الشارقة 21 سبتمبر 2022 (وال) _ صدر حديثًا عن “دار الحوار” كتاب “أثر الإيديولوجيا في بناء الفاعل الذات” لأحمد الناوي بدري، عن سلسلة “نقد أدبي”.
وجاء في تقديمه:
مدار هذا البحث على إشكاليّات تستفزّنا كلّما اطّلعنا على أثر روائيّ، تتخطّى ما يقوله النصّ، أو “ما يقوله في غفلة من الكلمات ونواياها الصّريحة” المباشرة، وتتّصل بسيرورة التأليف والخلق والتشكيل: من يبني النصّ الروائيّ؟ ولماذا يُبنى كلّ أثر روائيّ بناءً متفرّدًا مخصوصًا فلا يكون به كغيره من النصوص؟ هل لهذا التفرّد وهذه الخصوصيّة علاقة بالقيميّ والإيديولوجيّ يتحكّم في مراكز الوعي وتوجيه الكتابة و”ميكانيزمات” الإبداع ومحرّكاته؟ أم هل أنّ هذا الاختلاف حاصلُ لعبٍ بالأشكال، وهل ثمّة لعب بريء؟
في هذا الإطار، يتنزّل بحثنا. إنّه يأخذ بطرف من هذه الإشكاليّة من خلال بحثه في المحرّكات الفاعلة في تشكيل عنصر من عناصر الحكاية في الرواية الذي هو الفاعل الذات، وفي علل بنائه فيها بهذا الوجه، أو ذاك. بدءُ رهاننا في ذلك أن نصل إلى مقاربة القيم الكامنة وراء هذا البناء وهذا التشكيل، ومنتهاهُ أن نصل النصّ الروائيّ بالمقام الذي أنتجه، أو “أن نلحق بالنصّ سياقَه”، أو على الأقلّ بشقّ منه، وأن نسند “التقنية السرديّة” إلى القصد الذي يُخرج النصّ إلى ما وراء ذاته، باتجاه تجربة إنّ ما أُجري على الرواية بالإنشائيّة يظلّ في اعتقادنا منقوصًا ما لم يلتفت إلى السياقات التي تخلّق فيها هذا النصّ و”الميكانيزمات” التي فُعِّلت في تشكيله، أو كانت علّةً من علل وجوده خطابًا روائيًّا مهيًّا على المثال الذي هو عليه، من دون غيره، على كثرته وتعدّد ممكناته. عسانا بهذا نقتدر على أن نبلغ تلك “القواعد السريّة” التي تُفعّل في بناء الفاعل الذات في الرواية، وهي كثيرة، منها ما يتّصل باللاّوعي، ومنها ما يتّصل بالوعي مربوطًا بقصد مقيّد بهدف يتعلّق بالذات، أو تفرضه المؤسّسة، أو على الأقلّ أن نكتشف جانبًا من هذه القواعد ممثّلا في الإيديولوجيا المتحكِّمة في بناء هذا العنصر الحكائيّ في الرواية.
أليس الأدب ـ والرواية فرع من فروعه ـ صياغة فنيّة لموقف إنسانيّ؟
وقد آثرنا أن نقصر هذا البحث على دراسة الفاعل الذات من دون غيره من العناصر التي بها يتشكّل النصّ الروائيّ لأسباب منها: أنّ الفاعل الذات في النّصِّ السرديِّ عامّة، يمثّل عنصرًا مهمًّا، فهو محرّك خطاطة الفواعل في الرواية برمّتها ومركز الجذب فيها، وهو الذي يقيم عمودها ويشدُّ عناصرها.(وال_ الشارقة) ح م