بنغازي 16 سبتمبر 2023 (وال) – ” أما أنا فإن عمري أطول من عمر شانقي” تسعة عقود ونيف مضت و لايزال الجميع يتذكرها و قائلها، الذي نحتت أفعاله هالة أسطورية حوله، جعلت منه رمزا عالميا للنضال ، وسيناريو تخلده الفضية للمؤلف هاري كريج و المخرج مصطفى العقاد ، و يرثيه الشاعر أحمد شوقي:
يا وَيحَهُم نَصَبوا مَناراً مِن دَمٍ .. يوحي إِلى جيلِ الغَدِ البَغضاءَ وهو الذي كانت نبال شجاعته تحفر قبور معاول نائب ملك إيطاليا في إثيوبيا المارشال السياسي والمسؤول العسكري قاد القوات الإيطالية في أفريقيا رودولفو غرنسياني.
إنه المجاهد في الحرب الليبية الفرنسية و قائد المقاومة ضد الجيوش الإيطالية ” عمر بن المختار بن عمر من بيت فرحات” من عائلة “بريدان” من رحم قبيلة “المنفى ” .
شارك أثناء وجوده بتشاد في معارك كتائب السنوسية (1899-1902) ضد الفرنسيين الذين احتلوا المنطقة، وكانت لا تزال وقتذاك ضمن الأراضي الليبية . وفي سنة 1908 دُعي للمشاركة في المعارك بين السنوسيين والقوات البريطانية على الحدود الليبية المصرية.
عاش حرب التحرير والجهاد منذ بدايتها يوماً بيوم ، فعندما أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا في 29 سبتمبر 1911م وبدأت البارجات الحربية بصب قذائفها على مدن الساحل الليبي، درنة وطرابلس ثم طبرق وبنغازي والخمس ، في تلك الأثناء كان عمر المختار مقيما في جالو ، و علم بالحرب العثمانية الإيطالية، فسارع إلى مراكز تجمع المجاهدين مساهما في تأسيس وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة إلى أن وصل المجاهد أحمد الشريف قادماً من الكفرة.
وقد شهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا سنة 1912م أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي، منها على سبيل المثال معركة يوم الجمعة في درنة في 16 مايو 1913م حيث قتل فيها للإيطاليين عشرة ضباط وستون جنديا وأربعمائة فرد بين جريح ومفقود إلى جانب انسحاب الإيطاليين تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم، ومعركة بو شمال عن عين ماره في 6 أكتوبر 1913, وعشرات المعارك الأخرى.
وحينما عُين أميليو حاكماً عسكريا لبرقة ، ارتأى العمل على قطع الإمدادات القادمة من مصر والتصدي للمجاهدين و قتالهم في العرقوب و سلنطة والمخيلي بالإضافة إلى مسوس وأجدابيا.
لكن نيران المجاهدين كانت في انتظاره في معارك أم شخنب وشليظيمة والزويتينة في فبراير عام 1914، لتستمر حركة الجهاد إلى أن وصلت إلى مرحلة جديدة بقدوم الحرب العالمية الأولى.
معركة السانية أكتوبر 1930م سقطت من الشيخ عمر المختار نظارته، وقال غرنيساني ” الآن أصبحت لدينا النظارة، وسيتبعها الرأس يوماً ما”.
وبينما كان يستطلع وفرسانه منطقة سلنطة سبتمبر 1931م، حاصرتهم الحاميات الإيطالية ولحقها تعزيزات، واشتبك الفريقان في وادي بوطاقة ورجحت الكفة للعدو فأمر عمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن قُتلت فرسه تحته وسقطت على يده مما شل حركته نهائياً. فلم يتمكن من تخليص نفسه ولم يتمكن من الإمساك ببندقيته ليدافع عن نفسه، و تم محاصرته و التعرف على شخصيته ، فنقل على الفور إلي مرسى سوسة ومنه إلى بنغازي حيث أودع السجن الكبير بمنطقة سيدي اخريبيش .
ولم يستطع الطليان نقل الشيخ براً لخوفهم من تعرض المجاهدين لهم في محاولة لتخليص قائدهم.
عقدت للشهيد محكمة هزلية صورية بمركز إدارة الحزب الفاشستي ببنغازي الخامسة و الربع مساء الثلاثاء في 15 سبتمبر 1931م، وبعد ساعة تحديداً صدر منطوق الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت.
وعندما ترجم له الحكم، قال الشيخ “إن الحكم إلا الله … لا حكمكم المزيف … إنا لله وإنا إليه راجعون”. (وال – بنغازي) هـ ش