بنغازى 26 نوفمبر 2016(وال)- مع استمرار أزمة نقص السيولة المالية وتفاقم الأزمات الاقتصادية التي كبلت المواطن الليبي الحالم بتحسن الأوضاع الاقتصادية إلى الأفضل يجتهد الباحثون والمختصون في تحليل الأسباب، التي أودت بليبيا إلى حافة الإفلاس .
المصارف الخاوية والأبواب المغلقة أمام العملاء والصفوف، التي اجتازت ألف مواطن في بعض المصارف، هو ما دعا المختصون إلى إطلاق ناقوس الخطر والشروع في عرض واستعراض الحلول، التي من شأنها أن توضح أسباب نقص السيولة المالية .
سعيد محمد الأطرش، عضو مجلس الإدارة بمصرف الوحدة، ورئيس لجنة المراجعة الداخلية، والمتخصص في إدارة المصارف والتمويل المصرفي المالي والتجاري والاستثمارات، كشف في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الليبية، أن الحل الأبرز للخروج من هذه الأزمة هو تضافر جهود المصرف المركزي ووزارة المالية، ووزارة الاقتصاد والجهات الأمنية وتشكيل لجان طوارئ من مختصين ذوي خبرة علمية وعملية، ولهم تجارب واسعة في مجال المال والاقتصاد، بحيث تقوم هذه اللجان بدراسة المشكلة ووضع الحلول الناجحة لها والتنسيق بين الجهات ذات العلاقة لضمان نجاح الحلول والتوصيات، التي يتم وضعها .
ويري الخبير المصرفي، أن أحد أهم أسباب نقص السيولة، هو عدم تمكن مصرف ليبيا المركزي الشرعي بمدينة البيضاء من إلغاء اعتماد وضع محافظ مصرف ليبيا المركزي، بالعاصمة الليبية طرابلس وإحلال محله المحافظ، الذى صدر به تكليف من الجهة الشرعية، وهو مجلس النواب الليبي.
وبيّن أن عدم ثقة زبائن المصرف في سرية حساباتهم المصرفية، هو ما سبب في نقص تردد العملاء على المصارف التجارية، لأن بعض الموظفين بالمصارف يتعاونون مع بعض العصابات، بالإبلاغ عن أرصدة العملاء، وهو ما يخالف القانون وهذا قد يتسبب في عدم إيداع الزبائن لأموالهم في المصارف، وكما أن المواطن لا يمكنه سحب المبالغ المودعة في حساباتهم، مما أدى بطبيعة الحال إلى عدم الإيداع في المصارف التجارية “لافتاً إلى أن الأخير هو الأكثر خطراً على اقتصاد ليبيا “.
وحسب رأيه الشخصي يرى الأطرش، إن الإيداعات الخاصة بمبيعات الغاز ومحطات البنزين، وهى مبالغ كبيرة لا يتم إيداعها في المصارف بسبب المحاباة وتحويل هذه الأموال، لمصلحة شخصيات بعينها، كما أن برنامج المقاصة بين المصارف التجارية يأخذ في وقت طويل في تحصيل قيمة الصكوك المودعة في الحسابات، الأمر الذي نزع الثقة في التعامل بالصكوك، كذلك فإن التأخير في تنفيذ الحوالات الداخلية أدى إلى قيام رجال الأعمال لنقل كميات من المبالغ الكبيرة عبر الطيران إلى المدن الليبية الأخرى بدلاً من إيداعها بالمدن الشرقية، بالإضافة إلى تهريب النقد الليبي إلى دول الجوار واستبدله في الحدود بالعملات الصعبة بأرخص الأثمان لشراء بضائع ومواد لأن المصارف، حتى الآن لا تقوم بفتح الاعتمادات .
وكرؤيته كخبير وضّح الأطرش، كيفية وآلية الخروج من هذه الازمة، وذلك أن يقوم مصرف ليبيا المركزي بمدينه البيضاء، بإجراءات جادة تؤدي إلى سيطرته على الأرصدة الليبية في الخارج، بدلاً عن المصرف المركزي بطرابلس، وهذا يتطلب إجراءات يقوم بها المصرفيون المحترفون، الذين يمتلكون خبرة علمية وعملية ومصرفية وقانونية، في إدارة العلاقات المصرفية الدولية.
وقال: “وأخذ هذا بعين الاعتبار منذ فترة لتمكنا، من تحقيق كثير من الأمور ولذا يجب التحرك السريع في هذا المسار”.
وأضاف، أن على المصرف المركزي، أن يسرع في فتح الحسابات للجهات العامة الحكومية مثل الوزارات ومشابهها، وعلى المصرف المركزي والمصارف التجارية أن تعقد سلسة من الاجتماعات مع كبار التجار ورجال الأعمال ويطالبهم بالإيداع في حساباتهم المصرفية، ويطمئنهم بأن لهم كامل الحرية في السحب متى شاؤوا ولن يسمح لأي أحد بالاطلاع على الأرصدة المودعة، كما يجب على الجهات الأمنية تشكل لجان بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، تشرف على إيداع مبيعات الغاز ومبيعات محطات البنزين بالمصارف وهو ما يساهم في تحريك معدل السيولة المالية بشكل كبير.
وقال الأطرش: إن على مصرف ليبيا المركزي بمدينة البيضاء أن يضع حلول لمشكلة المقاصة؛ بحيث تكون مدة تحصيل الصكوك بين المصارف قصيرة مع المحافظة على الدقة الأمان؛ حتى تعود ثقة الزبائن للتعامل بالصكوك، وهذا سيقلل التعامل بالنقد.
وأشار إلى أن المصرف المركزي البيضاء عليه أن يقوم بإصدار تعليماته الجادة للمصارف التجارية لتسريع وتسهيل عملية الحوالات الداخلية، وأن تكون هذه التعليمات عامة، كما يجب أن تكون مرفقة بالإجراءات التي يكون بها الموظف بمجرد تسلّمه بطلب الحوالة الداخلية.
وقال: إن ذلك يجب ألا تتعدى مدة التحويل 3 أيام فقط، الأمر الذي سيوقف نقل كميات من السيولة عبر المنافذ والطيران”.
ونوّه إلى أن على مصرف ليبيا المركزي بمدينة البيضاء إصدار تخويل يعطى الحق لأي مصرف تجارى لديه الرغبة بإصدار شهادات إيداع بمبلغ 100 دينار ليبي تستحق بعد خمس سنوات من إصدارها بفائدة بسيطة تتراوح بين 3 في المئة أو 5 في المئة، لتدفع لحاملها عند الاستحقاق.
وقال: إن على مصرف ليبيا المركزي والمصارف التجارية يتعاونان بشأن زيادة ضخ كميات أكبر من النقد الليبي، وذلك لإعادة ثقة المواطن للمؤسسة النقدية.
وحذّر الأطرش، من أن طبع عملة ورقية جديدة هو حل مؤقت، لذلك يجب على البنك المركزي، أن يضع العملات الصعبة في المصارف التجارية عند طريق فتح الاعتمادات ومستندات التحصيل والحوالات الخارجية.
وقال: إن على مؤسسة النفط أن تباشر في تصدير النفط والغاز بناءً على اتفاقات مبرمة في السابق، وبذلك فإن العائدات من العملة الصعبة للمنطقة الشرقية والجنوبية سيكون قليلا إذا ما حولت هذه الشحنات من مصرف ليبيا المركزي بطرابلس.
وأضاف، أن على المصرف المركزي البيضاء، أن يعطى تعليماته إلى المصارف التجارية في المنطقة الشرقية لتسريع برنامج نقاط البيع، وهي نوع من بطاقات الائتمان ويجب أن تقوم الجهات الأمنية، بإيقاف خروج الدينار الليبي، بكميات كبيرة خارج الحدود.
وقال: “إن على المصرف المركزي توجيه رسائل بهذا الخصوص إلى الجهات المعنية توضح فيها خطورة تأثير ذلك على السيولة النقدية”.
وبعث الأطرش، برسالة مستعجلة للمركزي البيضاء مفادها، لنظر في رفع نسبة الفائدة على إعادة الخصم، وكذلك رفع سعر الفائدة على حسابات الودائع لدى المصارف التجارية ورفع سعر الفائدة على حسابات التوفير، والبحث عن مصادر للعملات الصعبة، لتمكين المواطنين من القيام بالتحويلات لأقاربهم الموجودين في الخارج، لغرض الدراسة أو العلاج والمشاركة في الندوات والدراسات خارج البلاد.
ويرى الأطرش، أنه لابد من الاستفادة من النقد الليبي المستورد من الخارج مستقبلاً، عندما يتحسن صرف الدينار أمام العملات الأخرى وعملات دول الجوار وإعادة النظر في قانون المصارف التجارية الخاصة، وما يتعلق بالصكوك الصادرة بدون أرصدة ولها تعديل قانون الأجرام والإجراءات، على غرار ما هو معمول به في الكثير من دول العالم ولذلك سيكون التعامل بالصكوك بدلاً من النقد في تسوية المشتريات.
واعتبر الأطرش أن المشهد اليومي وتقدم مجموعة من الزبائن لخزائن أي مصرف تجارى بسحب جزء من ما لديهم في حساباتهم ورفض المصارف بحجة عدم وجود السيولة بأنه “أمر خطير” وسابقة في ليبيا، لابد من معالجتها ووضع الحلول العلمية والعملية، لها ويجب تجنب المضاعفات الخطيرة الناتجة من عجز وإفلاس المصارف. (وال-بنغازي) أ ف / ف خ