الجبل الأخضر 19 نوفمبر 2023 (الأنباء الليبية) -تمتد منطقة الجبل الأخضر في ليبيا من توكرة غربًا إلى منطقة عين الغزالة شرق التميمي وتقع هذه الرقعة الجغرافية على مساحة تقدر بحوالي 8767 كيلو مترا مربعا وتقارب مساحته دولة لبنان التي تبلغ مساحتها حوالي 10 آلاف كيلومتر مربع، وتتميز المنطقة بغطاء نباتي كثيف تعاقبت عليها حضارات منذ أقدم العصور وحتى العصر الحديث منذ بداية الإنسان القديم الذي كان يقطن كهف “هوا فطيح” الواقع شرق مدينة سوسة وحضارة الليبيين القدماء في قرية أسلطنة إلى حضارة الإغريق والرومان الموجودة في باقي مدن الجبل الأخضر من توكرة إلى قورينا إلى أبولونيا وتوكيرة وهي المرج الحالية.
“وكالة الأنباء الليبية” التقت مدير مكتب السياحة والصناعات المحلية بالجبل الأخضر إبراهيم إدريس بوطريبيش في حوار تناول إمكانية عودة تدفق السياح إلى منطقة الجبل الأخضر بعد إعصار دانيال والصعوبات التي تواجه القطاع السياحي في ليبيا .
- كيف تطورت السياحة في ليبيا ؟
في السابق لم يكن لدى الدولة الليبية أي توجه لدعم السياحة ، والدعم بدأ بشكل حقيقي في عشرينيات القرن المنصرم إبان الاحتلال الإيطالي في فترة حكم الجنرال “إيتالو بالبو” الذي توجه إلى إنشاء عدة متاحف وفنادق على مستوى كامل التراب الليبي وتم تهيئة المناطق الأثرية للزوار عن طريق شق مسارات أو دروب للمنطقة السياحية ، وإعداد المسوحات، وكانت إيطاليا تظن أنها ستستعمر ليبيا للأبد ، وبعد الاستقلال سارت المملكة على نفس الخطى بل زادت من إنشاء العديد من الفنادق والمنتجعات وخططت لإنشاء معاهد لدراسة السياحة والفندقة ، واستمرت على نفس النهج سنوات طويلة ، ولكن عام 1977 تم إغلاق بوابة السياحة ، وفي عام 1968 صدر قانون رقم 44 لتنظيم السياحة واستمر العمل به حتى 2004 .
وحاولت ليبيا أن تلتحق بركب الدول السياحية وبدأت بإنشاء الهيئة العامة للسياحة التي قسمت المنطقة إلى ثلاثة مكاتب هي ، مكتب الجبل الأخضر ، ومكتب المرج ، ومكتب درنة ، واستمر العمل حتى جاءت أحداث 17 فبراير 2011 التي أثرت على القطاع السياحي الذي يعد أكثر القطاعات حساسية في الدولة ، وتحول من قطاع جاذب للسياح إلى طارد . واستأنفت السياحة في الفترة الأخيرة نشاطها الداخلي وهي الأهم إذ تمثل السياحة الداخلية ” بطاقة تجوال نحو السلم المجتمعي” .
* المناطق المتضررة من الإعصار أصبحت مقصدا للسياح.
* السيول هدمت المباني الأثرية بعدة مناطق أهمها مدينة قورينا.
* الجبل الأخضر أهم منطقة سياحية في ليبيا وتشكل 60 ٪ من الغطاء النباتي.
* يجب تبني خطط تنمية سياحية وفق استراتيجية طموحة .
* تم استبعادنا من مؤتمر إعادة الإعمار قبل إقامته بيومين.
- ما أهمية الجبل الأخضر على الخريطة السياحية في ليبيا ؟
منطقة الجبل الأخضر منطقة سياحية مهمة جدا في ليبيا وتشكل 60 ٪ من إجمالي الغطاء النباتي في البلاد وهي أكثر المناطق رواجا عند السياح لما لها من جاذبية وأثبتت العديد من الدراسات الأهمية البيئية والاقتصادية للمنطقة.
- ما حجم خسائر مدن الجبل الأخضر بعد إعصار دانيال؟
هدمت السيول المباني الأثرية بعدة مناطق أهمها مدينة قورينا وجرفت العاصفة الأسوار الأثرية وغيرت معالم العديد من المناطق الأثرية والحصون وجميعنا يعلم بما حدث في المباني التاريخية والمدينة القديمة بسبب انهيار سد وادي درنة والأضرار التي لحقت بالمقومات الطبيعية في المنطقة وجرفت السيول أيضا ما في بطون أودية الجبل الأخضر من غابات وحيوانات وحتى التربة النافعة تأثرت وأصبحت معظم الأودية صلدة جرداء ، كما تضررت البنية التحتية والفوقية الداعمة لصناعة السياحة مثل شبكات مياه الشرب وشبكات تصريف مياه الصرف الصحي والطرق المؤدية إلى المقاصد السياحية.
- هل هناك خطط لاسترداد السياحة في الجبل الأخضر ؟
الجهات المختصة لم تهتم بهذه الصناعة ذلك لأن الاقتصاد الريعي المعتمد على النفط حال دون التوجه لهذا الرافد الاقتصادي المهم. يجب أن تكون هناك نوايا حقيقية لدعمه وتبني إستراتيجية واضحة مع مراعاة خصوصية المجتمع الليبي عامة وسكان الجبل الأخضر خاصة.
إقامة خطط تنمية سياحية مستدامة ستساهم في توفير فرص العمل المباشرة وغير المباشرة وتساهم في استثمار العملة الصعبة وترفع غطاء الذهب وميزان المدفوعات ، وتحسن الدخل للوصول بالمواطن إلى الرفاهية وهذا لن يتحقق إلا بوجود مناخ سياسي صحية وتبني الدولة لاستراتيجية النمو الشامل .
- ما هي أكثر الأماكن التي كانت قبلة للزوار في المنطقة؟
اغلب الزوار يرتادون المناطق الأثرية ومن أهم هذا الأماكن “آثار شحات” حيث جُرفت جميع الدروب نتيجة لقوة السيول وازدادت مخاطر انهيار الأبنية لأن المياه أثرت على أساساتها الأثرية.
- هل يمكن للمناطق المتضررة من الإعصار دانيال أن تصبح مقصدا للسياح؟
نعم بكل تأكيد فتغير معالم الأودية ومسارات العيون والتراكيب الجيمولوجية وتغير منابع العيون والآثار بسبب الإعصار يعطي السائح الفضول لمعرفة حجم الدمار، وربما يؤدي إلى تنشيط حركة السياحة الداخلية، أما فيما يتعلق بجذب السياحة الخارجية فالظروف الراهنة غير ملائمة لفتح الأبواب لها من جديد ولكن في المستقبل نتوقع أن تكون واجهه للعديد من السياح.
- ما الإجراءات القانونية للحفاظ على المقومات السياحية بالجبل الأخضر؟
القوانين التي تجرم هذه الأفعال موجودة، لكن غياب الحكومة الرشيدة والإمكانيات جعلت التحركات خجولة وغير مجدية عن طريق جهاز الشرطة السياحية وحماية الآثار الذي يفتقر إلى أبسط الإمكانيات التي تساعده على أداء مهمته على أكمل وجه.
- ما حقيقة ظهور بعض القطع والمناطق الأثرية الجديدة بفعل الإعصار؟
نعم عثرنا على ذلك، ورغم قلة إمكانيات المصلحة نقوم بدراسة وتوثيق وتسجيل القطع والمواقع الأثرية الجديدة، أيضاً تعمل إدارة مراقبة آثار شحات على إزالة الطمي والركام الذي غطى عدد كبير من المواقع وطمس ملامحها.
- هل هناك تنسيق مع وزارة الزراعة لإعادة المفقود من الغطاء النباتي؟
بكل تأكيد ويسعدنا التعاون بين كافة المؤسسات وخاصة مركز المختار للدراسات والأبحاث والتدريب التابع لجامعة عمر المختار وهو بيت الخبرة بإقليم الجبل الأخضر، ونتمنى أن تتاح له الفرصة للإشراف على الإعمار بإقليم الجبل الأخضر لما يضمه من استشاريين وخبراء وأساتذة وبحاث في جميع المجالات.
- ما هي جهودكم لإنقاذ ما تبقى من المواقع الأثرية في المنطقة بعد العاصفة؟
للأسف لم نتحرك ميدانيا بسبب عدم وجود إمكانيات، و لغياب الدعم الحكومي واكتفينا بالحديث عبر وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية عن ما يجب أن يكون وما هي المقترحات والحلول لعل صنّـاع القرار يفيقون بعد الكارثة، والشتاء على الأبواب ولم نر تحركاً جاداً سواء من حكومة الوحدة الوطنية التي تملك المال أو الحكومة الليبية التي يقع الجبل الأخضر تحت إشرافها، ومن خلال “وكالة الانباء الليبية” أناشد صنّـاع القرار سواء من السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية إلى ضرورة الانتباه إلى أن إهمال المنطقة سيؤدي لا محالة إلى فقد المقاصد السياحية الهامة وانهيار إقليم الجبل الأخضر بالكامل.
- هل شاركتم لجنة الإعمار والاستقرار في خطط عودة السياحة للمنطقة؟
بكل أسف لم يتم دعوتنا إلى مؤتمر إعادة الإعمار، وحضر زميل الدراسة الدكتور عبد الباسط عبد الجليل عضو هيئة التدريس بجامعة عمر المختار في ورشة العمل التي أقيمت بمدينة شحات قبل انطلاق أعمال المؤتمر وتحدث مع أعضاء اللجنة بمؤتمر الإعمار الذين طالبوا بخطة عمل، وعلى الفور أعددنا ورقة بحثية في ذات الشأن رفقة الزميل الدكتور وليد التاجوري لوضع النقاط عما يجب القيام به لإعادة إحياء المنطقة سياحيا لكن قبل المؤتمر بيومين تفاجأنا باعتذار من اللجنة وأنهم سيدونون ملاحظاتنا دون الحاجة لحضورنا المؤتمر.
- هل كانت فرص الاستثمار السياحي في المنطقة حقيقية؟
كانت الفرص متاحة جدا للاستثمار فيما يتعلق بالمقومات السياحية الطبيعية كالمناخ والتضاريس وكثافة الغطاء النباتي وتنوع الحياة البرية في المنطقة وطول ونظافة الشاطئ، وتعاقب الحضارات الإنسانية فيها فالشواهد الموجودة للإنسان ما قبل التاريخ موجودة بكهف “هوا فطيح” وحقفة الضبعة شرق مدينة سوسة، وهي حضارة حقيقية لليبيين القدماء من كهف التماثيل بقرية أسلطنة إلى الحضارة الإغريقية والرومانية ثم الوندال والبيزنطيين إلى الفترة الإسلامية المبكرة وحتى العصر الحديث.
وكان الجبل الأخضر يعج بالسياح، وكذلك المستثمرين العرب ومن المحليين، حيث أن الساحل الليبي هو أطول ساحل على حوض البحر الأبيض المتوسط، إلا أن المناخ السياسي لم يكن مناسبا لجذب المستثمرين خاصة أن القطاع السياحي يتأثر بالاستقرار الأمني والسياسي، وشكل حال بلدنا بسبب التشظي التشريعي والحكومي بيئة طاردة لكل مشاريع التنمية.
- كيف يمكن تنمية السياحة مستقبلا؟
السياحة مرتبطة بشكل مباشر بالاستقرار السياسي، ومع وجود حكومة تكنوقراط رشيدة سنضع عربة السياحة على الطريق ونخوض هذا المضمار، ونحن واثقون وعلى يقين من النجاح وذلك لما تتمتع به الدولة الليبية من مقومات سياحية فريدة لو استثمرت بالشكل الأمثل والمستدام ستصبح من أهم المقاصد السياحية المهمة لقربها من الدول المصدرة للسياح. (الأنباء الليبية – الجبل الأخضر) تقرير / بشري العقيلي