سعاد المجبري، عدة طرق لتجنب فكرة الانتحار، منها “عدم مواجهة الأفكار المسببة لانتحار للمريض وحده، بل يجب طلب المساعدة من الأشخاص المتخصصين والدعم من أصدقائه، والمؤسسات المختصة لهذا الغرض مما يسهل التغلب على أي تحدي سيسبب في الأفكار العمودية للانتحار، وأيضا الأدوية العلاجية وضرورة عدم التوقف عن العلاج مما يودي لعودة فكرة الانتحار، والحرص علي طلب جلسات العلاج النفسي في مواعيدها، والتمسك بالخطة العلاجية للتغلب على تلك الأفكار، والتخلص من أي أدوية أو سلاح بجانب الشخص المريض.
وتختتم المجبري حديثها عن ظاهرة الانتحار: بأن المشاعر الانتحارية هي مشاعر مؤقتة في حال شعور الشخص باليأس أو فقدان الحياة، وأنه لا يستحق العيش، لذلك يجب الانتباه إلى أن العلاج موجود ويساعد على التحسن ويغير من وجهة نظر المريض، وأيضا يجب عدم التصرف باندفاع لقتل نفسك، والحرص على تحسين الصحة والسلامة النفسية”.(وال بنغازي) ف و / س خ.
اعداد: فاطمة الورفلي.