بنغازي 20 ديسمبر 2023 (الأنباء الليبية) -انتفض العالم بعد التصعيد الخطير في منطقة البحر الأحمر ومضيق “باب المندب”، إذ يرى مراقبون أن هجوم جماعة “الحوثي” اليمنية على السفن والناقلات في البحر الأحمر تجاوز إعلانها برغبتها في وقف حرب الاحتلال الصهيوني ضد أهالي قطاع غزة، وتطور إلى مشكلة إقليمية ودولية، قد تصل إلى حرب جديدة في المنطقة تديرها من خلف الكواليس إيران من أجل السيطرة على مضيقي “هرمز وباب المندب”.
كما شدد خبراء على أن هجمات “الحوثيين” تهديد لمصالح الدول المطلة على البحر الأحمر بدءا من السعودية وانتهاء بمصر والأردن، مطالبين بضرورة تقليم أظافر “الحوثيين” والتصدي لمخططات إيران.
-“حارس الازدهار”
كانت الولايات المتحدة أعلنت إطلاق تحالف من قوة حماية بحرية متعددة الجنسيات لدعم الملاحة في البحر الأحمر تحت اسم “حارس الازدهار”، وسط الهجمات المتكررة التي شنها “الحوثيون “على السفن التجارية العابرة لمضيق “باب المندب”.
واستهدف الحوثيون منذ بدء الحرب على غزة عدة سفن قالوا إنها متجهة إلى إسرائيل، ردا على المجازر في قطاع غزة ومحاصرته، وقالت الجماعة اليمنية إن هذا التحالف لن يردعها عن دعم غزة، حتى وقف الحرب وإدخال المساعدات لسكانها المحاصرين.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقدم الولايات المتحدة فيها على تشكيل تحالف بحري لتأمين الملاحة البحرية، ففي نوفمبر 2019 بدأ تحالف بحري باسم “سانتينال” بهدف تأمين المياه الإقليمية، بعد سلسلة هجمات إيرانية استهدفت ناقلات نفط وسفنا تجارية، في الخليج العربي، وخليج عمان.
كما اجتمعت دول أوروبية بقيادة فرنسية في مهمة المبادرة الأوروبية للرقابة البحرية في مضيق “هرمز”، بالتنسيق مع القوات الأمريكية بهدف تأمين أمن الملاحة وردع التهديدات الإيرانية.
وتعمل في المنطقة فرقة العمل المشتركة “153” التي تأسست في أبريل 2022، وتختص بالأمن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن، وتضم (39) دولة عضوا، ويقع مقرها الرئيسي في البحرين.
-ضربات عسكرية
تدرس الولايات المتحدة وحلفاؤها توجيه ضربات عسكرية محتملة ضد جماعة الحوثيين في اليمن، بحسب ما ذكرت وكالة “بلومبرج”.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أنه يجرى التخطيط لإجراءات تهدف إلى شل قدرة “الحوثيين” على استهداف السفن التجارية، من خلال ضربات عسكرية قوية.
وأشارت الوكالة إلى أن قوة المهام البحرية المعلن عنها حديثا، والتي تهدف إلى حماية السفن التجارية في البحر الأحمر، قد لا تكون كافية للقضاء على التهديد الذي يهدد الممر المائي الحيوي.
كما ذكر موقع “سيمافور” الأمريكي أن “البنتاغون” يدرس توجيه ضربة مباشرة إلى “الحوثيين” في اليمن، رداً على الهجمات المتصاعدة على السفن في البحر الأحمر.
ونقل الموقع عن مسؤولين أمريكيين قولهم إنهم يشعرون بقلق متنام من محاولات إيران وجماعة “الحوثي”، لتقويض التجارة في البحر الأحمر ورفع التكاليف على الولايات المتحدة، وكان وزير الدفاع الأمريكي “لويد أوستن” قال: إن عملية «حارس الازدهار» ستكون مبادرة أمنية جديدة تشمل عدة دول: المملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا.
وتندرج فرقة العمل ضمن القوات البحرية المشتركة، وهو تحالف متعدد الجنسيات مكلف بالدفاع عن ممرات الشحن في العالم.
وستتم إدارة عملية «حارس الازدهار» على وجه التحديد من قبل فرقة العمل (153)، وهي أحد مكونات القوات البحرية المشتركة التى تدافع عن البحر الأحمر ومضيق “باب المندب”، بالقرب من اليمن وخليج عدن.
وقال أوستن: “الحوثيون” انتهكوا القانون الدولي من خلال مضايقة السفن في البحر الأحمر، لذا فإننا نتخذ إجراءات لبناء تحالف دولي لمواجهة هذا التهديد، وهذه ليست مجرد قضية أمريكية إنها مشكلة دولية، وتستحق استجابة دولية.
وقال أيضا إنه سيعقد اجتماعا مع الزعماء الأجانب، لمناقشة الجهود المبذولة للحفاظ على البحر الأحمر خاليا من الهجمات.
-جماعة “الحوثي” ترد
من جانبها قالت جماعة “الحوثي”: لا نمثل أي تهديد لأي دولة، مشيرة إلى أنها تستهدف فقط السفن المتجهة الصهيونية، أو السفن المتجهة نحو موانئ دولة الاحتلال، مضيفة أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، يهدف إلى تشجيع الاحتلال على مواصلة جرائمه الوحشية في غزة، معتبرة أن التحالف جزء لا يتجزأ من العدوان على الشعب الفلسطيني. كما تبنت الجماعة استهداف سفينتين لهما ارتباط بإسرائيل في البحر الأحمر.
وتابعت في بيان أن “الحوثي” نفذت عملية نوعية ضد سفينتين لهما ارتباط بالكيان الصهيوني، الأولى سفينة “سوان أتلانتيك” محملة بالنفط، والأخرى سفينة “أم أس سى كلارا” تحمل حاويات، وقد استهدفت بطائرتين بحريتين، وتعدت الهجمات على أكثر من (10) سفن في المنطقة من قبل “الحوثيين”، منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة.
-حركة التجارة
ألقت عمليات “الحوثي” صداها على حركة التجارة الدولية، مع إعلان شركات الشحن العالمية إعادة توجيه سفنها المارة عبر مضيق “باب المندب”، إلى طرق أخرى، وأعلنت شركة “ميرسك” الدنماركية، وانضمت لها شركة «شحن البحر الأبيض المتوسط- MSC» السويسرية الإيطالية، وشركة «Hapag-Lloyd» الألمانية، بإرسال سفنها حول إفريقيا، عبر طريق “رأس الرجاء الصالح”، بدلا من الإبحار عبر البحر الأحمر، بسبب هجمات “الحوثي”، وتمثل تلك الشركات مجتمعة حوالي (41.3%) من سوق الحاويات في العالم، وفق قاعدة بيانات alphaliner””.
وقالت شركة شحن الحاويات (ميرسك) إنه يجب الإسراع في إطلاق عملية متعددة الجنسيات، أعلنت عنها الولايات المتحدة لحماية التجارة في البحر الأحمر، لتقليل حجم التأثير على الشحن العالمي.
كما أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي “جون كيربي”، أن الولايات المتحدة ومعها الشركاء والحلفاء يعملون على حماية السفن التجارية ومواجهة هجمات “الحوثيين” في البحر الأحمر، مضيفا أن واشنطن تبحث إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.
وقال “كيربي” للصحفيين إن “الهجمات يجب أن تتوقف وهي غير مقبولة.. الولايات المتحدة ومعها الشركاء والحلفاء، يعملون على مواجهة تلك الهجمات وحماية السفن.. دول عديدة مستعدة للمشاركة والعمل جار.. ندرس إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية لكن القرار لم يتخذ بعد”.
كما أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أن “الحوثيين” “يركزون أكثر على استهداف السفن التجارية، ولم نشاهد بعد أي هجوم على سفن عسكرية.. القادة العسكريون عندما يرون حركة صواريخ ومسيرات فهم يتخذون القرار المناسب للقضاء على أي خطر محتمل.. هناك (14) طائرة مسيرة، لا نعلم الأهداف التي تريد مهاجمتها.. والمرجح أنها تريد مهاجمة سفن تجارية جديدة في البحر الأحمر”.
-بيان إدانة
أصدرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي والعديد من الدول، بما في ذلك اليمن، بيانا مشتركا يدين تدخل “الحوثيين” في الحقوق والحريات الملاحية”، في ظل الهجمات في البحر الأحمر.
وجاء في البيان أن الموقعين يدعون جميع الدول على الامتناع عن تسهيل أو تشجيع “الحوثيين”، وأنه لا يوجد أي مبرر لهذه الهجمات، التي تؤثر على العديد من الدول خارج الأعلام التي تبحر تحتها هذه السفن.
وكان القيادي في حركة “الحوثي” باليمن، “محمد علي الحوثي”، هدد باستهداف سفن أي دولة تتحرك ضد الجماعة في البحر الأحمر.
وقال في حديث تلفزيوني: إذا أقدمت أمريكا على أي فعل تجاهنا فسيكون هناك رد وسوف تتضرر الملاحة لأي دولة تشارك في هذا الاعتداء، وسنقوم بقصف سفنهم”.
من جهتها، أعلنت بريطانيا، إرسال المدمرة “دياموند” التابعة للبحرية الملكية، للعمل ضمن قوات تحالف دولي خاص بحماية السفن في البحر الأحمر، وخليج عدن.
وأوضح بيان للحكومة البريطانية أن “دياموند” ستنضم إلى (3) مدمرات أمريكية وسفينة حربية فرنسية في المنطقة، من أجل “حماية حرية الملاحة والتجارة الدولية وحياة البشر من خلال التصدي لجهات غير حكومية في المياه الدولية”.
-تأثير عسكري
يذكر أنه بحسب مراقبين، لم يظهر لهذه الهجمات أي تأثير في سير العمليات العسكرية في غزة، ولم تحدث فارقا ميدانيا، ولم تشكل ضغطا لوقف التصعيد، وما حدث أن التصعيد “الحوثي” تسبب في دفع المنطقة لمزيد من التوتر.
هذا التوتر قد يدفع إيران لزيادة حضورها في اليمن، لدعم حليفها “الحوثي” بالسلاح والخبرات، ما يجعلها لاعبا أقوى في هذه الساحة، ومتحكما في إدارة الصراع.
وقال مختصون أن تزايد النفوذ الإيراني سيجعل طهران تمسك بأطراف طوق بحري يمتد من الخليج العربي، مرورا ببحر العرب والبحر الأحمر، وصولا للبحر المتوسط، لتكمل حزاما حول المنطقة العربية مع سيطرتها على الجزء الشمالي منها (في إشارة لوجودها عبر وكلاء وحلفاء في سوريا والعراق ولبنان)، وقد تتجه طهران لنشر قطع بحرية بشكل أكبر، وهو ما تطمح إليه استراتيجيتها في تعزيز نفوذها.(الأنباء الليبية بنغازي) س خ.