بنغازي 31 أكتوبر 2023 (وال) – تتميز منطقة الجبل الأخضر في شرق بلادنا بكونها مركز التوطن النباتي الأول بليبيا حيث تتواجد به نباتات لا توجد في أماكن أخرى من العالم.
ويعد نبات العجور المعروف محليا ب (الشماري) واحدا من أهم النباتات البرية التي تنمو بمدن الجبل الأخضر.
وتبدأ ثمار الشماري أو العجور صلبة باللون الأخضر ثم تتحول عند النضج رطبة إلى اللون البرتقالي والأحمر وهي حلوة المذاق. ولا تنمو هذه الشجرة إلا في الجبل الأخضر بليبيا، وهي معروفة في حوض البحر الأبيض المتوسط باسم ” شجر القطلب “.
وقال البروفسور في علوم البيئة والبيئة النباتية بكلية العلوم جامعة بنغازي، سالم الشطشاط اأن الشماري نبات متوطن في الجبل الاخضر فقط إضافة إلى مجموعة أخري قد تصل في مجموعها إلي مائة نبتة منها الركف والرينش والجعدة وخلافها مشيرا إلى أن المرحلة القادمة تستدعي إعادة زراعة هذه النباتات وإكثارها والمحافظة عليها بقدر المستطاع ومحاولة التقليل من حدة النشاطات البشرية في المنطقة.
وتابع في تصريح لوكالة الأنباء الليبية أن الأمن الغذائي في المنطقة الشرقية والمتمثل في الخضروات والفواكه والحبوب ومزارع الصوبات تأثر بفعل العاصفة المتوسطية التي ضربت المنطقة في سبتمبر الماضي.
وأوضح أن ماحدث علمياً لا يصنف اعصارا ولكن عواصف متوسطية قد يصل تأثيرها لما تحدثه الأعاصير وهي تسمية حديثة تعني “إعصار متوسطي شبيه بالاستوائي” وهو ما يشار إليه اختصار ب Medicane وهي ظاهرة جوية (عاصفة) شبيهة بالإعصار المداري أو الاستوائي و في بعض الحالات النادرة قد تصل قوة العاصفة إلى قوة إعصار من الدرجة الأولى، لكن حتى في مثل هذه الحالات لا تعتبر قوة الرياح هي العامل الأخطر على المجتمعات المحلية، بل يتمثل الخطر الرئيس في الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة.
وأضاف أن العاصفة الهوجاء والفيضانات والسيول لم تستثن المزارع وطالت الاضرار الغطاء النباتي ناهيك عن فقدان حوالي 30 بالمائة من الثروة الحيوانية طبقاً لتصريحات بعض المختصين.
وأشار هؤلاء إلى نفوق الكثير من الحيوانات من الماعز الأبقار والخراف والخيول والإبل التي كانت تشكل تجارة ومصدر رزق للكثير من المواطنين.
وتأثرت مساحات شاسعة جدا من المزارع المهيئة لإنتاج الحبوب في الجبل الأخضر حيث تنتج المنطقة حوالي 60 في المائة من الشعير و 40 في المائة من القمح من إجمالي الإنتاج المحلي الليبي.
وأكد أن كثيرا من المزارع التي تصل مساحة بعضها إلي حوالي 20 هكتارا من الأراضي الزراعية في منطقة سيدي ارحومه وغيرها من المناطق غمرتها المياه بالكامل.
ولاحظ الخبير الليبي أن الرعي الجائر قلل من نمو النباتات التي ينفرد بها الجبل الاخضر وتحولوا الغطاء النباتي في تلك المناطق من عديد الأنواع النباتية الى غطاء نباتي محدود الأنواع محذرا أنه مع مرور الزمن سيصبح ما يعرف بخزان البذور الموجود في التربة ضعيفا ومن غير المؤكد أن يستأنف نموه من جديد نظرا لقلة وحدات التكاثر سواء كانت الخضرية منها أو البذرية.
وبين في هذا الصدد أنه أن عملية التكاثر في النبات، كما هو معروف، تحتاج الى عامل أساسي للإنبات وهي المياه و كمية البذور الموجودة أو وحدات التكاثر و المتمثلة في الاجزاء الخضرية المختلفة وإذا وجدت سيكون ربيعا زاهرًا وإذا لم توجد، وهذا المتوقع حسب رأيه، سينجم عن ذلك ظهور بعض النباتات الموجودة منذ فترة طويلة والتي لها القدرة على أن تستمر في ظروف صعبة وبالتالي من المتوقع أن يحدث ما يسمى بالتعاقب النباتي بأنواع محدودة جداً.
ودعا البروفسور سالم الشطشاط الجهات المختصة إلى تلافي الكوارث الطبيعية عن طريق دعم البحث العلمي مؤكدا أن معظم الدراسات تتم بمجهودات ذاتية من دون دعم وبالرغم من ذلك فإن أعضاء هيئة التدريس لم يتوانوا عن نشر الأوراق البحثية للتنبيه عن المخاطر ولعل آخرها وأهمها كان عام 2022 ، وهي دراسات تحدثت عن مخاطر إهمال سد درنة لكنها كغيرها أهملت وحدث ما حدث.
وأكد أن دعم البحوث العلمية خطوة أساسية إضافة إلي توعية المواطنين بصورة مستمرة بأهمية الغطاء النباتي والمحافظة عليه من خلال التقليل من القطع والحرق والتحطيب والتفحيم والرعي الجائر وغيرها من المناشط البشرية الجائرة وزيادة حملات التشجير .
وشدد الخبير الليبي على أهمية مقولة “بدل من أن تقطع شجرة ازرع عشرة” لما لها من أهمية في دعم وجود الغطاء النباتي الكثيف والذي يلعب دورا مهما في التخفيف من الكوارث الطبيعية.
وأشار في هذا السياق إلى تصريحات الأمم المتحدة بالخصوص والتي أكدت في تصريح رسمي في سبتمبر الماضي أن العالم يشهد انهيارا مناخيا بسبب النشاطات البشرية كالتفحيم والقطع الجائر وقطع الغابات والرعي الجائر باستخدام الحيوانات التي تتغذى عشوائياً على النباتات الطبيعية لغياب الوعي والثقافة البيئية .
وخلص البروفيسور سالم الشطشاط إلى أهمية وجود مادة تربية بيئية في المناهج التعليمية تستهدف جميع طلاب المراحل التعليمية الأولي. (وال – بنغازي) تقرير / بشري العقيلي