بنغازي 24 سبتمبر 2023 (وال) -شهدت مدن شرق ليبيا الأسبوعين الماضيين مرور إعصار مدمر، عرف باسم إعصار “دانيال”، والذي سبق أن مر على تركيا واليونان مخلفا العديد من الخسائر البشرية والمادية.
في ليبيا نتج عن ذلك الإعصار سيولا وفيضانات، غمرت مدن ومناطق كاملة بسكانها ومبانيها، وقذفت بهم إلى عرض البحر، و تفرقت جثثهم على اليابسة في أماكن عدة.
مدينة درنة كانت أكثر تلك المدن التي خلف الإعصار بها دمارا، وألقى بمئات الجثث إلى عمق البحر، لتبدأ الجهات التابعة لرئاسة أركان القوات البحرية الليبية، المتمثلة في قوات البحرية والضفادع البشرية بالجيش الليبي، والمختصة بعمليات البحث وانتشال الجثث، في مهمتها في هذه الكارثة المروعة.
-تعاضد وطني
منذ بداية الكارثة، كان لمنتسبي القوات المسلحة العربية الليبية، ومنهم رجال القوات البحرية، حيث بدأ التواصل بين رئيس أركان القوات البحرية بالمنطقة الغربية لواء مهندس نورالدين محمد البوني، مع رئيس أركان القوات البحرية لواء بحار شعيب يوسف الصابر، واضعا كل إمكانيات القوات البحرية في المنطقة الغربية تحت تصرفهم.
فانطلق الزورق “شفق” وزوارق خفر السواحل، وأمن الموانئ، ومجهزعلي متنها معدات الغوص والغطاسين التابعين للقوات البحرية، والمتطوعين و الضفادع البشرية، ومركز الأبحاث تحت الماء، الذين شاركوا من كافة القطع البحرية برئاسة أركان البحرية بالقيادة العامة، والتي كانت سباقة مع القوات الخاصة وقوة المهام الخاصة البحرية، والضفادع البشرية، والخافرة “الكرامة” والزوارق البحرية، ورجال حرس السواحل وأمن الشواطئ، في أعمال البحث والدعم والإنقاذ، وانتشال الجثث لمواجهة الآثار المدمرة لانهيار سد وادي درنة.
-عمليات الانتشال
ذكر مصدر خاص لوكالة الأنباء الليبية عن عمليات الانتشال قائلا: وجدنا المياه تجاوزت الميناء بمسافة وصلت تقريبا (الكيلو متر)، وهنا يصعب على “الغطاس” رؤية أي شيء تحت الماء، ويضيف فرق البحرية والضفادع البشرية انتشلت (75) جثة طافية فوق الماء، وعند بداية عملنا أخبرنا بوجود (50) سيارة جرفتها المياه، تمكننا حتى الأن من سحب (7) سيارات من البحر، وهي خالية من الجثث.
والبحث جاري عن سيارة تابعة للشرطة كما ذكر لنا شاهد عيان، وبها عدد من السجناء بأحد مراكز الشرطة الذين كان يتم نقلهم في تلك الليلة إلى مكان آمن، لكن قوة مياه السيل جرفتها، ومازال البحث جاري عنها.
-آلية العمل
العمل تحت الماء في مثل هذه الظروف يكون من خلال لمس الغطاسين فقط لما يقابلهم، ويعرف من خلال ذلك، فعند ملامسة صفيح مثلا فسيكون سيارة، وتربط وترفعها الرافعة وتسحبها خارجا، ولو لمس جسم آدمي كذلك سيعرف باللمس فقط دون مشاهدته أنه “جثة”، وتنتشل عندما تطفو على سطح المياه.
وأضاف: الأيام الماضية كانت الرياح قوية، وحركة الموجة عالية، وهنا يصعب انتشال الجثث، لأن الموج يصطدم بالجبل الذي تكثر به الكهوف، ويكون انجاز المهمة صعبة حتى في وجود المعدات، لأنها تشكل خطورة كبيرة.
أما خلال هذه اليومين بدأت حركة مياه البحر بالهدوء، وتمكنت الفرق من انتشال حوالي (130) جثة، والعمل يكون مستمرا لمدة 12 ساعة يوميا بداية من الصباح.
-فرق ليبية وطنية
عمليات البحث عن الجثث مستمرة، حيث تخرج دوريات تفتيش وكل العناصر العاملة في مجال البحث وانتشال الجثث ليبية وطنية، سواء من رئاسة أركان القوات البحرية الليبية المتمثلة في البحرية والضفادع البشرية، أو المتطوعين، أما الجهات التي جاءت من دول أخرى فعملها يكون على اليابسة، وإخراج الجثث من الركام.
-عمارات بسكانها تحت الماء
وأكد أن ما تداول عن أخبار من وجود عمارات بسكانها، وسيارات بركابها تحت مياه البحر غير حقيقي، فالمباني قذفت على الشاطئ، والسيارات أيضا بعضها وجد بالماء، وأخرى على اليابسة.
وأكد أن العمارات السكنية تحت الماء لن تكون متكاملة، لأن المياه عندما جرفتها قامت بهدمها، وبالتالي هي عبارة عن ركام، بعضه غمرته المياه، والأخر وجد على اليابسة، أما جثث من كانوا بها فإنها تناثرت هنا وهناك.
-البحرية والضفادع البشرية عمل متحد
وأشار أن العمل في البحر من الفرق الليبية الوطنية، فالبحرية والضفادع البشرية تتقاسم العمل، فكلانا يكمل الأخر، فالبحرية تختص بمهمة النقل من خلال سفينة “الكرامة”، حيث نقوم معا بانتشال الجثث، ووضعها في أكياس خاصة بالموتى، وتسليمها إلى الهلال الأحمر، ليقوم بتعقيمها.
-مصاعب المهمة
أما عن المصاعب التي واجهتهم، فكانت بسبب الظروف المناخية كالرياح التي يصعب العمل عند ارتفاعها وشدة حركتها، وذكر بأننا نعمل حسب الإمكانيات المتاحة، مبينا أن الغطاسين الليبيين من البحرية والضفادع البشرية، يعدون من المهرة في هذا المجال.
-مخاطر الفيضانات
زلزال المغرب ليس منا ببعيد وخلف آلاف الضحايا ودمر مدنا وقرى مأهولة بالسكان، لكن بحسب تقدير العاملون في مجال الإنقاذ، فإن فرصة الحصول على ناجين من السيول تكون قليلة، لأنهم يدفنون تحت طين وصخور وطمي، بينما في الزلازل يدفن الناس تحت ركام جاف، قد يحتوي على فجوات توفر لهم التهوية، وتسمح لهم بالقدرة على البقاء لمدة زمنية حتى يتم انقاذهم.(وال بنغازي) س خ.