بنغازي 16 سبتمبر 2023 (وال) -شهدت بعض مدن الشرق في ليبيا هطولا للأمطار بشكل لم يسبق حدوثه، مما أدى إلى غرق تلك المدن، بعد انهيار السدود بها، حيث غمرت المياه اليابسة، وجرفت أمامها كل الحجر والبشر والمركبات، لتكون ليلة 11 سبتمبر هي الليلة الفاجعة هزت ليبيا والمجتمع العربي والدولي.
-تاريخ السدود
نتيجة لمرور الوادي بوسط المدينة، وتكرار فيضانه، فقد تم تقديم دراسات في الستينيات من القرن الماضي، بضرورة إنشاء أكثر من سد، لحماية المدينة وحجز الكميات الهائلة من المياه التي تمر بالوادي في وقت الفيضان، بحيث يكون مصب المياه بالبحر، مع بناء سدين على مجرى الوادي.
شهدت الفترة ما بين الأعوام، (1973- 1977)، بناء السدود بواسطة شركة يوغسلافية، وتعدى بناؤها أكثر من (50) عاما، وقاومت وانتهت بفاجعة كبيرة، حصدت أرواح آلاف الضحايا والمفقودين، وخسائر مادية كبيرة
السد الأول بارتفاع (75) متر، والسعة التخزينية (22.5) مليون متر مكعب، أما السد الثاني يبلغ ارتفاعه ( 45 ) متر، والسعة التخزينية ( 1.5 ) مليون متر مكعب.
وحسب وصف الشركة للسد من الناحية الإنشائية فهي سدود (ركامية ذات لب طيني وقشرة صخرية)، وهذا النوع من الجسور يسمى (الجسر الترابي).
-فيضانات متكررة
بالرجوع لتاريخ الفيضانات التي شهدتها مدينة درنة، نجد أنها مرت بالعديد منها فيضان عام 1941، ،1956 ،1959 ،1968، والذي ساهمت فيه السدود بمنع حدوث أضرار بالمدينة، وأيضا فيضان 1959 الذي يعد من الفيضانات المدمرة للمدينة وخلف الكثير من الضحايا.
-فيضان سبتمبر 2023 الأكثر إيلاما
دكتور عبد المنعم سعيد محاضر وباحث في علوم البيئة ومتخصص في دراسات الأراضي القاحلة وشبة القاحلة والتقنيات الزراعية، بجامعة بنغازي ذكر في تقرير نشر في عدد من المواقع حول فيضان سبتمبر 2023، الذي وصفه بأنه الأكثر شدة ودمارا وخرابا وإيلاما عبر تاريخ هذه المدينة لعدة أسباب منها: كميات الأمطار التي سقطت في فترة أقل من (24) ساعة تجاوزت في حوض تجميع الوادي (200) مليمتر، وهذا يعني أن حوض التجميع استقبل ما يزيد عن (115) مليون متر مكعب من المياه، وهي كمية أكبر بكثير من قدرة تحمل السدود مجتمعة، ولم تسجل سابقا في كل الفيضانات المسجلة، كما أن وجود السدود خلال الخمسين سنة السابقة خلق حالة من الاطمئنان لدى الناس، مما جعلهم يزحفون بالمباني والطرق والمنشآت على ضفاف الوادي، التي لم تكن مقصودة عبر التاريخ بإنشاء الطرق والمباني.
عكس الفيضانات السابقة كانت المياه تتدفق بحرية من خلال المجرى، لكن هذا الفيضان كان بسبب ما تراكم خلف السدود من كميات كبيرة، بالإضافة إلى ما جاء به الوادي من كميات إضافية هائلة من المياه، مما جعله فيضان تاريخي وغير مسبوق، وأحد الأدلة على ذلك أن أضرحة صحابة رسول الله بقيت هناك منذ الفتح الإسلامي، رغم كل الفيضانات عبر التاريخ، لكن هذا الفيضان أكتسحها وعدة أمتار تحتها، وأصبح مكان تلك الأضرحة الأن في الهواء بعدة أمتار فوق سطح الأرض.
-مصلحة الطرق والجسور توضح
صرح رئيس مصلحة الطرق والجسور حسين سويدان، في لقاء تلفزيوني: “أن السد خارج تخصص المصلحة، ولكن حسب المعلومات لدينا أن السد يسع (30) مليون متر مكعب، وحجم كمية المياه التي وصلت إليه تجاوزت (100) مليون متر مكعب، مما أدى إلى انهياره، والسيول جرفت مساحة قدرت (90) هكتار، وانهارت (5) جسور بمجرى الوادي، مما تسبب في قطع مدينة درنة إلى جزئين شرقي وغربي.
وأضاف أن معظم شبكة الطرق في ليبيا نفذت في نهاية عقد السبعينيات، وتم تحديثها في سنة 2009، وما حدث في درنة ظاهرة طبيعية خرجت عن السيطرة، وأدت إلى ما أدت إليه.
وعن جسر وادي الكوف قال: تم قفل جسر الكوف من قبل المصلحة منذ الأشهر الماضية، ونفذنا تحويله بجواره لكن السيل جرفها بالكامل، والجسر القديم انهار أيضا، مما دفعنا لفتح جسرالكوف لتسيير الحركة المرورية نظرا للظرف الاستثنائية الحالية. (وال بنغازي) م ب / س خ.