دمشق 11 أكتوبر 2022 (وال)- صدرت حديثًا عن دار المدى ترجمة عربية لكتاب “من سيبيريا.. جزيرة ساخالين” لأنطون تشيخوف أنجزها عبدالله حبه.
وجاء في تقديمه:
أراد أنطون تشيخوف أن يسجل للحقيقة والتاريخ وللأجيال القادمة وقائع فترة قاتمة من الأحداث الأليمة في جزيرة ساخالين المنعزلة في أقصى روسيا، بعد انتهاء عهد القنانة في روسيا القيصرية، لتكون منطلقًا في عمل جميع الباحثين عن مستقبل أفضل للبلاد. إن الكاتب نفسه لم يذكر أسباب إقدامه على القيام برحلة إلى جزيرة المنفيين هذه من دون الحصول على توصيات من أي جهة رسمية، بالإضافة إلى ما رافقها من أخطار على صحته، وهو المريض بالتدرن الرئوي، وفي فترة الربيع بالذات حين تبدأ فيوض الأنهار في سيبيريا وتزداد الأمطار والعواصف. لكنه قام بهذه المغامرة بدعم صديقه ألكسي سوفورين، رئيس تحرير صحيفة “نوفويه فريميا”، الذي موّل الرحلة مقابل إرسال “يوميات مسافر” لنشرها في الصحيفة. لكنه لم يكتب من هذه اليوميات إلا القليل حول سيبيريا، أما الكتاب “جزيرة ساخالين” فقد كتبه بموسكو بعد عودته من الرحلة. انطلق تشيخوف من محطة قطار ياروسلافلسكي في موسكو في 21 أبريل عام 1890 إلى مدينة أومسك آخر محطة في سيبيريا، ومنها توجه في عربة يجرها حصانان في رحلة لمسافة آلاف الكيلومترات وسط الغابات والمستنقعات عبر سيبيريا والشرق الأقصى واستغرقت 81 يومًا. وحدث ذلك بعد أن منح الكاتب لتوّه جائزة بوشكين عن مجموعته القصصية “في الغسق”، وحقق نجاحًا كبيرًا ككاتب قصصي ومسرحي، حيث كانت المجلات الأدبية ترحب بنشر قصصه، بينما كانت المسارح تقدم أعماله الفودفيلية ومسرحياته باستمرار.. اختلف الكاتب عن معاصريه في أنه عالج قضايا لم يطرحها الآخرون في أعمالهم، وكان يرى ما لا يلاحظه الآخرون، ونقل ظواهر الحياة العادية المبتذلة إلى الصعيد الفلسفي.
وبهذا اختلف عن الكتّاب الروس الكبار من معاصريه في كونه نسيج وحده. وقد وصفه الكاتب الكبير ليف تولستوي بأنه “بوشكين الناثر”. فتراه يصور بصدق ما يدور في خلد السجين الذي يرسف في الأغلال، وما تفكر فيه الفتاة ابنة الـ 16 عامًا الجالسة إلى النافذة، التي أرغمت على الزواج من سجان جلف يكبرها بثلاثة عقود من السنين، وما يدور في خلد الطفلة التي أُنزلت للتو جثة أمها في القبر. (وال) ح م/ ر ت