وادي عتبة 20 نوفمبر 2023 (الأنباء الليبية) – نظمت بكلية الآداب والعلوم وادي عتبة جامعة فزان أمس الأحد، ندوة علمية حول (الإرث الحضاري بالجنوب الغربي لليبيا) تحت شعار (نحو تاريخ مستقبل عريق مشرق)
الندوة حضرها رئيس جامعة فزان ميلاد الجدي، وكيل الشؤون العلمية بجامعة فزان إبراهيم المهدي أحمد، وعمداء الكليات، المسجلين ورؤساء الأقسام العلمية بالجامعة، عدد من أساتذة علم التاريخ، المختصين في تاريخ حضارات الأمم والشعوب، الباحثين في علوم الآثار، طلبة أقسام علم التاريخ في الجامعات الليبية، المهتمين بعلم التاريخ من جامعات (بنغازي والمرقب والزيتونة وسبها وادي الشاطئ)، الجامعة المفتوحة، الهيئة القومية للبحث العلمي، مصلحة الآثار والسياحة، جهاز إدارة المدن التاريخية، بالإضافة إلى كليات التقنية، المعاهد العليا بمناطق (وادي الحياة وغات وأم الأرانب والقطرون)، كما شارك في الندوة عن طريق تطبيق ” الزوم ” وزير التعليم العالي والبحث العلمي بحكومة الوحدة الوطنية عمران القيب.
وبدوره، أثنى رئيس الجامعة المهدي الجدي بالدور الكبير الذي يقدمه وزير التعليم العالي والبحث العلمي ودعمه المستمر لجامعة فزان، ولإقامة مثل هذه الأنشطة العلمية التي ترفع من مستوى تصنيف الجامعات على المستويين المحلى الإقليمي.
وقال الدكتور المهدي: إن هذه الندوة التي تنعقد حول الإرث الحضاري بمناطق الجنوب الغربي لليبيا، قد لاقت تفاعلا وتجاوب كثير من العلماء والباحثين والمختصين من مختلف الجامعات والمراكز البيئية والمؤسسات ذات العلاقة، ممن يتمتعون بسيرة بحثية عطرة والذين سيقدمون بلا أدنى شك مشاركات جادة وفاعلة بتجاربهم وخبراتهم المتراكمة، التي سيكون لها أثر كبير في إثراء محاور الندوة، ومن ثم الخروج بتوصيات تحقق الأهداف والغايات المنشودة.
وأوضح: بأن الإرث الحضاري هو أحد الجسور الذي يربطنا بماضينا العريق، ومن ثم فإن ما نتناوله اليوم في هذه الندوة يعد لبنة أساسية في سبيل إعادة ترميم هويتنا الوطنية، فنلتقي جميعا لاستكشاف جزء من ماض عريق يمتد عبر العصور، فالإرث الحضاري لأي شعب هو بصمته التاريخية التي تثبت أصالته وعراقته ومشاركته في بناء الحضارة الإنسانية، فالمجتمع الذي يجعل إرثه الحضاري عرضة للتزوير والاندثار هو مجتمع بلا شك يبتعد كل يوم عن أصالته، ويفقد هويته الوطنية
ومن جانبه، حيّا وزير التعليم والبحث العلمي عمران القيب المشاركين في الندوة وثمن الدور الكبير الذي تؤديه جامعة فزان في المنطقة الجنوبية، كونها جامعة ينتمي أساتذتها وطلابها وموظفوها من جميع المناطق الجنوبية وتحديدا من مدينة ( تراغن ، ووادي عتبة، والقطرون، وزويلة، وحميرة ، ومرزق ، وأم الأرانب) وغيرها من المناطق الجنوبية، منوها إلى أهمية هذه الندوة وذلك لما تضمنته من موضوعات تتعلق بالسياحة في المنطقة الجنوبية
وأضاف القيب: إن الهدف والعلم والمنهج واحد، وإن جامعة فزان أضحت إشعاعا علميا حضاريا في المنطقة الجنوبية الممتدة والمتاخمة لكثير من الدول الحدودية في الجنوب الليبي، وأن الوزارة قد نجحت في تقديم الدعم اللوجستي إلى جامعة فزان حتى أصبحت صرحا علميا كبيرا في ليبيا عامة، وفي الجنوب خاصة.
وذكر في مشاركته عن طريق ( الزوم ): إنه عند استلامه مهم وزارة التعليم العالي كانت صورة جامعة فزان مظلمة جدا لما عانته المنطقة الجنوبية من ويلات الحروب الأهلية، والدمار والانقسامات والنزاعات والصراعات والتارات، ولكن بفضل الله تعالى وتوفيقه تمكنت الوزارة من إعادة إعمار الجامعة وبنائها وإعادتها لمكانتها الطبيعية فعادت مرافقها المتمثلة في الكليات والإدارات والمراكز والأقسام وقاعاتها الدراسية إلى سابق عهدها، و- بحمد الله- أيضا اشتغلت الوزارة على دعم جامعة فزان بكل ما أوتيت من قوة حتى رجعت الجامعة منافسة لبقية الجامعات في ليبيا التي كانت متوقفة عن الدراسة مدة طويلة مثل (جامعة المرقب، والجامعة الأسمرية).
وناقشت الندوة من خلال جلستي خمسة محاورين، ففي الجلسة الأولى برئاسة أبي بكر عبد السلام الأغا ونواسه علي ابريكاو: مقرر، حيث كان المحور الأول “ليبيا في عصر ما قبل التاريخ”، فيما كان المحور الثاني بعنوان “الحضارة الجرمنتية” من إعداد وتقديم فرج محمود الراشدي، ومفتاح أحمد الحداد، أما المحور الثالث حول “الرحالة الأوربيون في كتابه تاريخ مدن الجنوب الغربي لليبيا” من إعداد وتقديم إبراهيم سالم النويجي ، ونصر الدين البشير العربي.
أما الجلسة الثانية برئاسة حسن المهدي الطاهر ومبروكة محمد صالح العبيدات، فقد ناقشت في المحور الرابع “العمارة المحلية ودورها في الحفاظ على الموروث الثقافي” من إعداد وتقديم مصطفى فرج البريكي، وتخلله عرض ورقة علمية بعنوان “العمارة المحلية ودورها في الحفاظ على الموروث الثقافي” مديرية وادي عتبة (1951-1969م) من إعداد وتقديم سليمان علي محمد الدين، فيما المحور الخامس بعنوان “المواقع الأثرية والبيئية بالجنوب الغربي لليبيا” من إعداد وتقديم علي عبد السلام عبد الوهاب، وتخلله عرض ورقة علمية بعنوان “تقييم واقع الآثار الطينية بمنطقة الوادي” من إعداد وتقديم إبراهيم الزبير عبد القادر .
وتخلل الندوة عرضا ضوئيان عن بعض المعالم الأثرية في الجنوب الغربي لليبي، حيث أوصى المشاركون فيها في ختامها، بالعمل على تشجيع السلطات المسؤولة في الدولة الليبية على زيادة الاهتمام بالآثار والمدن التاريخية المنتشرة في ربوع الجنوب الغربي لليبيا، وتسخير الإمكانات اللازمة لإعادتها إلى الواجهة بما يعكس ماضينا العريق.
وطالب الحضور بتشجيع ودعم الأبحاث العلمية التي تستهدف دراسة النقوش والزخارف والقصور التاريخية بما يمكن من حصر إعدادها وتوثيقها، وتسخير وسائل الإعلام المختلفة وتوظيفها بما يحقق زيادة الوعي بالماضي العريق وبث روح الاعتزاز الإرث لبلادنا والمحافظة عليه، وصونه من محاولات الطمس والتشويه، وإقامة متحف لحفظ المورث التاريخي والثقافي، وحث الأشخاص الذين يمتلكون المخطوطات والوثائق والمقتنيات المختلفة ببدلها للباحثين والدارسين من ذوي الاختصاص في التاريخ والآثار، الأمر الذي سيسهم في إسدال الستار عن كثير من خبايا الإرث الحضاري بالجنوب الغربي لليبيا.
ودعوا في توصياتهم إلى استخدم وسائل العلم الحديث، وما وصل إليه من تقنيات متطورة وتسخيرها في ترميم وصيانة المباني والصروح المعمارية المنتشرة في ربوع الجنوب الغربي لليبيا.
وأكدوا على أهمية تعريف أبناء المجتمع المحلي والدولي بالإرث الحضاري في الجنوب الغربي لليبيا، بما يسهم في إبراز ورامز حضارة الإنسان وثقافته عبر الحقب التاريخية المختلفة.
وشددوا على ضرورة استحداث فريق بحثي متخصص يهدف إلى العمل على إجراء البحوث والدراسات التاريخية والأثرية، وفتح الآفاق أمام طلاب الدراسات العليا لتقديم دراسات جادة، ولا سيما أن جامعاتنا تتوفر على وجود علماء أجلاء أفاضل من مختلف الجامعات، ومراكز الأبحاث الليبية.
كما شددوا على الاستمرار في عقد المزيد من الندوات العلمية، وبذل الجهود الحثيثة لإمكانية تطوير هذه الندوة إلى مؤتمر علمي يفسح المجال لمزيد من المشاركات المحلية والدولية، وهو ما تسعى إليه جامعة فزان بخطى واثقة. (الأنباء الليبية – وادي عتبة) ع ع / هــ ع