غزة 21 نوفمبر 2023 (الأنباء الليبية) – تحولت مستشفيات غزة إلى ما يشبه المقبرة والمشرحة المفتوحة على مدار اليوم، وكشفت المأساة الإنسانية التي تشهدها هذه المستشفيات منذ القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، ارتكاب الاحتلال جرائم حرب يندى لها جبين البشر باستهداف الأطفال والنساء وقوافل الجرحى، إضافة إلى المصابين في حجر العمليات، وغيرها من المشاهد البشعة الجثث متناثرة في الطرقات نقلتها شاشات القنوات التليفزيونية أو مواقع الأخبار أو ما بثه أهالي غزة من مقاطع مصورة للشهداء والجرحى تبكي الحجر.
المجازر الإسرائيلية
وعلى الرغم من المجازر الإسرائيلية التي فجرت غضب شعوب العالم، اكتفى أغلب المسؤولين والمنظمات الدولية بعبارات الشجب والإدانة والقلق، وكان أخرها ما ذكره الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي أعرب عن انزعاجه البالغ بشأن “الوضع المروع والخسارة الكبيرة في الأرواح”، في عدد من المستشفيات في قطاع غزة. وفي بيان منسوب للمتحدث باسمه، دعا الأمين العام باسم الإنسانية إلى الوقف الإنساني الفوري لإطلاق النار.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، بأن جميع المستشفيات في مدينة غزة وشمال القطاع باستثناء المستشفى الأهلي أصبحت خارج الخدمة، بسبب انقطاع الكهرباء وشح المواد الطبية والأكسجين والغذاء والماء، ويعمق المأساة القصف والقتال في محيط هذه المراكز الطبية.
وذكر ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة: أن المستشفى الأهلي في مدينة غزة، الذي يوجد به حالياً أكثر من 500 مريض، هو المنشأة الطبية الوحيدة القادرة على استقبال المرضى بالمنطقة في ظل زيادة التحديات وشح الإمدادات.
وشدد على أن المستشفيات والعاملين الطبيين يتمتعون بالحماية وفق القانون الدولي الإنساني، ويتعين على جميع أطراف الصراع ضمان حمايتهم.
وقال دوجاريك: إن أي عمليات قتالية داخل أو حول المستشفيات يجب أن تلتزم بحماية المرضى والعاملين الصحيين، وغيرهم من المدنيين وتجنيب تعريضهم للخطر.
عجز المستشفيات
وتابع المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندماير، إن عدد مستشفيات جنوب وشمال قطاع غزة التي تعمل بكفاءة “تقلص بشكل كبير”.
وأضاف: أنه لا يزال هناك بضعة مستشفيات عاملة في جنوب غزة، لكن لا تتوفر لديها نفس القدرة على إجراء عمليات جراحية أو تضم أقسام للتخصصات الدقيقة مثل التي كانت موجودة في الشمال.
وأشار إلى أنه لم يعد هناك في الشمال مستشفيات حقيقية تعمل بكفاءة، ولكن قد يكون هناك منشأة طبية أو اثنتان تعملان بشكل جزئي، ليسوا بكفاءة المستشفى العادي، لافتا إلى أنه لا يوجد في الجنوب سوى 3 مستشفيات تتوفر لديها الإمكانات لإجراء عمليات جراحية، مؤكداً أنه كان هناك قبل الحرب 3500 سرير للمرضي في غزة، واليوم هناك أقل من 1400 سرير فقط.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تعمل على وضع خطط لإخلاء مستشفى الشفاء في غزة الذي بات هدفاً للغارات الإسرائيلية، بعدما أصبح “منطقة موت”.
وقالت المنظمة في بيان: إنها تعمل مع شركائها على “وضع خطط عاجلة للإجلاء الفوري للمرضى المتبقين والموظفين وعائلاتهم”، مضيفة أن 291 مريضاً و25 من مقدمي الرعاية كانوا لا يزالون السبت في المستشفى.
مقابر جماعية
وكانت آثار القصف وإطلاق النار واضحة. وجاء في بيان المنظمة أن الفريق شاهد مقبرة جماعية عند مدخل المستشفى وقيل له إن أكثر من 80 شخصاً دفنوا هناك.
وفي وقت سابق، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس: إن مستشفى الشفاء في غزة لم يعد قادرا على تقديم خدمات للمرضى ولا يوجد به ماء أو كهرباء أو وقود وجميع الإمدادات الطبية استنفدت.
وذكر غيبريسوس: أن منظمة الصحة العالمية قادت بعثة أممية لتقييم الوضع في مستشفى الشفاء في غزة. وأضاف “الفريق الطبي بمستشفى الشفاء طلب الدعم لإجلاء المرضى الذين لم يعد بإمكانهم تلقي الرعاية بالمستشفى، ونعمل مع الشركاء لوضع خطة إخلاء عاجلة للمستشفى”.
وطالب غيبريسوس بتوفير الحماية للمرافق الصحية والمدنيين، ووصف الوضع الحالي بأنه “غير محتمل ولا مبرر له”.
بدوره، قال مفوض حقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك إن الأحداث المروعة في غزة أدت إلى مغادرة المرضى مستشفى الشفاء ومقتل الكثير في مدرسة كانت مأوى تابعا للأمم المتحدة.
تهديد الطواقم الطبية
وفي السياق ذاته، أكد المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة منير البرش أن الطواقم الطبية والجرحى والنازحين أجبروا قسراً وتحت تهديد السلاح على إخلاء مجمع الشفاء الطبي.
وأكمل: تجمع كل الجرحى أمام المستشفى وانطلقنا والدبابات تحاصرنا من كل الجوانب حتى وصلنا لنهاية الممر الآمن الذي فرضه الجيش الإسرائيلي، البعض ذهب للجنوب خاصة الجرحى، والبعض عاد لمناطق الشمال التي يريد الجيش الإسرائيلي تفريغها “.
وتابع البرش: كان مشهداً مريعاً عندما سرنا بأكثر من 650 جريحا ومصاب مشي على الأقدام ونجر العربات والأسرة.
وقف فوري لإطلاق النار
وطالب كاظم أبو خلف المتحدث باسم” الأونروا “في الضفة الغربية، بتأمين العمليات الإغاثية والإنسانية والطبية في قطاع غزة، مضيفاً: يجب الحصول على وقف فوري لإطلاق النار وتنفيذ هدنة إنسانية وإدخال المساعدات إلى غزة. وحذر من انتشار كبير للأمراض والأوبئة داخل مستشفيات غزة وخارجها.
وكان المفوض العام لوكالة الأونروا” فيليب لازاريني “، دعا السلطات الإسرائيلية للسماح بتوصيل كميات كافية ومنتظمة من الوقود دون شروط لاستمرار جميع الأنشطة المنقذة للحياة في غزة.
وأوضح الهلال الأحمر الفلسطيني، إن آليات ودبابات إسرائيلية تتمركز في محيط مستشفى القدس بقطاع غزة، وإن بالإمكان سماع أصوات قصف.
وبين الهلال الأحمر الفلسطيني: أن تمركز القوات الإسرائيلي” يأتي في ظل التحضيرات لإخلاء مستشفى القدس من المرضى والجرحى ومرافقيهم والكوادر الطبية “.
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن كل المستشفيات في شمال غزة أصبحت خارج الخدمة، مع احتدام القتال العنيف بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس. وطالب الهلال الأحمر الفلسطيني، المجتمع الدولي بدعم صمود المستشفيات العاملة في غزة. (الأنباء الليبية – غزة) ع ع / هــ ع