طرابلس 04 مارس 2023 (وال)- تحفظت اللجنة السيادية المشكلة بقرار رئيس المجلس الرئاسي عام 2021 م لمعالجة ملف الهجرة غير الشرعية على تقرير البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في مجلس حقوق الإنسان، واعتبرته مُعيبًا وشباته مغالطات، ولعل في مقدمتها تجاهله أن هذه البعثة صاحبة التقرير جاءت بإرادة ليبية وبطلب من حكومة الوفاق الوطني في 2020، وجددت ولايتها من حكومة الوحدة الوطنية في 2022 م.
وقالت اللجنة في تقرير مطول لها تحصلت وكالة الأنباء الليبية على نسخة منه حول مأخذها على تقرير البعثة إن مبحث الكشف عن الجرائم والجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان التي شاءت ظروف ليبيا خلال حقبة صعبة من الإنقسامات والحروب الداخلية، أن تمنح لها مناخًا غير مسبوق، قد تأكد على رأس اولويات الدولة الليبية، كأرضية ضرورية لإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب وإنصاف الضحايا، وتحقيق العدالة الانتقالية باتجاه المصالحة الوطنية وبناء الدولة، ولذلك توجهت ليبيا بطلب المساعدة من جهة أممية مستقلة للقيام بتقصي الحقائق بشكل مستقل، لتمكين الليبيين من وضع اليد على الجرح، ومعالجة الأمر وفق ما يلزم، (خاصة مع تورط أطراف أجنبية، وشبكات إجرامية عابرة للحدود في سياق هذه الإنتهاكات).
واعتبرت اللجنة أن تقرير هذه البعثة قد شمل المفاجأة وفق صدوره في صيغة غير محايدة، بل ومنحازة بشكل ظالم ضد الدولة وضد الشعب الليبي، (على النحو الذي يقدم ليبيا كبلد انتهى أمرها كمرتع لكافة الانتهاكات ضد الإنسانية، وأن جميع الليبيين تفرغوا لصب حمم العنف ضد المهاجرين، وتخصصوا في الاستعباد والعنف الجنسي، وكافة الجرائم ضد الإنسانية بحق هؤلاء).
وعبرت اللجنة الرئاسية عن أسفها لأن مثل هذا المصير يواجه بعض المهاجرين غير الشرعيين الذين تسللوا لليبيا بشكل غير قانوني عبر شبكات دولية للتهريب تنشط عبر القارات، إلا أن تقرير البعثة يغفل تفصيل نشاط هذه الشبكات الإجرامية الدولية، والتي تروج لمختلف الجرائم العابرة للحدود بما في ذلك تهريب المهاجرين، الاتجار بالبشر، وطبيعة العلاقة التي تربط هذه الشبكات بالمجموعات الإجرامية المحلية، وذلك على النحو الذي صاغ واقع الحال وكأن وحدهم الليبيون من يقوم بمختلف الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون في ليبيا، وأنهم وحدهم أو الدولة الليبية من يتحمل المسؤولية الجنائية والأخلاقية تجاه ذلك، وهي مقاربة قاصرة ومجحفة وفق حقيقة تفشي هذه الظواهر الاجرامية التي يتم فيها استغلال واستعباد المهاجرين من قبل الشبكات الإجرامية العابرة للقارات عبر مختلف أنحاء العالم.
ورأت اللجنة أن من واجبها كلجنة سيادية تم تشكيلها وفق قرار رئاسي لمتابعة ملف الهجرة غير الشرعية في ليبيا، توضيح بعض المغالطات التي شابت هذا التقرير، وتسليط الضوء وإبراز الحقائق التي تفند ما جاء في التقرير، مركزة على زاوية واحدة تخصها وهي “الهجرة غير الشرعية”، وما عاب التقرير من اجحاف وتقصير وغياب لبعد واسع من ذات الحقيقة المتعلقة بهذا الموضوع، والتي فيما يفترض أن فريق البعثة الأممية قام بالتقصي بشأنها.
ولفتت لجنة المجلس الرئاسي في تقريرها إلى أن إشكاليات الهجرة وعابري السبيل الذين يتركون بلدانهم واوطانهم ويعبرون ليبيا بحثا عن عالم افضل هي بالتحديد محط اهتمام جوهري لاهتمامها، والعمل على تدارك الصعاب، ومعالجة اوضاع هؤلاء الذين تدفع بهم الظروف للتواجد على الأراضي الليبية، وأنه كان من الممكن أن تساهم نتائج التقرير في مساعدتها في جهودها في هذا الاتجاه، إلا أن التقرير لم يقدم في هذا الصدد غير تفاصيل مقتلعة عن سياقها، في جمل صادمة تتحدث عن جرائم ضد الإنسانية، تتهم فيها جهات أمنية ليبية ودون تقديم أدلة بصددها، أو تحديد مكان او زمان او فاعلي تلكم الجرائم، وهو أمر جلل سنؤجل الخوض فيه الان، والعمل على اتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة بصدده، وذلك بالتعاون مع وزيرة العدل والنائب العام .
وأبرزت اللجنة ما وصفته بالثغرات التي عابت تقرير البعثة، ومن بينها أن (التقصي جرى في غياب الأطراف الفاعلة التي تجهد لتدارك تداعيات الوضع المتدهور في ليبيا على الضيوف، عابري الأراضي الليبية، سواء من الأطراف الحكومية، أو مؤسسات المجتمع المدني – تجاهله للجهود الوطنية السياسية التي أدركت فداحة الأمر، واتجهت رسميًا لمختلف الأطراف الدولية للحث على رسم سياسات مشتركة تسمح باقتلاع الظاهرة من جذورها – انتقاد ليبيا رسميا سياسة الاتحاد الاوربي المقتصرة على دعم خفر السواحل الليبية، واغفال الدعم العاجل والضروري لحرس الحدود الجنوبية، الأمر الذي من شأنه أن يقطع الطريق أمام نشاط المهربين وتجار البشر الذين استغلوا الوضع السياسي الهش لليبيا خلال الفترات الماضية، وتوظيف جغرافيا البلد لارتكاب اغلب الجرائم المشار اليها في التقرير – الخلط المجحف بين مراكز التوقيف الرسمية، وان كانت في ظروف غير مثالية، وبين السجون العشوائية التي يديرها المهربون وتجار البشر، وحيث تدور الجرائم التي يتعرض لها عابرو السبيل من ارتهان وابتزاز وتعذيب، على ايدي مجرمين من دول عدة، ومن قارات مختلفة – عدم الاشارة الى تقاعس الاتحاد الاوروبي عن التعاون مع ليبيا ابعد من حدود دعم حرس السواحل (بالمزيد من القوارب لصد المهاجرين القاصدين اوروبا، وارجاعهم لليبيا – ذكر وقائع اجبار قوارب المهاجرين التي تصل الى الشواطئ الاوربية للعودة لليبيا، بكل ما يمثله ذلك من خرق للاتفاقيات والقوانين الدولية والإنسانية – عدم الاشارة الى تقاعس المنظمات الدولية ذات العلاقة المباشرة بمسألة الهجرة، عن التواجد على الارض في مختلف المناطق التي وصلها او لم يصلها الفريق المكلف بالتقرير – غياب الاشارة لكافة الجهود التي تدخلت في الفترة القريبة الماضية لتغيير الامور والمضي قدما لتحسين الاوضاع المتعلقة بملف الهجرة غير الشرعية. وكأن فريق التقرير اراد ان يقتات على المصائب، دون العروج على النجاح الملموس لمساعي المسؤولين في ليبيا) .
وتطرقت اللجنة إلى كلمة النائب بالرئاسي ” الكوني ” يوم 9 أكتوبر 2021، بمركز إيواء عين زارة، واعتبرته علامة فارقة في قضية الهجرة غير الشرعية في ليبيا، حيت قدم ولأول مرة في التاريخ السياسي اعتذاراً رسمياً باسم ليبيا لعابري السبيل، ضيوف ليبيا كما اسماهم، لما قد تعرضوا له من اذى، مشددا على أن سياسية ليبيا تذهب لأن لا يكون فيها مراكز احتجاز ، وكذلك دعوة ” الكوني ” لكافة وكالات الامم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في هذا المجال لجلسة عمل في المجلس الرئاسي، بحضور وزيرة الشؤون الاجتماعية، وابلاغهم بأن كافة الابواب مفتوحة امامهم لدعم الجهات الليبية لمعالجة اشكاليات الهجرة وتحسين اوضاع المهاجرين اثناء فترة عبورهم بالأراضي الليبية ، وغاب ذكرهما في التقرير ، وكذلك غاب ذكر تقاعس هذه الجهات التي حضرت الاجتماع الرئاسي عن الاستجابة لهذه الدعوة الرئاسية التي فتحت امامهم الباب على مصراعيه لدعم جهود ليبيا بالخصوص.
وأشارت اللجنة في هذا الصدد إلى أن المجلس الرئاسي كان قد قام بتشكيل لجنة سيادية خاصة من شأنها الخوض في رسم خارطة الطريق نحو معالجة هذا الملف الشائك، برئاسة وزيرة الشؤون الاجتماعية وعضوية ممثلين عن وزارة العدل ومكتب النائب العام، وجهاز مكافحة الهجرة.
كما عاب تقرير البعثة – حسب اللجنة – غياب الاشارة لمختلف الجهود التي بذلت منذ هذا التاريخ، وعلى رأسها عودة الرحلات الجوية لنقل المهاجرين عبر رحلات العودة الطوعية، او اعادة التوطين، وذلك بعد تعطلها لأسباب مختلفة، غياب الاشارة إلى اغلاق العديد من مراكز التوقيف التي كانت تفتقد للشروط الضرورية لتوفير اقامة انسانية مراعية لكرامة المهاجر، إغفال جهود تحسين اوضاع المهاجرين اثناء فترة عبورهم ومنها ، تدريب وتشكيل فرق الشرطة المختصة بمعالجة اوضاع المهاجرين، بما في ذلك ضابطات وضابطات صف من النساء ، تدريب وتشكيل فرق الشرطة المختصة بمعالجة اوضاع المهاجرين، بما في ذلك ضابطات وضابطات صف من النساء ، اعداد وتدريب فرق للقوات الصحراوية للقيام بالدوريات الحدودية والتصدي لعمليات تهريب المهاجرين خارج اطار القانون الليبي ، تدريب فرق الرعاية الاجتماعية والنفسية بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية للوقوف على حاجة المهاجرين بالخصوص ، تشكيل فريق الرعاية الصحية التابع للجنة الرئاسية حول الهجرة غير الشرعية ، وذلك للنظر في الأوضاع الصحية للمهاجرين وإجراء التحاليل الروتينية لهم وتحصينهم وإجراء شهادات صحية لهم ،وتوفير العلاج وفتح ملفات طبية ، وإنشاء عيادات مصغرة داخل المراكز .
كما تم اعتماد الملف الطبي المستوفى بالبيانات الطبية وإعداد مشروع بشأن إنشاء مستشفى خاص بالمهاجرين، فتح مركز لإيواء النساء والاطفال برعاية ضابطات نساء، فتح مركز لإيواء القصر في شارع الزاوية.
وأشارت اللجنة في هذا السياق إلى قرار جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، بإغلاق مراكز للمهاجرين ( شهداء النصر بالزاوية – باطن الجبل – التجميع والعودة بطرابلس، والقاطع الحدودي الجنوبي الغربي “درج”، ومركز التجميع والعودة وادي الحي، والتمركز الامني المحمية، وإحالة المهاجرين الى مراكز يديرها الجهاز، واغلاق مركز ايواء المايا بناء على تعليمات النائب العام.
كما أوضحت اللجنة أن التقرير أغفل ان دولةً ليبيا وبشكل منفرد من يقوم بتوفير ميزانيات مختلف هذه الصور للاستجابة والتعامل مع ملف الهجرة غير الشرعية، من صحة واعاشة وتدريب وحماية ، كما أغفل الحقائق بشكل فادح الإشارة إلى نتائج نوعية لتكاثف جهود مكتب النائب العام وقوات اللواء 444 التابع لوزارة الدفاع، والاجهزة الامنية التابعة لوزارة الداخلية في تفكيك العديد من الشبكات الاجرامية المنخرطة في تهريب المهاجرين غير الشرعيين والاتجار بالبشر، في بني وليد والقريات والشويريف ، وفك اسر اعداد كبيرة كانت في قبضة هؤلاء في مراكز احتجاز خارجة عن القانون، أو مراكز لتجميع المهاجرين، واعادة فتح المنافذ البرية في الكفرة- والعوينات لتسهيل اجراءات العودة الطوعية للمهاجرين عبر الرحلات البرية، وذلك بالتنسيق ما بين مكتب النائب العام وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، وقيام اعضاء اللجنة، ومكتب النائب العام بزيارات دورية لمراكز الاحتجاز التابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، ودون أن يتم تسجيل اي نوع من الانتهاكات المذكورة بالتقرير.
وأشار تقرير اللجنة إلى أن وزيرة الشؤون الاجتماعية رئيسة اللجنة نفت تلقيها اي طلب من قبل بعثة تقصي الحقائق لمقابلتها او البحث معها في اي من تفاصيل التقرير.
واختتمت لجنة المجلس الرئاسي تقريرها المطول الذي تحصلت عليه (وال) بمطالبة النائب العام بضرورة تقصي امر التهم التي رفعتها بعثة تقصي الحقائق بحق بعض المؤسسات الرسمية والمتعلقة باستعباد وابتزاز وتوظيف المهاجرين في اعمال قسرية. ومطالبتهم بتقديم الادلة على مثل هذه التهم الخطيرة. (وال)