الشارقة 13 سبتمبر 2022 (وال)- صدر حديثًا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتّاب “رقائق الحُلل في دقائق الحيل لعلي بن يونس السعدي”، وهو كتاب تراثي من تحقيق الدكتور حمد البليهد.
وكتب البلهيد في تظهير للكتاب:
“اعلم أيّها السيد السعيد أنَّ الحِيلة لما كانتْ ثمرة العقل، ومستخرجة بقوانينه، وطُرُقُه في استخراج عويص العلوم، ومحاسن الفنون المختلفة الأصول والمنافع، وجب أن تكون للإنسان خاصة، من دون غيره من الحيوان. فإن قال قائل: إنّا نرى كثيرًا من الحيوان يعمل من الحيل ما يفتح له منها فوائد جمّة مثل الحيَّات، فإنها تخرج في الربيع من أجحرها، وقد غشى على بصرها، فتأتي الرازيانج فتمرغ وجهها عليه فتنفتح أعينها. وكالدب، فإنّه في الربيع أيضًا يأتي إلى أجحرة النمل، فيلقطها ثم يشرب عليها من الماء، فيقذف كل ما معه من الأخلاط، كما يشرب الإنسان الشَّرْبَة، ومثل الطير الذي يأخذ في منقاره ماءً ويَزْرقه في دبره، فينطلق إذا أصاب تُخمة. وكالخفاش الذي يرى بأفراخه يرقانًا أصفر، فيمضي فيأتي بحشيشة، وقيل بحجر فيطرحه في عشه فيزول عنهم مرضهم. وكالكلب إذا برد في الشتاء، فإنه يعدو أشواطًا كثيرة فيدفأ. وكالكركي إذا خاف على نفسه من النوم يقف على فرد رِجْلٍ خوفًا لا ينام. وكالعنكبوت فإنه يأتي إلى زوايا البيت، فينسج بها شبكةً فتأتي الذبابة فتسقط عليها، فتعلق فيأخذها فيأكلها. ومثل هذا كثير. قلنا: فهذه ليست معدودة في الحيل لغزارة عقلها. وإنما ذلك إلهام من الله تعالى لصلاح أحوالها ولطف من الله بها. وإذا كانت الحِيلة طريقًا، أو آلة استعملها العقل، فبغير شك أنه ينبغي للعاقل أن يعرف طرق الحيل، وكيف يستعملها، ويعلم من أين دَخلتْ عليه حيلةٌ من الحِيل، وكيف الخروج. (وال) ح م/ ر ت