البيضاء 04 ديسمبر 2016 (وال)- انتقد وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة محمد الدايري اليوم الأحد المجتمع الدولي لرفضه الاتصال والتعامل مع الحكومة الليبية المؤقتة المنبثقة عن المجلس النواب، وقال الدايري في حوار مع موقع “ليبيا هيرالد” الإخباري يرفض الاتصال مع الحكومة المؤقتة، ولم يساعدها على حل المشكلة الليبية.
ووبّخ الدايري في أول مقابلة صحفية معه عقب عودته إلى حقيبة الوزارة بعد توقف دام 6 أشهر، الأمم المتحدة وعدد من الدول الصديقة، لتجاهلهم الحكومة المؤقتة، واعترافهم بدل ذلك بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.
وأضاف الدايري أن ليبيا في أزمة، ولذا كان من المنطق السياسي إجراء اتصال مع الحكومة المؤقتة بقيادة عبد الله الثني، بدلاً عن حكومة الوفاق الوطني، التي لم تمنح بعد الشرعية في ليبيا، من قبل مجلس النواب المنتخب ديمقراطياً .
وتابع الدايري يقول”بغض النظر عن مسألة الشرعية، وفي ضوء الوضع السائد، والوضع المؤلم الذي وجدت ليبيا نفسها فيه، كُنت أتوقع أن تتواصل معنا بعض الدول العربية وبعض الأطراف في أوروبا وأطراف أخرى، لأننا جزء من الطيف السياسي الذي ينبغي الجميع التعامل معه، وكان الوضع يستوجب أن ندرج في بعض المناقشات الموضوعية جداً”.
وكشف الدايري أنه “لم تكن هناك حتى قنوات خلفية من الاتصالات، وأن الوضع سيء للغاية، لدرجة أنه على الدول العربية والأوروبية وغيرها في العالم، أن تكون على اتصال معنا، وينبغي أن تكون هناك قنوات خلفية حاضرة”.
وأشار الدايري إلى أنه عندما تولت ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني السلطة في طرابلس، بعد أن اضطرت حكومة عبد الله الثني الشرعية والمعترف بها دولياً للذهاب إلى البيضاء بسبب عملية فجر ليبيا، كانت هناك قنوات خلفية تعمل .
وقال “نحن نعلم أن العديد من الدول العربية وغيرها، أبقت بعض قنوات الباب الخلفي مع حكومة الإنقاذ؛ لذا فإننا توقعنا أن المجتمع الدولي سيمد يده لنا، وكان يجب أن يفعل ذلك لأننا جزء من الجانب السياسي، الذي يمكن أن يسهم في إيجاد حل” .
وتحدث وزير الخارجية الليبي عن النفاق في موقف المجتمع الدولي مع حكومته وقال”في اليمن مثلاً كان وسيط الأمم المتحدة يعمل مع كل أطراف النزاع والحكومة، والذين استخدموا الأسلحة في محاولة لشق طريقهم إلى السلطة، وأن هناك على الأقل إشراك لنوعين من الأطراف المعنية” .
وأضاف أن في ليبيا كانت هناك أيضاً جهتان، الجانب الذي حمل السلاح وتحدى سلطة تشريعية شرعية، وحكومة تم الاعتراف بها دولياً، إلا أن المجتمع الدولي رفض الحكومة التي اختارها المجلس التشريعي المنتخب ديمقراطياً، وأشرك بدلاً عن ذلك الأفراد الذين ليس لديهم دعم حقيقي، كما شهد المسلسل الليبي العديد من المشاركين في لجنة الحوار الذين ليس لديهم تأثير على الإطلاق على الأرض” .
والقى الوزير باللوم على المجتمع الدولي الذي ساهم علاوة على ذلك في الأزمة وترجم ذلك إلى استيائه من الغرب قائلاً “من خلال فرض حكومة الوفاق على البلاد، وهي حكومة لم يتم التصويت عليها من قبل مجلس النواب وعلى هذا النحو، فهي لم تكن شرعية، كما لم يكن الأمر مرضياً لكثير من الليبيين، بدءاً من نفسي، وحكومة الوفاق ينظر لها بآثار سلبية، كشيء مفروض من الغرب ” .
وقال “إن المجتمع الدولي يحاول فرض إسلام سياسي في ليبيا، وهناك اعتقاد راسخ بأن المجتمع الدولي كان منحازاً، ووضع الكثير من تركيزه على أسرة الإسلام السياسي في ليبيا”.
وأضاف “كان هدف بعض الدول الغربية الفصل بين الإسلاميين المعتدلين وأولئك الراديكالين، ونحن لا نرى أرباحاً في هذا النهج، لأسباب ليس أقلها الإرهاب الذي نضج ونما في ليبيا، وعلاوة على ذلك؛ فإن الإسلاميين هزموا بأغلبية ساحقة في كل الانتخابات العامة التي جرت في ليبيا منذ قيام الثورة، سواء للمؤتمر الوطني العام في عام 2012 أو لمجلس النواب في 2014 ” .
وقال: “إن بعض من يوصفون بالمعتدلين دعموا في الواقع، الإرهابيين مالياً ووفروا لهم الأسلحة، ويرتبط بعضهم بداعش والبعض بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التي كانت منفتحة في دعمها لبعض الجماعات الإرهابية في ليبيا ” .
وأضاف”كان الوقت قد حان بالنسبة للكثيرين في المجتمع الدولي، ونحن لا نتحدث فقط عن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، واللتين يميل بعض من أبناء وطني في حصر المجتمع الدولي فيهما، لتصحيح الوضع والاستجابة لتطلعات الشعب الليبي، وكان يريد الأمن والاستقرار السياسي، وهذا سيتأتى من جيش وطني وقوات شرطة ووكالات أمن ونظام قضائي فعال ومستقل” .
وشدد بالقول “إن لم يسع المجتمع الدولي لمعالجة هذه المظالم المشروعة، فلن يكون هناك خيار سوى طلب المساعدة من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، وأن لا أحد منهما كان منخرطاً في المفاوضات التي أدت إلى الاتفاق السياسي الليبي، والمشاركة النشطة من جانب الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية من المحتمل أن تجلب قدراً أكبر من المصداقية للعملية السياسية التي يمكن أن تؤدي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية ” .
وأشار الدايري إلى أن الأمم المتحدة وافقت على التنسيق الثلاثي في اجتماعها في القاهرة يوم 25 أكتوبر مع جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي ، وأنه ليس فقط الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ، ولكن اللاعبين الإقليميين ، بما في ذلك المملكة العربية السعودية كذلك .
وتابع “من الأهمية أن نحصل على المملكة العربية السعودية أو دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جانبنا ، كرأس حربة لجهود الجامعة العربية ، ومن المهم أيضاً أن المجتمع الدولي تواصل مع بعض القوى الإقليمية الرئيسة مثل : مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر وتركيا ، للمساعدة في هذه العملية ” .
وتابع “أرى بعض الأهمية في نهج الحكومة الفرنسية التي دعت إلى عقد اجتماع في ليبيا يوم 3 أكتوبر في باريس ، والذي يهدف إلى جمع بعض أصحاب المصالح الإقليمية والدولية حول طاولة واحدة ، لكن السعوديين لا يريدون أن ينظر إليهم كمن يفرض نفسه على صنع السلام في ليبيا ، فالسعوديون بحق أكدوا على أن يوافق الليبيون وغيرهم على مشاركتهم ، وإنهم يريدون أيضاً توافقاً في الآراء بين القوى الإقليمية ” .
ويضيف “مع ذلك كان على المجتمع الدولي الأوسع ، اتخاذ موقف محايد حقاً ، ومن موقعي لاحظت أن هناك اهتماماً كبيراً في التصدي لقضية ليبيا من جانب بعض الدول الغربية ، عن طريق الضغط فقط على مصر والإمارات العربية المتحدة، كما أن الطريقة الأخرى المحتملة إلى الأمام كانت عن طريق تشكيل حكومة جديدة ” .
وتابع: “لقد تحدثت جميع الأطراف بما في ذلك حكومتنا ، ورئيس الوزراء الثني ، عن الحاجة إلى تحقيق حكومة وطنية – حكومة واحدة – وإنهاء هذا الانقسام السياسي الذي ترجم إلى قسمين والآن ثلاث حكومات في ليبيا ” .
وقال وزير الخارجية الليبي إن مجال واحد حيث يتفق مع مجلس الرئاسة هو في تضخم الخدمة الدبلوماسية الليبية مضيفاً “منذ ما يزيد عن الشهر ، أصدر رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج ، توجيهاً إلى موظفي السفارات من شأنه أن يؤدي إلى خفض كبير في الأرقام” .
وتابع “كانت تلك الخطوة الصائبة منذ فترة حكم علي زيدان ، وعلينا خفض عدد الدبلوماسيين في الخارج ، ولكن مجلس الرئاسة كان ببساطة يسير على خطى حكومة البيضاء ، وأنني نفسي اقترحت بالفعل التخفيضات” .
وأضاف الدايري “بمجرد عودة الاستقرار الدبلوماسي إلى ليبيا ، سيكون علينا معالجة العدد الزائد للموظفين الدبلوماسيين ، وهذا الأمر يهم كل الليبيين” .
وأشار “كان هناك مقاومة شديدة لما يٌعتبر خطوة حاجة ماسة، وإنها ماتزال هناك ، ولدينا مصالح تافهة لبعض الجماعات، وهي قضية تسببت له بالفعل بصعوبات شخصية .
حتى بين الدول التي أوقفت الاعتراف بالحكومة المؤقتة، يحظى الوزير الخارجية محمد الدايري باحترام واسع، وكان هناك استياء وحتى عدم فهم ، عندما تم تعليق مهمته في وقت سابق من هذا العام ، وكانت تلك المرة الثانية ، فقد سبق تعليق منصبه في سبتمبر عام 2015 عقب زيارة ناجحة للصين ، واستمر هذا الوقف شهرين ، الوقف الأكثر حداثة انتهى قبل ثلاثة أسابيع فقط .
وقال الدايري “إن ذلك كان محبطاً للغاية، وإن الرأي العام الليبي كان محبطاً أيضاً من هذه التحركات التي كانت غير قانونية وغير ضرورية ، والتي أثرت سلباً على مصداقية اللاعبين السياسيين الحاكمين” .
ويرى الدايري إنه في كلتا الحالتين، كان ذلك نتيجة تصادم المحسوبية والمصلحة الخاصة مع رفضه لتعيين أفراد من أقارب أعضاء في مجلس النواب أو الحكومة كدبلوماسيين كبار في الخارج،وفي الحالة الثانية : كانت هناك مغالطة بأنه سمح لحكومة الوفاق بالحصول على مقعد في الجامعة العربية في نهاية مايو” .
وأكد الدايري أنه شارك في الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية مع الصين في الدوحة في منتصف شهر مايو ، بعد أن وجهت له الدعوة للمشاركة .
وقال “لقد راعني أن مجموعات صغيرة في الطيف السياسي ، نجحت في تعليقي مرتين ليس بسبب سلوك في السياسة الخارجية أو قصور ، ولكن بسبب مصالح شخصية” وأضاف “لقد فوجئت بالمحسوبية والمحاباة لبعض من النخبة السياسية الحاكمة في مجلس النواب أو المرتبطة بالحكومة ” .
وتابع “كان على من هم في مراكز السلطة والنفوذ ، أن يفهموا أن وضع ليبيا الغارقة في الفوضى بسياستها المتصارعة والاقتصاد المفلس ، وتحديات الإرهاب المتزايدة ، يتطلب منا التوقف عن هذا الهراء وإعطاء الأولوية للمصالح الوطنية ، حتى نخرج أنفسنا من الحفرة التي نحن فيها حالياً ، وكان علينا أن نكون فوق هذا ، وليبيا في ورطة كبيرة ، ونحن بحاجة لوضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الذاتية” . (وال- البيضاء) ر ت