حاورته: فاطمة الورفلي
بنغازي 14 سبتمبر 2022 (وال)-أعلن رئيس مكتب اتحاد الناشرين الليبيين بمناطق شرق البلاد، علي بن جابر، استعداد مدينة بنغازي لاستقبال الحدث الثقافي الأكبر المتمثل في المعرض الدولي للكتاب في نسخته الأولى منتصف شهر أكتوبر المقبل.
وقال بن جابر وهو صاحب دار النشر والتوزيع التي تتخذ من لقبه اسماً، إن طلبات المشاركة في المعرض بلغ عدد 283 دار نشر عربية، لافتا إلى أن هذا الرقم غير متوقع خصوصا في الأوضاع التي كانت تمر بها ليبيا، وما سوقه الإعلام للخارج عن الحالة الأمنية في البلاد.
وأكد مدير دار الجابر للنشر والتوزيع بصفته مديرا عاما للمعرض المرتقب أن اللجنة المشرفة على المعرض قررت تقليص عدد دور النشر التي تم قبول مشاركتها في المعرض إلى 185 دار نشر، عازياً الأمر لعدم وجود مكان يستوعب الكم الكبير من دور النشر المتقدمة للمشاركة.
وأوضح بن جابر في حوار مع وكالة الأنباء الليبية (وال) أن هذا الأمر يبيّن مدى قناعة دور النشر العربية والدولية بشغف واهتمام الشعب الليبي بالكتاب واقتنائه، وأن السوق الليبية سوق رائجة وجيدة للكتاب بمختلف صنوفه.
لكن بن جابر استدرك قائلا: إن عدم اهتمام الدولة بالثقافة وعدم جعلها أولوية كان سببا في قلة المشاركات الليبية في المعارض الدولية وهو ما انعكس على دور النشر والكتاب الذين عزفوا عن المشاركات على نفقتهم الشخصية.
وأشار إلى أنه وعلى الرغم من ذلك، ازدادت الابداعات الليبية، لافتا إلى أن الساحة الثقافية المحلية شهدت عدة مواهب مميزة، وإنتاج غزيز من الكتب والمؤلفات الجاهزة للنشر من كتاب شباب موهوبين مقارنة بالسنوات الماضية.
وأكد أن الكتّاب الليبيين بحاجة للتحفيز ليبدعوا أكثر في مجالاتهم، مشددا على أن الكاتب الليبي مهضوم حقه، كونه يبدع في شتّى أنواع الكتابة دون أن يتلقى تحفيزاً أو أجراً يجازي جهده.
الدولة لم تسدد ديونها للناشرين
وفي السياق ذاته، أشار بن جابر إلى ديون مالية لأصحاب دور النشر المحلية والدولية وعدد من الكتّاب على كاهل الدولة الليبية متمثلة في وزارة الثقافة والتنمية المعرفية، موضحا أن ما اشترته الوزارة – في عهد الوزيرة الحالية السيدة مبروكة توغي – من معرض القاهرة للكتاب الماضي بما قيمته 11 آلاف دينار فقط لم يتم تسديده للناشرين الليبيين حتى هذا الوقت رغم ضآلة المبلغ.
كما أوضح أن الدولة لم تشتر أية إنتاجات فكرية وأدبية منذ العام 2013 وأن ما اشترته وزارة الثقافة من الناشرين العرب خلال معرض طرابلس الدولي للكتاب في آخر دوراته العام 2013 لم يتم تسديد ثمنه أيضا حتى الآن، لافتا إلى أن عجز الوزارة عن تسديد هذه المبالغ الزهيدة يعكس حالة عدم اهتمام الدولة بالشأن الثقافي.
وأبدى بن جابر أسفه لاعتبار وزارة الثقافة ماتزال حصة مناطقية أو جهوية أو قبلية في التقسيمة الحكومية، موضحا أنه لم يأت على رأسها شخص معني بالشأن الثقافي ومهموم به على مدى الأعوام الماضية، وهو ما انعكس سلبا على المشهد الثقافي برمّته، وفق تعبيره.
وأشار إلى وجود أشخاص على درجة عالية من الكفاءة لتولي منصب حساس وهام كهذا، لافتا إلى أن المحاصصة التي أتت بأشخاص لم يكونوا بمستوى إقناع المثقفين، انعكس عليهم سلبا وعزوفاً وركودا.
صعوبة في التوزيع للكتب
من جهة أخرى، أوضح بن جابر العراقيل التي تواجه قطاع النشر والتوزيع، لافتا إلى أن تسويق الكتاب الليبي خارجيا متعثر لعدة أسباب أهمها عدم اهتمام الدولة بنشر الثقافة الليبية للخارج وتصديرها.
وقال إن: “الكتاب الليبي لا يوجد تسويق خارجي يليق به، وأن التسويق الخارجي في العادة يعتمد على الدولة التي لديها القدرة على دعم هكذا نشاط، لكنها كانت تهمله ولا تعيره اهتماما، سواء فترة النظام السابق أو الوقت الحالي، حيث يقتصر الأمر على القطاع الخاص فحسب”.
وأشار إلى عدم رضا شرائح الكتاب والمثقفين الليبيين عن حجم ونوعية المشاركات في الفعاليات الدولية، لافتا إلى أن الحضور الليبي في المعارض الخارجية ما يزال خجولا رغم نمو قطاع النشر والتوزيع في الآونة الأخيرة.
وأوضح أن المشاركات الخارجية ما يزال يقتصر على عدد محدود من دور النشر القادرة على المشاركات وتكاليفها، إضافة إلى جناح صغير يمثل وزارة الثقافة في هذه المعارض.
تضييق أمني وركود ثقافي
وعن صناعة الكتاب، أشار بن جابر إلى اعتقاد البعض أن الأمر يقتصر على مؤلف يكتب وناشر يطبع ومثقف أو مختص يقرأ، مؤكدا أن الأغلبية يتناسون أن العناصر الأهم المتمثلة في التسويق والتوزيع والدعاية والإعلان ماتزال غائبة خاصة في الوسط الليبي، وأنها تؤثر على انتشار الكتاب بشكل عام.
واشتكى من عدم وجود شبكة توزيع داخل ليبيا وخارجها، لافتا إلى صعوبة توزيع الكتب التي تطبع في شرق البلاد، في مناطق الغرب والعكس، فضلا عن الصعوبة التي تواجه الناشرين في توزيع الكتاب خارج ليبيا.
كما لفت إلى المعاناة التي يعيشها الناشر أيضا في ظل عدم وجود مواصلات خاصة بتوزيع الكتب بطرق منتظمة بين المدن الليبية والتنقل السهل بينها، مشددا على أن هذا الجانب ملزمة به الدولة ومن المفترض أن تكون متكفلة به عبر المواصلات العامة.
وأضاف “لن نستطيع التوزيع على مستوى البلاد وسيكون التوزيع محدودا ومقتصرا على المدن الكبرى فقط، وذلك بسبب تكلفة النقل العالية، وانعدام القدرة على الوصول إلى كل المدن والقرى والأرياف، بسبب البنية التحتية والأوضاع الراهنة الأمنية الراهنة”.
وقال إن عددا من المناطق في جنوب البلاد وكذلك المناطق النائية لا يصلها الكتاب أساسا، مؤكدا أن هذا الأمر ساهم في تراجع حركة النشر إضافة إلى المردود المالي الضعيف جدا للكتاب مقارنة بأي نشاط اقتصادي آخر.
واستشهد بن جابر بتراجع عدد المكتبات في المدن الليبية واستبدالها بمحلات بيع القرطاسية والأدوات المكتبية ذات العائد المادي الأكبر، قائلا إن عديد من أصحاب المكتبات اعتبروا أن الكتب تأخذ حيزا مكانيا مقابل أدوات يمكنها أن تدر أموالا أكثر.
كما اشتكى من التضييق الأمني الذي ازداد مؤخرا فيما يتعلق بالرقابة على الكتب ومحتواها، لافتا إلى أن هذا التضييق والمبالغة في التأويل تسبب في انكماش حركة التأليف والطباعة للكتاب.
وقال إن “التضييق الأمني فيما يتعلق بالرقابة على الكتب ومحتواها قبل الطباعة يؤثر بشكل مباشر على قطاع النشر الليبي
وطالب بن جابر في ختام حواره مع وكالة الأنباء الليبية دعم قطاع الناشرين الليبيين من خلال تكليفهم بطباعة الكتاب المدرسي وغيره من الإنتاج الفكري والأدبي والعلمي، وعدم احتكار الدولة لهذا القطاع، وذلك لإنعاش الحركة الاقتصادية للناشرين والتي بطبيعة الحال ستنعكس بالإيجاب على المشهد الثقافي برمته. (وال – بنغازي) ف و / أ هـ