بنغازي 16 نوفمبر 2023 (الأنباء الليبية) -عبد الباسط حسين عباس العقوري، ولد كفيف البصر عام 1980، في مدينة بنغازي، بأسرة ليبية بسيطة، لكن هذا لم يمنعه من الإبداع، والتفوق الدراسي، وتحقيق ذاته وما تصبو إليه نفسه، والمساهمة في إيصال صوت أقرانه، والمطالبة بحقوقهم، والعمل على النبوغ في مجال الأدب وخاصة الشعر.
-الكفاح الدراسي
حارب الظلام، ولم يستكن، حيث تدرج في مراحل دراسته كبقية الطلاب، ودرس المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية “بجمعية الكفيف ببنغازي”، ليلتحق بالدراسة الجامعية عام 1999.
يروي لنا عبد الباسط قصة كفاحه العلمي، والأدبي، بداية من تخصصه في قسم “اللغة العربية” بكلية الآداب، حيث يقول: تفوقت وتحصلت على تقدير “ممتاز” وكنت الأول على الدفعة في عام 2002.
وأضاف: كنت راغبا في اكمال دراستي العليا، وكان باب التسجيل مقفلا في اللغويات، في عام 2003 درست السنة التمهيدية، ثم قدمت مقترح رسالة الماجستير وتحصلت على إجازة الماجستير عام 2008 في “النحو”، بعد التخرج عملت معلما بمدرسة جمعية الكفيف ببنغازي، وترأست بعض الأقسام فيها.
عينت عضو هيئة تدريس في كلية التربية بجامعة بنغازي، عام 2016، وبعد سنوات درست المرحلة التمهيدية للتحضير للتخصص الدقيق “الدكتوراه” والآن في مرحلة كتابة “الأطروحة” عن العالم اللغوي المعروف “ابن جني”.
-موهبة الشعر
بدأت موهبته في الشعر تظهر مبكرا، حيث ذكر أن أول أبياته كانت وهو في سن السابعة عشرة، قبلها كانت أبيات بسيطة إنشاديه لكنها لم تدون.
ويصف نفسه قائلا: كما هو معروف أن كفيف البصر أذنه موسيقية، لذلك لم أتعلم العروض في هذه السن بوصفه علما، لكني عرفت البحور من خلال السماع.
أما أول قصيدة كانت في هجاء صديق لي، وكانت كلماتها محددة نظما، ثم تطور الأمر شيئا فشيئا.
-الحرص على الثقافة والإبداع
يعيش العقوري حالة الحرص على الثقافة والإبداع، كغيره من المثقفين، ويرى أن التدني الذي حدث في البلاد بشكل عام، ومنها على الصعيد الثقافي يرجع للذي عاشه الوطن من أزمات مختلفة، كما أن الدمار الذي لحق ببنغازي نتيجة الحرب على الإرهاب، أثر سلبا على مقر “جمعية الكفيف”، واعتدى على المبنى، وتراجعت خدماتها، التي كانت تقدمها للمكفوفين على مستوى ليبيا، فاتجهت إلى أن تعيد بناء نفسها لتنطلق بعد ذلك في خدماتها الأساسية ثم المناشط الأخرى.
كما له بصمته في مجال الصحافة، حيث كان مديرثم رئيس تحرير لمجلة “البصيرة” للمكفوفين، وهي مجلة تصدر بطريقة “برايل” وتنشر على مستوى الوطن العربي.
-الروئ الشعرية
الشعر يراه برؤيته الخاصة هو عدة مغاز وامتدادات وآفاق، والأفق الأول المتعارف عليه هو أن الإنسان يتماهى فيه مع نفسه، ويعبر عن أوجاعه وأفراحه، وهذا هو الأساس الذي كان من أجله الشعر حسب وجهة نظره، أما الأفاق الأخرى فيقول: يمكن الاستفادة من السلطة التأثيرية، والقوة الإيحائية للكلمة الشعرية في التأثير على وجدان الناس، ليكونوا فاعلين في مجتمعهم وينظروا إلى العالم نظرة أكثر شمولا.
وكما للشعر فنون وفصول وصور، كان عند العقوري الشعر غالبا غزليا، وفي الأقل اجتماعيا، ويرى أنه تأخر في الجانب الذاتي، أو القصائد الذاتية إن جاز التعبير، وهذا متصل بالشخصية الشاعرة نفسها.
مع تأخره قليلا في نسج شعر “التفعيلة”، لأنه وجد فيه أفقا لبعض الإيحاءات التي يمكن أن يتسع لها أكثر من الشعر العمودي، ولكن بشكل دائم.
ويقول دائما: إن الشعر أنا الذي آتيه، وليس هو الذي يأتيني، وربما تؤثر في شاعريتي وتجعلني في مرتبة أقل في هذا المضمار.
-المطالبة بحقوق الكفيف
الكفيف إنسان فعال له حقوق وعليه واجبات، يذكر أن شغل واهتم كثيرا بالجانب الحقوقي الخاص بالدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة البصرية، وأنشأ “المنظمة الليبية لذوي الإعاقة البصرية” سنة 2016.
-تجربة الديوان الأول
التجربة الأولى دائما فريدة ومميزة، وقد نشر ديوانه الأول، ووعدنا بإهداء نسخة منه، وهو من تقديم الدكتور فيصل الحداد، وعلى الصعيد الثقافي، سينشر رسالته التي تقدم بها لنيل الماجستير، “بدار الجابر” للنشر والتوزيع.
كما له اهتمامات شعرية وأدبية، كانت له اهتمامات علمية أيضا، حيث شغل بالدراسة والعمل الجامعي، والمؤتمرات والبحوث العلمية التي نال من خلالها العديد من الترقيات.
-رسائل للشعراء
الشعر عالم مليء بكل متجدد، ولكل مبتدئ عثرات أحيانا، لذا فيقول العقوري للشعراء الجدد: أقول لهم أن الشعر موهبة من الله، واكتساب ينمي بها هذه الموهبة، ويقوى هذا الاكتساب من خلال قراءة الشعر على مدى العصور، وتعلم العروض بشكل تطبيقي، والكتابة باستمرار وهذه الشروط الثلاثة ليصبح بها الشاعر شاعرا.
ولكل شاعر أقول أيضا: لا تجعل شعرك مثارا للسخرية، بل اجعله مثارا للدهشة، لا تأخذ على شعرك درهما أو دينارا، لا تقل شعرك إلا عندما تشعر وتحس، لا تقله لأجل الوزن والايقاع فقط، بل قل شعرا مبدعا، وليس نظما مبتذلا، الشعر مزيج من الخيال والقدرة على الإلقاء، والتمثل هذا هو الشعر الحق، والشعر أيضا هدفه الأول والأخير هو مواساة الإنسان ومصاحبته في فرحه وأحزانه، فلنجعل الشعر قنديلا ينير لنا دروبنا ويمضي بنا إلى آفاق رحبة.
-الأمنيات محلقة
الأمنيات تحلق في السماء كطائر، ثم تأتي طواعية، ومن أمنيات الشاعر عبد الباسط: أن يترأس مركزا لتعليم اللغة العربية، على هيئة مهارة أكثر من القواعد.(الأنباء الليبية) ص غ / س خ.
-حاوره صلاح الدين الغزال.